المشاركات الجديدة
العلوم الخفية في التاريخ : تاريخ العلوم ، قصص ، حوادث

شخصية إبليس في التوراة

افتراضي شخصية إبليس في التوراة
[align=right:1a1ada6284]لاهوت إبليس الملاك الساقط: الأفكار التأسيسية
فراس السواح

إبليس تحت قدمي الملاك ميخائيل تكاد شخصية الشيطان أن تكون غائبة عن كتاب التوراة العبرانية، فهو لا يظهر إلا مرات قليلة حيث يتخذ دور التابع ليهوه المنفذ لأوامره في معظم الأحيان. وربما كان واحداً من ملائكته موكلاً بإتيان بعض المهام الشريرة، على ما نفهم من مطلع سفر أيوب وهو الموضع الوحيد في التوراة الذي يلعب فيه الشيطان دوراً بارزاً. ولعل السبب في بقاء الشيطان في دائرة الظل، هو كون الخير والشر وجهان متكاملان للإله التوراتي الواحد، فهو صانع الخير وصانع الشر يوجههما بطريقة تخفى غاياتها عن أفهام عباده. نقرأ في سفر إشعيا 45، 76: "أنا الرب وليس آخر، مصِّور النور وخالق الظلمة، صانع السلام وخالق الشر، أنا صانع كل هذا". ونقرأ في سفر يشوع بن سيراخ 11، 14-15: "الخير والشر، الحياة والموت، الفقر والغنى، من عند الرب". ونراه في سفر التثنية 32، 39-42 يتباهى بأن سهامه تسكر بالدم ويأكل سيفه اللحم مغمساً بدم القتلى: "أنا أميت وأحيي، سحقت وإني أشفي... إذا سللت سيفي البارق وأمسكتْ بالقضاء يدي، أُسكر سهامي بدمٍ ويأكل سيفي لحماً بدم القتلى والسبايا ومن رؤوس قوات العدو". وهو حين يغضب يخرج دخان من أنفه ونار من فمه. (المزمور 18، 7-8). وعندما يتحرك يسبقه الوباء ومن عند رجليه تخرج الحمى. (حبقوق 3، 4-6).
لقد دونت آخر الأسفار التوراتية التي اعتبرت قانونية خلال الفترة الانتقالية من القرن الثاني إلى القرن الأول قبل الميلاد، وهي الأسفار الـ 39 التي أقرها مجمع يمنيا في فلسطين عام 90 للميلاد باعتبارها الأسفار الرسمية المكونة للكتاب المقدس العبري.
إن خلو الإيديولوجيا التوارتية من مفهوم واضح عن الشيطان قد جعلها خلواً أيضاً من فكرة التاريخ الذي يقوده صراع الخير والشر إلى نهاية للزمن يعقبها تحويل كامل للوجود إلى مستوى ماجد وجليل، كما جعلها خلواً من فكرة الثواب والعقاب والجحيم والنعيم في العالم الآخر. إن التاريخ يتحرك بشكل خطي في الإيديولوجيا التوراتية ولكن لا نحو خلاص الإنسانية جمعاء من ربقة الشيطان في اليوم الأخير الذي ينتصر فيه الخير على الشر، بل نحو يوم ينتصر فيه بنو إسرائيل على كل أعدائهم ويجعلونهم عبيداً في خدمتهم؛ عند ذلك يحل ملكوت الرب على الأرض، وهو مملكة يوتوبية يحكمها الإله يهوه بشكل مباشر. وخلال هذه الأحداث يلعب المسيح اليهودي دوراً حاسماً، فهو الإنسان المتفوق الذي يُمسح ملكاً على إسرائيل ويجمع منفييها من جهات العالم الأربع، ويحارب أعداءها في كل مكان ممهداً لقيام ملكوت الرب.
لقد دُوّنت أواخر الأسفار التوراتية التي اعتبرت قانونية، خلال الفترة الانتقالية من القرن الثاني إلى القرن الأول قبل الميلاد، وهي الأسفار التي أقرها مجمع يمنيا في فلسطين نحو عام 90 للميلاد باعتبارها الأسفار الرسمية التي يتألف منها الكتاب المقدس اليهودي وعددها 39 سفراً. ولكن الأسفار التي تم استبعادها من المجموعة الرسمية، وأسفار أخرى تم تدوينها لاحقاً وصولاً إلى نهاية القرن الثاني الميلادي، وجميعها اعتبرت منحولة، أي معزوة إلى أسماء شخصيات توراتية لم يكونوا مؤلفيها الحقيقيين، مارست تأثيراً على الفكر الديني اليهودي لا يقل عن تأثير الأسفار الرسمية، ومدت الفكر الرباني والتلمودي اللاحق بكثير من عناصره المؤسِسة. وبتأثير من الأفكار الزرادشتية التي شاعت في المنطقة المشرقية، فقد قدمت هذه الأسفار غير الرسمية أفكاراً جديدة على الإيديولوجيا الدينية التوراتية، أهمها فكرة الشيطان الكوني، وصراع الخير والشر الذي يقود حركة التاريخ، والقيامة العامة للموتى في اليوم الأخير. والثواب والعقاب، ومسيح آخر الزمن، والجنة والنار. وقد انفردت هذه الأسفار بالتأسيس للاهوت إبليس باعتباره ملاكاً عصى ربه فأُبعد عن مملكة السماء مع من أغواهم من الملائكة، وتحول إلى شيطان يعارض إرادة الرب ويعمل على زرع الشر في العالم، وعلى وجه الخصوص في نفوس البشر. وسوف نعمل فيما يلي على متابعة تطوير الأسفار غير القانونية لهذا اللاهوت الخاص، واستمراره في العقائد المشرقية التالية.
