المشاركات الجديدة
مواضيع مختلفة : أي موضوع لم يعنون سابقا

مختصر القول " الفلك والتنجيم في ميزان الإسلام ".

افتراضي مختصر القول " الفلك والتنجيم في ميزان الإسلام ".
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك و لعظيم سلطانك.

اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد فى الأولين و الآخرين و فى الملأ الأعلى الى يوم الدين و على آله و الصحابة أجمعين و التابعين و تابعيهم منا بإحسان الى يوم الدين.
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا
ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.



علم النجوم :
هو: من فروع الطبعي وهو وعلم بأصول تعرف بها أحوال الشمس والقمر وغيرهما من بعض النجوم، كذا في بعض حواشي الشافية قاله في ((كشاف اصطلاحات الفنون)).

وفي ((كشف الظنون)) هو: علم يعرف به الاستدلال على حوادث علم الكون والفساد بالتشكلات الفلكية، وهي أوضاع الأفلاك والكواكب كالمقارنة والمقابلة (2/ 552) والتثليث والتسديس والتربيع إلى غير ذلك، وهو عند الإطلاق ينقسم إلى ثلاثة أقسام حسابية وطبيعيات ووهميات.

1. أما الحسابيات: فهي يقينية في علمها قد يعمل بها شرعا.
2. وأما الطبيعيات: كالاستدلال بانتقال الشمس في البروج الفلكية على تغيير الفصول كالحر والبرد والاعتدال فليست بمردودة شرعا أيضاً.
3. أما الوهميات: كالاستدلال على الحوادث السفلية خيرها وشرها من اتصالات الكواكب بطريق العموم والخصوص، فلا استناد لها إلى أصل شرعي، ولذلك هي مردودة شرعاً كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا ذكر النجوم فامسكوا). وقال: (تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر والبحر ثم انتهوا). الحديث.

وقال صلى الله عليه وسلم: (من آمن بالنجوم فقد كفر) لكن قالوا هذا إن اعتقد أنها مستقلة في تدبير العالم.

وقال الشافعي رحمه الله: إذا اعتقد المنجم أن المؤثر الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى لكن عادته سبحانه وتعالى جارية بوقوع الأحوال بحركاتها وأوضاعها المعهودة في ذلك لا بأس عندي. كذا ذكره السبكي في طبقاته الكبرى.
وعلى هذا يكون استناد التأثير حقيقة إلى النجوم مذموما فقط.
قال بعض العلماء: إن اعتقاد التأثير إليها بذاتها حرام.

وذكر صاحب ((مفتاح السعادة)) أن الحافظ ابن القيم الجوزي أطنب في الطعن فيه والتنفير عنه.
فإن قيل: لم لا يجوز أن تكون بعض الأجرام العلوية أسباب للحوادث السفلية، فيستدل النجم العاقل من كيفية حركات النجوم واختلافات مناظرها وانتقالاتها من برج إلى برج على بعض الحوادث قبل وقوعها؟.

يقال: يمكن على طريق إجراء العادة أن يكون بعض الحوادث سببا لبعضها، لكن لا دليل فيه على كون الكواكب أسبابا للعادة وعللا للنحوسة لا حسا ولا عقلا (2/ 553) ولا سمعا.

أما حسا : فظاهر أن أكثر أحكامهم ليست بمستقيمة، كما قال بعض الحكماء: جزئياتها لا تدرك، وكلياتها لا تتحقق.

وإما عقلا : فإن علل الأحكاميين وأصولهم متناقضة حيث قالوا: إن الأجرام العلوية ليست بمركبة من العناصر بل هي طبيعية خاصة، ثم قالوا ببرودة زحل ويبوسته، وحرارة المشتري ورطوبته، فأثبتوا الطبيعة للكواكب وغير ذلك.

وأما شرعا : فهو مذموم بل ممنوع كما قال صلى الله عليه وسلم: (من آتي كاهنا بالنجوم أو عرافا أو منجما فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد). الحديث.
وسبب المبالغة في النهي عن هذه الثلاثة ذكره الشيخ علاء الدولة في (العروة الوثقى) وقال علي بن أحمد النسوي:

علم النجوم أربع طبقات:
- الأولى: معرفة رقم التقويم ومعرفة الإسطرلاب حسبما هو يتركب.
- والثانية : معرفة المدخل إلى علم النجوم ومعرفة طبائع الكواكب والبروج ومزاجاتها.
- والثالثة : معرفة حسنات أعمال النجوم وعمل الزيج والتقويم.
- والرابعة: معرفة الهيئة والبراهين الهندسية على صحة أعمال النجوم، ومن تصور ذلك فهو المنجم التام على التحقيق، وأكثر أهل زماننا قد اقتصروا من علم التنجيم على الطبقتين الأوليين، وقليل منهم يبلغ الطبقة الثالثة.

والكتب المصنفة فيه كثيرة منها: الأحكام، وأبو قماش، وأدوار وإرشاد، والبارع، ومختصر البارع، وتحاويل وتنبيهات المنجمين وتفهيم، الجامع الصغير، ودرج الفلك، والسراج، والقرانات، ولطائف الكلام، ومجمل الأصول، ومجموع ابن شرع، ومسائل القصر، وغير ذلك انتهى ما في ((كشف الظنون)).

وفي ((كشاف اصطلاحات الفنون)).
موضوعه: النجوم من حيث يمكن أن تعرف بها أحوال العالم ومسائله (2/ 554) كقولهم: كلما كان الشمس على هذا الموضع المخصوص فهي تدل على حدوث أمر كذا في هذا العالم انتهى.
وقال ابن خلدون: هذه الصناعة يزعم أصحابها أنهم يعرفون بها الكائنات في عالم العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب، وتأثيرها في المولدات العنصرية مفردة ومجتمعة، فتكون لذلك أوضاع الأفلاك والكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع الكائنات الكلية والشخصية.
فالمتقدمون منهم يرون أن معرفة قوى الكواكب وتأثيراتها بالتجربة، وهو أمر تقصر الأعمار كلها لو اجتمعت عن تحصيله، إذ التجربة إنما تحصل في المرات المتعددة بالتكرار ليحصل عنها العلم أو الظن، وأدوار الكواكب منها ما هو طويل الزمن فيحتاج تكرره إلى آماد وأحقاب متطاولة يتقاصر عنها ما هو طويل من أعمار العالم، وربما ذهب ضعفاء منهم إلى أن معرفة قوى الكواكب وتأثيراتها كانت بالوحي، وهو رأي قائل وقد كفونا مؤنة إبطاله.

ومن أوضح الأدلة فيه: أن تعلم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أبعد الناس عن الصنائع، وأنهم لا يتعرضون للأخبار عن الغيب إلا أن يكون عن الله، فكيف يدعون استنباطه بالصناعة ويشيرون بذلك لتابعيهم من الخلق.

