المشاركات الجديدة
مواضيع مختلفة : أي موضوع لم يعنون سابقا

كتاب السير والسلوك

افتراضي كتاب السير والسلوك
القسم‌ الاوّل‌


التصوّر العامّ لحقيقة‌ وهدف‌ السلوك‌ إلی الله‌


وبيان‌ منازل‌ عالم‌ الخلوص‌ والعوالم‌ التي‌ تسبقه‌

الفصل‌ الاوّل‌: خاصّيّة‌ عدد الاربعين‌ في‌ ظهور القابليّات‌

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ وَالثَّنَاءُ لِعَيْنِ الوُجُودِ، وَالصَّلاَةُ عَلَی‌ وَاقِفِ مَوَاقِفِ الشُّهُودِ،العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. وَعَلَی‌ آلِهِ أُمَنَاءِ المَعْبُودِ.العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
يا رفقاء سفر مُلك‌ السعادة‌ والصفاء، ويا رفقاء طريق‌ الخلوص‌ والوفاء، امْكُثُوا إنِّي‌ آنَسْتُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً لَعلی‌ آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ.روايات‌ ظهور الحكمة‌ من‌ القلب‌ علی‌ اللسان‌
وقد روي‌ عن‌ سيّد الرسل‌ وهادي‌ السُبل‌ بطرق‌ عديدة‌، قال‌:
مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَی‌ لِسَانِهِ. وقد ورد هذا الحديث‌ بعبارات‌ مختلفة‌ ومعانٍ متّحدة‌. وقد شاهدنا عياناً وعَلِمنا بأنّ هذه‌ المرحلة‌ الشريفة‌ من‌ مراحل‌ العدد لها خاصيّة‌ وتأثير متفرّدَين‌ في‌ ظهور القابليّات‌ وتتميم‌ المَلَكات‌ وفي‌ طي‌ّ المنازل‌ وقطع‌ المراحل‌. ومع‌ كثرة‌ منازل‌ الطريق‌، إلاّ أنّ في‌ كلّ منزل‌ منها مقصداً ؛ ومع‌ زيادة‌ المراحل‌، فإنّك‌ إذا دخلت‌ في‌ هذه‌ المرحلة‌ فقد أتممتَ عالَماً.
شواهد متنوّعة‌ علی‌ خاصّيّة‌ عدد الاربعين‌ في‌ فعليّة‌ إيصال‌ القوي‌ وحصول‌ المَلَكات‌
ولقد تمّ تخمير طينة‌ آدم‌ أبي‌ البشر بِيَدِ القدرة‌ الإلهيّة‌ في‌ أربعين‌ صباحاً: وَخَمَّرْتُ طِينَةَ آدَمَ بِيَدِي‌ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً. حيث‌ طوي‌ في‌ هذا العدد عالَماً من‌ عوالم‌ القابليّة‌. وجاء في‌ رواية‌ أنّ جسد آدم‌ بقي‌ ملقي‌ بين‌ مكّة‌ والمدينة‌ أربعين‌ عاماً تهطل‌ عليه‌ أمطار الرحمة‌ الإلهيّة‌، حتّي‌ أضحي‌ بهذا العدد قابلاً لتعلّق‌ الروح‌ القدسيّة‌.
ولقد تمّ ميقات‌ موسي‌ عليه‌ السلام‌ في‌ أربعين‌ ليلة‌، ونجي‌ قومه‌ من‌ التيه‌ بعد أربعين‌ عاماً. وقد خُلع‌ علی‌ خاتم‌ الانبياء صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ خلعة‌ النبوّة‌ بعد أربعين‌ سنة‌ من‌ خدمة‌ الحقّ.
كما أنّ زمن‌ طي‌ّ عالم‌ الدنيا وظهور القابليّة‌ ونهاية‌ تكميل‌ هذا العالَم‌ في‌ أربعين‌ سنة‌. حيث‌ ورد أنّ عقل‌ الإنسان‌ يكمل‌ في‌ سنّ الاربعين‌ حسب‌ قابليّة‌ ذلك‌ الإنسان‌. والإنسان‌ في‌ نموّ منذ بدء دخوله‌ في‌ هذا العالَم‌ حتّي‌ يبلغ‌ سنّ الثلاثين‌، ثمّ إنّ بدنه‌ يقف‌ في‌ هذا العالَم‌ عشر سنين‌، فإن‌ هو أتمّ الاربعين‌ انتهي‌ سفره‌ في‌ عالم‌ الطبيعة‌ ؛ و بدأ سفره‌ في‌ عالم‌ الا´خرة‌. وكلّما شدّ الرحال للسفر في‌ أيّامه‌ أو سنواته‌ فارتحل‌ عن‌ هذا العالَم‌، تناقصت‌ قوّتُه‌ سنةً بعد أُخـري‌، وضعـف‌ نور سـمعه‌ وبصـره‌، وانحطّـت‌ قـواه‌ المادّيّة‌، وازداد ذبول‌ بدنه‌، إذ انتهت‌ مدّة‌ سفره‌ وإقامته‌ في‌ هذا العالَم‌ في‌ أربعين‌ سنة‌.
ولذا فقد ورد:
مَنْ بَلَغَ الاَرْبَعِينَ وَلَمْ يَأْخُذِ العَصَا فَقَدْ عَصَي‌.
ذلك‌ أنّ العصا علامة‌ السفر، والمسافرُ مندوب‌ إلی حمل‌ عصاه‌ عند سفره‌. وتأويل‌ العصا هو الاستعداد لسفر الا´خرة‌ والتهيّؤ للرحيل‌ (فمن‌ لم‌ يحمل‌ عصاه‌، كان‌ غافلاً عن‌ فكرة‌ السفر).
وكما أنّ الجسم‌ يبلغ‌ كماله‌ في‌ هذه‌ المدّة‌، فإنّ مرتبة‌ السعادة‌ أو الشقاء تكتمل‌ خلالها. ولذا ورد في‌ الحديث‌ بأنّ الرجل‌ إذا بلغ‌ الاربعين‌ فلم‌ يُفلح‌ بالتوبة‌، فإنّ الشيطان‌ يمسح‌ وجهه‌ ويقول‌: بَأَبِي‌ وَأُمِّي‌ وَجْهٌ لاَ يُفْلِحْ أَبَداً.العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ويقول‌ له‌: لقد سُجِّل‌ اسمُك‌ في‌ جُندي‌. وأمّا ما ورد في‌ الاخبار مِن‌ أنّ مَن‌ قادَ أعمي‌ أربعينَ قَدَماً فدلّه‌ علی‌ الطريق‌ وجبتْ له‌ الجنّةُ، فإنّ المراد بظاهره‌ عمي‌ البصر، وتأويله‌ عمي‌ البصيرة‌. ذلك‌ أنّ أعمي‌ البصيرة‌ لم‌ يخطُ تمام‌ أربعين‌ قدماً من‌ مرحلة‌ القابليّة‌ ليدخل‌ في‌ مرحلة‌ الفعليّة‌، حتّي‌ لو كان‌ قد اقترب‌ منها، فإن‌ تُرِك‌ ذلك‌ الاعمي‌ وسبيله‌ لعاد إلی حيث‌ كان‌. وتمام‌ الإحسان‌ وحصول‌ الهداية‌ في‌ إتمام‌ الاربعين‌، وبهذه‌ الحيثيّة‌ تجب‌ له‌ الجنّة‌.
نسبة‌ الإنسان‌ مع‌ القوي‌ الاربع‌: العقليّة‌، الوهميّة‌، الغضبيّة‌، الشهويّة‌
كما ورد في‌ حديثٍ آخر أنّ حدّ الجوار أربعون‌ بيتاً من‌ الاطراف‌ الاربعة، لكأ نّهم‌ ـ بعد هذا العدد قد انفصلوا عن‌ عالَم‌ بعضهم‌ البعض‌. وتأويل‌ ذلك‌ في‌ المناسبة‌ والجوار من‌ جهات‌ القوي‌ الاربعة‌ العقليّة‌ والوهميّة‌ والشهويّة‌ والغضبيّة‌. وما لم‌ تبتعد
هذه‌ المراحل‌ عن‌ بعضها بأربعين‌ مرحلة‌، فإنّها لن‌ تكون‌ قد تخطّت‌ عالَمها خارجاً، وستكون‌ مجاورة‌ لبعضها البعض‌ الا´خر.
فإن‌ كان‌ هناك‌ مجاورة‌ ومناسبة‌ بين‌ مراحل‌ القوّة‌ العقليّة‌ الملكوتيّة‌، فإنّها ستصف‌ حالها لبعضها بهذه‌ المقولة‌:
أَجَارَتَنَا إنَّا غَرِيبَانِ هَا هُنَا وَكُلُّ غَرِيبٍ لِلْغَرِيبِ نَسِيبُ
وإذا كان‌ هناك‌ مجاورة‌ بين‌ مراحل‌ الشهويّة‌ الشيطانيّة‌ والسَّبُعيّة‌ والبهيميّة‌، فإنها ستترنّم‌ بهذه‌ الاُنشودة‌:
أَجَارَتَنَا إنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ وَإنِّي‌ مُقِيمٌ مَا أَقَامَ عَشِيبُ
وعلی‌ أيّة‌ حال‌، فإنّ خاصّيّة‌ الاربعين‌ في‌ ظهور الفعليّة‌ وبروز القابليّة‌ والقوّة‌ وحصول‌ المَلَكة‌ أمرٌ مصرّح‌ به‌ في‌ الا´يات‌ والاخبار، ومجرّب‌ لدي‌ أهل‌ الباطن‌ والاسرار، وهو ما أُخبر عنه‌ في‌ الحديث‌ الشريف‌ بأ نّه‌ حصول‌ آثار الخلوص‌، أي‌ نبوع‌ عين‌ المعرفة‌ والحكمة‌ في‌ هذه‌ المرحلة‌. ولا ريب‌ أنّ أي‌ّ محظوظ‌ طوي‌ هذه‌ المنازل‌ الاربعين‌ بأقدام‌ الهمّة‌ وبلغ‌ بقابليّات‌ الخلوص‌ إلی فعليّتها، فإنّ نبع‌ المعرفة‌ ستبدأ بالفوران‌ من‌ أرض‌ قلبه‌.
وتقع‌ هذه‌ المنازل‌ الاربعين‌ في‌ عالم‌ الخلوص‌ والإخلاص‌، أمّا منتهاها فعالَمٌ فوق‌ عالَم‌ المُخلَصين‌، وهو عالَمُ أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي‌ يُطْعِمُنِي‌ وَيَسْـقِينِي‌، حيث‌ إنّ الطعام‌ والشراب‌ الربّانيّين‌ عبارة‌ عن‌ المعارف‌ والعلوم‌ الحقيقيّة‌ غير المتناهية‌.
وقد عُبِّر في‌ حديث‌ المعراج‌ عن‌ ضيافة‌ خاتم‌ الانبياء وإطعامه‌ اللَّبَن‌ والرزّ،العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. حيث‌ إنّ اللبن‌ في‌ عالمنا هذا بمثابة‌ العلوم‌ الحقّة‌ في‌ عالَم‌ المجرّدات‌، ولذا يُعبّر عن‌ اللبن‌ في‌ الرؤيا بالعِلم‌.
ويصل‌ المسافر في‌ هذه‌ المنازل‌ إلی غايته‌ حين‌ يغدو سيره‌ في‌ عالَم‌ الخلوص‌، وليس‌ حين‌ يكتسب‌ الإخلاص‌ في‌ هذه‌ المنازل‌، فقد ورد: مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، وينبغي‌ ـ إذاً أن‌ يكون‌ الخلوص‌ قد اكتُسِب‌ خلال‌ سير هذه‌ المنازل‌.
فيكون‌ عالَم‌ الخلوص‌ بداية‌ هذه‌ المنازل‌، لا أن‌ تُفتح‌ باب‌ المعرفة‌ في‌ وجه‌ كلّ مسافر في‌ هذه‌ المنازل‌ الاربعين‌، أو مَن‌ يريد تحصيل‌ الخلوص‌ في‌ المراحل‌ الاربعين.
مراحل‌ السلوك‌
ولابدّ ـ إذاً لمسافر عالَم‌ هذا الحديث‌ من‌ جُملة‌ أُمور: الاوّل‌: المعرفة‌ الإجماليّة‌ بالمقصد، وهو عالَم‌ ظهور ينابيع‌ الحكمة‌. ذلـك‌ أنّ المرء ما لَم‌ يتصـوّر المقصـد إجمـالاً، فإنّه‌ لن‌ يسعي‌ إليه‌.
الثاني‌: الدخول‌ في‌ عالَم‌ الإخلاص‌ ومعرفته‌.
الثالث‌: السير في‌ المنازل‌ الاربعين‌ لهذا العالَم‌.
الرابع‌: طي‌ّ العوالم‌ العديدة‌ (وهي‌ المنازل‌ التي‌ تسبق‌ عالَم‌ الخلوص‌) من‌ أجل‌ الدخول‌ ـ بعد طيّها في‌ عالم‌ الخلوص‌.
غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مواضيع مختلفة


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو آلـطـور آلآخـر
آلـطـور آلآخـر
عضو
°°°
افتراضي
بـآركـ الله فـــيك آستآذنـآ آلغــآلـي آبو حـسين على آلـطرح آلـطيب ...

صورة رمزية إفتراضية للعضو ikram
ikram
عضو
°°°
افتراضي
ولابدّ ـ إذاً لمسافر عالَم‌ هذا الحديث‌ من‌ جُملة‌ أُمور: الاوّل‌: المعرفة‌ الإجماليّة‌ بالمقصد، وهو عالَم‌ ظهور ينابيع‌ الحكمة‌. ذلـك‌ أنّ المرء ما لَم‌ يتصـوّر المقصـد إجمـالاً، فإنّه‌ لن‌ يسعي‌ إليه‌.الثاني‌: الدخول‌ في‌ عالَم‌ الإخلاص‌ ومعرفته‌.الثالث‌: السير في‌ المنازل‌ الاربعين‌ لهذا العالَم‌.الرابع‌: طي‌ّ العوالم‌ العديدة‌ (وهي‌ المنازل‌ التي‌ تسبق‌ عالَم‌ الخلوص‌) من‌ أجل‌ الدخول‌ ـ بعد طيّها في‌ عالم‌ الخلوص‌جزاكم الله خيرا خي الكريم على هذا الطرح الجميل

صورة رمزية إفتراضية للعضو shami
shami
عضو
°°°
افتراضي
طرح مميز ***** خمس نجوم هههههه شكرا لك أخي علي

صورة رمزية إفتراضية للعضو وشيجة ربانى
وشيجة ربانى
عضو
°°°
افتراضي
الله يحفظك و يطول لنا في عمرك و لا يحرمنا من علومك
ما شاء الله عليك
_______________
سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ

صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
الفصل‌ الثاني‌:


المعرفة‌ الإجماليّة‌ بالمقصد


أمّا معرفة‌ المقصد التي‌ أُشير إليها في‌ قوله‌: ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ، فنقول‌: إنّ المقصد هو عالَم‌ الحياة‌ الابديّة‌ الذي‌ عُبِّر عنه‌ بـ «البقاء بالمعبود». وظهور عيون‌ الحِكمة‌ (وهي‌ العلوم‌ الحقيقيّة‌) إشارة‌ إلی ذلك‌، لانّ العلوم‌ الحقيقيّة‌ والمعارف‌ الحقّة‌ هي‌ رزق‌ النفوس‌ القدسيّة‌ الذي‌ يصلها من‌ ربّها، والرزق‌ الإلهي‌ّ إنّما هو للحياة‌ الابديّة‌.


مقصد السالك‌ ومراتبه‌
بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، والوصول‌ إلی هذا العالَم‌ الجامع‌ للمراتب‌ الكماليّة‌ التي‌ لا حَصر لها، ومن‌ جُملتها حصول‌ التجرّد الكامل‌ علی‌ قدر القابليّة‌ الإمكانيّة‌، إذ المادّيّة‌ لا تنسجم‌ مع‌ الحياة‌ الجامعة‌ الابديّة‌، والمادّة‌ والجسميّة‌ من‌ عالَم‌ الكون‌، وكلُّ كونٍ يتبعه‌ الفساد: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ، ووجه‌ كلّ شي‌ء هو الجهة‌ التي‌ يواجه‌ بها الا´خرين‌ ويظهر بها ويتجلّي‌، فوجهُ كلّ أحد هو مظهره‌. ومن‌ جملة‌ ما يلزم‌ كلّ شي‌ء ـ عدا مظاهر الصفات‌ والاسماء الإلهيّة‌ هلاكه‌ وبواره‌. وقد تيسّر لكثير من‌ النفوس‌ الكاملة‌ أمر الوصول‌ إلی شمّة‌ من‌ العلوم‌ والمعارف‌، بَيدَ أ نّه‌ لم‌ يرشح‌ لهم‌ من‌ عين‌ الحِكمة‌ رشحة‌ ولا قطرة‌. وينبوع‌ الحكمة‌ إشارة‌ إلی مبدأ جميع‌ الفيوضات‌ ومنبع‌ الكمالات‌.