يتألف الأدب التوراتي المنحول من ستة وخمسين وثيقة تستغرق في آخر وأهم طبعة حديثة لها[1]يبتديء لاهوت الملاك الساقط بالتوضح في الوثيقة المعروفة بسفر أخنوخ الأول[2]في هذا السفر لايتحدث الكاتب عن ملاك واحد ساقط باعتباره أصلاً للشر، بل عن مجموعة من الملائكة يبلغ عددهم مائتين. فعندما تكاثر البشر بعد وفاة آدم وحواء، وولد لهم بنات حسان وجميلات، حدث أن فريقاً من الملائكة أبناء السماء رأوهن فاشتهوهن، فقال بعضهم لبعض: هلم بنا نختار لأنفسنا زوجات من بين بني البشر وننجب منهن نسلاً. فقال لهم رئيسهم سيمياز: أخشى أن تتراجعوا عن فعل هذا الأمر بعد الشروع به وأدفع وحدي ثمن هذه الخطيئة العظيمة. فأجابوا جميعاً: دعونا نقسم قسماً، ولتحل اللعنة على كل من يتراجع عن فعل هذا الأمر. فأقسموا جميعاً وارتبطوا بقسم اللعنة هذا؛ ثم هبطوا من السماء على قمة جبل حرمون. وهذه أسماء رؤسائهم: سيمياز، راميئيل، تامئيل، دانئيل...إلخ. هؤلاء هم رؤساء العشرات، وكان الجميع تحت إمرتهم.
ويتابع الكاتب فيقول بأن هؤلاء الساقطين الذين ينتمون إلى فئة ساهري السماء الموكلين بتفقد أحوال الأرض على الدوام، قد اتخذوا لأنفسهم زوجات من بين الناس، فولدت الزوجات لهم عمالقة طول الواحد منهم ثلاثة أذرع. ولكن شر العمالقة كثر على الأرض وأكلوا الأخضر واليابس، وعندما لم يبق ما يكفي لطعامهم راحوا يلتهمون البشر أيضاً، فصعد صراخ البشر إلى السماء. عند ذلك نظر الملائكة ميكائيل وسورافيل (= إسرافيل) وجبرائيل من الأعالي، ورأوا ما يجري على الأرض من شر وعنف، فمضوا إلى الرب وأطلعوه على الأمر. بعث الرب مع الملائكة إلى أخنوخ يأمره بأن يذهب إلى الساقطين وينقل لهم قضاء السماء بشأنهم؛ فهم سيشهدون ذبح أولادهم العمالقة، وبعد ذلك يقيدون في ثنايا الأرض لسبعين جيلاً حتى يوم الدينونة، عندها سيقادون إلى هوة النار وإلى العذاب الأبدي. سمع الساقطون حكم الرب عليهم فارتاعوا، وطلبوا من أخنوخ أن يشفع لهم عنده ويقبل استرحامهم؛ فمضى أخنوخ وجلس عند ضفة النهر حيث قرأ استرحام الساقطين، وكرر ذلك حتى وقع عليه سبات وعرضت له رؤيا، فرأى فيما يرى النائم أنه قد عُرج به السماء حيث مثل في حضرة الرب:
"كنت ساجداً طيلة الوقت أرتعد. ثم كلمني الرب بصوته قائلاً: تقدم يا أخنوخ واسمع كلامي... اذهب إلى ساهري السماء الذين أرسلوك لتسترحم من أجلهم وقل لهم: لقد كان أحرى بكم أن تسترحموا من أجل الإنسان لا أن يسترحم الإنسان من أجلكم. لماذ توليتم عن السماء العليا المقدسة لتناموا مع النساء وتتدنسوا ببنات الناس، وتأخذوهن لكم زوجات مثل بني البشر وتنجبوا منهن نسل العمالقة؟ لقد كنتم قديسين وروحانيين، ولكنكم تدنستم بدم النساء وأنجبتم أولاداً من لحم ودم، ومثل الذين يموتون ويفنون صار لكم توق لجسد اللحم والدم. لقد أعطيت أولئك نساءً ليخصبونهن وينجبوا منهن أولاداً لكي لا يفنى جنسهم على الأرض، أما أنتم فكنتم روحانيين وخالدين فلم أعطكم زوجات لأن السماء مسكنكم. والآن فإن العمالقة أولادكم نسل الروح والجسد سيدعون أرواحاً شريرة، لأن أرواحاً خبيثة سوف تصدر عن أجسادهم المذبوحة ويكون في الأرض مسكنها. لن يأكلوا ويشربوا على الرغم من أنهم يجوعون ويعطشون. سوف يسببون الأذى والعنف والدمار على الأرض، ويدفعون الناس إلى الخطيئة وإلى المعصية، ويقومون ضد أبناء الناس وضد النساء لأنهم منهن أتوا. عندما يَهلَك العمالقة سوف تعيث الأرواح الخارجة منهم فساداً وترتع بلا رادع إلى يوم الحساب الأخير، يوم يهلك الساهرون الساقطون. فقل لهم لن يكون لكم سلام أبداً".
بعد ذلك يأخذ الملائكة أخنوخ في جولة تكشف له أسرار السماء، ويستغرق وصف هذه الجولة بقية الجزء الأول من السفر. وقد رأى، من جملة ما رأى، خزانات الرياح، وخزانات البروق والرعود وخزانات الغيوم والثلوج. ورأى منابع الأنهار كلها ومنابع البحر. ورأى الملائكة التي تحرك عجلات القمر والشمس وبقية الأجرام السماوية، والملائكة التي تسند قبة السماء عند آفاق الأرض حيث بوابة السماء التي تخرج منها النجوم في مواعيدها، وبوابات الرياح الأربعة، وبوابات الثلج والبَرَد والضباب والندى. ورأى مكان المطهر حيث تلبث أرواح الموتى في انتظار يوم الحساب الأخير. ورأى جنة الأبرار وجحيم الكفار.
تحتوي الأجزاء اللاحقة من السفر على عدد آخر من الرؤى مصاغة بأسلوب شعري ترميزي يفتقد إلى الشروحات التفصيلية التي ميزت الجزء الأول.