وأما بطليموس ومن تبعه من المتأخرين، فيرون أن دلالة الكواكب على ذلك دلالة طبيعية من قبل مزاج يحصل للكواكب في الكائنات العنصرية، قال: لأن فعل النيرين وأثرهما في العنصريات ظاهر لا يسع أحدا جحده، مثل، فعل الشمس في تبدل الفصول وأمزجتها، ونضج الثمار والزرع وغير ذلك.
وفعل القمر في الرطوبات والماء وإنضاج المواد المتعفنة وفواكه القناء وسائر أفعاله.
ثم قال: ولنا فيما بعدهما من الكواكب طريقان:

- الأولى: التقليد لمن نقل ذلك عنه من أئمة الصناعة إلا أنه غير مقنع للنفس (2/ 555).
- الثانية: الحدس والتجربة بقياس كل واحد منها إلى النير الأعظم الذي عرفنا طبيعته وأثره معرفة ظاهرة، فننظر هل يزيد ذلك الكوكب عند القرآن في قوته ومزاجه فتعرف موافقته له في الطبيعة، أو ينقص عنها فتعرف مضادته، ثم إذا عرفنا قواها مفردة عرفناها مركبة وذلك عند تناظرها بأشكال التثليث والتربيع وغيرهما ومعرفة ذلك من قبل طبائع البروج بالقياس أيضاً إلى النير الأعظم.

وإذا عرفنا قوى الكواكب كلها فهي مؤثرة في الهواء وذلك ظاهر والمزاج الذي يحصل منها للهواء يحصل لما تحتها من المولدات وتتخلق به النطف والبزر فتصير حالا للبدن المتكون عنها، وللنفس المتعلقة به الفائضة عليه المكتسبة لما لها منه، ولما يتبع النفس والبدن من الأحوال لأن كيفيات البزرة والنطفة كيفيات لما يتولد عنهما وينشأ منهما.

قال: وهو مع ذلك ظني، وليس من اليقين في شيء، وليس هو أيضاً من القضاء الإلهي، يعني: القدر، إنما هو من جملة الأسباب الطبيعية للكائن، والقضاء الإلهي سابق على كل شيء، هذا محصل كلام بطليموس وأصحابه، وهو منصوص في كتبه الأربع وغيره، ومنه يتبين ضعف مدارك هذه الصناعة، وذلك أن العلم الكائن، أو الظن به، إنما يحصل عن العلم بجملة أسبابه من الفاعل، والقابل، والصورة، والغاية على ما تبين في موضعه.

والقوى النجومية على ما قرروه إنما هي فاعلة فقط والجزء العنصري هو القابل، ثم إن القوى النجومية ليست هي الفاعلة بجملتها، بل هناك قوى أخرى فاعلة معها في الجزء المادي، مثل: قوة التوليد للأب، والنوع التي في النطفة، وقوى الخاصة التي تميز بها صنف صنف من النوع وغير ذلك، فالقوى النجومية إذا حصل كمالها وحصل العلم فيها إنما هي فاعل واحد من جملة الأسباب الفاعلة للكائن، ثم إنه يشترط مع العلم بقوى النجوم وتأثيراتها، مزيد حدس، وتخمين، وحينئذ يحصل عنده الظن بوقوع الكائن والحدس والتخمين قوى للناظر في فكره، وليس من علل الكائن ولا من أصول الصناعة، فإذا فقد هذا الحدس والتخمين رجعت أدراجها عن الظن إلى الشك، هذا إذا حصل العلم بالقوى النجومية على (2/ 556).

سداد ولم تعترضه آفة، وهذا معوز لما فيه من معرفة حسابات الكواكب في سيرها لتتعرف به أوضاعها، ولما أن اختصاص كل كوكب بقوة لا دليل عليه ومدرك بطلميوس في إثبات القوى للكواكب الخمسة بقياسها إلى الشمس مدرك ضعيف، لأن قوة الشمس غالبة لجميع القوى للكواكب الخمسة بقياسها إلى الشمس مدرك ضعيف لأن قوة الشمس غالبة لجميع القوى من الكواكب ومستولية عليها فقل أن يشعر بالزيادة فيها، أو النقصان منها عند المقارنة، كما قال، وهذه كلها قادحة في تعريف الكائنات الواقعة في عالم العناصر بهذه الصناعة.

ثم إن تأثير الكواكب فيما تحتها باطل إذ قد تبين في باب التوحيد أن لا فاعل إلا الله بطريق استدلالي كما رأيته، واحتج له أهل علم الكلام بما هو غني عن البيان من أن إسناد الأسباب إلى المسببات مجهول الكيفية، والعقل متهم على ما يقضي به فيما يظهر بادي الرأي من التأثير، فلعل استنادها على غير صورة التأثير المتعارف، والقدرة الإلهية رابطة بينهما كما ربطت جميع الكائنات علوا وسفلا، سيما والشرع يرد الحوادث كلها إلى قدرة الله تعالى ويبرأ مما سوى ذلك.

والنبوات أيضاً منكرة لشأن النجوم وتأثيراتها واستقراء الشرعيات شاهد بذلك في مثل قوله: (إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته) وفي قوله: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب). الحديث الصحيح.

فقد بان لك بطلان هذه الصناعة من طريق الشرع، وضعف مداركها مع ذلك من طريق العقل، مع ما لها من المضار في العمران الإنساني، بما تبعث في عقائد العوام من الفساد، إذا اتفق الصدق من أحكامها في بعض الأحايين اتفاقا لا يرجع إلى تعليل ولا تحقيق، فيلهج بذلك من لا معرفة له ويظن اطراد الصدق في سائر أحكامها وليس كذلك، فيقع في رد الأشياء إلى غير خالقها، ثم ما ينشأ عنها كثيرا في الدول من توقع القواطع وما يبعث عليه ذلك (2/ 558) التوقع من تطاول الأعداء والمتربصين بالدولة إلى الفتك والثورة.

وقد شاهدنا من ذلك كثيرا فينبغي أن تحظر هذه الصناعة على جميع أهل العمران، لما ينشأ عنها من المضاد في الدين والدول، ولا يقدح في ذلك كون وجودها طبيعيا للبشر بمقتضى مداركهم وعلومهم، فالخير والشرط طبيعتان موجودتان في العالم لا يمكن نزعهما، وإنما يتعلق بالتكليف بأسباب حصولهم، فيتعين السعي في اكتساب الخير بأسبابه، ودفع أسباب الشر والمضار، هذا هو الواجب على من عرف مفاسد العلم ومضاره، وليعلم من ذلك أنها وإن كانت صحيحة في نفسها فلا يمكن أحدا من أهل الملة تحصيل علمها ولا ملكتها بل إن نظر فيها ناظر وظن الإحاطة بها فهو في غاية القصور في نفس الأمر.