مقام‌ مظهريّة‌ الانوار الإلهيّة‌
فمن‌ جملة‌ المراتب‌ العليّة‌ لهذا العالَم‌، مظهريّة‌ الانوار الإلهيّة‌ التي‌ لا يطرأ عليها الهلاك‌ والبوار بنصّ القرآن‌ الكريم‌.الإحاطة‌ الكلّيّة‌ بالعوالم‌ الإلهيّة‌
ومن‌ جملة‌ المراتب‌: الإحاطة‌ الكلّيّة‌ بالعوالم‌ الإلهيّة‌ علی‌ قدر القابليّات‌ الإمكانيّة‌، لانّ الحكمة‌ علمٌ حقيقي‌ّ عارٍ من‌ الشوائب‌ والشكّ، وهو ممّا يتعذّر حصوله‌ بدون‌ الإحاطة‌ الكلّيّة‌، تلك‌ الإحاطة‌ التي‌ من‌ شأنها الاطّلاع‌ علی‌ الماضي‌ والمستقبل‌ والتصرّف‌ في‌ موادّ الكائنات‌، إذ المحيط‌ يحصل‌ علی‌ التسلّط‌ الكامل‌ علی‌ المُحاط‌ ويحضر في‌ كل‌ مكان‌ ويصاحب‌ كلّ موجود، إلاّ أن‌ يمنعه‌ الاشتغال‌ بأُمور البدن‌.
وحصول‌ جميع‌ هذه‌ المراتب‌ منوط‌ بترك‌ تدبير البدن‌. وسائر درجات‌ هذا العالَم‌ وفيوضاته‌ ممّا لا حدّ له‌ ولا نهاية‌، وبيان‌ ذلك‌ غير ميسور. وأمّا عالَم‌ الخلوص‌ والإخلاص‌:
الفصل‌ الثالث‌:


الدخول‌ في‌ عالَم‌ الخلوص‌ ومعرفته‌

أقسام‌ الخلوص‌ والإخلاص‌
فاعلمْ أنّ الخلوص‌ والإخلاص‌ علی‌ نوعَين‌:
الاوّل‌: خلوص‌ الدِّين‌ والطاعة‌ للّه‌ تعإلی.
الثاني‌: خلوصه‌ للّه‌ تعإلی.
ويشير إلی الاوّل‌ الآية‌ الكريمة‌: لِيَعْبُدُوا اللَهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وهذا النوع‌ يحصل‌ في‌ بدايات‌ درجات‌ الإيمان‌، وهو ممّا يلزم‌ علی‌ كلّ أحد تحصيله‌، إذ العبادة‌ فاسدةٌ بدونه‌، وهو أحد مقدّمات‌ الوصول‌ إلی النوع‌ الثاني‌.
ويُشير إلی الثاني‌ قوله‌ تعإلی: إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ، فقد جعل‌ الخـلوص‌ لذات‌ العـبد، بينما جعـلته‌ الآية‌ الاُولي‌ للدِّيـن‌، وعدّت‌ العبد مُخلصاً له‌.
كما يُشير إلی النوع‌ الثاني‌ حديث‌: مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ، أي‌ أخلص‌ نفسَه‌. وأوّلهما بصيغة‌ الفاعل‌ وثانيهما بصيغة‌ المفعول‌.
وهذا النـوع‌ مـن‌ الخـلوص‌ مرتـبة‌ وراء مرتبتَـي‌ الإسلام‌ والإيمان‌، ومرتبة‌ لا تُدرَك‌ إلاّ يَنظُر الله‌ إلی صاحبها بعين‌ عنايته‌، وليس‌ الموحِّد الحقيقي‌ّ إلاّ صاحب‌ هذه‌ المرتبة‌. وما لم‌ يدخل‌ السالك‌ في‌ هذا العالَم‌، فإنّ أذياله‌ لن‌ تنقي‌ من‌ أشواك‌ الشِّرك‌، وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم‌ بِاللَهِ إِلاَّ وَهُم‌ مُّشْرِكُونَ ] الآية‌ 106، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌ [، والمناصب‌ الثلاثة‌ ثابتة‌ معاً لصاحب‌ هذه‌ المرتبة‌ بنصّ كتاب‌ الله‌ تعإلی: العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
الاُولي‌: أ نّه‌ يُعفي‌ من‌ حساب‌ الحشر الا´فاقي‌ّ،العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ومن‌ الحضور في‌ تلك‌ العرصة‌: فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ ] الا´يتان‌ 127 و 128، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [، لانّ هذه‌ الطائفة‌ ـ بعبورها من‌ القيامة‌ العظمي‌ الانفسيّة‌ قد أدّت‌ حسابها، فلا حاجةَ لمحاسبتها من‌ جديد.
الثانية‌: أنّ كلّ فردٍ إنّما ينال‌ ما ينال‌ من‌ الثواب‌ والسعادة‌ علی‌ قدر عمله‌، إلاّ هذا الصنف‌ من‌ العباد الذين‌ ينالون‌ من‌ الإكرام‌ واللطف‌ ما لا يُدركه‌ العقل‌، وفوق‌ جزاء أعمالهم‌: وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ ] الا´يتان‌ 39 و 40، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [.
الثالثة‌: أنّ هذه‌ مرتبة‌ عظيمة‌ ومقام‌ كريم‌، وفيه‌ إشارة‌ إلی مقامات‌ رفيعة‌ ومناصب‌ منيعة‌، وهي‌ أ نّه‌ سيُثني‌ علی‌ الله‌ بما هو أهلُه‌ من‌ الثناء: سُبْحَـ'نَ اللَهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ ] الا´يتان‌ 159 و 160، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [، أي‌ أ نّه‌ يتمكّن‌ من‌ الثناء علی‌ الله‌ تعإلی بما يليق‌ بساحته‌ ويعرف‌ صفات‌ كبريائه‌، وهذه‌ هي‌ غاية‌ مرتبة‌ المخلوق‌، ونهاية‌ منصب‌ الممكن‌.العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. وما لم‌ تظهر ينابيع‌ الحكمة‌ بأمر الله‌ الكريم‌ في‌ القلب‌، فإنّ العبد لن‌ يتمكّن‌ من‌ تناول‌ هذه‌ الجرعة‌، وما لم‌ يطوِ مراتب‌ عالَم‌ الممكنات‌ ويتطلّع‌ ببصره‌ إلی مملكة‌ الوجوب‌ واللاهوت‌، فإنّه‌ لن‌ يتمكّن‌ من‌ بلوغ‌ هذه‌ المرتبة‌.


خصائص‌ ومقامات‌ الواصلين‌ إلی الخلوص‌ الذاتي‌ّ (المخلَصين‌)
بلي‌، ما لم‌ يطوِ مملكة‌ الإمكان‌ فإنّه‌ لن‌ يتمكّن‌ من‌ أن‌ يطأ بأقدامه‌ بساط‌ «عِندَ ربِّهم‌»، ولا أن‌ يرتدي‌ لباس‌ الحياة‌ الابديّة‌، أمّا العباد المُخلَصين‌ فإنّهم‌ نالوا عطاء الحياة‌ الابديّة‌، وهم‌ حاضرون‌ عند ربّهم‌: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ أَمْوَ تًا بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ] الآية‌ 169، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌ [، ورزقهم‌ هو الرزق‌ المعلوم‌ الذي‌ ذكره‌ تعإلی في‌ حقّ المُخلَصين‌: أُولَـ'´نءِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ] الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [، والقتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ إشارة‌ إلی هذه‌ المرتبة‌ من‌ الخلوص‌، وهذان‌ الرزقان‌ متّحدان‌ العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ومقارنان‌ للكون‌ عند الربّ، وهو تعبير آخر عن‌ القُرب‌ الذي‌ هو حقيقة‌ الولاية‌، وهي‌ مصدر وأصل‌ شجرة‌ النبوّة‌: أَنَا وَعلی‌ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍالعضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..، والنبوّة‌ متفرّعة‌ منها ومولودة‌ منها. بل‌ تلك‌ نورٌ وهذه‌ شُعاع‌، وتلك‌ وَجهٌ وهذه‌ صورة‌، وتلك‌ عَيْنٌ وهذه‌ أَثَر، إذ الولي‌ّ مُخاطَب‌ بخطاب‌: أَقْبِلْ، والنبي‌ّ مخاطب‌ بخطاب‌: أَدْبِرْ بَعْدَ أَقْبِلْ. فالنبوّة‌ لا تتحقّق‌ بدون‌ الولاية‌، أمّا الولاية‌ فتتحقّق‌ بدون‌ النبوّة‌وجاء في‌ حقّ المُخلَصين‌: لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إلی رَبِّهِمْ إلاَّ رِدَاءُ الكِبْرِيَاءِوفي‌ كلام‌ خاتم‌ الانبياء صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌:
رَأَيْتُ رَبِّي‌ لَيْسَ بَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ إلاَّ حِجَابٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ بَيْضَاءَ فِي‌ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ. وفي‌ كليهما حجابٌ واحد لا غير، علی‌ الرغم‌ من‌ أنّ الحُجب‌ تختلف‌ فيما بينها.
وفي‌ هذا بشارةٌ عظيمة‌ للمُخلَصين‌، فقد تشرّفوا بشرف‌ جوار سيّد المُرسَلين‌، وهذا عالَمٌ يفوق‌ عالَم‌ الملائكة‌ المقرّبين‌، فقد سأل‌ الرسول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ جبرئيل‌: هَلْ رَأَيْتَ الرَّبَّ؟ قَالَ: بَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ، لَوْ دَنَوْتُ وَاحِداً لاَحْتَرَقْتُ.العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
ولا يمكن‌ أن‌ يقال‌ في‌ حقّ المخلَصين‌ أزيد من‌ هذا، إذ تقصر العبارات‌ عنه‌، وتعجز أفهام‌ الخلق‌ عن‌ تحمّله‌. العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
قَالَ رَبُّ العِزَّةِ: أَوْلِيَائِي‌ تَحْتَ قُبَابِي‌ لاَ يَعْرِفُهُمْ غَيْرِي‌. العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
يعني‌: لاَ يَعْرِفُ عَوَالِمَهُمْ وَدَرَجَاتِهِمْ غَيْرِي‌.


نوعا القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌
وكما عرفتَ فإنّ الوصول‌ إلی هذا العالَم‌ موقوفٌ علی‌ القَتْل‌ في‌ سَبيل‌ الله‌ تعإلی.وما دام‌ العبدُ لم‌ يُقتَل‌ في‌ هذا السبيل‌، فإنّه‌ لن‌ يدخل‌ في‌ عالم‌ الخلوص‌ للّه‌ ؛ والقتل‌ عبارة‌ عن‌ قطع‌ علاقة‌ الروح‌ بالبدن‌، ثمّ قطع‌ علاقة‌ روح‌ الروح‌ بالروح‌، حيث‌ إنّ الموت‌ عبارة‌ عن‌ انقطاع‌ تلك‌ العلاقة‌.


أحكام‌ ومراحل‌ الجهاد
وقطع‌ العلاقة‌ علی‌ نوعين‌: الاوّل‌ بالسيف‌ الظاهر، والا´خر بالسيف‌ الباطن‌. والمقتول‌ واحد في‌ كلا الحالَين‌، أمّا القاتل‌ فهو في‌ النوع‌ الاوّل‌ جيش‌ الكُفر والشيطان‌، وفي‌ النوع‌ الثاني‌ جُند الرحمن‌ والإيمان‌. ومورد السيف‌ في‌ كلا القتلَين‌ واحد (وهو أركان‌ عالَم‌ الطبيعة‌)، لكن‌ أحد الضاربَين‌ بالسيف‌ مَلوم‌ ومستحقّ للعقاب‌، والا´خر مرحوم‌ ومُثاب‌: إنَّمَا الاَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. ولمّا كان‌ القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ بالسيف‌ الظاهر مثالاً متنزّلاً من‌ القتل‌ بسيف‌ باطن‌ الباطن‌ ـ كما سيأتي‌ ذِكره‌ فيكون‌ ظاهر المراد بالقتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ حيثما ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ هو القتل‌ بالسيف‌ الظاهر، وباطنه‌ القتل‌ بسيف‌ الباطن‌، وباطن‌ باطنه‌ القتل‌ بسيف‌ باطن‌ الباطن‌، وتلك‌ مرحلة‌ أُخري‌ أُشير إليها: إنَّ لِلْقُرْآنِ ظَهْراً وَبَطْناً، وَلِبَطْنِهِ بَطْناً إلی سَبْعَةِ أَبْطُنٍ. ولهذا عُبِّر في‌ القرآن‌ الكريم‌ عن‌ كِلا القتلَين‌ بالجهاد والمجاهدة‌، قال‌ تعإلی:
انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَـ'هِدُوا بِأَمْوَ لِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ ] الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌ [، وقال‌ تعإلی: وَالَّذِينَ جَـ'هَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ] الآية‌ 69، من‌ السورة‌ 29: العنكبوت‌ [ ؛ وقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: رَجَعْنَا مِنَ الجِهَادِ الاَصْغَرِ إلی الجِهَادِ الاَكْبَرِ والاصغر هو مِثال‌ وأُنموذج‌ للاكبر، وجميع‌ الاحكام‌ المذكورة‌ في‌ الجهاد المُشار إليه‌ لا تختصّ بأحد هذين‌ الجهادَين‌، بل‌ تشملهما كلاهما.
يُضـاف‌ إلی ذلـك‌ أنّ القتل‌ الظاهـر يتوقّـف‌ علی‌ الجـهاد الاصغر، وهو الهجرة‌ إلی الرسول‌، ثمّ معه‌ ؛ والهجرة‌ متوقّفة‌ علی‌ الإيمان‌، والإيمان‌ علی‌ الإسلام‌، وتحقّقه‌ بدون‌ هذا الترتيب‌ متعذّر. وكذلك‌ الامر بالنسبة‌ إلی القتل‌ بالسيف‌ الباطن‌، الذي‌ يتوقّف‌ علی‌ الجهاد الاكبر، وهذا متوقّف‌ علی‌ الهجرة‌ إلی الرسول‌، ثمّ معه‌، وهذا علی‌ الإيمان‌، والإيمان‌ علی‌ الإسلام‌.
فالفوز بالدرجات‌ المنيعة‌، وبلوغ‌ المراتب‌ الرفيعة‌ لا يمكن‌ تصـوّره‌ بغير طي‌ّ هذه‌ المراحل‌ العظـيمة‌، قال‌ تعإلی فـي‌ كتابه‌ الكريم‌:
الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَـ'هَدُوا فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ بِأَمْوَ لِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَهِ وَأُولَـ'´نءِكَ هُمُ الْفَآنءِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم‌ بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَ نٍ وَجَنَّـ'تٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَـ'لِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا إِنَّ اللَهَ عِندَهُ و´ أَجْرٌ عَظِيمٌ ] الا´يات‌ 20 إلی 22، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌ [.


مراحل‌ الجهاد الاصغر
المرحلة‌ الاُولي‌: الإسلام‌، وهو عبارة‌ عن‌ التفوّه‌ بالشهادتَين‌، وهي‌ الفاصل‌ بين‌ الكافر والمسلم‌.
المرحلة‌ الثانية‌: الإيمان‌،العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. وهو عبارة‌ عن‌ العِلم‌ بمؤدّي‌ الشهادتَين‌، الفاصل‌ بين‌ المؤمن‌ والمنافق‌، إذ المنافق‌ هو الذي‌ تختلف‌ سريرته‌ عن‌ علانيته‌.
فمادام‌ القلب‌ غير مستضي‌ء بمشاهدة‌ معني‌ ما يلفظه‌ اللسان‌ (أي‌ فاقداً للإيمان‌)، كان‌ المرء منافقاً. وأمّا تشخيص‌ المنافقين‌ من‌ قِبل‌ الا´خرين‌، فيحصل‌ بالا´ثار والعلامات‌ الدالّة‌ علی‌ عدم‌ الاعتقاد بِمَا يَتَلَفَّظُونَ بِهِ، لانّ مقتضي‌ الشهادتَين‌ هو العِلم‌ بوحدانيّة‌ المعبود وصِدق‌ كُلَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وأثر ذلك‌ في‌ الظاهر هو ترك‌ عبادة‌ غير الواحد وإطاعة‌ كلّ ما جاء به‌ الرسول‌. فمَن‌ عبد سوي‌ الله‌ كان‌ منافقاً. وقد يكون‌ المعبود الهوي‌: أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـ'هَهُ و هَوَب'هُ ] الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 45: الجاثية‌ [، وقد يكون‌ إبليس‌: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَـ'بَنِي‌´ ءَادَمَ أَن‌ لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَـ'نَ ] الآية‌ 60، من‌ السورة‌ 36: يس‌ [. وجلي‌ٌّ أنّ هذا الاستنكار ليس‌ موجّهاً لمَن‌ يعبد الشيطان‌، إذ لم‌ يُعهَد مثل‌ هذا المذهب‌ لدي‌ البشر، بل‌ لمن‌ يتبع‌ الشيطان‌. فمَن‌ تبع‌ الشيطان‌، فإنّه‌ سيكون‌ قد عبده‌.
وقد يكون‌ المعبود شخصاً آخر، يعبده‌ طمعاً في‌ ماله‌ أو جاهه‌، وقد يكون‌ الدرهـم‌ والدينار وغير ذلـك‌ فمَن‌ تبعـها في‌ غير رضا الله‌ تعإلی، فقد عبدها.


الروايات‌ الواردة‌ في‌ حدّ الجوار
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ وردت‌ في‌ هذا المجال‌ أربعة‌ روايات‌ في‌ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 2، كتاب‌ الحجّ، أحكام‌ العِشرة‌، الباب‌ التسعين‌:
الاوّل‌ عن‌ الكُليني‌ّ بإسناده‌ عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ قال‌: حَدُّ الجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَاراً مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ.
الثاني‌: عن‌ الكليني‌ّ أيضاً بإسناده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌:
قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ أَرْبَعِينَ دَاراً جِيرَانٌ، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ.
الثالث‌: عن‌ الشيخ‌ الصدوق‌ في‌ «معاني‌ الاخبار» بإسناده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، أنّ معاوية‌ بن‌ عمّار قال‌ له‌: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَدُّ الجَارِ؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ (أَرْبَعُونَ ـ صح‌) دَاراً مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.
الرابع‌: عن‌ عقبة‌ بن‌ خالد، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: حَرِيمُ المَسْجِدِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً، وَالجِوَارُ أَرْبَعُونَ دَاراً مِنْ أَرْبَعَةِ جَوَانِبِهَا.


في‌ قوي‌ الإنسان‌ الاربع‌ ، والنسبة‌ بينها
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ مراد المصنّف‌ أنّ الإنسان‌ أسير لقوي‌ أربع‌ تحيط‌ به‌ من‌ أطرافه‌ الاربعة‌: القوّة‌ العقليّة‌، الوهميّة‌، الغضبيّة‌، والشهويّة‌، وما لم‌ يبتعد عن‌ كلٍّ منها إلی أربعين‌ منزلاً، فإنّه‌ لن‌ يبـلغ‌ مقام‌ الفـناء في‌ الله‌. ذلك‌ أنّ مجرّد الخروج‌ من‌ مرحلة‌ الشهوة‌ ـ مثلاً لن‌ يُخرج‌ الإنسان‌ من‌ تلك‌ المرحلة‌ بتمام‌ المعني‌، لانّ حقيقة‌ مرحلة‌ الشهوة‌ تلك‌ لا زالت‌ كامنة‌ في‌ وجود الإنسان‌، وما لم‌ يبتـعد عن‌ المرحـلة‌ الاُولي‌ أربعين‌ مرحـلة‌ فإنّ آثارها لن‌ تزول‌ تماماً. وبناء علی‌ ذلك‌، فلو فرضنا عالَم‌ الشهوة‌ ذا مراحل‌ متعدّدة‌، فإنّ الإنسان‌ سيخرج‌ كلّيّاً عن‌ إحدي‌ المراحل‌ حين‌ يتخطّي‌ المراحل‌ الاربعين‌ التي‌ تليها، وبغير ذلك‌ فإنّ الإنسان‌ لن‌ يكون‌ قد خرج‌ من‌ تلـك‌ المرحـلة‌ بتمام‌ المعني‌، وقد يتعرّض‌ بمجرّد طروء طاري‌ عليه‌ للعودة‌ إلی المرحلة‌ الاُولي‌. والامر كذلك‌ بالنسبة‌ إلی عوالم‌ العقل‌ والغضب‌ والوَهْم‌. فالمرء سيكون‌ قد خرج‌ حقّاً من‌ مرحلة‌ الغضب‌ الاُولي‌ حين‌ يخـرج‌ من‌ مرحلته‌ الاربعين‌، وسـيكون‌ قد خرج‌ حقّاً من‌ مرحلة‌ العقل‌ الخامسة‌ حين‌ يخرج‌ من‌ مرحلته‌ الاربعين‌، وهكذا عليه‌ في‌ كلّ مرحلة‌ مُفترضة‌ أن‌ يتخطّاها بأربعين‌ مرحلة‌ ليتخلّص‌ منها تماماً.
بَيْدَ أنّ هناك‌ فارقاً بين‌ القوّة‌ الملكوتيّة‌ العقليّة‌ والقوي‌ الثلاث‌ الاُخري‌، لانّ العقل‌ دليل‌ وموجّه‌، ووجوده‌ متعارض‌ مع‌ القوي‌ الثلاث‌ الاُخري‌، ولذلك‌ فإنّ تلك‌ القوي‌ في‌ حال‌ نزاع‌ وجدال‌ دائمي‌ّ مع‌ العقل‌. ولذا فإن‌ كلّ منزلَين‌ من‌ منازل‌ العقل‌ الاربعين‌ التي‌ يقلّ الفاصل‌ بينهما عن‌ أربعين‌ مرحلة‌ سيتبادلان‌ الشكوي‌ لبعضهما ويتذكّران‌ مقولة‌: «نحن‌ منزلان‌ أضحيا غريبَين‌ في‌ عالم‌ الطبيعة‌ حين‌ أسرتنا القوي‌ الشهويّة‌ والغضبيّة‌ والوهميّة‌، وكلّ غريبٍ للغريب‌ نسيبُ». لكنّ كلّ منزلَين‌ من‌ المنازل‌ الاربعين‌ لسائر القوي‌ إذا تعرّضت‌ لهجوم‌ عساكر العقل‌، فإنّها ستقاوم‌ ما أمكنها وتأبي‌ التسليم‌، وترتحل‌ ـ من‌ ثمّ عن‌ ذلك‌ المنزل‌، ولذلك‌ فإنها ستترنّم‌ فيما بينها بمقولة‌: ما دام‌ جبل‌ «عسيب‌» قائماً فإنّنا سنواجه‌ سيل‌ المشاكل‌ المستمرّ بصبرٍ وتحمّل‌.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ قال‌ في‌ «جامع‌ الشواهد» بأنّ هذا الشعر لامري‌ القيس‌ بن‌ حجر الكندي‌ّ خاطَبَ به‌ امرأة‌ ميّتة‌، وذلك‌ أ نّه‌ لمّا احتضر بالنقرة‌ نظر إلی قبرٍ فسأل‌ عنه‌، فقيل‌ له‌: هو قبر امرأة‌ غريبة‌، فقال‌:

أَجَارَتَنَا إنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ وَإنِّي‌ مُقِيمٌ مَا أَقَامَ غَرِيبُ


أَجَارَتَنَا إنَّا غَرِيبَانِ هَا هُنَا وَكُلُّ غَرِيبٍ لِلْغَرِيبِ نَسِيبُ


فَإنْ تَصِلِينَا فَالقَرَابَةُ بَيْنَنَا وَإنْ تَهْجُرِينَا فَالغَرِيبُ غَرِيبُ

ثمّ قال‌: الخطوب‌ جمع‌ خطب‌ وهو الامر العظيم‌، و تنوب‌ بمعني‌ تنزل‌، و مقيمٌ، أي‌: ثابتٌ في‌ تحمّلها، والعسيب‌ (بالعين‌ والسين‌ والباء الموحّدة‌) كحبيب‌: اسم‌ جبل‌... انتهي‌.
والظاهر ـ بناء علی‌ ما مرّ أنّ «عسيب‌» هو الصواب‌، وقد ورد هذا اللفظ‌ الاخير في‌ بعض‌ النسخ‌. وأمّا عشيب‌ (بالشين‌ المعجمة‌) فغير صحيح‌ علی‌ الظاهر، لانّ معناه‌ الارض‌ المُعشبة‌، واستعماله‌ في‌ هذا المورد يستلزم‌ التكلّف‌.
روايات‌ أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ روي‌ الصدوق‌ في‌ «من‌ لا يحضره‌ الفقيه‌» ج‌ 2، ص‌ 111، باب‌ الصيام‌، عن‌ معاوية‌ بن‌ عمّار قال‌:
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَ: إنَّمَا نَهَي‌ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ صِيَامِهَا بِمِنَي‌، فَأَمَّا بِغَيْرِهَا فَلاَ بَأْسَ. وَنَهَي‌ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوِصَالِ فِي‌ الصِّيَامِ وَكَانَ يُوَاصِلُ، فَقِيلَ لَهُ فِي‌ ذَلِكَ، فَقَالَ: إنِّي‌ لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، إنِّي‌ أَظِلُّ عِنْدَ رَبِّي‌ فَيَطْعِمُنِي‌ وَيَسْقِينِي‌.
وأورد هذه‌ الرواية‌ في‌ «المحجّة‌ البيضاء» ج‌ 2، ص‌ 142، نقلاً عن‌ «من‌ لا يحضره‌ الفقيه‌».
وأوردها المرحوم‌ السـيّد علی‌ خان‌ في‌ «شرح‌ الصحيفة‌» (حسب‌ نقل‌ «تلخيص‌ الرياض‌» ج‌ 1، ص‌ 37) بلفظ‌ «أبيتُ» وقال‌: قال‌ عليه‌ السلام‌: أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي‌ يُطْعِمُنِي‌ وَيَسْقِينِي‌.
هذا في‌ روايات‌ الشيعة‌، وأمّا في‌ روايات‌ العامّة‌ فلم‌ يرد لفظ‌ «عِند ربّي‌»، وجاء في‌ بعضها لفظ‌ «أبيتُ» وفي‌ بعضها الا´خر لفظ‌ «أظلُّ».
القسم‌ الاوّل‌: روي‌ البخاري‌ّ في‌ صحيحه‌ ج‌ 4، ص‌ 251، كتاب‌ التمنّي‌، بإسناده‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌ قال‌: نَهَي‌ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوِصَالِ. قَالُوا: فَإنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: أَيُّكُمْ مِثْلِي‌، إنِّي‌ أَبِيتُ يُطْعِمُنِي‌ رَبِّي‌ وَيَسْقِينِي‌. وروي‌ مسلم‌ في‌ صحيحه‌ ج‌ 3، ص‌ 133، كتاب‌ الصيام‌ روايتَين‌ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ سلمة‌ بن‌ عبد الرحمن‌، عن‌ أبي‌ هريرة‌، وأُخري‌ عن‌ أبي‌ زُرعة‌، عن‌ أبي‌ هريرة‌، عن‌ رسول‌ الله‌ بنفس‌ لفظ‌ البخاري‌ّ الذي‌ نقلناه‌.
وروي‌ مالك‌ في‌ «الموطّأ»، كتاب‌ الصيام‌، ص‌ 280، بإسناده‌ عن‌ الاعرج‌، عن‌ أبي‌ هريرة‌ قال‌:
إنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إيَّاكُمْ وَالوِصَالَ، إيَّاكُمْ وَالوِصَالَ. قَالُوا: فَإنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَهِ! قَالَ: إنِّي‌ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي‌ أَبِيتُ يُطْعِمُنِي‌ رَبِّي‌ وَيَسْقِينِي‌.
القسم‌ الثاني‌: روي‌ البخاري‌ّ في‌ صحيحه‌، ج‌ 4، ص‌ 251، كتاب‌ التمنّي‌، بإسناده‌ عن‌ أنس‌ قال‌:
وَاصَلَ النَّبِي‌ُّ آخِرَ الشَّـهْرِ وَوَاصَلَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَلَـغَ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَـلَّمَ، فَقَالَ: لَوْ مُدَّ بِي‌َ الشَّـهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالاً يَدَعُ المُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، إنِّي‌ لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إنِّي‌ أَظِلُّ يُطْعِمُنِي‌ رَبِّي‌ وَيَسْقِينِي‌.
وروي‌ أُخـري‌ في‌ ج‌ 1، ص‌ 329، كتاب‌ الصـوم‌، بإسـناده‌ عن‌ ïعبد الله‌ ابن‌ عمر قال‌:
إنَّ النَّبِي‌َّ وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: إنَّكَ تُوَاصِلُ! قَالَ: لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي‌ أَظِلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَي‌.
وجاء في‌ «صحيح‌ مسلم‌»، ص‌ 329، كتاب‌ الصيام‌ بلفظ‌: إنِّي‌ أَظِلُّ يُطْعِمُنِي‌ رَبِّي‌ وَيَسْقِينِي‌.
وورد أيضاً في‌ نفس‌ الصفحة‌ من‌ الكتاب‌ المذكور وفي‌ «الموطّأ»، كتاب‌ الصوم‌، ص‌ 280 أنّ رسول‌ الله‌ قال‌: إنِّي‌ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي‌ أُطْعَمُ وَأُسْقَي‌.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ورد في‌ الاخبار لفظ‌ اللبن‌، إلاّ أ نّي‌ لم‌ أرَ في‌ خبرٍ ما لفظ‌ «اللبن‌ والرزّ»، وسألتُ الاُستاذ الطباطبائي‌ّ عن‌ ذلك‌ فقال‌: لقد بحثتُ ـ بدَوري‌ عن‌ مثل‌ هذا الخبر، إلاّ أ نّي‌ لم‌ أعثر علی‌ شي‌ء.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ عوالم‌ ما قبل‌ الخلوص‌، عالم‌ الخلوص‌، السير في‌ المنازل‌ الاربعين‌ لعالم‌ الخلوص‌، وعالم‌ ظهور ينابيع‌ الحكمة‌.
التجرّد من‌ جميع‌ الجهات‌ ـ وبضمنها التجرّد من‌ القابليّة‌ الإمكانيّة‌ ـ لا يحصل‌ إلاّ بعد الموت‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ التعليل‌ اللاحق‌ (إذ المادّيّة‌ لا تنسجم‌... إلی آخره‌) ليس‌ عائداً إلی الجملة‌ السابقة‌، أي‌ إلی جملة‌ (علی‌ قدر القابليّة‌ الاءمكانيّة‌)، بل‌ يعود إلی المطلب‌ السابق‌، وهو أنّ الرزق‌ الاءلهي‌ّ إنّما هو للنفوس‌ القدسيّة‌ والاءحياء الابدي‌ّ. وحاصل‌ المطلب‌ أنّ البدن‌ سوف‌ يفسد، إلاّ أنّ وجهه‌ (أي‌ مظهره‌) سيبقي‌. فإن‌ بلغت‌ النفس‌ الإنسانيّة‌ في‌ سيرها المظاهرَ والصفات‌ الاءلهيّة‌ فأضحت‌ مظهراً للانوار الاءلهيّة‌، غدت‌ في‌ عداد «أحياءٌ عند ربّهم‌»، وكان‌ رزقها تلك‌ العلوم‌ والمعارف‌ الحقيقيّة‌. وينبغي‌ العلم‌ بأنّ حصول‌ التجرّد إنّما يكون‌ علی‌ قدر القابليّة‌ الاءمكانيّة‌، أي‌ أنّ السالك‌ إذا دخل‌ في‌ عالَم‌ اللاهوت‌، وإذا حصل‌ علی‌ الفناء في‌ جميع‌ الاسماء الاءلهيّة‌ ومن‌ جملتها الفناء في‌ اسم‌ «الواحد»، وإذا بلغ‌ مرحلة‌ البقاء بعد الفناء (وهو البقاء بالمعبود)، فإنّه‌ لن‌ يحصل‌ علی‌ التجرّد الكامل‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ ومن‌ ضمنها التجرّد من‌ القابليّة‌ الاءمكانيّة‌. وعلی‌ الرغم‌ من‌ أنّ علم‌ السالك‌ في‌ هذه‌ الحال‌ سيكون‌ علماً إلهيّاً، وأ نّه‌ سـيكون‌ له‌ المعـيّة‌ مع‌ كلّ موجـود، وأ نّه‌ سيطّـلع‌ علی‌ الماضـي‌ والمستقبل‌، إلاّ أنّ تلك‌ العلاقة‌ الاءجماليّة‌ بتدبير البدن‌ ستمنع‌ من‌ حصول‌ التجرّد التامّ فيما وراء أفق‌ الاءمكان‌. بَيدَ أ نّه‌ قد شوهد أنّ نسبة‌ عُلقة‌ الروح‌ ببدنها وبسائر الموجودات‌ ستكون‌ متفاوتة‌. ثمّ إنّها تترك‌ البدن‌ كلّيّاً بعد الموت‌ وتتفرّغ‌ من‌ الاشتغال‌ بتدبيره‌ بتمام‌ معني‌ الكلمة‌، فتحصل‌ علی‌ التجرّد اللاهوتي‌ّ.
يقول‌ الشيخ‌ ولي‌ّ الله‌ الدِّهلوي‌ّ في‌ «الهمعات‌»: لقد قيل‌ لهذا الفقير بأنّ قطع‌ علاقة‌ الروح‌ بالبدن‌ سيحصل‌ بعد الموت‌ بخمسمائة‌ سنة‌.
وقال‌ محيي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ في‌ موارد عديدة‌: إنّ العين‌ الثابتة‌ ستبقي‌ للسالك‌ بعد البقاء بالمعبود أيضاً.
وليس‌ في‌ هذا منافاة‌ مع‌ كون‌ الإنسان‌ اسماً إلهيّاً أعظماً، لانّ الإنسان‌ ـ من‌ بين‌ جميع‌ الموجودات‌ ومن‌ ضمنها الملائكة‌ هو الاسم‌ الاعظم‌. غاية‌ الامر أ نّه‌ يكتسب‌ بالبدن‌ جميع‌ المراتب‌، عدا مرحلة‌ واحدة‌ من‌ حصول‌ التجرّد التامّ الكامل‌ (حتّي‌ التجرّد من‌ العين‌ الثابتة‌ والشوائب‌ الاءمكانيّة‌)، فإنّها تحصل‌ له‌ بعد الموت‌.


فناء الموجودات‌ إلاّ وجه‌ الله‌ وهو تجلّي‌ الاسماء الإلهيّة‌ في‌ الموجودات‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ سواء عددنا الضمير في‌ «وجهه‌» في‌ الآية‌ الكريمة‌: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاِّ وَجْهَهُ عائداً إلی الله‌ تعإلی أو إلی الشي‌ء، فإنّ المعني‌ سيكون‌ واحداً في‌ كِلا الحالَين‌، وهو أنّ جميع‌ الموجودات‌ ستفني‌ إلاّ وجه‌ الله‌، وهو الاسماء الاءلهيّة‌ التي‌ تظهر بها الموجودات‌ وتتجلّي‌، أو وجه‌ الاشياء، الذي‌ يعني‌ أيضاً بقاء جانب‌ مظهريّة‌ الله‌ تعإلی فيها.
ويُلاحَظ‌ في‌ الآية‌ الكريمة‌: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَي‌' وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالاْءكْرَامِ أنّ صفة‌ «ذو الجلال‌ والاءكرام‌» هي‌ ـ باعتبار رفعها صفة‌ إلی «وجه‌» وليست‌ صفة‌ إلی «ربّك‌». وبناء علی‌ ذلك‌ فلا هلاك‌ ولا بوار لوجه‌ الله‌ تعإلی الذي‌ هو أسماؤه‌ وصفاته‌، والمتّصف‌ بالجلال‌ والاءكرام‌. وَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَهِ.


الفرق‌ بين‌ إخلاص‌ العبد وخلوصه‌ من‌ قِبل‌ الله‌ تعإلی
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ اعلم‌ بأنّ عالَم‌ الخلوص‌ والاءخلاص‌ يعني‌ عالم‌ الطهارة‌ والنزاهة‌، وأ نّه‌ عالَم‌ المخلَصين‌ (بالفتح‌)، وهم‌ فوق‌ المخلِصين‌ (بالكسر)، إذ علی‌ العبد أن‌ يُخلَص‌ أوّلاً كي‌ يصبح‌ خالصاً. ولذا فإنّ عالَم‌ إخلاص‌ العبد وعالَم‌ خلوصه‌ عالَمان‌ مختلفان‌. أمّا وقد عدّ المصنّف‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ الاءخلاص‌ والخلوص‌ عالَماً واحداً واعتبر هاتَين‌ الكلمتَين‌ بمثابة‌ عطف‌ تفسير علی‌ بعضهما، فإنّ مراده‌ إخلاص‌ الربّ وليس‌ إخلاص‌ العبد الذي‌ هو فِعل‌ العبد، بل‌ أراد به‌ إخلاص‌ الربّ الذي‌ هو فِعل‌ الله‌ تعإلی، ونتيجته‌ وحاصله‌ إخلاص‌ العبد. وبناءً علی‌ ذلك‌ فإنّ العبد إذا ما أخلص‌، فإنّ الله‌ تعإلی سيخلصه‌ في‌ المرحلة‌ التالية‌، وهذا الاءخلاص‌ هو الخلوص‌ الذي‌ عنوانه‌ فِعل‌ الله‌، وهما متلازمان‌ ومتقارنان‌، ولذا فقد قال‌ المصنّف‌: عالَم‌ الخلوص‌ والاءخلاص‌.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ اعلم‌ أنّ القرآن‌ الكريم‌ نصّ علی‌ منصب‌ آخر غير هذه‌ المناصب‌ الثلاثة‌، وهو خروجهم‌ من‌ سلطة‌ الشيطان‌، وأ نّه‌ لا يطمع‌ في‌ إغوائهم‌، فقد ورد في‌ سورة‌ الحِجر، الا´يتين‌ 39 و 40: وَلاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، وجاء في‌ سورة‌ ص‌، الا´يتين‌ 82 و 83: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.
ولكن‌ لمّا كان‌ المنصب‌ الاوّل‌ الذي‌ ذكره‌ المصنّف‌ (وهو إعفاؤه‌ من‌ حساب‌ الحشر) يستلزم‌ عدم‌ تسلّط‌ الشيطان‌، فإنّه‌ لم‌ يعُدّ هذا المنصب‌ علی‌ حِدة‌.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ويُعفي‌ كذلك‌ من‌ حساب‌ الحشر الانفسي‌ّ، فقد أعقبه‌ بقوله‌: لانّ هـذه‌ الطـائفة‌ قـد أدّت‌ حسـابها بعبـورها مـن‌ القـيامة‌ العظـمي‌ الانفسيّة‌.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ اعلم‌ أنّ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ اعتبر أنّ الغاية‌ هي‌ عالَم‌ ظهور ينابيع‌ الحِكمة‌، أي‌ البقاء بالله‌ تعإلی، وعيّن‌ سير الاربعين‌ لبلوغ‌ هذا الهدف‌ في‌ عالَم‌ الخلوص‌. وعلی‌ السالك‌ أن‌ يدخل‌ عالَم‌ الخلوص‌ (وهو مقام‌ المُخلَصين‌)، وينال‌ ثلاثة‌ مناصب‌ رفيعة‌ عيّنها له‌، ثمّ يسير مدّة‌ أربعين‌ كاملة‌ في‌ هذا العالَم‌ ليبلغ‌ مقام‌ ظهور الينابيع‌ والبقاء بالله‌ تعإلی. ولمّا كان‌ الدخول‌ في‌ عالَم‌ الاءخلاص‌ يعني‌ الدخول‌ في‌ عالم‌ الوجوب‌ واللاهوت‌، فقد عبّر عن‌ ورود هذا العالَم‌ بأ نّه‌ غاية‌ مرتبة‌ المخلوق‌ ونهاية‌ منصب‌ الممكن‌، علی‌ الرغم‌ من‌ أنّ الفاصلة‌ بين‌ هذا المنصب‌ وبين‌ درجة‌ الكمال‌ (وهو عالَم‌ البقاء والظهور) تعادل‌ أربعين‌ منزلاً، ولذا فإنّه‌ لم‌ يُعبّر عن‌ ورود عالَم‌ الخلوص‌ بعالَم‌ ظهور ينابيع‌ الحِكمة‌ علی‌ اللسان‌، حيث‌ إنّ ظهور ينابيع‌ الحكمة‌ في‌ عالَم‌ الخلوص‌ إنّما يحصل‌ في‌ أرض‌ القلب‌، وبعد طي‌ّ الاربعين‌ والبلوغ‌ بجميع‌ مراتب‌ القابليّات‌ إلی فعليّتها، فإنّ الخلوص‌ سيجري‌ من‌ القلب‌ علی‌ اللسان‌.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ صفة‌ «معلوم‌» التي‌ جِي‌ء بها كصفةٍ للرزق‌ ليس‌ لها معني‌ مشخّص‌ ومقدّر في‌ مقابل‌ غير المقدّر والخارج‌ عن‌ الحدّ والحصر، بل‌ استُعملت‌ من‌ أجل‌ بيان‌ أهمّيّة‌ هذا الرزق‌ والتأكيد علی‌ أهمّيّته‌، في‌ مقابل‌ غير المعلوم‌ الذي‌ يعني‌ التافه‌ وغير المهمّ.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ يعني‌ «رزق‌ معلوم‌» ورزق‌ «أحياء عند ربّهم‌».
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ وردت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 334، نقلاً عن‌ «كشف‌ الغمّة‌»، وجاء في‌ «أمإلی الطوسي‌ّ» ص‌ 338:
يَا علی‌ خَلَقَ اللَهُ النَّاسَ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي‌، وَخَلَقَنِي‌ وَأَ نْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَنَا أَصْلُهَا وَأَ نْتَ فَرْعُهَا، فَطُوبَي‌ لِعَبْدٍ تَمَسَّكَ بِأَصْلِهَا وَأَكَلَ مِنْ فَرْعِهَا.
وأورد (القندوزي‌ّ) في‌ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 235 و 256، روايات‌ في‌ هذا الشأن‌.
كلّ نبوّة‌ متفرّعة‌ عن‌ الولاية‌ إجمالاً
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ لانّ النبوّة‌ تستلزم‌ الوحي‌، وهو أعلی‌ درجات‌ المخاطبة‌ بين‌ الله‌ تعإلی والعبد بدون‌ حجاب‌ ولا واسطة‌، حيث‌ قال‌:
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن‌ يُكَلِّمَهُ اللَهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن‌ وَّرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً.
وهذا النـوع‌ من‌ التكلّم‌ يحصـل‌ فقـط‌ في‌ حال‌ فنـاء العبد خـلال‌ تجلّـيات‌ الله‌، وهو ما يُدعـي‌ بالولايـة‌. فكلّ نبـوّة‌ إذاً متفـرّعة‌ عن‌ الولاية‌. بلي‌ لا يلزم‌ النبي‌ّ أن‌ يمتـلك‌ الولاية‌ العامّة‌ المطـلقة‌، بل‌ تكـفي‌ الولاية‌ في‌ الجملة‌ في‌ حصول‌ مقام‌ النبوّة‌.