[1] J.H. Charles worth, The Old Testament Pseudepigrapha, Doubleday, New York, 1983.
2 وهو السلف السادس بعد آدم من سلالة ابنه شيت، الذي يقول عنه سفر التكوين
(5: 21-24) بأنه رُفع حياً إلى السماء.
[/align:1a1ada6284]

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: العلوم الخفية في التاريخ


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو LLLL
LLLL
عضو
°°°
افتراضي
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(وقال الشيطان لما قضى الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم
فاخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان الا ان وعدتكم فاستجبتم لى
فلا تلومونى ولوموا انفسكم ما انا بمصرخكم وما انتم بمصرخى انى
كفرت بما اشركتمونى من قبل ...)
صدق الله العظيم

صورة رمزية إفتراضية للعضو زهرة زمان
زهرة زمان
عضو
°°°
افتراضي
بارك الله فيكم ..

صورة رمزية إفتراضية للعضو hakeem
hakeem
عضو
°°°
افتراضي
[align=right:c2e4761ce9]والترجمة السبعينية ، تترجم الكلمة العبرية " شيطان " " بديا بولس " أو " إبليس " فيمــا عدا ( 1 مل 11 : 14 ) حيث تنقلها كما هي في العبرية "شيطان " . كما أن " الفولجاتا " ( ترجمة جيروم إلى اللاتينية ) تستخدم كلمة " ديابولس " فيما عدا في ( 1 أخ 21 : 1 ) ، أيـوب ( 1 : 2 ) ، زكريــا ( 3 : 1 و2 ) حيث تنقلها كما هي في العبرية كاسم علم . ويقول البعض إن صورة الشيطان في العهد القديم لا يبدو منها أنه كائن شرير أساساً بل يبدو كائناً ملائكياً ، عمله أن يمتحن الناس . ولا شك أن الصورة الكاملة للشيطان لاتتضح تماماً في الإشارات القليلة إلية في العهد القديم ، ولكن من الواضح أيضاً أن اللمحات المسجلة عن نشاطه تكشف عن أنه يعمل لمقاومة كل خير للإنسان ، فنرى في أيوب ( 1 ، 2 ) بكل جلاء طبيعته الخبيثة ، كما أنه هو الذي أغوى داود ليعد إسرائيل فيجلب السخط عليه ، كما انتهره الرب من أجل شكواه ضد يهوشع الكاهن العظيم .

في الأبوكريفا : لاتذكر كلمة شيطان في أسفار الأبوكريفا إلا في يشــــــوع بن سيراخ ( 21 : 27 ) . أما حكمة سليمان ( 2 : 24 ) فتذكر كلمة " ديابولس " .

في العهد الجديد : تكتمل صورة الشيطان في العهد الجديد ، فتذكر كلمة " الشيطان " 37 مـــرة . كما استخدمها الرب يسوع المسيح - بدون أداة التعريف - مرتين في حديثه إلى بطرس ( مت 16 : 23 ، مرقس 8 : 33 ) ، ومرة عن يهوذا الإسخريوطي ( يو 6 : 70 ) . أما في سائر المرات فتذكر عادة بأداة التعريف للدلالة على " الشيطان " نفسه ( فيما عــدا مت 4 : 10 ، مرقس 3 : 23 مرتين ، لو 22 : 23 ، 2 كو 12 : 7 فلا توجد أداة التعريف ) كما يذكر باسم " إبليس " 34 مرة .

ومعنى " إبليس " " المفتري " أو " الثالب " ولا يوجد أي فرق بين اللفظين " إبليــــــــــس " و" الشيطان " . أما كلمة شياطين ( بالجمع ) فتعني " الأرواح الشريرة " .