فإن الشريعة لما حظرت النظر فيها فقد الاجتماع من أهل العمران لقراءتها والتحليق لتعليمها، وصار المولع بها من الناس وهم الأقل وأقل من الأقل إنما يطالع كتبها ومقالاتها في كسر بيته متسترا عن الناس وتحت ربقه الجمهور مع تشعب الصناعة، وكثرة فروعها، واعتياصها على الفهم، فكيف يحصل منها على طائل، ونحن نجد الفقه الذي علم نفعه دينا ودنيا، وسهلت مآخذه من الكتاب والسنة، وعكف الجمهور على قراءته وتعليمه، ثم بعد التحقيق، والتجميع، وطول المدارسة، وكثرة المجالس وتعددها، إنما يحذق فيه الواحد في الأعصار والأجيال، فكيف بعلم مهجور للشريعة مضروب دونه سد الحظر والتحريم مكتوم عن الجمهور صعب المآخذ محتاج بعد الممارسة والتحصيل لأصوله وفروعه إلى مزيد حدس وتخمين يكتنفان به من الناظر، فأين التحصيل والحذق فيه مع هذه كلها، ومدعى ذلك من الناس مردود على عقبه.

ولا شاهد له يقوم بذلك لغرابة الفن بين أهل الملة وقلة حملته، فاعتبر ذلك يتبين لك صحة ما ذهبنا إليه، والله أعلم بالغيب فلا يظهر على غيبة أحدا، ومما وقع في هذا المعنى لبعض أصحابنا من أهل العصر عندما غلب العرب عساكر السلطان أبي الحسن وحاصروه بالقيروان، وكثر إرجاف الفريقين الأولياء والأعداء، وقال في ذلك أبو القاسم الروحي من شعراء أهل تونس:

علم منازل القمر :
هكذا في كشف الظنون وقال في ((مدينة العلوم)): هو: علم يتعرف منه صور المنازل الثمانية والعشرين، وأسماؤها وخواص كل واحد منها، وأحكام نزول القمر في كل منها إلى غير ذلك. انتهى. أبجد العلوم : للقنوجي

علم الاختيارات :
هو من فروع علم النجوم.
فهو علم باحث عن أحكام كل وقت وزمان من الخير والشر الجاريين في العالم السفلي بحسب تبدل أحوال القمر في منازله، وأوضاع الكواكب، وأوقات يجب الاحتراز فيها عن ابتداء الأمور، وأوقات يستحب فيها مباشرة الأمور، وأوقات يكون مباشرة الأمور فيها بين بين.

ثم كل وقت له نسبة خاصة ببعض الأمور بالخيرية وببعضها بالشرية، وذلك بحسب كون الشمس في البروج، والقمر في المنازل، والأوضاع الواقعة بينهما من المقابلة والمقارنة والتثليث والتربيع والتسديس، وغير ذلك، حتى يمكن بسبب ضبط هذه الأحوال اختيار وقت لكل أمر من الأمور التي تقصد كالسفر (2/ 31) والبناء وقطع الثوب إلى غير ذلك من الأمور.

وفيه كتب كثيرة منها: كتب بطليموس وواليس المصري، ودرونيوس الإسكندراني، وكتاب أبي معشر البلخي، وكتاب عمر بن فرحان الطبري، وكتاب أحمد بن عبد الجليل السنجري، وكتاب محمد بن أيوب الطبري، وكتاب يعقوب بن علي القصراني، رتب على مقالتين عشرين باباً وكتاب كوشيار بن لبان الجيلي، وكتاب سهل بن نصر، وكتاب كنكة الهندي، وكتاب ابن علي الخياط، وكتاب الفضل بن بشر، وكتاب أحمد بن يوسف، وكتاب الفضل بن سهل، وكتاب نوفل الحمصي، وكتاب أبي سهل مأجور وأخويه، وكتاب علي بن أحمد الهمداني، وكتاب الحسن بن الخطيب، وكتاب أبي الغنائم بن هلال، وكتاب هبة الله بن شمعون، وكتاب أبي نصر بن علي القمي، وكتاب أبي نصر القبيصي، وكتاب أبي الحسن ابن علي بن نصر، واختيارات الكاشفي فارسي على مقدمة ومقالتين وخاتمة، والاختيارات العلائية المسماة بـ ((الأحكام العلائية في الأعلام السماوية))، واختيارات أبي الشكر يحيى بن محمد المغربي، وغير ذلك، ونفع هذا العلم بين لا يخفى على أحد.

علم دعوة الكواكب :
@قال في ((مدينة العلوم)): كما أن استحضار الجن وبعض الملائكة ممكن، فكذلك يمكن تسخير روحانية الكواكب، سيما السبعة السيارة، فيتوصل بذلك إلى المقاصد المهمة. من قتل الأعداء وإحضار المال والغائب وأمثال ذلك، فيستحضرها متى شاء بعد الدعوة بلا تكلف ومشقة.

حكي أن ملكا كان مشتغلا بدعوة زحل، وكان أصحابه يلومونه في ذلك، وفي بعض الأيام عرض له عدو، وكان ذلك العدو ملكا عظيما، أعجزه دفعه بالمحاربة، فاشتغل ذلك الملك بدعوة زحل، فإذا نزل من السماء شيء فخاف أهل المجلس عنه (2/ 287) فتفرقوا، فدعاهم الملك وأحضروا عنده، فرأوا ظروفا من نحاس مثلث الشكل، وفيه رأس الملك الذي خاصمه مقطوعا ففرحوا بذلك.
وهرب العسكر ونصر الملك بروحانية زحل، وقال أنتم سفهتموني باشتغالي بالدعوة، وهذا نفعه الأدنى فاعتقدوا الدعوة كلهم.

وأما كون الظرف من النحاس وكونه مثلثا، فلاقتضاء طبيعة زحل ذلك المعدن، وذلك الشكل.
واعلم أن دعوة الكواكب كانت مما اشتغل فيها الصابئة، فبعث عليهم إبراهيم عليه السلام مبطلا لمقالتهم، ورادا عليهم، وإذا جاء نهر الله بطل نهر العقل انتهى.
قلت: وليست هذه الدعوة بعد ما نزل شرع نبينا - صلى الله عليه وسلم - في شيء من أمر الدين، بل هو شرك بحت، وكفر محض، أعاذنا الله وإخواننا المسلمين عن أمثال هذه العلوم.

