المشاركات الجديدة
مواضيع مختلفة : أي موضوع لم يعنون سابقا

رواية المفاتيح السبعة

صورة رمزية إفتراضية للعضو anwar66
anwar66
موقوف
°°°
افتراضي
[COLOR=black]فمد سموطان ساعده بجانبه وفتح قبضته فاستقرت العصى في يده وأحكم عليها قبضته فتأمل سموطان ما فيها من رموز ونقوش مبهورا معتزا بها ثم استجمع الشيخ همته لوقت الجد واستدار خلفه ناحية الجان وضرب بها بكلتا يديه القاع الرملي فإذا بصوت كالرعد وكأنه يقترب منهم من بعيد حتى أن وصل الصوت إلى مكان ضربة العصى والشيخ مازال ممسكا بها حيث ضرب الأرض وقد غرزطرفها في الرمل فانفلق البحر من فوقهم إلى فلقتين عظيمتين, وأخذ الشق يزيد وينزاح للخلف حتى تجاوزهم وانكشف لهم الفضاء حيث مدينة السحاب فوقهم وأصبحت فلقتي البحر بعرض المدينة, ثم استرد الشيخ العصى إلى جانبه وقال بصوت عالي: فألقى موسى عصاه فإذا هي حية تسعى. وألقى الشيخ العصى فارتمت على رمل القاع وخرج من فوهتها حيث المقبض الدائري ذو الطلاسم ثعابين صغيرة كثيرة تسعى فتجمعت أربع مجموعات كل مجموعيتن ذهبتا إلى فلقة من فلقات البحر, وكل مجموعة ذهبت إلى زاوية من الفلقة واختفت, وبعد لحظات إرتفع من كل زاوية من الفلقتين عمودا كبيرا من الماء على شكل ثعبان ضخم إمتد من البحر إلى الأعلى بإتجاه المدينة وما زالت ترتفع والبحر يمد تلك الثعابين ألأربعة المائية بالماء حتى وصلت إلى المدينة كل ثعبان من زاوية . وكل ثعبان عض المدينة من زوايته وقبضها بفمه وأخذت الأعمدة المائية الثعبانية الأربعة يتقلص طولها وتعود إلى البحر من تحتها والمدينة تنجذب إلى الأسفل وكلما نزلت الأعمدة المائية بإتجاه البحر إقتربت فلقتي البحر من بعضهما, وبعد مسافة بدأت السحابة تتبخر لقربها من الماء حتى إختفت الثعابين المائية في البحر وصارت المدينة مستقرة على البحر, فخرج الشيخ ووراءه الجن إلى سطح الماء وتوقفوا فوق سطح الماء على أرجلهم عندما سمعوا صوت صراخ وعويل من داخل المدينة. ونقز الشيخ طائرا إلى داخلها ووراءه الجن وعندما وصل وجد الجميع يقاتلون أطياف على لون الماء ومن الأطياف من نساء تهرب بأبنائها لتختبيء في الغرف, بل هي قرية من الأطياف كاملة بأسواقها ومؤنها ورجالها ونسائها وصناديق من المجوهرات والحلي في كل مكان. فأخذ سموطان سيفا وشارك في القتال مع الأطياف كما شارك الجميع في قتالهم. ومن الجند من قتل وأخذ الشيخ يجول بنظره باحثا عن ديفي وروث فشاهد إمرأة من الأطياف تقاتل بسيفين الجند وتستبسل في القتال. ونظر من حوله إلى تلك الأطياف التي على شكل الماء لا تلبس شيئا ولا تبين كل ملامحها وكأنها الأشباح وهو مستغرب من تلك الأشكال ومشى في الساحة يضرب بسيفه هنا وهناك ويقطع في تلك الأشباح بسيفه إلى نصفين ولكنهم لا يموتون بل السيوف تخترقهم وكأنهم هواء لا يصيبهم ضرر. وكذلك الحال مع الجان والملكة دبورة يحاربون ويقاتلون وقد تعبت قوى الجميع فهم يحاربون من لا تؤثر فيهم الأسلحة بل الأطياف تقتل منهم. والملك أجمنون يضرب بسيفه ويصد بدرعه