الصورة الكتابية للشيطان : أسماؤه : علاوة على الاسمين الرئيسيين السابق ذكرهما ، توجد ألقاب وأوصاف أخرى تطلق على الشيطان لبيان مركزه في السماويات ، فيسمى " أبـــــدون " أو " أبوليون " ( رؤ 9 : 11 ) ومعناهما " المهلك " . كما يطلق عليه " المشتكي على الإخوة " ( رؤ 12 : 10 ) ، و " الخصم " ( 1 بط 5 : 18 ) ، و" بعلزبول " ( مت 12 : 24 ) ، و" بليعـــــال " ( 2 كو 6 : 15 ) ، و " المضل لكل العالم " ( رؤ 12 : 9 ) و " التنين العظيم " ( رؤ 12 : 9 ) ، و " العدو " ( مت 13 : 28 و 39 ) ، و " الشرير " ( مت 13 : 19 و 38 ) ، و" أبو الكذاب " ( يو 8 : 44 ) ، و " إله هذا الدهر " ( 2 كو 4 : 4 ) ، و " الكذاب " ( يو 8 : 44 ) ، و " رئيس سلطان الهواء " ( أف 2 : 2 ) ، و " القتاَّل " ( يو 8 : 44 ) ، و " رئيس هذا العالم " ( يو 12 : 31 ، 14 : 3 ، 16 : 11 ) ، و " الحية القديمة " ( رؤ 12 : 9 ) ، و " المجرب " ( مت 4 : 3 ، 1 تس 3 : 5 ) .

مركزه : يشغل الشيطان مركز قوة وسيادة في العالم الروحى ، فنقرأ في أيوب ( 1، 2 ) أنه جاء وسط " بنى الله " مع أنه بطبيعته الأدبية ليس واحداً منهم . كان له أن يمثل في محضـــر الله , وهو امتياز سيحرم منه في يوم قادم ( رؤ 12 : 9 ) . وكان في مركز عظيم حتى إن ميخائيل رئيس الملائكة وجد فيه عدواً جباراً " فلم يجسر أن يورد حكم افتـــــــراء " ( يهوذا 9 ) .

ويكشف لنا العهد الجديد عن أن الشيطان يحكم مملكة الشر القوية بكل ذكاء وحنكة ، فنرى الرب يسوع في دحضه للاتهام بأنه يخرج الشياطين بقوة بلعزبول ، يبين سخف الاتهام لأنه يعني أن الشيطان قد " انقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته ؟" ( مت 12 : 26 ) ، فالشيطان لا يعمل بمفرده ولكنه يرأس مملكة منظمة جيداً يقوم جنوده فيها بمسئولياتهم بتوجيه منه ، فهو قائد هيئة ضخمة متضامنة من الكائنات الروحية هم " ملائكتــــــه " ( مت 25 : 41 ، رؤ 12 : 7 ) . و " كرئيس سلطان الهواء " ( أف 2 : 2 ) يوجه بمهارة جيشاً منظماً من الأرواح الشريرة في السماويات يأتمرون بأمره ( أف 6 : 12 ) . فالملائكة الساقطون الموالون للشيطان ( رؤ 12 : 4 و 7 و 9 ) يحتفظون برتبهم وألقابهم ومراكزهم التي سمح لهم بها الله .

ومهما كان أصل الأرواح الشريرة ( أي الشياطين ) فمن الواضح أنهم يخضعون في ولاء كامل لحكم الشيطان ( مت 12 : 28 و 29 ) . ونرى في سفر الأعمال ( 10 : 38 ) أن إنطلاق القوى الشيطانية في أثناء خدمة الرب يسوع المسيح على الأرض ، إنما كان بوحي من إبليس . فإبليس محدود لا يوجد في كل مكان ، ولكنه عن طريق أتباعه الكثيرين يمارس تأثيره في كل العالم . ويعلن لنا سفر الرؤيا أنه في ختام هذا العصر وفي أيام الضيقة العظيمة ستنطلق القوى الشيطانية مرة أخرى بصورة رهيبة ( رؤ 9 : 1 - 11 ، 18 : 2 ) .

ويوصف إبليس بأنه " رئيس هذا العالم " ( يو 12 : 31 ) ، والعالم الذي يحكمه هو النظام العالمي الراهن القائم على مباديء إبليس وأساليبه وأهدافه ( 2 كو 4 : 3 و 4 ، أف 2 : 2 ، كو 1 : 13 ، 1 يو 2 : 15 - 17 ) . فجشع الأمم وأطماعه الأنانية والأساليب الدبلوماسية الماكرة في عالم السياسة ، والبغضاء المرة ، والمنافسة المريرة في عالم التجارة ، والقيم الشريرة في المجتمع البشري ، كل هذه من عمل الشيطان ، " الروح الذي يعمل في أبناء المعصية " ( أف 2 : 2 ) . وعبارة " العالم كله وضع في الشرير " ( 1 يو 5 : 19 ) تعني أن عالم البشر غير المتجددين ، موضوع في قبضة إبليس ومستسلم تماماً لسلطانه . وقد حصل إبليس على سلطانه على الجنس البشري بالدهاء والا غتصاب ، فبتحريضة الإ نسان على الخطية - التي قصاصها الموت - حصل إبليس على " سلطان الموت " ، ويستخدم الرهبة من الموت وسيلة للاحتفاظ بالناس تحت سيادته ( عب 2 : 14 و 15 ) . وعبارة أنه " كان قتَّالاً للناس من البدء " ( يو 8 : 44 ) لاتعني أنه يستطيع أن يقتل حسبما يشاء ، بل تعني أنه بسبب سقوط آدم وحواء ، جلب الموت على الجنس البشري . وقد كسر المسيح بموته قوة الشيطان وأنقذ أسرى الشيطان ( انظر رؤ 1 : 18 ، 12 : 29 ) .