علم الزائرجة :
هو: من القوانين الصناعية لاستخراج الغيوب المنسوبة إلى العالم المعروف: بأبي العباس أحمد السبتي.
وهو من أعلام المتصوفة بالمغرب، كان في آخر المائة السادسة بمراكش، وبعهد يعقوب بن منصور من ملوك الموحدين، وهي كثيرة الخواص، يولعون باستفادة الغيب منها، بعملها وصورتها التي يقع العمل عندهم فيها دائرة عظيمة، في داخلها دوائر متوازنها للأفلاك والعناصر وللمكونات والروحانيات إلى غير ذلك من أصناف الكائنات الموجودات والعلوم.

وكل دائرة منها مقسومة بانقسام فلكها إلى البروج والعناصر وغيرهما، وخطوط كل منها مارة إلى المركز ويسمونها: الأوتار، وعلى كل وتر حروف متتابعة موضوعة، فمنها أعداد مرسومة برسوم الزمام التي هي من أشكل الأعداد عند أهل الدواوين والحساب بالمغرب.

ومنها برسوم قلم الغبار متناسقة كلها مع تلك الحروف، وفي داخل الزايرجة، وبين الدوائر أسماء العلوم، ومواضع الأكوان، وعلى ظهور الدوائر جدول مستكفي البيوت المتقاطعة طولاً وعرضاً، يشتمل على خمسة وخمسين بيتا في العرض، ومائة وإحدى وثلاثين في الطول، جوانب منه معمورة البيوت تارة بالعدد، وأخرى بالحروف (2/ 312).

ومن جوانب أخرى منه خالية البيوت، ولا يعلم نسبة تلك الأعداد في أوضاعها نسبة البيوت العامرة من الخالية، وجانبي الزائرجة أبيات من عروض بحر الطويل الكامل على روي اللام المنصوبة، تتضمن صورة العمل في استخراج المطلوب من تلك الزائرجة، إلا أنها من قبيل اللغز في عدم الوضوح، ومستعجمة غير جلية.

فإذا أرادوا استخراج الجواب عما يسألون عنه أحضروا آلة الاصطرلاب لأخذ الارتفاع، واستخراج الطالع، فإذا علموا درجة من البرج أحصوه، وأخذوا أس ذلك البرج في تلك الزائرجة، وسموه: سلطان الطالع.

ثم يعملون بعضاً من الأعمال المتداولة بينهم، المعروفة عندهم، حتى يخرجون حروفا مقطعة إذا ركبت يخرج منها بيت منظومة على الوزن والروي، الذي لأبيات القصيدة المرسومة مع الجدول.
وقد يزعم بعضهم أنه يخرج منها أبيات أكثر من واحد وعلى أعاريض أخرى، ولا بد عندهم لمن أحكم العمل بهذا القانون أن يخرج له الجواب عن سؤاله منظوما مفهوما، وقد يكون مستغلقا على الفهم لقصور الملكة في العمل بذلك القانون، وهي من الأعمال الغريبة في استخراج الأجوبة.
قال في ((الكشف)): وفي بعض جوانب الزائرجة بيت من الشعر منسوب إلى بعض أكابر أهل الحذاقة بالمغرب، وهو مالك بن وهيب، الذي كان من علماء إشبيلية في الدولة اللمتونية، والبيت هذا:
سؤال عظيم الخلق حزت فصن إذا * غرائب شك ضبطه الجد مثلا

وفيه استخراج الجواب لما سئل عنه من المسائل على قانونه.
وذلك إنما وقع من مطابقة الجواب للسؤال، لأن الغيب لا يدرك بأمر صناعي البتة.
وإنما المطابقة فيها بين الجواب والسؤال من حيث الإفهام، ووقوع ذلك بهذه الصناعة في تكسير الحروف المجتمعة، من السؤال والأوتار غير مستنكر.
وقد وقع (2/ 313) اطلاع بعض الأذكياء على التناسب، فحصل به معرفة المجهول منها، بالتناسب بين الأشياء، وهو سر الحضور على المجهول من المعلوم الحاصل للنفس بطريق حصوله، سيما الرياضة فإنها تفيد العقل زيادة، ولذلك ينسبون الزائرجة إلى أهل الرياضة في الغالب.
وزائرجة منسوبة إلى سهل بن عبد الله أيضاً، وهي من الأعمال الغريبة.
في تاريخ ابن خلدون، وهي غريبة العمل، وصنعة عجيبة، وكثير من الخواص يعملون بها بإفادة الغيب، وحلها صعب على الجاهل انتهى.

وعبارة ((مدينة العلوم)): مبنى هذا العلم هو أنهم يدعون أن العالم كله بما فيه من كلي وجزئي، علوا وسفلا، أفلاكا وعناصر، ذواتاً ومعاني، ألفاظاً وحروفاً وأسماء وأفعالا متناسبة، كلها على مقادير مقدرة، ومرتبط بعضها ببعض ارتباطاً غير منفصل.
ومن ذلك السؤال والجواب في ألفاظها، وحروفها، ومعانيها.

قال الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون في كتابه المسمى بعنوان ((العبر وديوان المبتدأ والخبر)):
إن الناس افترقوا في هذا العلم فرقتين.
لأن منهم: المولعون به منها لكون في أحكام العمل بقانونه، يعتقدون استخراج الغيوب بذلك القانون وعمله.

وآخرون: مذعنون بإنكاره ويزعمون أن العمل بقانونه غير صحيح في نفسه، وأنه من الحيل ظناً منهم أن صاحب ذلك العمل يعد البيت منظوما، ويخبر به جوابا عن السؤال، فيطير به الغراب كل مطار ثم قال:
والحق أن مبنى هذا العلم كما مر على مراعاة التناسب بين الأمور المذكورة فيمكن أن يرفع الله - سبحانه وتعالى - الحجاب عن عقول بعض عباده، فيطلع على وجه التناسب بينها، فيقف على بعض الأمور الكائنة في عالم الملك، ومع ذلك لا يمكن للبشر أن يطلع على علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه إذ التناسب بين العلم (2/ 314) الرباني الذي من عالم الملكوت، وبين عالم الملك بعيد، فكيف يندرج تحت هذا القانون الذي مبناه على التناسب بين الكائنات في عالم الملك.

فالقوانين والصناعة لا توصل إلى معرفة الغيب بوجه من الوجوه والله يعلم وأنتم لا تعلمون انتهى.

علم السحر :
@هو: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة، بأشياء خفية، قاله في ((كشاف اصطلاحات الفنون)).

وفي ((كشف الظنون)): هو ما خفي سببه، وصعب استنابطه لأكثر العقول.
وحقيقته: كل ما سحر العقول، وانقادت إليه النفوس بخدعة، وتعجب واستحسان، فتميل إلى إصغاء الأقوال والأفعال الصادرة عن الساحر.
فعلى هذا التقدير، هو: علم باحث عن معرفة الأحوال الفلكية، وأوضاع الكواكب، وعن ارتباط كل منها مع الأمور الأرضية، من المواليد الثلاثة، على وجه خاص، ليظهر من ذلك الارتباط والامتزاج عللها وأسبابها، وتركيب الساحر في أوقات المناسبة من الأوضاع الفلكية، والأنظار الكوكبية بعض المواليد ببعض، فيظهر ما جل أثره، وخفي سببه، من أوضاع عجيبة وأفعال غريبة، تحيرت فيها العقول، وعجزت عن حل خفاها أفكار الفحول.