المراد برداء الكبرياء ، الياقوتة‌ البيضاء والروضة‌ الخضراء في‌ الروايات‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ المراد برداء الكبرياء: هو المقام‌ الرفيع‌ للذات‌ وعظمتها وتجرّدها، وهو ما يفوق‌ كلَّ اسم‌ ورسم‌، لانّ نهاية‌ سير الإنسان‌ هو الفَناء في‌ اسم‌ «أَحَد». ومن‌ الجلي‌ّ أنّ «أَحَد» اسم‌. وهذه‌ هي‌ نهاية‌ التجرّد الاءمكاني‌ّ الذي‌ سبقت‌ الاءشارة‌ إليه‌. وأمّا المقام‌ الذي‌ يعلو هذا المقام‌، فهو التجرّد المحض‌ المطلق‌، حتّي‌ خارج‌ أُفق‌ الاءمكان‌، بل‌ خارج‌ تقيّده‌ وتعلّقه‌ بالعين‌ الثابتة‌. وهو أعلی‌ من‌ اسـم‌ «أحد» الذي‌ سـيحصـل‌ بعد الموت‌.
والمراد بالياقوتة‌ البيضاء مقام‌ الاحديّة‌ الذي‌ يفوق‌ كلّ ظهورٍ وتجلٍّ، والذي‌ يفوق‌ في‌ النورانيّة‌ كلّ اسم‌، والاقرب‌ إلی الاءطلاق‌. والمراد بالروضة‌ الخضراء مقام‌ ذات‌ الاحد بملاحظة‌ شؤون‌ الوحدة‌ في‌ روضة‌ الكثرة‌ ومرج‌ عالم‌ الواحديّة‌. والمراد بالياقوتة‌ البيضاء في‌ الروضة‌ الخضراء هو نقطة‌ الوحدة‌ بين‌ قوسَي‌ الاحديّة‌ والواحديّة‌، وهو ذروة‌ المقامات‌، إذ هو في‌ عين‌ الفَناء في‌ الاحديّة‌ حائزٌ لمقام‌ الواحديّة‌. وقد جاء في‌ كلام‌ محيي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ في‌ الصلاة‌ علی‌ رسول‌ الله‌: نُقْطَةُ الوَحْدَةِ بَيْنَ قَوْسَي‌ِ الاَحَدِيَّةِ وَالوَاحِدِيَّةِ.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ جاء كلام‌ جبرئيل‌ في‌ «مرصاد العِباد» ص‌ 65 و 189 و 191، وفي‌ رسالة‌ «عشق‌ وعقل‌» ص‌ 64 و 84 و 93، وفي‌ «عوارف‌ المعارف‌» هامش‌ ص‌ 228، عن‌ «إحياء العلوم‌» ج‌ 4، بلفظ‌: لَوْ دَنَوْتُ أُنْمُلَةً لاَحْتَرَقْتُ.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ جاء في‌ النسخة‌ الفارسيّة‌: (محتمل‌، نسخه‌ بدل‌) أي‌: احتماله‌ بدل‌ تحمّله‌.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ورد هذا الحديث‌ في‌ «مرصاد العباد»، الباب‌ 3، الفصل‌ 9، ص‌ 116، وفي‌ الباب‌ 3، الفصل‌ 10، ص‌ 123، وفي‌ الباب‌ الرابع‌، الفصل‌ 3، ص‌ 190، وفي‌ الباب‌ 5، الفصل‌ 8، ص‌ 268 ؛ وفي‌ «إحياء العلوم‌» ج‌ 4، ص‌ 256 ؛ وفي‌ «كشف‌ المحجوب‌» للهويجري‌ّ ص‌ 70، طبعة‌ لينينغراد.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ما ذكره‌ المصنّف‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ من‌ هذه‌ الفقرة‌ إلی قوله‌: «وأمّا المنازل‌ الاربعون‌ لعالَم‌ الخلوص‌» ـ الذي‌ سيرد في‌ الصفحات‌ التالية‌ لا يتعلّق‌ بعالَم‌ الخلوص‌، بل‌ بخصائص‌ العوالم‌ المتقدّمة‌ علی‌ عالَم‌ الخلوص‌، وسيأتي‌ الحديث‌ عنها مفصّلاً. أمّا وقد ذكر في‌ هذا المجال‌ أنّ الوصول‌ إلی عالم‌ الخلوص‌ يتوقّف‌ علی‌ القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ تعإلی، فإنّه‌ أراد بيان‌ شمّة‌ من‌ خصائص‌ تلك‌ العوالم‌، ومن‌ جملتها أحوال‌ المنافقين‌ التي‌ تحدّث‌ عنها مستطرداً.
أمّا تفصيل‌ القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ بتمام‌ مراتبه‌ ومقدّماته‌ من‌ الجهاد والهجرة‌ والإسلام‌ والإيمان‌ بجميع‌ درجاتها (وهي‌ المقدّمة‌ للورود إلی عالَم‌ الخلوص‌)، فسيذكرها فيما بعد في‌ قوله‌ «وأمّا تفصيل‌ العوالم‌ المتقدّمة‌ علی‌ الخلوص‌».
المراد بالقلب‌ والروح‌ في‌ اصطلاح‌ العرفاء
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ اعلم‌ أنّ المراد بالقلب‌ في‌ اصطلاح‌ العُرفاء هو عالَم‌ المثال‌ والملكوت‌، وأنّ المراد بالروح‌ هو عالَم‌ العقل‌ والجبروت‌، قال‌ حافظ‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌:
دردم‌ از يار ودرمان‌ نيز هم‌ دل‌ فداي‌ او شد وجان‌ نيز هم‌
يقول‌: «إنّ سقمي‌ وشفائي‌ كلاهما بِيَدِ الحبيب‌، وقد فديت‌ له‌ القلب‌ والروح‌ معاً».
حيث‌ إنّ المراد بالقلب‌ والروح‌: المثال‌ والعقل‌.
وقال‌ أيضاً في‌ «ساقي‌ نامه‌» (= رسالة‌ الساقي‌»:


يقول‌: «اقرع‌ أبواب‌ كنّاسي‌ الحانة‌، واكنس‌ طريق‌ بائعي‌ الخمرة‌.
فعسي‌ يسقيك‌ الخواصّ ماءً وناراً، ويخلّصونك‌ من‌ الوجود إلی السُّكر.
ولقد بلغ‌ حافظ‌ عالم‌ الروح‌ والخلود، فقد خرج‌ من‌ وجوده‌ فوصل‌ إلی المحبوب‌».
حيث‌ إنّ المراد بـ «عالَمِ جانْ» (= عالم‌ الروح‌): عالم‌ العقل‌ والجبروت‌، والمراد بـ «جانان‌» (= الحبيب‌): عالَم‌ اللاهوت‌.
ولذ فإنّ مراد المصنّف‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ بقطع‌ علاقة‌ الروح‌ بالبدن‌ هو قطع‌ علاقة‌ الجبروت‌ والعقل‌ بالبدن‌. ومراده‌ بقطع‌ علاقة‌ روح‌ الروح‌ بالروح‌ هو قطع‌ علاقة‌ اللاهوت‌ بالعقل‌ والجبروت‌، ويعني‌ الوصول‌ إلی روح‌ الروح‌.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ روي‌ هذا الحديث‌ في‌ «مصباح‌ الشريعة‌» ص‌ 6 عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، وفي‌ «مُنية‌ المريد» ص‌ 27 عنه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ؛ ونقله‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 15، القسم‌ الثاني‌، الإيمان‌ والكُفر، ص‌ 77، عن‌ «مصباح‌ الشريعة‌» و«غوإلی اللئإلی»، وفي‌ ص‌ 78، عن‌ «مُنية‌ المريد».
ظاهر القرآن‌ وباطنة‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ نقل‌ هذا الحديث‌ العامّة‌ كما هو مصرّح‌ به‌ في‌ المقدّمة‌ الرابعة‌ من‌ «تفسير الصافي‌» ج‌ 1، ص‌ 18.
أمّا الخاصّة‌، فقد وردت‌ في‌ هذا الباب‌ روايات‌ عديدة‌، منها ما ورد في‌ «بحار الانوار» ج‌ 19، ص‌ 5، عن‌ «تفسير العيّاشي‌ّ» عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السـلام‌ وعن‌ «نوادر الراونـدي‌ّ» عن‌ الإمام‌ الكاظـم‌ عليه‌ السلام‌، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌:
أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّكُمْ فِي‌ زَمَانِ هُدْنَةٍ... إلی أن‌ قال‌: وَلَهُ (أي‌ للقرآن‌) ظَهْرٌ وَبَطْنٌ، فَظَاهِرُهُ حِكْمَةٌ، وَبَاطِنُهُ عِلْمٌ. ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ، وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ. لَهُ نُجُومٌ وَعَلَی‌ نُجُومِهِ نُجُومٌ.
وروي‌ في‌ ص‌ 24 عن‌ «المحاسن‌»، وفي‌ ص‌ 25 عن‌ «العيّاشي‌ّ» عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌:
يَا جَابِرُ! إنَّ لِلْقُرْآنِ بَطْناً، وَلِلْبَطْنِ بَطْنٌ ؛ وَلَهُ ظَهْرٌ، وَلِلظَّهْرِ ظَهْرٌ....
وفي‌ ص‌ 26 عن‌ «بصائر الدرجات‌» عن‌ فضيل‌ بن‌ يسار قال‌:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: مَا مِنَ القُرْآنِ إلاَّ وَلَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ....
فَقَالَ: ظَهْرُهُ تَنْزِيلُهُ، وَبَطْنُهُ تَأْوِيلُهُ....