وفي التجربة في البرية استعرض إبليس أمام يسوع كل ممالك العالم ، مؤكداً بذلك أنها كلها قد دفعت ليده ، وأن في إمكانه أن يعطيها لمن يشاء ( لو 4 : 5 و 6 ) . والجدير بالملاحظة أن يسوع لم يعترض على دعوى الشيطان بسيادته على هذا العالم ، ولكن سيأتي الوقت ، في نهاية الأزمنة ، فيه يقبل " إنسان الخطية " ، " الأثيم " هذا الملكوت من يد الشيطان ( 2 تس 2 : 3 -9 ، رؤ 13 : 4 ) .

أعماله : في أيوب ( 1 : 7 ، 2 : 2 ) يصف الشيطان نشاطه الدائب في " الجولان " في الأرض والتمشي فيها فهو مشغول في صراع لا ينقطع يشمل كل العالم ضد الله وشعبه ، ولهــــــــــــذا فهو " العدو " لله وللحق ( مت 13 : 28 و 39 ، 2 تس 2 : 9 - 12 ) وأعماله ترتبط بملكوت الظلمة الأدبية ( أع 26 : 18 ) .

ولقب " المجرب " ( مت 4 : 3 ، 1 تس 3 : 5 ) يصف الشيطان في نشاطه الخاص ، فهدفه على الدوام هو أن يدفع من يجربهم إلى السقوط في الخطية . وأولاد الله هم الهدف الدائم لعداوته الشرسة ، وقال الرب لكنيسة سميرنا بأن الشيطان سيجربهم حتى الموت ( رؤ 2 : 10 ) وأخبر الرب بطرس أن الشيطان " طلبكم ليغربلكم كالحنطة " ( لو 22 : 31 ) .


ويستخدم الشيطان ضعف الناس ومحدوديتهم ليغريهم بالخطية ( 1 كو 7 : 5 ) ، كما يستخدم مغريات العالم ( 1 يو 2 : 15 - 17 ، 4 : 4 ) . وكثيراً ما يجرب الناس بالشر بخداعهم بأن الغاية تبرر الواسطة ، وأنه يمكنهم الوصول إلى الخير عن طريق عمل الشر . ويتضح أسلوب عمله في قصة السقوط في الأصحاح الثالث من سفر التكوين ، فالخداع هو الطابع المميز لنشاطه ولذلك يوصف بحق : " الذي يضل العالم كله " ( رؤ 12 : 9 ) ، فهو على الدوام ينصب الفخاخ للناس ليأسرهم (1 تي 3 : 7 ، 2 تي 2 : 26 ) . والكبرياء من أهم التجارب التي يوقع فيها الناس ( 1 تي 3 : 9 ) . ويقاوم الشيطان عمل الله بمحاولة التزييف والتضليل ، فيبذر الزوان في وسط القمح ، ويضع المؤمنين المزيفين بين " أبناء الملكوت " ( مت 13 : 25 و 38 و 39 ) ، وهؤلاء المؤمنون المزيفون هم " مجمع الشيطان " ( رؤ 2 : 9 ، 3 : 9 ) ، كما أن الشيطان كثيراً ما " يغير شكله إلى شبه ملاك نور " فيجعل خدامه في شكل خدام الحق ( 2 كو 11 : 13 - 15 ) فالذين يسلمون أنفسهم للشر ويصيرون خداماً للشيطان في إغراء الآخرين على فعل الشر ، هم أبناء الشيطان وخدامه ( يو 6 : 70 ، 8 : 44 ، أع 13 : 10 ) فقد يقوم المرتدون بأنشطة دينية عظيمة دون أن يقبلوا سلطان حـــــق الله ( 2 تي 13 : 1 - 9 ) فالشيطان يقاوم حق الله ( 2 تي 3 : 1 - 9 ) ، والشيطان يعمي أذهان الناس عن رؤية نور الإنجيل ( 2 كو 4 : 3 ) ، ويغريهم بقبول كذبـه ( 2 تس 2 : 9 و 10 ) . إنه يغري الناس على الإصغاء " للأرواح المضلة وتعاليم الشياطين " بادعاءات الخدام الكذبة ذوي الضمائر الموسومة ( 1 تي 4 : 1 و2 ) ، وهو يكره كلمة الله ويحاول بكل قواه أن يخطفها من قلوب غير المخلصين ( مت 13 : 19 ) ، كما أنه يعوق العاملين بين القديسين ( 1تس 2 : 17 و 18 ) . ويقاوم عمل الله بالعداء الواضح الشرس ، فخيانة يهوذا كان الشيطان هو المحرض عليها ( لو 22 : 3 ، 13 : 2 و 27 ) ، ويصور بطرس شراسة الشيطان بتحذير المؤمنين بأن " إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو " ( ا بط 5 : 8 ) ، وهجماته الضارية تظهر في الاضطهادات العنيفة التي يتعرض لها شعب الله ( 2 تي 3 : 11 - 13 ، رؤ 12 : 13 - 17 ) .