أما منفعة هذا: العلم فالاحتراز عن عمله، لأنه محرم شرعا إلا أن يكون لدفع ساحر يدعي النبوة، فعند ذلك يفترض وجود شخص قادر لدفعه بالعمل، ولذلك قال بعض العلماء:
إن تعلم السحر فرض كفاية، وإباحة الأكثرون دون عمله إلا إذا تعين لدفع المتنبي.
واختلف الحكماء في طرق السحر.

فطريق الهند: بتصفية النفس، وطريق النبط: بعمل العزائم في بعض الأوقات المناسبة.
وطريق اليونان: بتسخير روحانية الأفلاك والكواكب (2/ 319).
وطريق العبرانيين والقبط والعرب: بذكر بعض الأسماء المجهولة المعاني، فكأنه قسم من العزائم زعموا أنهم سخروا الملائكة القاهرة للجن.

فمن الكتب المؤلفة في هذا الفن: ((الإيضاح)) للأندلسي، و((البساطين لاستخدام الأنس وأرواح الجن والشياطين))، و((بغية الناشد ومطلب القاصد)) على طريقة العبرانيين، و((الجمهرة)) أيضاً، و((رسائل أرسطو)) إلى الإسكندر، و((غاية الحكيم)) للمجريطي، وكتاب ((طيماؤس))، وكتاب ((الوقوفات للكواكب)) على طريقة اليونانيين، وكتاب ((سحر النبط)) لابن وحشية، وكتاب ((العمي))على طريقة العبرانيين، و((مرآة المعاني في إدراك العالم الإنساني)) على طريقة الهند، انتهى ما في (كشف الظنون).

وفي تاريخ ابن خلدون علم السحر والطلسمات هو: علم بكيفية استعدادات تقتدر النفوس البشرية بها على التأثيرات في عالم العناصر، إما بغير معين، أو بمعين من الأمور السماوية، والأول هو: السحر والثاني: هو الطلسمات.

ولما كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر، ولما يشترط فيها من الوجهة إلى غير الله من كوكب أو غيره، كانت كتبها كالمفقود بين الناس، إلا ما وجد في كتب الأمم الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليه السلام، مثل: النبط، والكلدانيين، فإن جميع من تقدمه من الأنبياء لم يشرعوا الشرائع، ولا جاؤوا بالأحكام إنما كانت كتبهم مواعظ توحيد الله، وتذكير بالجنة والنار.
وكانت هذه العلوم في أهل بابل من السريانيين، والكلدانيين، وفي أهل مصر، من القبط، وغيرهم، وكان لهم فيها التأليف والآثار، ولم يترجم لنا من كتبهم فيها إلا القليل، مثل:
((الفلاحة النبطية من أوضاع أهل بابل))، فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه، ووضعت بعد ذلك الأوضاع، مثل: ((مصاحف الكواكب السبعة))، وكتاب ((طمطم الهندي)) في صور الدرج والكواكب وغيرهم.

ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة، فتصفح كتب (2/ 320) القوم، واستخرج الصناعة، وغاص على زبدتها، واستخرجها، ووضع فيها غيرها من التآليف، وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء لأنها من توابعها، لأن إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى إنما يكون بالقوة النفسية، لا بالصناعة العملية، فهو من قبيل السحر.

ثم جاء مسلمة بن أحمد المجريطي إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات، فلخص جميع تلك الكتب، وهذبها، وجمع طرقها في كتابه الذي سماه ((غاية الحكيم))، ولم يكتب أحد في هذا العلم بعده.

ولنقدم هنا مقدمة يتبين بها حقيقة السحر، وذلك أن النفوس البشرية وإن كانت واحدة بالنوع فهي مختلفة بالخواص، وهي أصناف، كل صنف مختص بخاصية واحدة بالنوع، لا توجد في الصنف الآخر، وصارت تلك الخواص فطرة وجبلة لصنفها.

فنفوس الأنبياء عليهم السلام لها خاصية تستعد بها للمعرفة الربانية، ومخاطبة الملائكة عليهم السلام عن الله - سبحانه وتعالى - كما مر، وما يتبع ذلك من التأثير في الأكوان، واستجلاب روحانية الكواكب، للتصرف فيها، والتأثير بقوة نفسانية أو شيطانية.

فأما تأثير الأنبياء فمدد إلهي وخاصية ربانية، ونفوس الكهنة لها خاصية الاطلاع على المغيبات بقوى شيطانية، وهكذا كل صنف مختص بخاصية لا توجد في الآخر.

والنفوس الساحرة على مراتب ثلاثة يأتي شرحها:
فأولها: المؤثرة بالهمة فقط من غير إله ولا معين، وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة: السحر.
والثاني: بمعين من مزاج الأفلاك، أو العناصر، أو خواص الأعداد، ويسمونه: الطلسمات، وهو أضعف رتبة من الأول.
والثالث: تأثير في القوى المتخيلة يعمد صاحب هذا التأثير إلى القوى المتخيلة، فيتصرف فيها بنوع من التصرف، ويلقي فيها أنواعا من الخيالات (2/ 321) والمحاكات، وصوراً مما يقصده من ذلك، ثم ينزلها إلى الحسن من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه، فينظر الراؤون كأنها في الخارج، وليس هناك شيء من ذلك.

كما يحكي عن بعضهم أنه يرى البساتين، والأنهار، والقصور وليس هناك شيء من ذلك، ويسمى هذا عند الفلاسفة: الشعوذة، أو الشعبذة، هذا تفصيل مراتبه.
ثم هذه الخاصية تكون في الساحرة بالقوة شأن القوى البشرية كلها، وإنما تخرج إلى الفعل بالرياضة، ورياضة السحر كلها إنما تكون بالتوجه إلى الأفلاك، والكواكب، والعوالم العلوية، والشياطين، بأنواع التعظيم، والعبادة، والخضوع، والتذلل، فهي لذلك وجهه إلى غير الله، وسجود له، والوجهة إلى غير الله كفر.

فلهذا كان السحر كفراً، والكفر من مواده وأسبابه كما رأيت، ولهذا اختلف الفقهاء في قتل الساحر، هل هو لكفره السابق على فعله، أو لتصرفه بالإفساد وما ينشأ عنه من الفساد في الأكوان والكل حاصل منه.
ولما كانت المرتبتان الأوليان من السحر لهما حقيقة في الخارج، والمرتبة الأخيرة الثالثة لا حقيقة لها، اختلف العلماء في السحر هل هو حقيقة، أو إنما هو تخييل؟.