وكثر الضجيج والقعقعة فقبض أحد الأطياف على الملك أجمنون ووضع السيف على رقبته وقال له : مر جنودك بالتوقف وصرخ به : هيا وإلا قتلتك. والملك أجمنون يصك على أسنانه وهو ينظر إلى ذلك الطيف شزرا مصرا على القتال فقال له الطيف : كما تريد وأمر الطيف جماعته وصرخ بهم قائلا : توقفوا توقفوا. فسمعته جماعته من الأطياف فتوقفوا عن القتال وأخذ الجند يضربونهم بسيوفهم ورماحهم و لكنها لا تقطع فيهم. فقال الطيف للملك أجمنون : كما ترى ليست أمامكم فرصة معنا وإنما أنتم بأيدينا نجهز عليكم متى نشاء, مرهم بإلقاء أسلحتهم. فأمرهم الملك بيده وهم ينظرون إليه بعد يأسهم من القتال فتوقفوا . عندها ترك الطيف رقبة الملك أجمنون وادار ظهره له ومضى بضع خطوات وكان الشيخ والجن يقتربون منهم حتى يسمعوه فقال الطيف : لقد حاول أجدادي قدر المستطاع تأمينها عن الأخرين. وراح الطيف يتلمس احدى ألأعمدة وينظر إلى السقف وأكمل وهو يلتفت إلى الملك وأعوانه : ولكن بسبب هذا القفل. والتفت الطيف إلى سموطان حيث الجن قائلا وهو يشير بكفه إليه : رأينا حكمتكم فيها أيها الشيخ. ثم إلتفت الطيف إلى الملك وقال وقد إنكسرت نغمة الحزن من صوته وقال بجدية : كل ما نريد منك حيث أحضرتنا وحصلت على عصى موسى أن تستخدمها لإخفائنا, إخفائنا عن الأعين حتى نعيش بسلام وأمان. والتفت الطيف إلى الشيخ قائلا : وبالمقابل خذ المفتاح لسنا بحاجة إليه إنه من صنع البشر ولسنا بحاجة للبشر, خذوا مالكم يا بني آدم وأريحونا منه كي لا يطلب مدينتنا أحد بعده, خذوه وأريحونا من نظركم. واتجه الطيف إلى الشيخ وسار نحوه قائلا : ماذا قلت أيها الشيخ ؟ فنظر سموطان إلى الملك خلف الطيف فهز رأسه الملك بالقبول فالتفتت عين سموطان إلى الطيف أمامه وقال : نعم هذه مقايضة رابحة. ثم سار سموطان إلى الملك أجمنون حتى وصل إليه وقال له : ولكني عندي شرط أيها الملك. فانتبه إليه الملك أجمنون بتركيز وأكمل الشيخ قائلا : هذا هو المفتاح الأخير حيث لم يبقى إلا مفتاح واحد وهو بحوزتك في المملكة. وقد نفذت مهمتي وعليك أن تحرر الصبي من قبضتك وتفكه من قدرك. فكرالملك أجمنون قليلا وهو ينظر إلى الأرض وحيث أسند ظهره على عمود من الأعمدة ثم أخذ نفسه وذهب حتى وصل إلى ديفي وأخذ الملك من وسطه خنجرا فخاف ديفي وارتعد وأطلق إبتسامة خائفة فاقترب منه الملك وأمسك بذراع ديفي وقربه منه ثم جرح الملك نفسه في ذراعه وأمسك بفم ديفي وصب داخله نقاط من دمه المتقاطر من ذراعه وابتلعه ديفي ثم تركه الملك بعد أن تأكد أن الدم دخل إلى جوفة فلم يعجب ديفي طعمه فشعر بالحموضه في فمه ثم أخذ الملك ذراع ديفي ومدها وجرحه بخنجره في ذراعه فصاح ديفي من الألم فقرب الملك فمه ومص دمه وديفي مازال يضربه على رأسه يحاول دفعه. ثم وقف الملك واستدار وقال للشيخ حيث كان خلفه : ها هو إنتهى إنه حر الآن. إقترب الشيخ من الملك بهدؤ وقال : أعذرني أيها الملك. وضربه سموطان لكمه قوية على فكه والشيخ ينظر إلى ديفي فهجم هيرود على الشيخ فمنعه الملك بيده وهو يتألم ممسكا بفكه ونظر الملك إلى الشيخ قائلا : هل تأكدت الآن, كان يمكنك أن تجرب بقرصة خفيفة. وأشارالملك إلى ديفي خلفه بيده قائلا : هل رأيت ؟ الولد لم يتأثر بلكمتك القوية تلك. قال الملك ذلك وهو يرجع فكه بيده فتوجه الشيخ إلى ذلك الطيف وقال له : أين تحتفظون بالقفل ؟ فقال الطيف وهو ينظر إلى الشيخ بإبتسامة المتشكك : ليس قبل أن تنفذوا الجزء الخاص بنا من الاتفاق. فقال الشيخ للطيف: نساعدكم على إخفاء مدينتكم ثم تسلمونا المفتاح ! وأشار سموطان بكفه كمثل المستغرب قائلا : وهل يعقل هذا ؟ إذا ما إختفيتم كيف سنحصل على المفتاح, لذلك من الطبيعي أن نحصل على المفتاح ثم نقوم بما إتفقنا عليه. فقال الطيف : وكيف نضمن إلتزامكم بالإتفاق بعد أخذكم المفتاح؟ فقال الشيخ : ليس هناك خيار آخر ألا تثق بنا ؟ فقال الطيف وهو يبتسم إبتسامه خفيفة : أثق بكم ؟ لا ولكن أثق بك أنت ؟ نعم. عندها نظر إليه الشيخ وأدبرا معا وأشار سموطان إلى روث أن تحضر ديفي وذهب الجميع يقودهم الطيف. أما بقية الجنود فأخذوا يفتحون الصناديق في المدينة ويحملون ما يستطيعون من الحلي والمجوهرات. ثم وصل الطيف تتبعه مجموعة الشيخ سموطان إلى مكان ما كتب ميططرون الأعداد في الساحة فإذا القفل هناك وسط دائرة الصفر. فاندهش الجميع وأخذوا ينظرون إلى بعضهم البعض فهمست الملكة دبورة للشيخ قائلة : إنه فعلا الشيء الذي نطلب في اللاشيء. فابتسم الشيخ وتوجه بالكلام إلى ديفي قائلا : ديفي تعال إلى هنا وعندما وصل إليه ديفي أخذه من يده ووجهه من كتفه ناحية القفل وأشار سموطان بيده إلى القفل قائلا : خذه يا ديفي إنه لك. فتقدم ديفي وحده ببطأ والجميع يراقبونه بسكون تام حتى وصل إلى القفل فمد يده إليه وأداره فخرج من القفل صوت مدوي وأضاء إضاءة وهالة كبيرة من النور أبهجت الجميع

[SIZE=5]العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. رابط مباشر للصورة[/URL]

واستدار ديفي بإتجاه الجميع وبيده المفتاح تعلوه إبتسامة وفرحة في وجهه وهو يلوح بالمفتاح فأطرق الجميع رؤسهم إحتراما وتوقيرا. فتقدم منه الشيخ بسرعة وأخذه وما أن وضعه في قلادته حتى طار سموطان وطارت معه الجن السبعة وأمهم وغاصوا في البحر. ثم استدار الملك أجمنو خلفه عندما سمع أحد يقول ويصرخ :
إفسحوا الطريق, لا أحد يقترب. فإذا هو الوزير لوذا وقد قبض على ديفي ووضع الخنجر على رقبته. فتفأجا الملك من تصرف وزيره المخلص. عندها تحفز الجند من حول الملك وبعض الجند كانوا وراء الوزير وقد أشهروا سيوفهم عليهم فنظر الطيف إلى ذلك الموقف وقال : هذه طبيعتكم يا بني البشر فقال الوزير : إبتعدوا وإلا قتلته. فقالت روث للوزير : أقتله كما قتلت أباه وأبي معه. فقال الوزير : إخرسي, لقد كانا متآمرين على الملك. عندها تكلم أحدهم وقال : إنها تقول الحقيقة. فنظر الملك إلى من تكلم وتقدم فإذا هو كبير جنده فقال له الملك : ماذا تقول ؟ فقال كبير جنده : أنا إبن كبير الخدم, وقد أخبرني أبي كيف تآمرت عليه مع البستاني, لقد كان الأمير نحميا يحاول مساعدة البستاني من حيث ضره, بعدما غررت به وهددته ثم قتلتهما. فقال الوزير : كان لابد من ذلك وإلا ماكنت الآن كما أنا وقد ملكت الدنيا. فغضب الملك أجمنون وحاول التقدم بإتجاه الوزير فرجع الوزير إلى الخلف حيث أعوانه. وعندما حاول الملك التقدم أكثر إذا بأحد أعوان الوزير يطعن لوذا في ظهره بخنجره مفأجأ الجميع, فترك الوزير ديفي متألما ورمى بخنجره على الملك وهو يسقط أرضا فأصاب الخنجر الملك في قلبه وغرز في صدره فسقط الوزير وسقط الملك أرضا معا. عندها إنقض ذلك الجندي الذي غدر بالوزير على أعوانه وساعده الجند فقتلوهم. بينما ركض هيرود إلى أبيه الملك وهو يحتضر أرضا وأخذ يبكيه فأمسك الملك بيد إبنه وقال له : لقد حققت حلم أبائي, أكمل مسيرة أجدادك يا بني. وأخذ الدم يتدفق من الملك بغزاره وهو يتأنن فظهر الشيخ سموطان من الجو وحط أمامهم وبيده العصى ومن وراءه الجن وكلهم مستغربين من تغير الحال . ينظرون إلى الملك أجمنون ومن وراءه الوزير لوذا ملقى على الأرض. وعندما شاهد الملك أجمنون الشيخ واقفا أمامه ينظر إليه قال له بصعوبة : هل تظنني كنت أغامر بحياة الصبي ؟ أم هل أغامر بحياتي فأربطها بشخص مثله يسهل قتله فأموت معه؟ لقد حررته منذ زمن, منذ نزولي لقتال الملك شمشون, وإلا لماذا لم يحدث له شيء عندما كنت أعذب في صومعة الكاهن حنباثا, سموطان... وراح الملك يفكر في تلك الكلمة ثم إستعاد واقعيته قائلا : سموطان, تبين أخيرا أنك لا تملك حلا لكل مسألة, فقد أصبت بجروح عدة مرات ولم يحدث له شيء.. لم يحدث له شيء. وأخذ الملك يضحك على سموطان وهو يقول : لم يحدث شيء.. لم يحدث شيء. حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي إبنه وعيناه معلقتان على سموطان فبكاه هيرود بحرقة وتوجهت إليه هاداساه تواسيه . فاقترب الشيخ من الملك وأغلق عينا آجمنون. ثم ترك هيرود جثة أبيه ونهض بقوة متجها إلى ذلك الجندي الذي طعن الوزير وأخذه من مخنقه وهو يقول له : ما الذي فعلته؟ فقال الجندي خائفا : أنا لست من تظن يا سيدي أنا إبن عمك أوريا. عندها هدأ هيرود وقال : ماذا تقول ؟ فقال الجندي بعد أن أخفض يدي هيرود القويتين وأنزلهما بجانبه : أنا هو أنظر. وذهب الجندي إلى بهو القلعة وظهر من هناك يجرجثه حتى وصل عندهم وإذا بصورة ذلك الجندي هي نفسها صورة الرجل صاحب الجثة فقال الجندي : أنا إبن عمك لقد علمت بخطة الوزير لسرقة المفاتيح قبل فترة, وعندما كانت المدينة تطير في الهواء إلى هنا سمعت الوزير يتفق مع أعوانه على أنه سيأخذ المفاتيح حالما يحصل ديفي على المفتاح الأخير, فاستخدمت العشبة وتمثلت بصورة هذا الجندي الذي كان أحد أعوانه. فقال هيرود وهو غاضبا : لما لم تعلمنا بذلك من قبل ؟ فقال أوريا : ومن كان ليصدق أن الوزير يخطط لهذا ؟ ما كان أبيك الملك ليصدق شيئا على وزيره الذي يحسبه مخلصا.. ثم تلكا أوريا وقال : ثم ... ثم أنني لم أحسبه يخطط لما فعل بهذه الطريقة. عندها هدأ هيرود وذهب إلى جثة أبيه حزينا .