محدوديته : رغم أن الشيطان قوي وعدو عنيد لله ، لكن الكتاب المقدس يقرر بكل وضوح بأن الشيطان كائن محدود ، حقيقة أنه كائن أسمي من البشر ، ولكنه لا يعادل الله ، فسلطان الشيطان معطي له من الله ، وهو حر أن يعمل داخل الحدود التي وضعها له الله ، فكان في استطاعة الشيطان أن يصيب أيوب بالخسائر والآلام داخل الحدود التي رسمها لـــــــــــــه الله ( أيوب 1 : 12 ، 2 : 6 ) ، كما يؤكد الرب لكنيسة سميرنا أن ضيقهم لن يتجاوز " عشرة أيــــام " ( رؤ 2 : 10 ) ، فالرب هو الذي حدد هذه المدة ، ولن يستطيع الشيطان أن يتجاوزها . وجهود الشيطان على الأرض الآن مقيدة بعمل " الحاجز " السماوي ، وعندما " يرفع الذي يحجز الآن " سيكون في وسع الشيطان أن يطلق الشر من عقاله في استعلان " إنسان الخطية " ( 2 تس 2 : 7 و 8 ) .

ويؤكد الرب للمؤمنين أن الله أعظم من كل قوات الشر الشيطانية ، وأنها لن تستطيع التغلب على الله ، فتفصل المؤمنين عن محبة الله ( يو 10 : 28 ، رؤ 8 : 38 و 39 ، 1 يو 4 : 4 ) ، ومسموح للشيطان أن يضايق أولاد الله ولكن لا يمكن أن يحوز النصرة عليهم ( يو 14 : 30 و 31 ، 16 : 33 ) . بل إن الله أحياناً يستخدم الشيطان آلة لتأديب وتقويم القديسين المخطئين ( لو 22 : 31 و 32 ، 1 كو 5 : 5 ، 1 تي 1 : 20 ) . والشيطان ليس إلهاً ، فهو ليس كلي القدرة ، ولا كلي العلم ، ولا يوجد في كل مكان . حقيقة له سلطان واسع ، ولكنه سلطان محدود ، وهو لا يعلم كل شيء ، وهذا واضح من تخبطه على مدى التاريخ ، كما يظهر ذلك في محاولته الفاشلة في قتل الطفل يسوع . كما أن الشيطان لا يوجد في كل مكان ، ولكنه يجعل تأثيره ملموساً في كل العالم بواسطة أعوانه الكثيرين . ولقد اعترف الشيطان بمحدوديته في حديثه مع الله بخصوص أيوب ( 1 : 7 - 11 ) .

أصله : الشيطان ليس أزلياً أو كائناً من ذاته ، فالكتاب المقدس لا يترك مجالاً للظن بوجود إلهين أزليين للخير وللشر . ومحدوديته تتفق مع طبيعته ككائن مخلوق . وكلمات الرب يسوع في ( يو 8 : 44 ) تبين أن الشيطان كائن ساقط ، والقول بأنه " لم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حــــــق " ( يو 8 : 44 ) لا تدل على سقوطه في الماضي فحسب ، بل على طبيعته الجاحدة الناتجة عن سقوطه ، وقد وقع الشيطان تحت دينونة الله لكبريائه ( 1 تي 3 : 6 ) . ورغم أن كثيرين من المفسرين يرفضون تطبيق ( حز 28 : 11 - 19 ) على الشيطان ، ولكن كثيرين من العلماء - مع أن الشيطان لا يذكر هنا بالاسم - يعتقدون أن هذه الأقوال يجب أن تعتبر - بالضرورة - على أنها تتجاوز ملك صور البشري إلى الشيطان الحاكم غير المنظور والمصدر الحقيقي لكل عظمة صور وكبريائها . وعلى هذا الاعتبار نجد هذا الجزء من كلمة الله يبين لنا أصل الشيطان ككائن مخلوق ، ومركزه الأول مركز السلطة والعظمة على الكون المخلوق ، وعلى الأقل على هذه الأرض ، وكيف سقط بسبب الكبرياء . كما أن ( إش 14 : 12 - 14 ) الموجه إلى " زهرة بنت الصبح " ( لوسيفر ) يعتقد كثيرون أيضاً أنه يتجاوز ملك بابل في إشارة واضحة إلى الشيطان رئيس هذا النظام العالمي الشرير الذي كانت بابل رمزاً له . ومتى تبين ذلك فان ضمير المتكلم الذي يتكرر خمس مرات ( في العددين 13 و 14 ) ، يكشف لنا عن تمرد الشيطان وكبريائه ، وهكذا بدأ التناقض والصراع بين مشيئة الله وإرادة الشيطان . واعتبار الشيطان هو المخاطب في ( حز 28 : 12 - 15 ، إش 14 : 12 - 14 ) ، يكشف لنا عن تمرد الشيطان وكبريائه ، وهكذا بدأ التناقض والصراع بين مشيئة الله وإرادة الشيطان . واعتبار الشيطان هو المخاطب في ( حز 28 : 12 - 15 ، إش 14 : 12 - 14 ) يلقي الضوء على موضوع أصل الشيطان ، ويتفق مع الصورة الكتابية للعلاقات الوثيقة التي للشيطان بحكومات العالم ( دا 10 : 31 ، أف 6 : 12 ، يو 12 : 31 ) .