فالقائلون بأن له حقيقة: نظروا إلى المرتبتين الأوليين.
والقائلون بأن لا حقيقة له: نظروا إلى المرتبة الثالثة الأخيرة فليس بينهم اختلاف في نفس الأمر، بل إنما جاء من قبل اشتباه هذه المراتب والله أعلم.
واعلم أن وجود السحر لا مرية فيه بين العقلاء من أجل التأثير الذي ذكرناه، وقد نطق به القرآن قال الله تعالى: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله).

وسحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، وجعل سحره في مشط، ومشاقة، وجف طلعة، ودفن في بئر ذروان، فأنزل الله عز (2/ 322) وجل عليه في المعوذتين (ومن شر النفاثات في العقد).

قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرأ على عقدة من تلك العقد التي سحر فيها إلا انحلت.
وأما وجود السحر في أهل بابل، وهم الكلدانيون من النبط، والسريانيون فكثير، ونطق به القرآن وجاءت به الأخبار.

وكان للسحر في بابل ومصر زمان بعثه موسى عليه السلام أسواق نافقة، ولهذا كانت معجزة موسى من جنس ما يدعون ويتناغون فيه، وبقي من آثار ذلك في البرابي بصعيد مصر شواهد دالة على ذلك، ورأينا بالعيان من يصور صورة الشخص المسحور بخواص أشياء مقابلة لما نواه، وحلوله موجودة بالمسحور، وأمثال تلك المعاني من أسماء وصفات في التأليف والتفريق.
@ ثم يتكلم على تلك الصورة التي أقامها مقام الشخص المسحور عيناً أو معنى، ثم ينفث من ريقه بعد اجتماعه في فيه بتكرير مخارج تلك الحروف من الكلام السوء، ويعقد على ذلك المعنى في سبب أعده لذلك تفاؤلا بالعقد واللزام، وأخذ العهد على من أشرك به من الجن في نفثه، في فعله ذلك استشعارا للعزيمة، ولتلك البنية والأسماء السيئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ، متعلقة بريقه الخارج من فيه بالنفث، فتنزل عنها أرواح خبيثة، ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر.

وشاهدنا أيضاً من المنتحلين للسحر عمله من يشير إلى كساء، أو جلد، ويتكلم عليه في سره، فإذا هو مقطوع مترف، ويشير إلى بطون الغنم، كذلك في مراعيها بالبعج، فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونها إلى الأرض.
وسمعنا أن بأرض الهند لهذا العهد من يشير إلى إنسان فيتحتت قلبه ويقع ميتا، وينقب عن قلبه فلا يوجد في حشاه، ويشير إلى الرمانة وتفتح فلا يوجد من حبوبها شيء.
وكذلك سمعنا أن بأرض السودان، وأرض الترك من يسحر السحاب فيمطر الأرض المخصوصة (2/ 323).

وكذلك رأينا من عمل الطلسمات عجائب في الأعداد المتحابة (وهي رك رف د) أحد العددين مائتان وعشرون، والآخر مائتان وأربعة وثمانون.
ومعنى المتحابة: أن أجزاء كل واحد التي فيه من نصف، وثلث، وربع، وسدس، وخمس، وأمثالها إذا جمع كان مساويا للعدد الآخر صاحبه فيسمى لأجل ذلك: المتحابة.

ونقل أصحاب الطلسمات: أن لتلك الأعداد أثرا في الإلفة بين المتحابين، واجتماعهما إذا وضع لهما مثالان، أحدهما بطالع الزهرة وهي في بيتها، أو شرفها، ناظرة إلى القمر نظر مودة وقبول، ويجعل طالع الثاني سابع الأول، ويضع على أحد التمثالين أحد العددين، والآخر على الآخر، ويقصد بالأكثر الذي يراد ائتلافه أعني المحبوب ما أدري الأكثر كمية، أو الأكثر أجزاء، فيكون لذلك من التأليف العظيم بين المتحابين ما لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر، قاله صاحب ((الغاية)) وغيره من أئمة هذا الشأن، وشهدت له التجربة.

وكذا طابع الأسد، ويسمى أيضاً: طابع الحصى، وهو أن يرسم في قالب هذا الطابع صورة أسد شائلا ذنبه، عاضا على حصاة، قد قسمها بنصفين، وبين يديه صورة حية منسابة من رجليه إلى قبالة وجهه، فاغرة فاها إلى فيه، وعلى ظهره صورة عقرب تدب ويتحين برسمه حلول الشمس بالوجه الأول، أو الثالث من الأسد بشرط صلاح النيرين وسلامتهما من النحوس، فإذا وجد ذلك وعثر عليه، طبع في ذلك الوقت في مقدار المثقال فما دونه من الذهب، وغمس بعد في الزعفران محلولا بماء الورد، ورفع في خرقة حرير صفراء، فإنهم يزعمون أن لممسكه من العز على السلاطين في مباشرتهم، وخدمتهم، وتسخيرهم له، ما لا يعبر عنه، وكذلك السلاطين فيه من القوة والعز على من تحت أيديهم.

ذكر ذلك أيضاً أهل هذا الشأن في ((الغاية)) وغيرها، وشهدت له التجرية.
وكذلك وفق المسدس المختص بالشمس، ذكروا أنه يوضع عند حلول (2/ 324) الشمس في شرفها وسلامتها من النحوس، وسلامة القمر بطالع ملوكي، يعتبر فيه نظر صاحب العاشر لصاحب الطالع نظر مودة وقبول، ويصلح فيه ما يكون في مواليد الملوك من الأدلة الشريفة، ويرفع خرقة حرير صفراء بعد أن يغمس في الطيب، فزعموا أنه له أثرا في صحابة الملوك وخدمتهم ومعاشرتهم، وأمثال ذلك كثيرة.

وكتاب ((الغاية)) لمسلمة بن أحمد المجريطي هو مدون هذه الصناعة، وفيه استيفاؤها وكمال مسائلها.
وذكر لنا أن الإمام الفخر بن الخطيب وضع كتابا في ذلك وسماه: ((بالسر المكتوم)) وإنه بالمشرق يتداوله أهله، ونحن لم نقف عليه والإمام لم يكن من أئمة هذا الشأن فيما نظن، ولعل الأمر بخلاف ذلك، وبالمغرب صنف من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال السحرية يعرفون بالبعاجين، وهم الذين ذكرت أولا أنهم يشيرون إلى الكساء، أو الجلد، فيتخرق، ويشيرون إلى بطون الغنم بالبعج فتنبعج، ويسمى أحدهم لهذا العهد باسم: البعاج، لأن أكثر ما ينتحل من السحر بعج الأنعام، يرتب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها، وهم متسترون بذلك في الغاية خوفا على أنفسهم من الحكام.