الروايات‌ الواردة‌ في‌ الجهاد الاكبر
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ نقل‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 2، ص‌ 42، أنّ لفظ‌ «رجعنا» قد ورد في‌ «جامع‌ الاخبار».
هذا، ونُقلت‌ هذه‌ الرواية‌ عن‌ ثلاثة‌ من‌ الائمّة‌: فقد نقلت‌ أوّلاً عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، حيث‌ جاءت‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 443، نقلاً عن‌ «الكافي‌» بإسناده‌ عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌:
إنَّ النَّبِي‌َّ بَعَثَ بِسَرِيَّةٍ، فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ: مَرْحَباً بِقَوْمٍ قَضَوُا الجِهَادَ الاَصْغَرَ وَبَقِي‌َ الجِهَادُ الاَكْبَرُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! وَمَا الجِهَادُ الاَكْبَرُ؟ قَالَ: جِهَادُ النَّفْسِ.
ثمّ قال‌ في‌ البحار: «نوادر الراوندي‌ّ» بإسناده‌ عن‌ موسي‌ بن‌ جعفر، عن‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌ مثله‌.
ونُقلت‌ ثانياً عن‌ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليه‌ السلام‌، حيث‌ وردت‌ في‌ «البحار» ج‌ 15، القسم‌ الثاني‌، ص‌ 40، نقلاً عن‌ «معاني‌ الاخبار» و«الامإلی» للشيخ‌ الصدوق‌، الذي‌ روي‌ بإسناده‌ عن‌ موسي‌ بن‌ جعفر، عن‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌، عن‌ أمير المؤمنين‌، عن‌ رسول‌ الله‌ عليهما الصلاة‌ والسلام‌... ثمّ نقل‌ الروايات‌ المذكورة‌، وزاد بعد لفظة‌ «بقي‌» لفظة‌ «عليهم‌»، وزاد في‌ آخر الرواية‌ هذه‌ الجملة‌: ثُمَّ قَالَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَلُ الجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِي‌ بَيْنَ جَنْبَيْهِ. ثمّ قال‌ في‌ «البحار»: وفي‌ «الاختصاص‌» عنه‌ عليه‌ السلام‌ مثله‌. وفي‌ «نوادر الراوندي‌ّ» بإسناده‌ عن‌ موسي‌ بن‌ جعفر، عن‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌، عن‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ مثله‌ إلی قوله‌ «جِهاد النفس‌». يعني‌ أنّ عبارة‌ الراوندي‌ّ لا تحتوي‌ علی‌ تلك‌ الاءضافة‌.
هذا، وعند الرجوع‌ إلی «معاني‌ الاخبار» ص‌ 160، طبع‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌، سنة‌ 1379 ه، فقد لاحظنا أ نّه‌ ـ بعد نقله‌ الرواية‌ بنفس‌ اللفظ‌ الذي‌ ذكره‌ المجلسي‌ّ قد ذيّلها بلفظ‌ «عليه‌ السلام‌» بدلاً من‌ حرف‌ «ص‌» المستعمل‌ كاختصار لعبارة‌ «صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌»، ممّا يُدلّل‌ علی‌ أ نّه‌ اعتبر الرواية‌ للاءمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليه‌ السلام‌، وهو أقرب‌ إلی الحقيقة‌، لانّ الرواية‌ التي‌ نُقلت‌ سابقاً عن‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لا تضمّ هذه‌ الاءضافة‌، ويُمكن‌ أن‌ يكون‌ الإمام‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌ قد فاه‌ بهذه‌ الجملة‌ ليوضِّح‌ للراوي‌ كلام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌.
ونُقلت‌ ثالثاً عن‌ الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌، نقلاً عن‌ «فِقه‌ الرضا». قال‌ المجلسي‌ّ في‌ ص‌ 41 من‌ القسم‌ الثاني‌ المذكور:
يُرْوَي‌ أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَأَي‌ بَعْضَ أَصْحَابِهِ مُنْصَرِفاً مِنْ بَعْثٍ كَانَ بَعَثَهُ، وَقَدِ انْصَرَفَ بِشُعْثِهِ وَغُبَارِ سَفَرَهِ وَسِلاَحُهُ عَلَيْهِ، يُرِيدُ مَنْزِلَهُ، فَقَالَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: انْصَرَفْتَ مِنَ الجِهَادِ الاَصْغَرِ إلی الجِهَادِ الاَكْبَرِ. فَقِيلَ لَهُ: أَوَ جِهَادٌ فَوْقَ الجِهَادِ بِالسَّيْفِ؟ قَالَ: نَعَمْ، جِهَادُ المَرْءِ نَفْسَهُ.
وقد وردت‌ هذه‌ الرواية‌ بهذا اللفظ‌ في‌ «إحياء العلوم‌» ج‌ 3، ص‌ 6.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ يروي‌ الكليني‌ّ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 52، بإسناده‌ عن‌ حمران‌ بن‌ أعين‌ قال‌: سمعتُ أبا جعفر عليه‌ السلام‌ يقول‌: إنَّ اللَهَ فَضَّلَ الإيمَان عَلَی‌ الاءسْلاَمِ بِدَرَجَةٍ، كَمَا فَضَّلَ الكَعْبَةَ عَلَی‌ المَسْجِدِ الحَرَامِ.
تعريف‌ المؤمن‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ المؤمن‌ هو الذي‌ يعتقد بحصر الاُلوهيّة‌ في‌ الله‌ تعإلی قولاً وفعلاً واعتقاداً وسرّاً وعلانيةً، إذ لا إله‌ إلاّ الله‌: هُوَ الْحَيُّ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِـينَ لَهُ الدِّينَ (الآية‌ 65، مـن‌ السـورة‌ 40: غافـر)، ولذا نهـت‌ الشـريعة‌ عن‌ اتّخـاذ أي‌ّ نوع‌ من‌ الا´لهة‌: وَلاَ تَدْعُ مَـعَ اللَهِ إِلَـ'هًا ءَاخَـرَ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ (الآية‌ 88، من‌ السورة‌ 28: القصص‌)، سواء كان‌ الاءله‌ صنماً غير شاعر ولا مُدرك‌، كما فعل‌ قومُ موسي‌ حين‌ طلبوا مثل‌ هذا الاءله‌: قَالُوا يَـ'مُوسَي‌ اجْعَل‌ لَّنَآ إِلَـ'هًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ (الآية‌ 138، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌) ؛ أو كان‌ إبليساً، أو هوي‌ النفس‌ (وهو من‌ جُند إبليس‌ وآلته‌ المسيّرة‌) أو إنساناً آخراً طمعاً في‌ ماله‌ أو جاهه‌، أو خوفاً منه‌، كما كان‌ فِرعون‌ يعتبر نفسَه‌ إلهاً ويدعو موسي‌ إلی العبوديّة‌ له‌: قَالَ لَنءِنِ اتَّخَذْتَ إِلَـ'هًا غَيْرِي‌ لاَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (الآية‌ 29، من‌ السورة‌ 26: الشعراء) ؛ أو طمعاً في‌ الجنّة‌ وبلوغ‌ المقامات‌ أو الغفران‌، كما فعل‌ النصاري‌: اتَّخَذُو´ا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَـ'نَهُمْ أَرْبَابًا مِّن‌ دُونِ اللَهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ (الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌) ؛ أو الاموال‌ والاولاد، حيث‌ يقول‌: يَـايُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَ لُكُمْ وَلاَ´ أَوْلَادُكُمْ عَن‌ ذِكْرِ اللَهِ (الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 63: المنافقون‌)، لانّ كلّ ما يُلهي‌ الإنسان عن‌ الله‌ تعإلی سـيكون‌ إلهاً له‌، سـواء ألهاه‌ زوجـته‌ أو بطـنه‌. قال‌ رسـول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسـلّم‌ في‌ وصـاياه‌ لابن‌ مسـعود في‌ صـفة‌ قوم‌ آخر الزمان‌: مَحَـارِيبُـهُمْ نِسَـاؤُهُمْ، وَآلِهَتُـهُمْ بُطُـونُهُـمْ. («مكارم‌ الاخـلاق‌» للطبرسي‌ّ، ص‌ 249).
معيار معرفة‌ المنافق‌ من‌ المؤمن‌
ومن‌ ترك‌ ما جاء به‌ الرسول‌ ـ بغـير سهوٍ أو خطـأ أو نسـيان‌ فقد انتمي‌ إلی زمرة‌ المنافقين‌، حيث‌ جاء في‌ الحديث‌ الذي‌ رفعه‌ محمّد بن‌ خالد إلی أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: فَاعْتَبِرُوا إنْكَارَ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ بِأَعْمَالِهِمُ الخَبِيثَةِ. العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
ولو هاجر مثل‌ هذا الشخص‌ وجاهد، فإنّ هجرته‌ لن‌ تكون‌ هجرة‌ إلی الرسول‌، وجهاده‌ لن‌ يكون‌ جهاداً في‌ سبيل‌ الله‌، فقد قال‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی امْرَأَةٍ مُصِيبُهَا أَوْ غَنِيمَةٍ يَأْخُذُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَيْهَا.وحيث‌ علمتَ أنّ الجهاد الاصغر مثال‌ للجهاد الاكبر، علِمتَ أنّ هذا الفصل‌ والانفصال‌ موجودان‌ في‌ الجهاد الاكبر أيضاً، وأنّ المنافقين‌ موجودون‌ في‌ هذه‌ المراحل‌ أيضاً.
وباعتبار اشتراك‌ كلا الجهادَين‌ في‌ المرحلتَين‌ الاُولتَين‌: الإسلام‌ والإيمان‌، عدا بعض‌ المراتب‌ والدرجات‌ التي‌ سيُشار إليها فيما بعد، فإنّ الفاصل‌ بين‌ المؤمن‌ والمنافق‌ من‌ هؤلاء المجاهدين‌ هو الإيمان‌ أيضاً.
وباعتبار أنّ الإيمان‌ الواقع‌ في‌ مراحل‌ الجهاد الاكبر أشدّ من‌ الإيمان‌ الواقع‌ في‌ الجهاد الاصغر ـ كما سيُعلَم‌ فيما بعد فإنّ الملازمة‌ بين‌ مقتضي‌ الشهادتَين‌ لدي‌ المجاهدين‌ في‌ هذا الطريق‌ ستكون‌ أكثر ضرورة‌ وعمليّة‌، وأنّ الشخص‌ لو تخلّف‌ أدني‌ تخلّف‌ عن‌ مقتضي‌ أحدهما، فإنّه‌ سيدخل‌ في‌ مسلك‌ المنافقين‌.
ولهذا السبب‌ فإنّ سالكي‌ طريق‌ الله‌ تعإلی إذا شاهدوا لدي‌ أحد تخطّـياً لظاهر الشـريعة‌ ولو قَيْد شـعرة‌، لم‌ يعدّوه‌ سالكاً، بل‌ كاذباً مُنافقاً.
وإلی هذا يُشير ما رواه‌ ثقة‌ الإسلام‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ مِسمَع‌ ابن‌ عبد الملك‌، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: مَا زَادَ خُشُوعُ الجَسَدِ عَلَی‌ خُشُوعِ القَلْبِ، فَهُوَ عِنْدَنَا نِفَاقٌ. العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
وكما أنّ منافقي‌ الجهاد الاصغر هم‌ الذين‌ هاجروا مع‌ الرسول‌ خوفاً من‌ بأسه‌، أو طمعاً في‌ غنيمة‌، أو رجاء الظفر بما يحبّون‌، ولم‌ تكن‌ هجرتهم‌ للّه‌ وفي‌ الله‌، ولا لمحاربة‌ أعداء الله‌ واستئصالهم‌. وأمثال‌ هؤلاء ظواهرهم‌ في‌ ميدان‌ الجهاد، أمّا بواطنهم‌ ففي‌ تحصيل‌ المشتهيات‌ أو دفع‌ العقوبة‌ والنقمة‌ ؛ فإنّ منافقي‌ الجهاد الاكبر هم‌ الذين‌ ليست‌ مجاهدتهم‌ من‌ أجل‌ كسر سَورة‌ القوي‌ الطبيعيّة‌، وتسليط‌ القوّة‌ العاقلة‌ عليها، ومن‌ أجل‌ تخليص‌ أنفسهم‌ للّه‌ تعإلی في‌ سبيله‌. وكما أنّ منافقي‌ الصنف‌ الاوّل‌ في‌ الظاهر ممّن‌ يتفوّهون‌ بالشهادتَين‌، وممّن‌ يسافرون‌ بأبدانهم‌ مع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ويقاتلون‌ الكفّار، وأنّ نفاقهم‌ يُعرف‌ بالا´ثار والعلامات‌ والإتيان‌ بالاعمال‌ المنافية‌ لحقيقة‌ الإيمان‌، وأ نّهم‌ لو أظهروا كلم‌ الكفر دخلوا في‌ زمرة‌ الكفّار.
فإنّ منافقي‌ الصنف‌ الثاني‌ الذين‌ يتلبّسون‌ في‌ الظاهر بلباس‌ سالكـي‌ سبيل‌ الله‌ تعإلی، ويتـشـبّثون‌ بإطـراق‌ الرأس‌ وتنفّـس‌ الصعداء، ويرتدون‌ اللباس‌ الخشن‌ أحياناً، والصوف‌ أحياناً، ويزاولـون‌ ختـم‌ الاربعـينات‌، ويتـركـون‌ أكل‌ اللحـم‌ الحيـواني‌ّ، ويمارسـون‌ الرياضـات‌، ويلتزمـون‌ بالاوراد والاذكار الجلـيّة‌ والخفيّة‌، ويتحدّثون‌ حديث‌ السالكين‌، وينسجون‌ معسول‌ الكلام‌: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ] الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 63: المنافقون‌ [، أمّا آثارهم‌ وعلاماتهم‌ وأفعالهم‌ وأعمالهم‌، فلا توافق‌ المخلصين‌، ولا تنطبق‌ علی‌ المؤمنين‌. وعلامتهم‌ عدم‌ ملازمة‌ أحكام‌ الإيمان‌، فهم‌ في‌ ذلك‌ أكثر من‌ نظرائهم‌ من‌ الصنف‌ الاوّل‌.
فإن‌ رأيتَ أحداً يدّعي‌ السلوك‌، ثمّ لم‌ تجده‌ ملازماً للتقوي‌ والورع‌، متّبعاً لجميع‌ أحكام‌ الإيمان‌، ووجدته‌ منحرفاً عن‌ الصراط‌ المستقيم‌ للشريعة‌ الحقّة‌ ولو قيد شعرة‌، فاعلم‌ أ نّه‌ منافق‌ ؛ إلاّ أن‌ يكون‌ قد بدر منه‌ ذلك‌ بعذر أو خطأ أو نسيان‌.
وكما أنّ الجهاد الثاني‌ هو الجهاد الاكبر بالنسبة‌ إلی الجهاد الاوّل‌، فإنّ منافق‌ هذا الصنف‌ أشدّ نفاقاً من‌ نظيره‌ في‌ الصنف‌ الاوّل‌. وأنّ ما ورد في‌ حقّ المنافقين‌ في‌ كتاب‌ الله‌، فإنّ حقيقته‌ ستكون‌ لهؤلاء المنافقين‌ بوجهٍ أشدّ.
هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَنءِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَـ'نِ يَقُولُونَ بِأَفْوَ هِهِم‌ مَّا لَيْسَ فِي‌ قُلُوبِهِمْ وَاللَهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ] الآية‌ 167، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌ [ ؛ فَاحْذَرْهُمْ قَـ'تَلَهُمُ اللَهُ أَ نَّـي‌' يُؤْفَكُـونَ ] الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 63: المنافقون‌ [ ؛ إِنَّ الْمُنَـ'فِقِينَ فِي‌ الدَّرْكِ الاْسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن‌ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ] الآية‌ 145، من‌ السورة‌ 4: النساء [.
ومن‌ منافقي‌ هذا الصنف‌ فرقةٌ يسمّون‌ أنفسهم‌ مُجاهدين‌، وينظرون‌ إلی أحكام‌ الشريعة‌ نظر احتقار، ويعدّون‌ الالتزام‌ بها من‌ شأن‌ العوام‌، بل‌ يعدّون‌ علماء الشريعة‌ أدني‌ منهم‌، ويخترعون‌ من‌ عند أنفسهم‌ أُموراً، فيفضّلونها علی‌ ما سواها بوصفها سبيلاً إلی الله‌ تعإلی، ويظنّون‌ أنّ الطريق‌ إلی الله‌ طريق‌ وراء طريق‌ الشريعة‌. وقد ورد في‌ حقّهم‌:
وَيُرِيدُونَ أَن‌ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن‌ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَ لِكَ سَبِيلاً * أُولَـ'´نءِكَ هُمُ الْكَـ'فِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـ'فِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ] الا´يتان‌ 150 و 151، من‌ السورة‌ 4: النساء [.
وفي‌ حقّهم‌:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلی' مَآ أَنزَلَ اللَهُ وَإلی الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَـ'فِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ] الآية‌ 61، من‌ السورة‌ 4: النساء [.
وورد فيهم‌:
فَقَالُو´ا أَبَشَـرٌ يَهْـدُونَنَا فَكَـفَرُوا ] الآية‌ 6، من‌ السـورة‌ 64: التغابن‌ [.
وهم‌ يصلّون‌ ويصومون‌، لكن‌ عن‌ غير رغبة‌ أو شوق‌ ؛ ويعبدون‌، ولكن‌ عن‌ غير خلوص‌ نيّة‌ ؛ ويذكرون‌ الله‌، ولكن‌ لا علی‌ الدوام‌ والاستمرار. وقد أخبر الله‌ تعإلی عنهم‌:
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَـادِعُونَ اللَهَ وَهُوَ خَـ'دِعُهُمْ وَإِذَا قَامُو´ا إلی الصَّلَو'ةِ قَامُوا كُسَإلی' يُرَآءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَهَ إِلاَّ قَلِيلاً * مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَ لِكَ لاَ´ إلی' هَـ'´ؤُلاَ´ءِ وَلاَ´ إلی' هَـ'´ؤُلاَ´ءِ ] الا´يتان‌ 142 و 143، من‌ السورة‌ 4: النساء [.
فاحذر لا يغرّنّك‌ العبادة‌ والذِّكر القاصر.

صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
الفصل‌ الرابع‌


السير في‌ المنازل‌ الاربعين‌ لعالَم‌ الخُلوص‌

وأمّا المنازل‌ الاربعون‌ لعالَم‌ الخُلوص‌:
فالمراد بها طي‌ّ منازل‌ القابليّة‌ والقوّة‌ ؛ وحصول‌ هذه‌ المرحلة‌ إنّما يتمّ بحصول‌ ملَكة‌ الفعليّة‌ التامّة‌، لانّ مثل‌ ظهور القوّة‌ وبلوغها مرحلة‌ الفعليّة‌ كمثل‌ الحطب‌ والفحم‌ اللذان‌ فيهما القوّة‌ الناريّة‌، فإن‌ قُرِّبا إلی النار زاد تأثير الحرارة‌ فيهما، ثمّ يزداد التأثير آناً فآناً، حتّي‌ تتحقّق‌ الفعليّة‌ فجأةً فيسودّ الحطب‌ والفحم‌، ثمّ يحمرّان‌ فتلتهب‌ فيهما النار. بَيدَ أنّ هذه‌ هي‌ بداية‌ ظهور الفعليّة‌، حيث‌ إنّها لم‌ تتحقّق‌ بعدُ بتمامها، بل‌ لا تزال‌ كامنة‌ في‌ باطن‌ الفحم‌ والحطب‌. لذا فإنّ تلك‌ الفعليّة‌ الظاهرة‌ قد تنتفي‌ وتخمد بمجرّد هبوب‌ ريح‌ خفيفة‌، أو بالابتعاد عن‌ النار، فتنطفي‌ تلك‌ الناريّة‌ العَرَضيّة‌ مُنكفئة‌ إلی حالتها الاُولي‌.
فإن‌ قربت‌ النار من‌ الفحم‌، واستمرّ قربها، زالت‌ معه‌ جميع‌ آثار الفحميّة‌ والحطبيّة‌، وظهرت‌ معه‌ جميع‌ القوّة‌ الناريّة‌، وتبدّلت‌ القابليّة‌ إلی الظهور والفعليّة‌، وأضحي‌ جميع‌ باطن‌ الحطب‌ والفحم‌ ناراً، فإنّ الرجوع‌ إلی الحطب‌ والفحم‌ الاُوليَين‌ سيكون‌ أمراً ممتنعاً، وإنّ ناريّتها سوف‌ لن‌ تخمد بهبوب‌ أيّة‌ ريح‌، إلاّ إذا فنيت‌ النار واستحالت‌ رماداً.


عدم‌ كفاية‌ مجرّد الدخول‌ في‌ عالم‌ الإخلاص‌
ولذا فلا يكفي‌ المجاهد السائر في‌ طريق‌ الدين‌، والسالك‌ مراحل‌ المخلصين‌، أن‌ يدخل‌ في‌ عالمٍ ما وتظهر فعليّته‌ فيه‌، إذ لا تزال‌ بقايا العالَم‌ السافل‌ كامنة‌ في‌ زوايا ذاته‌، ممّا يجعله‌ غير متجانس‌ مع‌ مطهّري‌ العالَم‌ الاعلي‌، ويجعل‌ وصوله‌ إلی فيوضاتهم‌ ودرجاتهم‌ أمراً متعذّراً، بل‌ يعرّضه‌ ـ في‌ زمن‌ قليل‌ إلی العودة‌ إلی العالَم‌ السافل‌ علی‌ إثر عقبة‌ تعترضه‌ أو زلّة‌ بسيطة‌ أو تكاهل‌ يسير في‌ الجهاد والسلوك‌:
وَنُرَدُّ عَلَی‌'´ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَب'نَا اللَهُ ] الآية‌ 71، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌ [.
ولقد كان‌ أكثر صحابة‌ سيّد المرسلين‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ إذا حصل‌ منهم‌ مجاورة‌ ظاهريّة‌ وقُرب‌ ظاهري‌ّ منه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، بدا في‌ ظواهرهم‌ نور الإيمان‌، لكنّ آثار الكفر والجاهليّة‌ كانت‌ كامنة‌ في‌ بواطنهم‌، لم‌ تُستأصَل‌ بعدُ فيهم‌، فكانوا بمحض‌ ابتعادهم‌ عنه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ غلبت‌ عليهم‌ آثارهم‌ الذاتيّة‌، وانطفأ في‌ ظواهرهم‌ نور الإيمان‌ برياح‌ حبّ الجاه‌ والمال‌ والحسد والحقد التي‌ تعصف‌ بهم‌:
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن‌ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِين‌ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَی‌'´ أَعْقَـ'بِكُمْ ] الآية‌ 144، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌ [.
ولهذا فإنّ الترك‌ الظاهري‌ّ للمعصية‌ لا ينفع‌ شيئاً في‌ النجاة‌، بل‌ ينبغي‌ أن‌ يترك‌ ظاهره‌ وباطنه‌:
وَذَرُوا ظَـ'هِرَ الإثْمِ وَبَاطِنَهُ ] الآية‌ 120، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌ [.
كما أنّ العوالم‌ الواقعة‌ في‌ طريقَي‌ الصعود والنزول‌ أشبه‌ بالليل‌ والنهار وساعات‌ كلٍّ منهما، فما لم‌ ينتهِ المتقدّم‌ تماماً وتبلغ‌ قابليّته‌ مرحلة‌ الفعليّة‌، فإنّ الوصول‌ إلی العالَم‌ المتأخّر سيتعذّر ؛ وما دامت‌ ذرّة‌ واحدة‌ من‌ المتقدّم‌ موجودة‌، فإنّ الخطو في‌ العالَم‌ المتأخّر سيمتنع‌. ويتّضح‌ ممّا ذكرنا أنّ مجرّد الورود في‌ عالَم‌ الخلوص‌ ليس‌ كافياً في‌ حصول‌ الخلوص‌، بل‌ ينبغي‌ أن‌ تصل‌ جميع‌ مراتبه‌ إلی فعليّتها وظهورها التامَّين‌، وصولاً إلی تخلّص‌ صاحبها من‌ شوائب‌ العالَم‌ الاسفل‌، وإلی إشراق‌ نور الخلوص‌ في‌ زوايا قلبه‌، وحذف‌ آثار الإنِّيَّة‌ بِالمَرَّة‌، ليمكنه‌ في‌ هذا الصعود أن‌ يخطو علی‌ بساط‌ قُرب‌ أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي‌، الذي‌ هو بداية‌ منزل‌ ينابيع‌ الحكمة‌. وهو ممّا لا يحصل‌ إلاّ بحصول‌ ملَكَة‌ الخلوص‌ وظهور فعليّتها التامّة‌. ولمّا كان‌ أقلّ ما يوصِل‌ إلی تمام‌ الفعليّة‌ الملَكة‌ في‌ عالَم‌ معيّن‌ هو الكون‌ في‌ ذلك‌ العالَم‌ مدّة‌ أربعين‌ يوماً، وهو ما سبقت‌ الإشارة‌ إليه‌، فإنّ السالك‌ ـ لهذا السبب‌ ما لم‌ يسير في‌ عالَم‌ الخلوص‌ أربعين‌ يوماً فيُتمّ منازله‌ الاربعين‌ (التي‌ هي‌ مراتب‌ فعليّته‌ التامّة‌)، فإنّه‌ لن‌ يتمكّن‌ أن‌ يخطو أبعد من‌ ذلك‌.
وأمّا تفصيل‌ العوالم‌ المتقدّمة‌ علی‌ عالَم‌ الخلوص‌، فقد أُشير إليها علی‌ نحوٍ مُجمل‌ في‌ كتاب‌ الله‌، وهي‌ ـ بعد عالَم‌ الإسلام‌ ثلاثة‌ عوالم‌الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَـ'هَدُوا ] الآية‌ 20، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌ [... إلی آخره‌.

صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
شرحٌ إجمإلی للعوالم‌ المتقدّمة‌ علی‌ عالم‌ الخلوص‌
شرح‌ إجمإلی للعوالم‌
المتقدّمة‌ علی‌ عالَم‌ الخلوص‌:
الاوّل‌: الإسلام‌، فقد قال‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌: الإسْلاَمُ قَبْلَ الإيمَانِ...، وهو ما يميّز المسلم‌ عن‌ الكافر، وممّا يشترك‌ فيه‌ المسلم‌ والمنافق‌
الثاني‌: الإيمان‌، وهو ما يميّز المؤمن‌ عن‌ المنافق‌، وما يشترك‌ فيه‌ جميع‌ أصحاب‌ الإيمان‌، وهو مجتمع‌ الشريعة‌ والطريقة‌.
الثالث‌: الهجرة‌ مع‌ الرسول‌، وهي‌ ما يمتاز بها السالك‌ عن‌ العابد، والمجاهد عن‌ القاعد، والطريقة‌ عن‌ الشريعة‌.الرابع‌: الجهاد في‌ سبيل‌ الله‌، فكلّ مجاهد هو مهاجر ومؤمن‌ ومسلم‌، وكلّ مهاجر مؤمن‌ ومسلم‌، وكلّ مؤمن‌ مسلم‌، ولا عكس‌.
ولذا فقد ورد في‌ الروايات‌ المتعدّدة‌: الإسْلاَمُ لاَ يُشَارِكُ الإيمَانَ، وَالإيمَانُ يُشَارِكُ الإسْلاَمَ.
وجاء في‌ حديث‌ سَماعة‌ بن‌ مِهران‌:الإيمَانُ مِنَ الإسْلاَمِ مِثْلُ الكَعْبَةِ الحَرَامِ مِنَ الحَرَمِ، قَدْ يَكُونُ فِي‌ الحَرَمِ وَلاَ يَكُونُ فِي‌ الكَعْبَةِ، وَلاَ يَكُونُ فِي‌ الكَعْبَةِ حَتَّي‌ يَكُونَ فِي‌ الحَرَمِ.
ولهـذا قال‌ تعـإلی: «وَمَـا يُؤْمِـنُ أَكْـثَـرُهُم‌ بِاللَـهِ إِلاَّ وَهُـم‌ مُّشْرِكُونَ» ] الآية‌ 106، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌ [.
والمراد بالهجرة‌ مع‌ الرسول‌ والجهاد في‌ سبيل‌ الله‌ في‌ هذه‌ العوالم‌: الهجرة‌ الباطنيّة‌ والجهاد الباطني‌ّ، وهما الهجرة‌ الكبري‌ والجهاد الاكبر.
أمّا الهجرة‌ الصغري‌ والجهاد الاصغر، فداخلان‌ في‌ وظائف‌ العالَم‌ الثاني‌ (وهو عالم‌ الإيمان‌)، وخليفتهما والقائم‌ مقامهما في‌ زمن‌ عدم‌ التمكّن‌ من‌ الهجرة‌ الصغري‌ والجهاد الاصغر هو الهجرة‌ بالظاهر والباطن‌ من‌ أرباب‌ المعاصي‌ وأبناء الدنيا، والامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر. العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
وكما أنّ الهجرة‌ في‌ هذا السفر هي‌ الهجرة‌ الكبري‌، وأنّ جهاد هذا المسافر هو الجهاد الاكبر ؛ فإنّ شرط‌ هذا السفر (وهو إسلام‌ المجاهد وإيمانه‌) هو الإسلام‌ والإيمان‌ الاكبرين‌. فما لم‌ يدخل‌ في‌ الإسلام‌ الاكبر والإيمان‌ الاكبر ويطوي‌ عالميهما، فإنّه‌ لن‌ يتمكّن‌ من‌ الجهاد في‌ سبيل‌ اللهِ كما هو حقّه‌ الذي‌ أُمِر به‌ في‌ آية‌: جَـ'هِدُوا فِي‌ اللَهِ حَقَّ جِهَادِهِ ] الآية‌ 78، من‌ السورة‌ 22: الحجّ [.
وبعد طي‌ّ الإسلام‌ الاكبر والإيمان‌ الاكبر، يصل‌ الطالب‌ إلی حيث‌ يتفرّغ‌ للطلب‌، فيُهاجر مع‌ الرسول‌ الباطني‌ّ بمعونة‌ الرسول‌ الظاهري‌ّ ـ أو خليفته‌ ويضع‌ أقدامه‌ في‌ ميدان‌ المجاهدة‌، فيطوي‌ هذين‌ العالمين‌ ليفوز بفوز «القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌».
ولكن‌ ـ أيّها الرفيق‌ إذا كنتَ قد واجهتَ ـ حتّي‌ الا´ن‌ أخطاراً كثيرة‌ وعقبات‌ جمّة‌ لا تُحصي‌، واعترضك‌ قطّاع‌ طرق‌ ولصوص‌ بلا حصر، فنجوتَ منها وتخلّصتَ من‌ براثنها وتخطّيتَ صعابها، فإنّ بعد عبور هذه‌ العوالم‌، وبعد القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ بداية‌ الخطر الاكبر والداهية‌ العظمي‌. لانّ وادي‌ الكفر الاعظم‌ والنفاق‌ الاعظم‌ يقعان‌ وراء هذا العالَم‌، والشيطان‌ الاعظم‌ (وهو رئيس‌ الابالسة‌) يقطن‌ في‌ هذا الوادي‌، أمّا سائر شياطين‌ العالم‌ فجنوده‌ وأعوانه‌ وأذنابه‌.
فلا تظنّنَّ أ نّك‌ ـ وقد عبرتَ هذه‌ العوالم‌ قد نجوتَ من‌ الخطر، وحظيتَ بمرادك‌. وحَذارِ حذارِ من‌ الغرور والاوهام‌.
وبعد هذه‌ العوالم‌ عوالم‌ أُخري‌ لا يمكن‌ ـ بدون‌ طيّها وعبورها بلوغ‌ المنزل‌ المقصود.
الاوّل‌: الإسلام‌ الاعظم‌.
الثاني‌: الإيمان‌ الاعظم‌.
الثالث‌: الهجرة‌ العظمي‌.
الرابع‌: الجهاد الاعظم‌.
وبعد طي‌ّ هذه‌ العوالم‌ يأتي‌ عالم‌ الخلوص‌ رزقنا الله‌ وإيّاكم‌.


شرحٌ تفصيلي‌ٌّ للعوالم‌ الاثني‌ عشر المتقدّمة‌ علی‌ عالم‌ الخلوص‌

صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
شرح‌ تفصيلي‌ّ للعوالم‌ الاثني‌ عشر
المتقدّمة‌ علی‌ عالم‌ الخلوص‌:
تبيّن‌ ممّا قيل‌ أنّ علی‌ المسافر أن‌ يمرّ في‌ سيره‌ باثني‌ عشر عالَماً بعدد بروج‌ الفَلَك‌ وشُهور السنة‌ وساعات‌ الليل‌ والنهار ونقباء بني‌ إسرائيل‌ وخلفاء آل‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، وسرّ هذا العدد واضح‌ لاصحاب‌ البصيرة‌. والعوالم‌ الاثني‌ عشر بهذا التفصيل‌:


الإسلام‌ الاصغر
الاوّل‌: الإسلام‌ الاصغر:
وهو إظهار الشهادتين‌ والتصديق‌ بهما باللسان‌، والإتيان‌ بالدعائم‌ الخمس‌ بالجوارح‌ والاعضاء. وتُشير إليه‌ الا´ية‌: قَالَتِ الاْعْرَابُ ءَامَنَّا قُل‌ لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـ'كِن‌ قُولُو´ا أَسْلَمْنَا.العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. الآية‌ 14، من‌ السورة‌ 49: الحجرات‌.
وهذا الإسلام‌ هو الذي‌ أُشير إليه‌ في‌ حديث‌ قاسم‌ الصيرفي‌ّ، حيث‌ قال‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: الإسْلاَمُ يُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ، وَيُؤَدَّي‌ بِهِ الاَمَانَةُ، وَيُسْتَحَلُّ بِهِ الفُرُوجُ، وَالثَّوَابُ عَلَی‌ الإيمَانِ. العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
وفي‌ حديث‌ سفيان‌ بن‌ سمط‌، عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، قال‌:
الإسْلاَمُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي‌ عَلَيْهِ النَّاسُ بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحِجِّ البَيْتِ، وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ.



العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ جاء كلام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السـلام‌ ذيل‌ حديـث‌ حـول‌ معني‌ الاءسلام‌، وسنذكر تمام‌ الحديث‌ لاحقاً في‌ حاشية‌ الصفحة‌ التي‌ تكلّم‌ فيها المصنّف‌ عن‌ الإسلام‌ الاكبر.
حديث‌ إنَّمَا الاَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ جاء هذا الحديث‌ في‌ «منية‌ المريد» ص‌ 27، طبعة‌ النجف‌، وورد في‌ «بحار الانوار» ج‌ 15، القسم‌ الثاني‌ (في‌ الاخلاق‌)، ص‌ 87، نقلاً عن‌ «منية‌ المريد». قال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌:
إنَّمَا الاَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِي‌ٍ مَا نَوَي‌. فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسوُلِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ ؛ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلی مَا هَاجَرَ إلَيْهِ.
ثمّ قال‌ المرحوم‌ الشهيد الثاني‌ ناقل‌ هذا الحديث‌:
وَهَذَا الخَبَرُ مِنْ أُصُولِ الاءسْلاَمِ وَأَحَدُ قَوَاعِدِهِ وَأَوَّلُ دَعَائِمِهِ. قِيلَ: وَهُوَ ثُلْثُ العِلْمِ. وَوَجَّهَهُ بَعْضُ الفُضَلاَءِ بِأَنَّ كَسْبَ العَبْدِ يَكُونُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَبَنَانِهِ، فَالنِّيَّةُ أَحَدُ أَقْسَامِ كَسْبِهِ الثَّلاَثِ، وَهِي‌َ أَرْجَحُهَا، لاِ نَّهَا تَكُونُ عِبَادَةً بِمُفْرَدِهَا (بانفرادها)، بِخِلاَفِ القِسْمَيْنِ الا´خَرَيْنِ. وَكَانَ السَّلَفُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ تَابِعِيهِمْ يَسْتَحِبُّونَ اسْتِفْتَاحَ المُصَنَّفَاتِ بِهَذَا الحَدِيثِ تَنْبِيهاً لِلْمُطَّلِعِ عَلَی‌ حُسْنِ النِّيَّةِ وَتَصْحِيحِهَا وَاهْتِمَامِهِ بِذَلِكَ وَاعْتِنَائِهِ بِهِ انتهي‌ كلامُه‌ رحمه‌ الله‌.
كما وردت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «البحار» ج‌ 15، الجزء 2، ص‌ 77، نقلاً عن‌ «غوإلی اللئإلی». بَيدَ أنّ هذا الحديث‌ ليس‌ موجوداً في‌ كتب‌ أُصول‌ أحاديث‌ الشيعة‌، ومعلوم‌ أنّ المرحوم‌ الشهيد الثاني‌ وابن‌ أبي‌ جمهور الاحسائي‌ّ ـ وكان‌ من‌ دأبهما الاستفادة‌ من‌ الروايات‌ الاخلاقيّة‌ الواردة‌ في‌ كتب‌ العامّة‌ قد نقلاها من‌ كتب‌ العامّة‌.
وقد وردت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ أُصول‌ العامّة‌، حيث‌ وردت‌ في‌ «صحيح‌ البخاري‌ّ» كتاب‌ الإيمان‌، ج‌ 2، ص‌ 20 ؛ وفي‌ كتاب‌ العتق‌ ص‌ 80 ؛ وفي‌ ج‌ 2، كتاب‌ مناقب‌ الانصار، ص‌ 330 ؛ وفي‌ ج‌ 3، كتاب‌ النكاح‌، ص‌ 238 ؛ وفي‌ ج‌ 4، كتاب‌ الايمان‌ والنذور، ص‌ 158 ؛ وأوردها كذلك‌: مسلم‌ في‌ «الصحيح‌» ج‌ 6، كتاب‌ الاءمارة‌، ص‌ 48 ؛ والنسائي‌ّ في‌ «السنن‌» ج‌ 1، كتاب‌ الطهارة‌، ص‌ 59 ؛ وفي‌ ج‌ 5، كتاب‌ الطلاق‌، ص‌ 159 ؛ وفي‌ ج‌ 7، كتاب‌ الإيمان‌، ص‌ 12، كلاهما بإسنادهما عن‌ يحيي‌ بن‌ سعيد، عن‌ علقمة‌ بن‌ الوقّاص‌، عن‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ (بأدني‌ اختلاف‌ في‌ اللفظ‌).
وروي‌ أيضاً الترمذي‌ّ في‌ باب‌ «فضائل‌ الجهاد» ؛ وابن‌ ماجة‌ في‌ كتاب‌ الزهد ؛ وأحمد بن‌ حنبل‌ في‌ «المسند» ج‌ 1 (حسب‌ نقل‌ المعجم‌ المفهرس‌ لالفاظ‌ الحديث‌ النبوي‌ّ)، قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌:
إنَّمَا الاَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِي‌ٍ مَا نَوَي‌، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ ؛ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلی مَا هَاجَرَ إلَيْهِ.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ورد هذا الحديـث‌ في‌ «أُصـول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 396، بلفـظ‌ «علی‌ ما في‌ القلب‌».
دخـول‌ عالم‌ التوحيد لا يسـتلزم‌ فناء القوي‌ الطبيعيّة‌ ، بل‌ يسـتلزم‌ تخطّي‌ عالم‌ الهوي‌ النفس‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ اعلم‌ أنّ كثيراً من‌ كلمات‌ العرفاء وعلماء الاخلاق‌ ذكرت‌ بأنّ التسلّط‌ علی‌ عالَم‌ المِثال‌ والعقل‌، والورود في‌ عالَم‌ التوحيد متوقّفان‌ علی‌ كسر صولة‌ القوي‌ الطبيعيّة‌ والقضاء عليها. وكثيراً ما يفسّر هذا التعبير تفسيراً خاطئاً، فقد يمكن‌ أن‌ يُخال‌ إلی البعض‌ بأنّ بلوغ‌ المراتب‌ العالية‌ والدرجات‌ الرفيعة‌ أمر متعذّر مادامت‌ القوي‌ الطبيعيّة‌ والنفس‌ والطبع‌ والمادّة‌ موجودة‌، ومادام‌ المرء يعيش‌ في‌ عالَم‌ الاكل‌ والمشي‌ في‌ الاسواق‌ ؛ مع‌ أنّ الامر ليس‌ كما يتصوّر، لانّ نيل‌ جميع‌ المراحل‌ العالية‌، وبلوغ‌ عوالم‌ ما وراء المادّة‌، والوصول‌ إلی مقام‌ القلب‌ والعقل‌ والتوحـيـد المطـلـق‌، وتحـقّـق‌ المـوت‌ النـاسـوتـي‌ّ والملـكـوتـي‌ّ والجبروتي‌ّ، والتحقّق‌ والعبور من‌ القيامة‌ الانفسيّة‌ الصغري‌ والوسطي‌ والكبري‌ أمر ممكن‌ في‌ هذه‌ النشأة‌. وعلی‌ الرغم‌ من‌ مباشرة‌ المرء لاُمور الزراعة‌ والتجـارة‌ والنكاح‌، فإنّ بإمكانه‌ ـ من‌ خـلال‌ مجـاهـدة‌ النفـس‌ الامّارة‌ أن‌ يجتاز جميع‌ المراحل‌ السالفة‌ الذِّكر، وأن‌ يطوي‌ في‌ هذا العالَم‌ مراحلَ البرزخ‌ والقيامة‌ وسؤال‌ مُنكَر ونكير وعوالم‌ الحشر والنشر والسؤال‌ والعَرض‌ والميزان‌ والصراط‌ والحساب‌ وتطاير الكتب‌ والاعراف‌ والجنّة‌ والشفاعة‌ والنار، وأن‌ يرد الجنّة‌ من‌ دون‌ حساب‌: فَأُولَـائِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (الآية‌ 40، من‌ السورة‌ 40: غافر)، وقد قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ الحثّ عليه‌: مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا (ورد هذا الحديث‌ في‌ «مرصاد العباد» الباب‌ 4، الفصل‌ 2، ص‌ 179 و 182 ؛ وفي‌ الباب‌ 4، الفصل‌ 2، ص‌ 193) ؛ ويشير إليه‌ أيضاً كلام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌»: وَأَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُخْرَجَ مِنْهَا أَبْدَانَكُمْ. وأكثر منها صراحة‌: الخطابات‌ المعراجيّة‌ المصدّرة‌ بخطاب‌ «يا أحمد! يا أحمد!»، التي‌ خاطب‌ بها الله‌ تعإلی رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ليلة‌ المعراج‌، وقد وردت‌ مفصّلة‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 17، ص‌ 6 فما بعد ؛ ومن‌ جملتها خطابه‌ في‌ شأن‌ محبّي‌ الله‌ وأوليائه‌:
قَدْ صَارَتِ الدُّنْيَا وَالا´خِرَةُ عِنْدَهُمْ وَاحِدَةً، يَمُوتُ النَّاسُ مَرَّةً وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ فِي‌ كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةٍ مِنْ مُجَاهَدَةِ أَنْفُسِهِمْ وَمُخَالَفَةِ هَوَاهُمْ... (إلی أن‌ قال‌): فَوَعِزَّتِي‌ وَجَلإلی لاَحْيِيَنَّهُمْ حَيَاةً طَيِّبَةً إذَا فَارَقَتْ أَرْوَاحُهُمْ مِنْ جَسَدِهِمْ ؛ لاَ أُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ مَلَكَ المَوْتِ، وَلاَ يَلِي‌ قَبْضَ رُوحِهِمْ غَيْـرِي‌، وَلاَفْتَـحَنَّ لِرُوحِـهِمْ أَبْـوَابَ السَّـمَاءِ كُلِّهَا، وَلاَرْفَعَنَّ الحُجُبَ كُلَّهَا دُونِي‌... (إلی أن‌ قال‌): وَلاَ يَكُونُ بَيْنِي‌ وَبَيْنَ رُوحِهِ سِتْرٌ... (إلی أن‌ قال‌): وَأَفْتَحُ عَيْنَ قَلْبِهِ وَسَمْعِهِ حَتَّي‌ يَسْمَعَ بِقَلْبِهِ وَيَنْظُرَ بِقَلْـبِهِ إلی جَـلإلی وَعَظَـمَتِي‌... (إلی أن‌ قال‌): وَأُسْـمِعُهُ كَلاَمِـي‌ وَكَلاَمَ مَلاَئِكَتِي‌، وَأُعَرِّفُهُ السِّرَّ الَّذِي‌ سَتَرْتُهُ عَلَی‌ خَلْقِي‌....
ولو عبّر العلماء عن‌ هذا العبور ـ والامر علی‌ هذه‌ الكيفيّة‌ بالعبور من‌ عالَم‌ الهوي‌ والنفس‌ الامّارة‌، كان‌ أفضل‌.