براعته : منذ أن أصبحت للشيطان إرادته الذاتية ، بدأ الصراع الطويل بين الخير والشر الذي امتد إلى كل الأجيال ، وقد سمح الله للشيطان أن يمارس إرادته في مقاومة إرادة الله ، وما وجود الخطية والألم والموت إلا نتيجة محتومة لجهود الشيطان ، فبإغراء آدم وحواء ( تك 3 : 1 - 7 ) نجح الشيطان في توطيد سيادته على الجنس البشري ولكن بعمل المسيح المتجسد ، تصدعت قوته .

وفي جهاد الشيطان لإثبات إرادته ، فإنه يعمل بلا كلل لإحباط عمل الله ( أع 13 : 10 ) وتتملكه رغبة عارمة في أن يكون موضع العبادة مثل الله ، وقد بدت هذه الرغبة الطاغية في عرضه على المسيح أن يعطيه السلطة على كل ممالك العالم إن سجد له ، وستتحقق للشيطان هذه الرغبة في أن يكون موضوع العبادة عن طريق " إنسان الخطية " ( 2 تس 2 : 9 - 11 ، رؤ 13 : 4 ) . والدافع إلى الوثنية بانحرافها عن عبادة الله الحقيقي ، إنما هي قــوى شيطانية ( 1 كو 10 : 20 ، مز 106 : 34 - 38 ) .

دينونته : لقد حدثت المعركة الحاسمة بين مملكة الله ومملكة الشر في الصراع بين المسيح والشيطان ، فقد جاء المسيح إلى العالم " لكي ينقض أعمال إبليس " ( 1 يو 3 : 8 ) وجاءت هزيمة الشيطان الأساسية في التجربة في البرية في بداية خدمة يسوع المسيــــــح ( مت 4 : 1 - 11 ، لو 4 : 1 - 12 ) ، فبانتصار المسيح ظهر أنه قادر في خدمته " أن يدخل بيت القوي وينهب أمتعته " ( مرقس 3 : 27 ) . أما هزيمته الحاسمة فكانت في صليب المسيح ( يو 12 : 31 ، 16 : 11 ) فهناك دين الشيطان كمغتصب وكرئيس لهذا العالم ، ففي صليب المسيح وقيامته ، أباد سلطان الشيطان على الجنس البشري ( كو 2 : 14 و 15 ، عب 2 : 14 و 15 ) وأنقذ كل نفس من سلطة الشيطان ، ومن يقبلون هذا الخلاص بالإيمان ينجون من سلطان الظلمة وينقلون إلى ملكوت ابن محبة الله ( كو 1 : 13 ) .

ومع أن الدينونة قد صدرت عليه ، إلا أنه مازال مسموحاً له بممارسة سلطانه إلى أن يأتي الوقت الذي سيسجن فيه في الهاوية . فمع أنه ملك مخلوع إلا أنه مازال له السلطان على الذين يقبلون سيادته ، بينما يضطهد الذين أعلنوا ولاءهم للمسيح .

مصيره : يعلن لنا الكتاب النهاية الأكيدة للصراع بين الخير والشر ، والمصير المحتوم للشيطان وملائكته ، وقد رأى المسيح صورة لهذه الهزيمة النهائية في انتصار السبعين على قوات الشــر ( لو 10 : 18 ) كما أكد المسيح أن النار الأبدية معدة " لإبليس وملائكته " ( مت 25 : 41 ) .

ويخبرنا سفر الرؤيا عن الدينونة النهائية للشيطان ، فعند مجيء المسيح في مجده سيطرح الشيطان في بئر الهاوية لمدة ألف سنة ، تخلو الارض فيها من خداعه وإغراءاتـــــــه ( رؤ 20 : 1 - 3 ) . وفي نهاية الألف سنة يحل الشيطان من سجنه ويستأنف خداعه لسكان الأرض وينجح في ذلك نجاحاً هائلاً ، ولكن هذا التمرد الأخير سيقضي عليه بعمل إلهي . وسيطـــرح الشيطان في " بحيرة النار والكبريت حيث الوحش النبي الكذاب وسيعذبون نهاراً وليلاً إلى أبــــد الآبدين " ( رؤ 20 : 7 - 10 ) ، وكل الذين خدعهم سيقاسمونه نفس المصير والعذاب ( 20 : 12 - 14 ) .

المؤمنون والشيطان : إذ أُُنقذ المؤمنون من ملكوت الظلمة ، أصبح لهم اليقين بالنصرة على كل جهود الشيطان الخبيثة ، فلهم الوعد أن " إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلهم سريعـــاً " ( رو 16 : 20 ) ، ويجدون أمنهم ,وأمانهم في قوة المسيح التي تحفظـــــــم ( رو 8 : 31 - 39 ، 1 يو 5 : 18 ) .

ويجب على المؤمنين لينتصروا على الشيطان نصرة كاملة ، أن يدركوا أنه أصبح عدواًُ مهزوماً بناء على عمل المسيح ، وأنهم مدعوون أن يقاوموا إبليس فيهرب منهم ( يع 4 : 7 ) ، ومن العبث محاولة الهروب من الشيطان ، ولكن بالتمسك بنصرة المسيح ، يمكن للمؤمن أن يجعل الشيطان يهرب منه ، ولنيل النصرة على الشيطان يجب على المؤمنين ألا يجهلوا أفكاره ( 2 كو 2 : 11 ) ، وإذ يعلمون أنه عدو قوي ماكر ، يجب ألا يعطوا إبليس مكاناً ( أو فرصة ) بسماحهم للخطية بالدخول إلى حياتهم ( أف 4 : 25 - 27 ) بل بالحري يجب أن يصحوا ويسهروا وأن ينتبهوا إلى خطر الشيطان ويقاوموه راسخين ( 1 بط 5 : 8 و 9 ) . كما نجد الأمر مكرراً ( في أف 6 : 10 - 17 ) بحاجتنا إلى الثبات ضد العدو الشيطاني .