لقيت منهم جماعة وشاهدت من أفعالهم هذه بذلك، وأخبروني أن لهم وجهة ورياضة خاصة بدعوات كفرية، وإشراك روحانيات الجن، والكواكب، سطرت فيها صحيفة عندهم تسمى ((الخزيرية)) يتدارسونها، وإن بهذه الرياضة والوجهة يصلون إلى حصول هذه الأفعال لهم، وإن التأثير الذي لهم إنما (2/ 325) هو فيما سوى الإنسان الحر من المتاع، والحيوان، والرقيق، يعبرون عن ذلك بقولهم:

إنما انفعل فيما تمشي فيه الدراهم، أي: ما يملك، ويباع، ويشترى، من سائر الممتلكات هذا ما زعموه، وسألت بعضهم فأخبرني به.
وأما أفعالهم فظاهرة موجودة وقفنا على الكثير منها، وعاينتها من غير ريبة في ذلك، هذا شأن السحر والطلسمات وآثارهما في العالم.

فأما الفلاسفة ففرقوا بين السحر والطلسمات، بعد أن أثبتوا أنهما جميعا أثر للنفس الإنسانية، واستدلوا على وجود الأثر للنفس الإنسانية بأن لها آثارا في بدنها على غير المجرى الطبعي، وأسبابه الجسمانية، بل آثار عارضة من كيفيات الأرواح، تارة كالسخونة الحادثة عن الفرح والسرور، من جهة التصورات النفسانية، أخرى كالذي يقع من قبل التوهم، فإن الماشي على حرف حائط، أو على حبل منتصب إذا قوي عنده توهم السقوط سقط بلا شك.

ولهذا تجد كثيرا من الناس يعودون أنفسهم ذلك حتى يذهب عنهم هذا الوهم فتجدهم يمشون على حرف الحائط والحبل المنتصب، ولا يخافون السقوط، فثبت أن ذلك من آثار النفس الإنسانية، وتصورها للسقوط من أجل الوهم، وإذا كان ذلك أثرا للنفس في بدنها من غير الأسباب الجسمانية الطبيعية فجائز أن يكون لها مثل هذا الأثر في غير بدنها، إذ نسبتها إلى الأبدان في ذلك النوع من التأثير واحدة، لأنها غير حالة في البدن، ولا منطبعة فيه، فثبت أنها مؤثرة في سائر الأجسام.

وأما التفرقة عندهم بين السحر والطلسمات، فهو: أن السحر لا يحتاج الساحر فيه إلى معين، وصاحب الطلسمات يستعين بروحانيات الكواكب، وأسرار الأعداد، وخواص الموجودات، وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر، كما يقوله المنجمون.

ويقولون: السحر اتحاد روح بروح.
والطلسم: اتحاد روح بجسم.
ومعناه عندهم: ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية (2/ 326)، والطبائع العلوية هي: روحانيات الكواكب، ولذلك يستعين صاحبه في غالب الأمر بالنجامة.
والساحر عندهم: غير مكتسب لسحره، بل هو مفطور عندهم على تلك الجبلة المختصة بذلك النوع من التأثير.

والفرق عندهم بين المعجزة والسحر، أن المعجزة إلهية تبعث في النفس ذلك التأثير فهو مؤيد بروح الله على فعله ذلك، والساحر إنما يفعل ذلك من عند نفسه، وبقوته النفسانية، وبإمداد الشياطين في بعض الأحوال.

فبينهما الفرق في المعقولية، والحقيقة، والذات في نفس الأمر، وإنما نستدل نحن على التفرقة بالعلامات الظاهرة، وهي: وجود المعجزة لصاحب الخير، وفي مقاصد الخير، وللنفوس المتمحضة للخير، والتحدي بها على دعوى النبوة، والسحر إنما يوجد لصاحب الشر وفي أفعال الشر في الغالب من التفريق بين الزوجين، وضرر الأعداء، وأمثال ذلك، وللنفوس المتمحضة للشر.

هذا هو الفرق بينهما عند الحكماء الإلهيين، وقد يوجد لبعض المتصوفة وأصحاب الكرامات تأثير أيضاً في أحوال العالم، وليس معدودا من جنس السحر، وإنما هو بالإمداد الإلهي، لأن طريقتهم ونحلتهم من آثار النبوة وتوابعها، ولهم في المدد الإلهي حظ على قدر حالهم، وإيمانهم، وتمسكهم بكلمة الله، وإذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشر فلا يأتيها، لأنه متقيد فيما يأتيه ويذره للأمر الإلهي، فما لا يقع لهم فيه الإذن لا يأتونه بوجه، ومن أتاه منهم فقد عدل عن طريق الحق، وربما سلب حاله.

ولما كانت المعجزة بإمداد روح الله والقوى الإلهية، فلذلك لا يعارضها شيء من السحر، وانظر شأن سحرة فرعون مع موسى في معجزة العصا، كيف تلقفت ما كانوا يأفكون، وذهب سحرهم واضمحل كأن لم يكن! .

وكذلك لما أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعوذتين (ومن شر النفاثات في العقد) قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرؤها على عقدة من العقد التي سحر فيها إلا انحلت فالسحر لا يثبت (2/ 327) مع اسم الله وذكره.

وقد نقل المؤرخون أن زركش كاويان وهي راية كسرى، كان فيه الوفق المئيني العددي منسوجا بالذهب في أوضاع فلكية رصدت لذلك الوفق، ووجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية، واقعة على الأرض، بعد انهزام أهل فارس وشتاتهم، وهو الطلسمات والأوفاق مخصوص بالغلب في الحروب، وإن الراية التي يكون فيها أو معها لا تنهزم أصلا إلا أن هذه عارضها المدد الإلهي من إيمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتمسكهم بكلمة الله، فانحل معها كل عقد سحري، ولم يثبت، وبطل ما كانوا يعملون.

وأما الشريعة فلم تفرق بين السحر والطلسمات، وجعلتهما بابا واحدا محظوراً، لأن الأفعال إنما أباح لنا الشارع منها ما يهمنا في ديننا الذي فيه صلاح آخرتنا، أو في معاشنا الذي فيه صلاح دنيانا، وما لا يهمنا في شيء منهما فإن كان فيه ضرر ونوع ضرر، كالسحر الحاصل ضرره بالوقوع يلحق به الطلسمات، لأن أثرهما واحد.

وكالنجامة التي فيها نوع ضرر باعتقاد التأثير فتفسد العقيدة الإيمانية برد الأمور إلى غير الله تعالى، فيكون حينئذ ذلك الفعل محظورا على نسبته في الضرر وإن لم يكن مهما علينا، ولا فيه ضرر فلا أقل من أن تركه قربة إلى الله فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فجعلت الشريعة باب السحر، والطلسمات، والشعوذة، بابا واحدا لما فيها من الضرر، وخصته بالحظر والتحريم.