الارتقاء إلی العوالم‌ العليا يستلزم‌ طي‌ّ جميع‌ المراتب‌ والدرجات‌ الدني‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ إنّ ممّا لا يعتريه‌ الشكّ أ نّه‌ ما لم‌ تُطوَ جميع‌ مراتب‌ العالم‌ الاسفل‌، فإنّ الصعود إلی العالَم‌ الاعلی‌ سيكون‌ متعذّراً. بَيدَ أنّ هناك‌ نكتتَين‌ تستحقّان‌ التأمّل‌:
النكتة‌ الاُولي‌: أنّ الاءقامة‌ في‌ العالَم‌ الاعلی‌ متوقّفة‌ علی‌ الاءقامة‌ في‌ العالَم‌ الاسفل‌ ؛ أمّا محض‌ الاطّلاع‌ المؤقّت‌ وحصول‌ مجرّد حالٍ ما، وإدراك‌ بعض‌ خصائصه‌، متوقّف‌ علی‌ الاءقامة‌ في‌ العالَم‌ الاسفل‌. فإذا أراد أحد أن‌ يُقيم‌ في‌ عالَم‌ العقل‌ ـ مثلاً فينبغي‌ حتماً أن‌ يكون‌ قد تخطّي‌ جميع‌ مراحل‌ عالَم‌ المِثال‌. إلاّ أ نّه‌ قد يمكن‌ لمن‌ لم‌ يتخطَّ عالَم‌ المثال‌ بعد أن‌ تظهر لديه‌ بعض‌ خصائص‌ وآثار عالَم‌ العقل‌ في‌ هيئة‌ حالٍ يكون‌ عليها ؛ والامر كذلك‌ بالنسبة‌ إلی عالم‌ العقل‌ مع‌ عالم‌ اللاهوت‌.
النكتة‌ الثانية‌: أنّ عبور عالَم‌ معيَّن‌ لا يستلزم‌ الاطّلاع‌ علی‌ جميع‌ آثار وخصائص‌ ذلك‌ العالَم‌ ؛ فكثيراً ما يحصل‌ أن‌ يتخطّي‌ أفراد معيّنون‌ عالَم‌ المِثال‌ دون‌ أن‌ تظهر لديهم‌ المكاشَفات‌ الصوريّة‌ تفصيلاً، بل‌ يُدركون‌ ـ بواسطة‌ الرؤيا في‌ المنام‌ بعض‌ الصور المثاليّة‌، أو تنكشف‌ لديهم‌ في‌ المنام‌ بعض‌ الاُمور المثاليّة‌ عن‌ الماضي‌ أو المستقبل‌ ؛ حيث‌ نُقل‌ عن‌ المرحوم‌ آية‌ الحقّ الحاجّ الميرزا علی‌ القاضي‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ أ نّه‌ كان‌ يقول‌:
«إنّ المرحوم‌ الشيخ‌ زين‌ العابدين‌ السلماسي‌ّ ـ وكان‌ من‌ خواصّ المرحوم‌ آية‌ الله‌ السيّد مهدي‌ بحر العلوم‌ ومقرّبيه‌ كانت‌ جميع‌ مكاشفاته‌ تحصل‌ في‌ المنام‌».
وعلی‌ أيّة‌ حال‌، فإنّ عبور عالَم‌ معيّن‌ يستلزم‌ ـ حتماً الاطّلاع‌ علی‌ آثار ذلك‌ العالَم‌، والكشف‌ الاءجمإلی لخصائصه‌.
* ـ اعتبر سماحة‌ الشـيخ‌ رضا الاُسـتادي‌ّ ـ وفق‌ ذوقه‌ الخـاصّ أنّ الكتاب‌ الذي‌ أ لّفه‌ المرحوم‌ بحر العلوم‌ ينتهي‌ إلی هذا الحدّ ؛ فقام‌ بحذف‌ باقي‌ الكتاب‌. وعلی‌ الرغم‌ من‌ أ نّه‌ نوّه‌ في‌ مقدّمة‌ الكتاب‌ بأ نّه‌ ليس‌ من‌ أهل‌ السير والسلوك‌، إلاّ أ نّه‌ ليس‌ من‌ الواضح‌ أي‌ّ سبب‌ جعله‌ يقوم‌ بما قام‌ به‌، ودفعه‌ ليوقع‌ بالكتاب‌ هذه‌ المُثلة‌. قال‌: لقد فعلت‌ ذلك‌ من‌ باب‌ الاحتياط‌. ولكن‌ هل‌ التصرّف‌ في‌ عبارات‌ الاعلام‌ والحذف‌ والتنكيل‌ ينسجم‌ مع‌ الاحتياط‌؟ أم‌ أنّ طبع‌ رسالة‌ علی‌ هذه‌ الاهمّيّة‌ بمثل‌ هذه‌ الكيفيّة‌ يوافق‌ الاحتياط‌؟
ولمّا كانت‌ الرسالة‌ المطبوعة‌ بإشرافه‌ قد نُشرت‌ بعد الطبعة‌ الاُولي‌ لهذه‌ الرسالة‌، التي‌ صدرت‌ مع‌ حواش‌ وتعليقات‌ للحقير، فقد ارتأيت‌ كتابة‌ هذه‌ السطور ـ لاءطلاع‌ الباحثين‌ علی‌ حقيقة‌ الامر لتضاف‌ إلی التعليقات‌ في‌ الطبعة‌ الثانية‌.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ علی‌ الرغم‌ من‌ أنّ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ قد ذكر ترتّب‌ العوالم‌ في‌ الصعود والنزول‌ ضمن‌ بيانه‌ مراتب‌ عالَم‌ الخلوص‌، إلاّ أ نّه‌ ذكر هذا القانون‌ ـ كما هو الملاحَظ‌ بصورة‌ عامّة‌ لجميع‌ العوالم‌، سواء عوالم‌ قبل‌ الخلوص‌، أو مراتب‌ العوالم‌ بعد الخلوص‌.
ومن‌ جملة‌ ذلك‌: العوالم‌ التي‌ تسبق‌ الخلوص‌، وهي‌ عوالم‌ المثال‌ والعقل‌، والعبور من‌ عوالم‌ الطبيعة‌ والمثال‌ والعقل‌ الذي‌ذكره‌ المصنّف‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ ضمن‌ العوالم‌ الاثني‌ عشر. أمّا بلحاظ‌ ترتيبها فقد أقام‌ المرحوم‌ صدر المتأ لّهين‌ البرهان‌ عليه‌ مفصّلاً، وقد بحث‌ في‌ شأنه‌ المرحوم‌ العارف‌ الكامل‌ الحاجّ الميرزا جواد المَلِكي‌ّ التبريزي‌ّ رحمة‌ الله‌ عليه‌ في‌ نهاية‌ رسالة‌ «لقاء الله‌» وبرهن‌ عليها. وجاء في‌ الرسالة‌ التي‌ أرسلها إلی المرحـوم‌ آية‌ الله‌ الحاجّ الشـيخ‌ محمّد حسـين‌ الكمـباني‌ّ الاءصفهاني‌ّ قوله‌:
وأمّا عن‌ الفِكر للمبتدي‌، فإنّه‌ (يعني‌ أُستاذه‌ المرحوم‌ الا´خوند المولي‌ حسين‌ قلي‌ الهمداني‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌) كان‌ يقول‌: «فكِّر في‌ الموت‌». إلی أن‌ يفهم‌ من‌ حاله‌ أ نّه‌ قد أصابه‌ ما يشبه‌ الدوار إثر المداومة‌ علی‌ هذه‌ المراتب‌، وأ نّه‌ قد حدثت‌ لديه‌ قابليّة‌ علی‌ العموم‌، فيُلفِته‌ آنذاك‌ ـ أو يلتفت‌ بنفسـه‌ إلی عالم‌ خياله‌. ثمّ إنّه‌ يسـتمرّ في‌ هذا الفِكر ليلَ نهار، ليفـهم‌ أنّ كلّ ما يتخـيّله‌ ويراه‌ إنّما هو نفسـه‌ لا يتعـدّاها ؛ فإن‌ صار له‌ ذلـك‌ ملَكةً، فإنّه‌ كان‌ يأمـره‌ بتغيير الفِكر وبمحو جميـع‌ الصـور والموهومات‌ والتفكير في‌ العدم‌.
فإن‌ صار ذلك‌ ملَكة‌ للاءنسان‌، فلابدّ أن‌ يحصل‌ له‌ تجلٍّ لسلطان‌ المعرفة‌... أي‌ أ نّه‌ سيفوز بتجلّـي‌ حقيقته‌ بنورانيّتها وانعدام‌ صورتها وحدّها وكمال‌ بهائها. فإن‌ هو رآها في‌ حال‌ من‌ الجَذْبة‌ بعد طيّه‌ طريق‌ ترقّيات‌ العوالم‌ العلويّة‌ كان‌ أفضل‌... فإنّه‌ مهما سار وَجَدَ أثره‌ حاضراً. ونظراً لترتّب‌ هذه‌ العوالم‌ التي‌ يتوجّب‌ علی‌ الإنسان‌ طيّها، فإنّ عليه‌ أوّلاً أن‌ يرقي‌ من‌ عوالم‌ الطبيعة‌ إلی عالَم‌ المِثال‌، ثمّ إلی عالَم‌ الروح‌ والانوار الحقيقيّة‌. وبطبيعة‌ الحال‌، فإنّكم‌ تستحضرون‌ ـ أفضل‌ منّي‌ البراهين‌ العلميّة‌ علی‌ الامر... ويا للعجب‌... فقد صُرِّح‌ بهذه‌ المراتب‌ في‌ سجدة‌ دعاء ليلة‌ النصف‌ من‌ شعبان‌ (وهو أوان‌ وصول‌ الرسالة‌) في‌ قوله‌: سَجَدَ لَكَ سَوَادِي‌ وَخَيَإلی وَبَيَاضِي‌.
وأساس‌ المعرفة‌ إنّما يتحقّق‌ حين‌ يفني‌ الثلاثة‌، إذ حقيقة‌ السجدة‌ هي‌ الفناء عِنْدَ الفَنَاءِ عَنِ النَّفْسِ بِمَرَاتِبِهَا يَحْصُلُ البَقَاءُ بِاللَهِ... رَزَقَنَا اللَهُ وَجَمِيعَ إخْوَانِنَا بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ انتهي‌ موضع‌ الحاجة‌.
عدّة‌ نكات‌حول‌ التقسيم‌الاثني‌ عشري‌ّللمصنّف‌ بعوالم‌ما قبل‌الخلوص‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ اعلم‌ أنّ المصنِّف‌ رحمه‌ الله‌ قسّم‌ العوالم‌ التي‌ تسبق‌ عالم‌ الخلوص‌ إلی أربعة‌ عوالم‌: الاءسلام‌، الإيمان‌، الهجرة‌، والجهاد ؛ ثمّ قسّم‌ كلّ واحد من‌ هذه‌ العوالم‌ إلی ثلاث‌ مراتب‌: أصغر، أكبر، وأعظم‌ ؛ وسيكون‌ ـ لذلك‌ قد عدّ العوالم‌ التي‌ تسبق‌ الخلوص‌ اثني‌ عشر عالماً. ثمّ يليها عالَم‌ الخلوص‌ الذي‌ يتوجّب‌ علی‌ السالك‌ أن‌ يسير فيه‌ أربعيناً كاملة‌ لتصل‌ جميع‌ قابليّات‌ الخلوص‌ لديه‌ إلی فعليّتها.
وقد فسّر حديث‌ مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ بالسير في‌ عوالم‌ الخلوص‌، واعتبر عالَم‌ ظهور ينابيع‌ الحكمة‌ عالَمَ البقاء بعد الفناء (وهو البقاء بالمعبود) ؛ وذكر ـ لاءثبات‌ هذا الامر شواهد وأدلّة‌ شيّقة‌ جديرة‌ بالتأمّل‌، بحيث‌ يمكن‌ القول‌ بأنّ هذا الكتاب‌ لم‌ يسبق‌ له‌ مثيل‌ في‌ أُسلوبه‌ وتبويبه‌ وفي‌ تعيين‌ المنازل‌ والعوالم‌. ولذلك‌ علينا أن‌ نذكّر بجملة‌ أُمور:
الامر الاوّل‌: أنّ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ لمّا قسّم‌ العوالم‌ إلی اثني‌ عشر عالَماً، وعدّ منها عالمَي‌ الهجرة‌ الصغري‌ والجهاد الاصغر، فإنّه‌ ـ في‌ مقام‌ التفصيل‌ أخرج‌ هذين‌ العالمَين‌ وعدّهما ضمن‌ عالم‌ الإيمان‌ الاكبر ؛ ثمّ أضاف‌ ـ تلافياً للنقص‌ الحادث‌ في‌ العوالم‌ عالمَين‌ آخرَين‌ هما: عالم‌ الفتح‌ والظفر بعد الجهاد الاكبر، وعالم‌ الفتح‌ والظفر بعد الجهاد الاعظم‌.
ولم‌ يتّضح‌ للحقير سرّ هذا الامر، علی‌ الرغم‌ من‌ أ نّه‌ إن‌ قصد بذلك‌ أنّ السالك‌ لا يمكنه‌ طي‌ّ هذين‌ العالمَين‌ في‌ زمن‌ الغَيبة‌، وأنّ العوالم‌ ينبغي‌ أن‌ تُنظّم‌ لتنسجم‌ مع‌ مقتضيات‌ هذا العصر، ولذا ينبغي‌ ـ إجمالاً أن‌ يُعتبر عبور هذين‌ العالمَين‌ من‌ لوازم‌ عالم‌ الإيمان‌ ؛ فإنّ كلامه‌ هذا يبقي‌ موضع‌ تأمّل‌، ولذا:
1) فقد صرّح‌ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ بنفسه‌ بأ نّه‌ مع‌ عدم‌ التمكّن‌ من‌ طي‌ّ ذينك‌ العالمَين‌، فإنّ الهجرة‌ (في‌ الباطن‌ والظاهر) من‌ أرباب‌ المعاصي‌ وأبناء الدنيا ستكون‌ بديلاً عن‌ الهجرة‌ الصغري‌، وأنّ الامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر سيكون‌ بديلاً عن‌ الجهاد الاصغر.
2) وقد صرّح‌ بأنّ العوالم‌ شأنها شأن‌ الليل‌ والنهار في‌ تعاقبهما ؛ فما دام‌ المتقدّم‌ لم‌ يتمّ طيّه‌ تماماً، فإنّ السالك‌ لن‌ يمكنه‌ أن‌ يخطو في‌ العالَم‌ الاعلي‌.
3) فلاصل‌ الهجرة‌ الصغري‌ والجهاد الاصغر المدخليّة‌ التامّة‌ في‌ حصول‌ الكمال‌، وأنّ السالك‌ في‌ عصر الغَيبة‌ إذا لم‌ يُنهِ السير في‌ هذَين‌ العالمَين‌، فإنّه‌ لن‌ يتمتّع‌ بجميع‌ درجات‌ الكمال‌. ذلك‌ أنّ الله‌ تعإلی قد خلق‌ النفس‌ الإنسانيّة‌ بحيث‌ إنّ جميع‌ مراتب‌ السلوك‌ ـ ومن‌ ضمنها خصوص‌ الهجرة‌ الصغري‌ والجهاد الاصغر ضروريّة‌ لاءيصال‌ جميع‌ قابليّات‌ الإنسان‌ إلی مرحلة‌ الفعـليّة‌. أمّا إذا طوي‌ الإنسان‌ العوالمَ الاُخري‌ متخطّياً سير العالمَين‌ المذكورَين‌، كان‌ كماله‌ ناقصاً.
وقد ورد في‌ «سنن‌ أبي‌ داود» باب‌ الجهاد، أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قال‌:
مَنْ لَمْ يَغْزُو وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِغَزْوٍ، مَاتَ عَلَی‌ شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ.
ونظير هذا المعني‌ الامر بالنكاح‌ ؛ ذلك‌ أنّ السالكين‌ الذين‌ منعتهم‌ مشاكل‌ النكاح‌ وموانعه‌ وصوارفه‌ من‌ العمل‌ بتلك‌ السنّة‌، قد حُرموا من‌ عالم‌ سيرٍ تكاملي‌ّ يحصل‌ عليه‌ الإنسان‌ من‌ خلال‌ العمل‌ بهذه‌ السُّنَّة‌، ولذلك‌ نري‌ أن‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قد عدّ النكاح‌ سُنّته‌ وطريقته‌.
وفي‌ المثل‌، فإنّ من‌ حُرم‌ من‌ حسّ الاءبصار، إذا طوي‌ في‌ سلوكه‌ المراتب‌ والعوالم‌، فإنّه‌ ـ مع‌ ذلك‌ سيبقي‌ محروماً من‌ التجلّيات‌ الاءلهيّة‌ في‌ مظاهر المُبصَرات‌، وإنّ بلوغ‌ الفناء في‌ الذات‌ والوصول‌ إلی الحَرَم‌ لن‌ يكون‌ بديلاً عن‌ هذا الحرمان‌.
ولذا فإنّ هؤلاء سيكونون‌ محرومين‌ ـ وإلی الابد من‌ مشاهدة‌ أنوار الله‌ تعإلی في‌ السير الا´فاقي‌ّ وفي‌ مرائي‌ البصر ومجاليه‌. والامر كذلك‌ بالنسبة‌ إلی الحرمان‌ في‌ حاسّة‌ السمع‌ وغيرها من‌ الحواسّ. إذ إنّ كلّ حسّ يفقده‌ الإنسان‌ يُغلق‌ في‌ وجهه‌ عالماً كبيراً.
4) إنّ عالم‌ الفتح‌ والظفر ليس‌ عالماً خاصّاً، ليمكن‌ وضعه‌ ـ من‌ ثَمَّ في‌ مقابل‌ تلك‌ العوالم‌، لانّ الفتح‌ والظفر من‌ لوازم‌ الجهاد والورود في‌ العالَم‌ الذي‌ يليه‌. وبغير ذلك‌ فإنّ من‌ الممكن‌ في‌ الاعتبار أن‌ نعدّ عالم‌ الفتح‌ والظفر عالمَين‌: أحدهما الفتح‌، والا´خر الظفر ؛ لانّ السالك‌ يفتح‌ الاوّل‌ بواسطة‌ الجهاد، ثمّ يظفر بالخصم‌ بعد ذلك‌.
الامر الثاني‌: جاء في‌ الحديث‌: مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ، وظاهره‌ أنّ علی‌ السـالـك‌ أن‌ يتـمّ أربعـين‌ الاءخـلاص‌ (الذي‌ هو فِعـله‌). بَيـدَ أنّ كلام‌ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ يوحي‌ بأنّ علی‌ السالك‌ أن‌ يسير الاربعين‌ بعد عالم‌ الخلوص‌ والورود في‌ صفّ المُخلَصين‌. ومن‌ الجلي‌ّ أنّ السالك‌ إذا ورد عالَم‌ الخلوص‌، لم‌ يبقَ له‌ ثمّة‌ اختيار أو إرادة‌ ليختار بهما سير الاربعين‌، إذ سيكون‌ اختياره‌ في‌ تلك‌ الحال‌ بِيَدِ الله‌ تعإلی، وسيكون‌ مُسيَّراً له‌ تعإلی. اللهمّ إلاّ أن‌ نقول‌ بأ نّه‌ ليست‌ هناك‌ عبارة‌ أُخري‌ ـ غير عبارة‌ مَنْ أَخْلَصَ ليمكن‌ بها تفهيم‌ هذا السير الاربعيني‌ّ.
الامر الثالث‌: يستفاد من‌ بيان‌ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ أنّ الاختيار سيبقي‌ في‌ مقام‌ (البقاء بالله‌) بعد بلوغ‌ الفناء. وأنّ الحديث‌ الشريف‌ وعد بالوصول‌ إلی هذا المقام‌ بواسطة‌ طي‌ّ الاربعين‌، والله‌ العالِم‌.

صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
المقصود بالشريعة‌ والطريقة‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ قيل‌: الشريعة‌: هي‌ مراعاة‌ ظاهر الاحكام‌، والطريقة‌: هي‌ مراعاة‌ باطن‌ الاحكام‌. فإن‌ كان‌ مراد المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ من‌ هذه‌ العوالم‌ مرتبة‌ الظاهر فقط‌، فإنّ الهجرة‌ هي‌ من‌ الشريعة‌، وهي‌ لن‌ تفرّق‌ بين‌ الشريعة‌ والطريقة‌. وإن‌ كان‌ مراده‌ أعمّ من‌ العوالم‌ الظاهريّة‌ والباطنيّة‌، فإنّ تلك‌ المرتبة‌ من‌ الإيمان‌ ستكون‌ طريقة‌، وإنّ الإيمان‌ الاعمّ لن‌ يكون‌ ـ من‌ ثَمَّ مجتمع‌ الطريقة‌ والشريعة‌.
إلاّ أنّ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ كان‌ علی‌ الظاهر في‌ مقام‌ الاءجمال‌ وليس‌ التفصيل‌ والتدقيق‌.