توجه الشيخ إلى ذلك الجدار الذي قشعه البركان فوقف ينظر إلى البحر وتلاطم أمواجه تحت قدميه وخلفه الجموع, فصوب سموطان العصى إلى البحروقال : كن طريقا يبسا. فيبس الماء على شكل طريق بعرض ستة أمتار وبطول المسافة من المدينة الى الشاطيء. فمشى فيها الشيخ بكل ثقة فلم يبلغ المء كعبيه. ومشت معه روث يتبعها ديفي متخوفا من الماء حتى علم أنه لن يغطس فتحرك مسرعا بجانب روث. وتخوف الجند من الذهاب فلم يذهبوا في الطريق فوقف الشيخ ليرى خلفه الجند متخوفين. فمشت أمامهم الملكة دبورة وتبعها أبنائها والجند مازالوا متوجسين ينظرون إلى الماء. فدخلت هاداساه وتبعها هيرود ثم أوريا فتدافع الجند ورائهم محملين بالذهب والمجوهرات مما إستطاعوا حمله. وأربعة من الجند يحملون جثة الملك أجمنون على ناقلة خشبية. وكان هناك آرميا واقفا بين الجند يراقبهم وهم يتقدمون خروجا إلى ذلك الطريق المائي وهو متخوف من الماء يريد أن يبقى للآخر فشاهد الأطياف وهم يلقون جثة الوزير لوذا في البحر مما زاد ذلك المنظر من قلقه. ولما نزل الجميع على الشاطئ وقت الغروب, تقدم الشيخ من ذلك الطريق المائي ونظر إلى المدينة والأطياف على أبراجها وأسوارها ينظرون إليه, فضرب سموطان البحر بعصاه ضربة واحدة فاختفت تلك الطريق على إثرها, ثم قال سموطان : بسم الله إله آدم وأخنوخ وإبراهيم ويعقوب وموسى وداود وسليمان, إله نوح بسم الله مجريها ومرساها. ووضع العصى على الماء مستلقية فطفت فوق الماء ثم سبحت بإتجاه المدينة مسافة وغطست تحت الماء وأخذت المدينة حينها بالإختفاء بعض الشيء, فنظر الشيخ إليها وإذ ذلك الطيف فوق البرج يلوح إليه بيده, فرده الشيخ التلويح بيده حتى إختفت المدينة تماما واختفت معها الشمس وحل الظلام بالشاطيء إلا صفحة في الماء مضيئة أضائها القمر الذي ظهر من وراء إختفاء مملكة (كابا) .

في الشاطئ أخذ أوريا يبحث بين الجنود والجموع في كل مكان حتى رآه يمشي قادما إليهم من مكان منفرد. فتوجه إليه مسرعا حتى وصل عنده ووقفا فقال أوريا: آرميا أين كنت ؟ فقال آرميا : أنا في الجوار. فقال أوريا : ولكني لم أرك معنا في طريق البحر. فقال آرميا : بلى لقد كنت معكم, بل أنا كنت أراك, وأراك وأنت مشغول بالنظر إلى روث هاه. فابتسم آرميا وكذلك فعل أوريا مستحيا فأخذه آرميا من كتفه متوجها به إلى حيث الجند قائلا : لا بأس يمكنك أن تخبر صاحبك بكل شيء ما فائدة الأصدقاء إذا ؟ أم لإنك تشبهت بصورة ذلك الجندي الخائن وأخذت صورته وكذلك أخذت صفاته ونسيت أحبابك ومن علمك تلك الطريقة. فتضاحك الصديقان معا وهما يمضيان إلى الجموع حيث كان أوريا ما يزال بصورة ذلك الجندي الذي من أعوان لوذا .