ولقد جهز الله المؤمنين بكل مايلزم للنصرة على الشيطان ، فالنصرة على كل هجمات الشيطان ممكنة لمن يلبسون " سلاح الله الكامل " ( أف 6 : 13 - 17 ) ، كما أن لهم مسحة من الروح القدس وبها يميزون بين الصواب والخطـأ ( 1 يو 2 : 20 و 21 و 26 و 27 ) ، كما أن عمل المسيح الشفاعي - على أساس كفارته - فيه الكفاية للتطهير ورد النفس ( رو 8 : 33 و 34 ، عب 7 : 25 ، 1 يو 2 : 1 و 2 ) . وكيفية الغلبة على " المشتكي على الإخوة "هي أنهم " غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت " ( رؤ 12 : 11 ) . ومن مسئولية شعب المسيح أن يأتوا بالضالين " من ظلمات إلى نور ومـن سلطان الشيطان إلى الله " ( أع 26 : 18 ) .



الاعتراضات على هذا التعليم : يصور لنا العهد الجديد الشيطان بأنه شخصية خبيثة غير بشــرية ، ولكن الكثيرين لا يقبلون مفهوم وجود كائن اسمه الشيطان ، وحجتهم في ذلك أن وجود شيطان حقيقي لا يمكن إثباته علمياً . ونحن نعترف أن الحقائق الروحية لا يمكن إثباتها بوسائل علمية طبيعية ، وبناء عليه يمكن أيضاً رفض الإعلان الكتابي عن وجود الله . ويقولون إن الشيطان في حقيقته هو من اختراع الإنسان لتبرير خطاياه ، وهذا الرأي يبدو مقبولاً لإثبات مسئولية الإنسان عن خطاياه ، وهو يؤدي إلى مفهوم سطحي لحقيقة وجود الخطية في العالم . إنه نتيجة الفشل في إدراك شناعة الخطية ، إنهم لا يستطيعون أن يعللوا تعليلا ً كافياً وجود هذه الأعماق من الإثم في العالم . والتقييم الموضوعي لحقيقة الخطية يثبت لنا أنها " مدبرة باحكام خارق ، ومخططة بدهاء رهيب ، وموجهة ببراعة تفوق العقل ، وعنيفة بدرجة بالغة ، فلا يمكن تفسيرها بهذه السهولة . هناك تخطيط ، هناك حنكة ودهاء ، هناك خبث ومكر ، هناك براعة في الخداع والهجوم ، فلابد أن يكون وراء كل ذلك عقل جبار ( انظر كتاب " رئيس الظلمة " بقلم ف . أ . تاتفورد ) .

والفكر الكتابي عن وجود الشيطان كشخصية بذاتها ، تحت سيطرة السلطان الإلهي ، هو وحده القادر على التعليل لوجود كل هذا الشر في العالم ، مع الاعتراف بوجود الله الواحــد . والإشارات الحكيمة الدقيقة للشيطان في الكتاب تتفق تماماً مع أوضاع العالم كما يصوره الكتاب ، فهذه الإشارات منسوجة في لحمة الإعلان الكتابي وسداه ، ولا يمكن فصلها عنه بدون تمزيق النسيج كله ، وكل أقوال المسيح المدونة في الأناجيل تؤكد وجود الشيطان وجوداً حقيقياً ، وكان هذا هو فكر قادة اليهود في عصره ، ولا يمكن أن يعتبر قبوله لهذه الحقيقة تمشياً مع الآراء الشائعة حيث أنه لم يتردد في كشف أي آراء خاطئة عند قادة اليهود .

والرأي القائل بأن الصورة التي يرسمها العهد الجديد لحقيقية الشيطان ، مأخوذة عن العقيدة الفارسية الثنائية - أي التي تنادي بوجود إلهين - تدحضه طبيعة الصورة في العهد الجديد ، فليس فيها إطلاقاً أي لمحة من الفكر الثنائي ، فالعهد الجديد لا يصور الخير والشر كمبدأين أزليين . ومع أننا نرى الشيطان كائناً قوياً شريراً ، إلا أننا نرى مملكته لها بداية محددة وستكون لها نهاية محددة . كما نرى في العهد الجديد أن قوى الشر تعمل في حدود ما يسمح به الله السرمدي وتحت سيادته المطلقة ، فالله هو الذي يسمح للشيطان بالاستمرار في عمله لكي يظهر لكل الخليقة بطل أكاذيب الشيطان .


المصدر:
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..[/align:c2e4761ce9]


مواقع النشر (المفضلة)
شخصية إبليس في التوراة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
التوراة و الإنجيل و المزامير و كتب الأنبياء عربية
شخصية الانسان من عيونة
إبليس يحاور الرسول على حضرة الصحابة ..
شخصية المرأة من حواجبها وأظفارها ؟؟؟؟؟

الساعة الآن 11:50 PM.