الروايات‌ الدالّة‌ علی‌ مشاركة‌ الإيمان‌ للإسلام‌ وعدم‌ مشاركة‌ الإسلام‌ للإيمان‌
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ الروايات‌ الدالّة‌ علی‌ عدم‌ مشاركة‌ الإسلام‌ للاءيمان‌، ومشاركة‌ الإيمان‌ للاءسـلام‌ كثيرة‌ وجمّة‌، وقد أورد طائـفة‌ منها المرحـوم‌ الكُليني‌ّ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 25 إلی 27، والبرقي‌ّ في‌ «المحاسن‌» ج‌ 1، ص‌ 424 و 425.
وأمّا حديث‌ سَماعة‌ بن‌ مِهران‌، فهو أيضاً في‌ بيان‌ مجرّد اشتراك‌ الإيمان‌ مع‌ الاءسلام‌، وفيه‌ مثال‌ الكعبة‌ والحرم‌. وقد ذكر هذا الحديث‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 28.
هذا، وقد وردت‌ ثلاثة‌ أحاديث‌ سواه‌ ذكرت‌ مثال‌ الكعبة‌ والحرم‌:
الاوّل‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 26 ؛ وفي‌ «محاسن‌ البرقي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 285، ح‌ 425، عن‌ أبي‌ الصباح‌ الكناني‌ّ، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ جاء فيه‌:
مَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي‌ المَسْجِدِ الحَرَامِ مُتَعَمِّداً؟ قَالَ، قُلْتُ: يُضْرَبُ ضَرْباً شَدِيداً. قَالَ: أَصَبْتَ. قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي‌ الكَعْبَةِ مُتَعَمِّداً؟ قُلْتُ: يُقْتَلُ. قَالَ: أَصَبْتَ. أَلاَ تَرَي‌ أَنَّ الكَعْبَةَ أَفْضَلُ مِنَ المَسْجِدِ، وَأَنَّ الكَعْبَةَ تُشَارِكُ المَسْجِدَ، وَالمَسْجِدُ لاَ يُشَارِكُ الكَعْبَةَ؟ وَكَذَلِكَ الإيمَان يَشْرَكُ الاءسْلاَمَ، وَالاءسْلاَمُ لاَ يَشْرَكُ الإيمَان.
الثاني‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 26، عن‌ حمران‌ بن‌ أعيَن‌، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌، جاء فيه‌ أ نّه‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: كَمَا صَارَتِ الكَعْبَةُ فِي‌ المَسْجِدِ، وَالمَسْجِدُ لَيْسَ فِي‌ الكَعْبَةِ، وَكَذَلِكَ الإيمَان يَشْرَكُ الاءسْلاَمَ، وَالاءسْلاَمُ لاَ يَشْرَكُ الإيمَان.
ثمّ يذكر حدود الإسلام‌ والإيمان‌ مفصّلاً، ثمّ يقول‌:
أَرَأَيْتَ لَوْ بَصُرْتَ رَجُلاً فِي‌ المَسْجدِ، أَكُنْتَ تَشْهَدُ أَ نَّكَ رَأَيْتَهُ فِي‌ الكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: لاَ يَجُوزُ لِي‌ ذَلِكَ. قَالَ: فَلَوْ بَصُرْتَ رَجُلاً فِي‌ الكَعْبَةِ، أَكُنْتَ شَاهِداً أَ نَّهُ قَدْ دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرَامِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: إنَّهُ لاَ يَصِلُ إلی الكَعْبَةِ حَتَّي‌ يَدْخُلَ المَسْجِدَ. فَقَالَ: قَدْ أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ. ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ الإيمَان وَالاءسْلاَمُ.
الثالث‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 27 و 28، عن‌ عبد الرحيم‌ القصير، قال‌: كتبتُ مع‌ عبد الملك‌ بن‌ أعين‌ إلی أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ أسأ لُه‌ عن‌ الإيمان‌ ما هو، فكتبَ إلی مع‌ عبد الملك‌ بن‌ أعين‌ يقول‌:
سَأَلْتَ رَحِمَكَ اللَهُ عَنِ الإيمَانِ... إلی أن‌ يقول‌:
وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ دَخَلَ فِي‌ الحَرَمِ، ثُمَّ دَخَلَ الكَعْبَةَ وَأَحْدَثَ فِي‌ الكَعْبَةِ حَدَثاً، فَأُخْرِجَ عَنِ الكَعْبَةِ وَعَنِ الحَرَمِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَصَارَ إلی النَّارِ.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ورد في‌ «محاسن‌ البرقي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 285، ح‌ 426، عن‌ أبي‌ النعمان‌، عن‌ الباقر عليه‌ السلام‌ قال‌:
قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِالمُؤْمِنِ؟ المُؤْمِنُ مَنِ ائْتَمَنَهُ المُؤْمِنُونَ عَلَی‌ أَمْوَالِهِمْ وَأُمُورِهِمْ. وَالمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَيِّئَاتِ وَتَرَكَ مَا حَرَّمَهُ اللَهُ عَلَيْهِ
الاحاديث‌ الواردة‌ في‌ الدعائم‌ الخمس‌ ، وسرّ الاختلاف‌ فيما بينها
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..ـ يُطلق‌ اصطلاح‌ «الدعائم‌ الخمس‌» علی‌ الصلاة‌ والصوم‌ والزكاة‌ والحجّ والولاية‌ ؛ حيث‌ روي‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 18 عن‌ الفضيل‌، عن‌ أبي‌ حمزة‌، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ قال‌:
بُنِي‌َ الاءسْلاَمُ عَلَی‌ خَمْسٍ: عَلَی‌ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالحَجِّ وَالوَلاَيَةِ، وَمَا نُودِي‌َ بِشَيْءٍ (وَلَمْ يُنَادَ بِشَيْءٍ) كَمَا نُودِي‌َ بِالوَلاَيَةِ.
ووردت‌ أيضاً في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 18 و 19 و 21 ؛ وفي‌ «المحاسن‌» ج‌ 1، ص‌ 286 عدّة‌ روايات‌ بهذا المضمون‌ بسلسلة‌ أُخري‌ للرواة‌، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ وأبي‌ جعفر عليهما السلام‌، حصرا فيها الدعائم‌ الخمس‌ في‌ هذه‌ الاُمور، وأهمّها الولاية‌، وورد في‌ معظمها لفظ‌ «دعائم‌ خمس‌».
بَيدَ أنّ الظاهر هو أنّ مراد المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ من‌ الدعائم‌ الخمس‌ التي‌ ذكرها في‌ هذا المجال‌ لم‌ يكن‌ أمر الولاية‌، وذلك‌ لعدّة‌ أُمور:
1) أ نّه‌ عدّ الدعائم‌ الخمس‌ من‌ آثار الإسلام‌ الاصغر، مع‌ أنّ أمر الولاية‌ عائد إلی الإيمان‌ الاصغر أو إلی الإسلام‌ والإيمان‌ الاكبرَين‌.
2) أ نّه‌ ذكر تعبير الاءتيان‌ بالدعائم‌ الخمس‌ بالجوارح‌ والاعضاء. ومن‌ المسلّم‌ أنّ الولاية‌ ليست‌ ممّا يؤتي‌ بالاعضاء والجوارح‌.
3) أ نّه‌ أورد ذيل‌ حديث‌ سفيان‌ بن‌ سَمط‌ شاهداً علی‌ أنّ الشـهادتَين‌ ـ وليس‌ الولاية‌ هما جزء الاءسلام‌، مضافاً إلی الصلاة‌ والصوم‌ والحجّ والزكاة‌. فيكون‌ مسلّماً أنّ مراد المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ من‌ الدعائم‌ الخمس‌ هو: الشهادتان‌ والصلاة‌ والصوم‌ والزكاة‌ والحجّ.
أمّا حديث‌ سفيان‌ بن‌ سَمط‌، فقد روي‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 24، قال‌:
سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ الاءسْلاَمِ وَالإيمَانِ مَا الفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ التَقَيَا فِي‌ الطَّرِيقِ وَقَدْ أَزِفَ مِنَ الرَّجُلِ الرَّحِيلُ، فَقَالَ لَهُ أَ بُو عَبْدِ اللَهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: كَأَ نَّكَ قَدْ أَزِفَ مِنْكَ رَحِيلٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: فَالْقَنِي‌ فِي‌ البَيْتِ. فَلَقِيَهُ فَسَأَلَهُ عَنِ الاءسْلاَمِ وَالإيمَانِ مَا الفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ: الاءسْلاَمُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي‌ عَلَيْهِ النَّاسُ.
وذكر تمام‌ الحديث‌، ثمّ قال‌:
فَهَذَا الاءسْلاَمُ. وَقَالَ: الإيمَان مَعْرِفَةُ هَذَا الاَمْرِ مَعَ هَذَا، فَإنْ أَقَرَّ بِهَا وَلَمْ يَعْرِفْ هَذَا الاَمْرَ كَانَ مُسْلِماً وَكَانَ ضَالاَّ.
وبنـاءً علی‌ صريـح‌ هذه‌ الرواية‌، فإنّ الاءقـرار بالولاية‌ من‌ شرائط‌ الإيمان‌ ـ لا الإسلام‌ وأنّ الشرط‌ الوحيد في‌ الإسلام‌ هو الاءقرار بالشهادتَين‌.
ومن‌ ملاحظة‌ ومقارنة‌ طائفة‌ من‌ الروايات‌ الواردة‌ لدي‌ أهل‌ السنّة‌ في‌ دعائم‌ الإسلام‌ الخمس‌، مع‌ طائفة‌ أُخري‌ من‌ الروايات‌ سابقة‌ الذكر التي‌ وردت‌ عن‌ أئمّة‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ في‌ دعائم‌ الإسلام‌ الخمس‌، يتّضح‌ سرّ هذا الاختلاف‌ في‌ التعبير.
وبيان‌ ذلك‌ أ نّه‌ ورد في‌ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 1، كتاب‌ الإيمان‌، ص‌ 34 و 35 أربعة‌ أحاديث‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌:
1) روي‌ بإسناده‌ عن‌ سعد بن‌ عبيدة‌، عن‌ ابن‌ عمر، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: بُنِي‌َ الاءسْلاَمُ عَلَی‌ خَمْسَةٍ: عَلَی‌ أَنْ يُوَحَّدَ اللَهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالحَجِّ.
2) بإسناده‌ عن‌ سعد بن‌ عبيدة‌، عن‌ ابن‌ عمر، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌:
بُنِي‌َ الاءسْلاَمُ عَلَی‌ خَمْسٍ: عَلَی‌ أَنْ يُعْبَدَ اللَهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحِجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ.
3) بإسناده‌ عن‌ سبط‌ ابن‌ عمر، عن‌ جدّه‌، قال‌ عبد الله‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌:
بُنِي‌َ الاءسْلاَمُ عَلَی‌ خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحِجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ.
4) بإسناده‌ عن‌ حنظلة‌، قال‌: سَمِعْتُ عِكْرَمَةَ بْنَ خَالِدٍ يُحَدِّثُ طَاوُوساً أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِعَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ، أَلاَ تَغْزُو؟ فَقَالَ: إنِّي‌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
إنَّ الاءسْلاَمَ بُنِي‌َ عَلَی‌ خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَحِجِّ البَيْتِ.
وهذه‌ الروايات‌ تبيّن‌ أنّ رسول‌ الله‌ ذكر أنّ الإسلام‌ يقوم‌ علی‌ هذه‌ الاُسس‌ الخمس‌. بيد أنّ العامّة‌ لمّا كانوا يكتفون‌ بظاهر الشهادتَين‌، ويعدّون‌ مجرّد الاءقرار بالنبوّة‌ من‌ دعائم‌ الاءسلام‌، ولو اقترن‌ بمعصية‌ أمر رسول‌ الله‌ في‌ شأن‌ الولاية‌. أمّا أئمّة‌ أهل‌ البيت‌ صلوات‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌، فقد فسّـروا الرواية‌ الواردة‌ عن‌ رسـول‌ الله‌ بهذا التفسـير: أنّ الاءقرار بالتوحيد والنبوّة‌ بدون‌ الاءقرار بالولاية‌ لا يتعدّي‌ كونه‌ ظاهراً، وأنّ حقيقة‌ الاعتراف‌ به‌ تتمثّل‌ بالاءقرار بالولاية‌، وأنّ ذينك‌ الاثنين‌ لا ينفكّان‌ عن‌ بعضهما. فحقيقة‌ الإسلام‌ مرتبطة‌ بالولاية‌ التي‌ هي‌ مفتاح‌ التوحيد في‌ مظـاهر الاسـماء والصـفات‌ والافعـال‌، وهي‌ أيضـاً باطـن‌ النبـوّة‌ وجوهرها.
ولذلك‌ فإنّ هذه‌ الطائفة‌ من‌ الروايات‌ عن‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ تمثّل‌ تفسيراً وتأويلاً للروايات‌ التي‌ ذُكرت‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ حول‌ دعائم‌ الإسلام‌ الخمس‌، كما أنّ نظير هذا الاختلاف‌ في‌ التعبير يُشاهَد في‌ حديث‌ السلسلة‌ الذهبيّة‌، وقد ذكر هذا الحديث‌ بعدّة‌ مضامين‌:
الاوّل‌: رواه‌ الصدوق‌ في‌ «عيون‌ أخبار الرضا» عليه‌ السلام‌ ص‌ 314، بإسناده‌ قال‌: يَقُولُ اللَهُ جَلَّ جَلاَلُهُ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ حِصْنِي‌، فَمَنْ دَخَلَهُ أَمِنَ مِنْ عَذَابِي‌.
كما يروي‌ في‌ نفس‌ الصفحة‌ بإسناده‌ قال‌: قَالَ اللَهُ سَيِّدُ السَّادَاتِ جَلَّ وَعَزَّ: إنِّي‌ أَ نَا اللَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ أَ نَا، فَمَنْ أَقَرَّ لِي‌ بِالتَّوْحِيدِ دَخَلَ حِصْنِي‌، وَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي‌ أَمِنَ مِنْ عَذَابِي‌.
وقد نُقلت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «الجواهر السنيّة‌» ص‌ 147، نقلاً عن‌ «العيون‌».
الثاني‌: أ نّه‌ عدّ الاءخلاصَ شرطَ التوحيد: حيث‌ يروي‌ في‌ «العيون‌» بإسناده‌ قال‌:
قَالَ اللَهُ جَلَّ جَلاَلُهُ: إنِّي‌ أَ نَا اللَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ أَ نَا فَاعْبُدُونِي‌، مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ بِالاءخْلاَصِ دَخَلَ حِصْنِي‌، وَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي‌ أَمِنَ مِنْ عَذَابِي‌.
الثالث‌: أ نّه‌ فسّر الاءخلاصَ بالولاية‌. فقد روي‌ الطوسي‌ّ في‌ «الامإلی» ج‌ 2، ص‌ 201، بإسناده‌:
عَنِ اللَهِ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّ وَجْهُهُ قَالَ: إنِّي‌ أَ نَا اللَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ أَ نَا وَحْدِي‌، عِبَادِي‌ فَاعْبُدُونِي‌، وَلْيَعلَمْ مَنْ لَقِيَنِي‌ مِنْكُمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ مُخْلِصاً بِهَا أَ نَّهُ قَدْ دَخَلَ حِصْنِي‌، وَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي‌ أَمِنَ عَذَابِي‌. قَالُوا: يَابْنَ رَسُولِ اللَهِ، وَمَا إخْلاَصُ الشَّهَادَةِ لِلَّهِ؟ قَالَ: طَاعَةُ اللَهِ وَرَسُولِهِ وَوِلاَيَةُ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ.
ونقل‌ في‌ «معاني‌ الاخبار» ص‌ 370 ؛ و«ثواب‌ الاعمال‌» ص‌ 7 ؛ و«توحيد الصدوق‌» ص‌ 25 ؛ و«الجواهر السنيّة‌» ص‌ 222، عن‌ «أمإلی الصدوق‌» ذيل‌ رواية‌ كَلِمَةُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ حِصْنِي‌ عن‌ الرضا عليه‌ السلام‌ قال‌: فَلَمَّا مَرَّتِ الرَّاحِلَةُ نَادَانَا: بِشُرُوطِهَا، وَأَ نَا مِنْ شُرُوطِهَا.
الرابع‌: أ نّهم‌ عدّوا الولاية‌ حِصناً. فقد روي‌ الصدوق‌ في‌ «معاني‌ الاخبار» ص‌ 371 بإسناده‌: يَقُولُ اللَهُ تَبَارَكَ وَتَعَإلی: وِلاَيَةُ علی‌ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ حِصْنِي‌، فَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي‌ أَمِنَ مِنْ نَارِي‌. وورد هذا الحديث‌ بسند آخر في‌ «الجواهر السنيّة‌» ص‌ 225، نقلاً عن‌ «أمإلی الصدوق‌».
وروي‌ في‌ «الجواهر السنيّة‌» عن‌ أبي‌ علی‌ الحسن‌ بن‌ محمّد الطوسي‌ّ في‌ أماليه‌، عن‌ أبيه‌ المرحوم‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ بإسناده‌ المتّصل‌ قال‌:
قَالَ اللَهُ تَعَإلی: وِلاَيَةُ علی‌ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ حِصْنِي‌، مَنْ دَخَلَهُ أَمِنَ نَارِي‌.
أجل‌، يستفاد من‌ مجموع‌ هذه‌ الروايات‌ أ نّها ـ بأجمعها تريد بيان‌ حقيقة‌ واحدة‌، وهي‌ التسليم‌ المطلَق‌ أمام‌ إرادة‌ الله‌ تعإلی والاعتراف‌ بربوبيّته‌ المطلقة‌ في‌ جميع‌ مظاهر الاءمكان‌، لذلك‌ فإنّ الطائفة‌ من‌ الروايات‌ التي‌ عدّت‌ مطلق‌ «لا إله‌ إلاّ الله‌» حِصناً قد أرادت‌ حقيقة‌ هذه‌ الكلمة‌، وهي‌ ـ بطبيعة‌ الحال‌ غير معقولة‌ بدون‌ الاءخلاص‌ والولاية‌. كما أنّ الروايات‌ التي‌ جعلت‌ الولاية‌ هي‌ الحصن‌، أو جعلت‌ التوحيد المشروط‌ بالولاية‌ حِصناً، إنّما هي‌ تفسير وتأويل‌ للطائفة‌ الاُولي‌ من‌ الروايات‌، ولم‌ تذكر أمراً جديداً زائداً. فتأمّل‌ وافهم‌.
وينبغي‌ إعمال‌ نظير ما فعلنا في‌ شأن‌ الكثير من‌ الروايات‌ وجمعها بهذا الطريق‌، وهو ـ في‌ حقيقة‌ الامر جمعٌ بين‌ المُجمَل‌ والمُبيَّن‌، أو بين‌ المُطلَق‌ والمقيَّد، ولذلك‌ فقد فصّلنا الامر بعض‌ التفصيل‌.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ورد في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 25، في‌ تفسير هذه‌ الآية‌ عن‌ أبي‌ جعفر (الباقر) عليه‌ السلام‌ قال‌: فَمَنْ زَعَمَ أَ نَّهُم‌ آمَنُوا فَقَدْ كَذَبَ، وَمَنَ زَعَمَ أَنَّهُمْ لَمْ يُسْلِمُوا فَقَدْ كَذَبَ.
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. ـ ورد هذا الحديث‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 24.


مواقع النشر (المفضلة)
كتاب السير والسلوك

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
76 كتاب في العرفان والاخلاق والسلوك والادعية نادرة
كتاب رسالة السير والسلوك ( قيم جدا جدا )
قمة السير والسلوك
الفكر والسلوك
قاعده السير والسلوك

الساعة الآن 11:00 PM.