وأما الفرق عندهم بين المعجزة والسحر: فالذي ذكره المتكلمون أنه راجع إلى التحدي، وهو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه، قالوا: والساحر مصروف عن مثل هذا التحدي، فلا يقع منه وقوع المعجزة على وفق دعوى الكاذب غير مقدور، لأن دلالة المعجزة على الصدق عقلية، لأن صفة نفسها التصديق، فلو وقعت مع الكذب لاستحال الصادق كاذبا وهو محال، فإذا لا تقع المعجزة مع الكاذب بإطلاق.

وأما الحكماء: فالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه، فرق ما بين الخير والشر في (2/ 328) نهاية الطرفين، فالساحر لا يصدر منه الخير، ولا يستعمل في أسباب الخير، وصاحب المعجزة لا يصدر منه الشر، ولا يستعمل في أسباب الشر، فكأنهما على طرفي النقيض في أصل فطرتهم والله يهدي من يشاء، وهو القوي العزيز، لا رب سواه.

ومن قبيل هذه التأثيرات النفسانية الإصابة بالعين، وهو تأثير من نفس المعيان عندما يستحسن بعينه مدركا من الذوات، أو الأحوال، ويفرط في استحسانه، وينشأ عن ذلك الاستحسان حينئذ أنه يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به، فيؤثر فساده وهو جبلة فطرية أعني هذه الإصابة بالعين.

والفرق بينها وبين التأثيرات وإن كان منها ما لا يكتسب أن صدورها راجع إلى اختيار فاعلها، والفطري منها قوة صدروها لا نفس صدروها، ولهذا قالوا: القاتل بالسحر أو بالكرامة يقتل، والقاتل بالعين لا يقتل، وما ذلك إلا لأنه ليس مما يريده ويقصده أو يتركه وإنما هو مجبور في صدوره عنه، والله أعلم بما في الغيوب، ومطلع على ما في السرائر انتهى كلام ابن خلدون ومن عينه نقلت هنا وفي كل موضع من هذا الكتاب، والله تعالى الموفق للحق والصواب.

____________________________
نسأل الله لنا ولكم العافية من الكفر وأعماله.
غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مواضيع مختلفة


...
....
الصورة الرمزية noufid
noufid
مشرف
°°°
افتراضي

الأخ الكريم line 22

مشكور على هذا الموضوع و نرجو أن يكون عملا و مجهودا شخصيا

بالنسبة للمصادر المعتمدة في هذا الكتاب فهي قديمة و يصعب إدراك مقاصدها ...
و قد أحسنت بإتيان الحجة من كتاب مفتاح دار السعادة لإبن القيم الجوزية ...
إذ أثبت هذا العالم معرفته الكبيرة بالتنجيم و تمكن من انتقاد بعض أصوله و فروعه ... أي أنه دارس لعلم التنجيم عالم به ... :lol: ... و نحن كذلك يا أخي ندرس هذه العلوم و نحاول فهمها و انتقاد ثغراتها كما يدرس الناس باقي العلوم و الفنون ...

أما الحديث الذي استشهدت به : من آتي كاهنا بالنجوم أو عرافا أو منجما فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ...
فأنا أشكك بمصداقيته و الصحيح هو : من آتي كاهنا أو عرافا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد

إذ الكهانة و العرافة و القيافة و الزجر بالطير و غيرها من فنون العرافة هي التي كانت معروفة في الجزيرة العربية في عهد الرسول ... و كفر الرسول (ص) الكهانة لأن أهلها كانوا يستعينون بشياطين الجن في استراق السمع من السماء و إخبار أعوانهم من الإنس بالغيب ... و لا ننسى أن الرسول (ص) كان يحب الفال و يكره الطيرة ... أي هو بذلك يؤمن و لو جزئيا بالبشارات الطيبة و يكره الأخبار السيئة ... و إن اهتمت عقيدتنا بتفسير الأحلام فلأن أحد الأنبياء و هو يوسف (س) كانت معجزته في تفسير الأحلام و هناك أنبياء آخرون برعوا في تفسير الأحلام أشهرهم دانيال (س) و قصته مشهورة

أما التنجيم و الأصح الأحكام النجومية و المنجم فلم تدخل هذا المصطلحات للغة العربية إلا بعد حوالي قرنين من وفاة الرسول ... عند اتساع بقعة الأمة الإسلامية في عهد الأمويين و العباسيين من بعدهم و انفتاحهم على الحضارات التي كان لها باع في التنجيم كالفرس و الروم و الكلدان و غيرهم ... فمصطلح منجم ابتكر في وقت متأخر بل كان يغلب عليه مصطلح آخر و هو الأحكامي ... و الله أعلم بالصواب و إليه المرجع و المآب

صورة رمزية إفتراضية للعضو line22
line22
عضو
°°°
افتراضي
الأخ الفاضل noufid
الســـلام عليكم ورحمه الله وبـــركاته

يطيب لي الأخذ بكلماتك ورجاءك في مكانة وثقتك بنا امر فيه سعادة لنا فانت الأستاذ الفاضل ونحن تلاميذ في منتداك المميز.
وكن على ثقة باننا نسعي لتقديم مواضيع تعود بالنفع للجميع ولو بالشئ اليسير مما تقدمة انت وباقي اعضاء المنتدي الافاضل.

والموضوع عبارة عن قراءت كنت قد اعددتها منذ وقت للاستفادة الشخصية ولم يتم مراجعة الاحاديث المذكورة من حيث ضعفها او كونها ذو مصداقية، اعتقد ان الامر في حاجة الى بحث وتدقيق من أهل الاختصاص في علوم الحديث.
وما ذكرته معظمة من كتابين وهي (( ابجد العلوم )) و كتاب (( كشف الظنون )).

أتمني ان اكون عند حسن الظن والثقة .... والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الصورة الرمزية noufid
noufid
مشرف
°°°
افتراضي
مشكور أخ line22 على التوضيح ...
و الحمد لله تبينت لنا نيتك الحسنة ... و نشكرك على حسن ظنك بنا ...
بالنسبة لأحاديث الرسول ( ص) فأنا أتورع في الإستشهاد بها كثيرا ... و نرجو الله أن يهدينا جميعا للصواب ...


مواقع النشر (المفضلة)
مختصر القول " الفلك والتنجيم في ميزان الإسلام ".

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
"""اللغة السريانية""""
عرض :"الخيميائي "O Alquimista"
زايرجة النسبة " للإخ نعمان" إهداء للشامل وأحبائه
"الطاير" "غسان" "مناضل" وكل ال

الساعة الآن 12:53 PM.