جلس هيرود حول نار أوقدها الجند. حيث لم تكن معهم خيولهم التي كانت تحمل خيامهم ولا يوجد معهم أي شيء من عدد التخييم والتي تركوها كلها عند سفح جبل البركان. لذلك فقد تجاوروا مع بعضهم البعض على الشاطيء المكشوف. وجلس هيرود هناك ضاما رجليه بيديه ناظرا أمامه بحزن إلى حيث يرقد أباه مغطى ببعض الخرق و هويتأمله وحوله بعض جنده. ثم رفع بصره من على أبيه فإذا هي هاداساه قد تقدمت بينها وبينه جثه أبيه الممدد. فتوقفت عندما رفع نظره إليها وهي تنظر إليه بأسى على حزنه ثم تقدمت إليه وجلست إلى جانبه على الرمل وهو مازال ينظر إلى أبيه ثم قالت له : هل تذكر أبي ؟ هناك عند الغدير. فالتفت إليها هيرود وقال : الملوك يجلبون لأبنائهم من يعلمهم من فنون الحياة من كل شيء, الحكمة والعزم والصلابه والسياسة, ويبقون هم على مسافة قريبه من أبناءهم كي يعودوهم عى ألاستقلال بأنفسهم, حتى إذا ما ماتوا كان أبنائهم ملوكا في غاية الصلابة. ثم نظر هيرود إلى أبيه قائلا : ولكن أبي لم يكن كذلك, فقد كان هو معلمي, لم أكن أفارقة أبدا حتى عند ذهابه إلى فراشه للنوم. فوضعت هاداساه يدها على كتفه وقالت: إذا فهو يتوقع منك أن تكون أكثر صلابه منه وفجأة ظهر سموطان واقفا ينظر إليهما وهما حول النار فنظر إليه هيرود عندما تقدم إليهما حتى وصل إليه وقال : هذه الجثة يجب أن تدفن, سوف تعم الرائحة المكان قريبا. عندها غضب هيرود وقام قائلا للشيخ : إنه ليس أحد من أهلك, لوكان روث أوديفي هل كنت تقول مثل هذا ؟ عندها لم يقل سموطان شيئا ونظر إلى هاداساه حيث وقفت. فجلس هيرود حيث كان ونظر إلى أبيه ثم رفع بصره الى سموطان وقال : أعذرني أيها الشيخ. ثم نظر إلى أبيه مرة أخرى قائلا : إنه الملك, ولابد أن يدفن في مملكته. فتوجه إليه سموطان وقال : ولكن الطريق ما زالت طويلة ولن يصمد إلى أن تصل به الى هناك, إنها سنن الطبيعة أن تتعفن أجسادنا بعد الموت بسرعة, وذلك كي تعود إلى أصلها, ما كان من تراب لابد وأن يعود للتراب. ونظر الشيخ بطرف عينه وراءه حيث سمع صوت خطوات فإذا هي الملكة دبورة وقفت خلفه بخطوات ونظر إليها هيرود وقال لهما : ألا يمكن لآحد الجان أن يحمله إلى المملكة ؟ فقال الشيخ : هذا ما جأت أحدثك به, لقد أتممت ما إتفقنا عليه أنا وأباك الملك الراحل, ولم يبقى لنا للقعود معكم من سبب, ديفي إبن عمك وقد سمعت من روث حقيقة الظلم الذي لحق به هو وأمه وأباه وروث وأمها, وقد بانت واتضحت, وهم الآن في عهدتك, ما أن تصلوا إلى المملكة فيحصل ديفي لك على المفتاح السابع, وأنا متأكد من شهامتك وعطفك بأن تعوضهم عن ما لحق بهم من ظلم, وسوف نرحل عنكم الليلة. عندها نظر الجميع ممن سمع ذلك إلى الشيخ نظرة ملأها الخوف من المستقبل ومما هو آت. فقال هيرود للشيخ وقد تجمع الجن حوله : لقد خرجنا منذ مدة ولا أدري ما حال أخي سامويل والمملكة, ولم نبقى بها حامية قوية لدى خروجنا, فقد كنا بحاجة إلى كل رجل. وحينما سمعت دبورة ذلك مشت بإتجاه البحر وتبعها أبنائها وراءها وكذلك سموطان ثم البقية حتى وصلت إلى عند الشاطئ فوقف الجميع خلفها فمدت الملكة بيديها تشير الى الماء بحركات فظهرت صورة في الماء, وشاهدوا جنودا وعساكر يدخلون مملكة (زيتا) ويذبحون أهلها, ثم دخل ميشا على الأمير سامويل فقتله ورماه من الشرفة فجزع هيرود عندما رأى أخيه يقتل. وقال من خلفه سموطان : إنه الملك ميشا. ثم شاهدوا الملك ميشا يتحدث إلى شيخان أحدهما طويل والآخر قصير حينها شهق سموطان وأخذ يحدق في الشيخين فنظرت إليه الملكة دبورة وسأله هيرود : هل تعرفهما ؟ فقالت الملكة دبورة : إنهما أخويه, الطويل الأكبر والقصير الأصغر. ثم ظهرت في الصورة أم روث وأم ديفي بالسجن . فحزنت روث لدى مشاهدتها أمها في العذاب. ثم ظهرت الملكة وبناتها الثلاث وبقية النساء بالزنزانة. عندها وقع هيرود على ركبتيه في الرمال مصروعا واختفت الصورة من الماء. واندفعت روث إلى الشيخ تصيح قائلة : سموطان.. أمي. وقال هيرود وقد زاد همه وغمه: ما العمل الآن ؟ لقد قتلوا أخي وأمي في السجن, أمي أنا الملكة بالسجن؟ فقال الشيخ : أولا نبعث رسولا لطلب النجدة من مملكة الملك شمشون, من (جاما), فلابد وأن إخوة الأميرة سينقذون أختهم. فقاطعه آرميا قائلا : أنا أذهب إليهم. فنظر هيرود إليه وكذلك الشيخ فقال سموطان : حسنا هذه وقد حلت, وقل لهم يلاقونا عند المملكة, المسافة من هنا إلى مملكة (زيتا) تقريبا نفس المسافة من مملكة (جاما) إلى (زيتا), والذي يصل أولا ينتظر ألآخر. فقال أوريا: ولماذا لا تطير اليهم لطلب نجدتهم؟ فذلك أسرع. فقال سموطان: اذا ما بدؤا بالمسير الى (زيتا) اليوم فإنهم سيصلون إلى هناك قبلنا بأيام, حيث أنهم سيركبون ونحن سنمشي, ولكن إذا ما تحركتم من هنا وأرسلنا إليهم رسولا يجد في السير, فإلى أن يصل اليهم ثم إلى أن يبدؤا بالمسير نكون عادلنا المسافة وسبقناهم بتلك الايام فنصل معا في نفس التوقيت, أنا يجب أن أذهب إلى مملكة (زيتا) لأرى خبر أخوي ولعلي أستطيع شيئا هناك وأكفيكم المشقة, فقد فعلتها من قبل مع الملك ميشا ودخلنا مملكته بدون الحاجة لجندي واحد. فقال هيرود : لماذا لا تأخذ ديفي معك وتحضر المفتاح ؟ فقل الشيخ : إن الوضع هناك خطير لا أضمن سلامته مع كل تلك الجنود, سأذهب وحدي ثم إن أمرك عجيب, وأمك بالسجن وتفكر بإنقاذ المفتاح. فأطرق هيرود رأسه حياء لما أحرجه الشيخ وتقدمت الملكة دبورة من سموطان وقالت: إذا نذهب معك. فقال لها سموطان : لا أظن أن هناك داعي لذهابكم, الملك ميشا أمره بسيط, بل هم بحاجة إليكم هنا, جدوا لهم وسيلة نقل. فقالت الملكة دبورة : ولكن هذا................
قاطع كلام الملكة دبورة أمر ما قد دبر لها منذ أن ذهبت وهم ورائها إلى البحر لتستعلم عن مملكة (زيتا) لما طلب هيرود منها ذلك. وذلك أن في ممكلة ما تحت الأرض وفي مجلس أبو الملوك أبو الملكة دبورة غيدول وهو يجلس على كرسيه بمهابة وبيده الصولجان العظيم وحوله من ملوك وطوائف الجن من أسرته أخذ غيدول يعزم ويقول : مليهويا مليهويا ليهوبا ليهوبا هاجتي هاجتي تبيينا تبيينا أين أنتم يا ملوك الإتجاهات, أين أنت يا ملك الشرق مبرش, وأين أنت يا ملك الغرب سلطوز, وأين أنت يا ملك الشمال سرهاق, وأين أنت يا ملك الجنوب شوع, وأنت يا ملك الفوق مشيال وأنت يا ملك التحت كرجوس فظهر كل ملك من مكانه مبرش أتى من الشرق ووقف أمام الملك غيدول ثم سلطوز من الغرب ثم سرهاق من الشمال ثم شوع من الجنوب ثم مشيال نزل من فوق ثم كرجوس خرج من تحت, فوقفوا بين يدي الملك غيدول فأمرهم قائلا : أحضروا إلي الملكة دبورة مقيدة إلى عندي الساعة الساعة. وأخذوا يطيرون وهو يقول لهم ويصرخ فيهم : الوحا الوحا هيا هيا حتى إختفوا من عنده. وعندما كان سموطان في الشاطيء يقول للملكة دبورة : جدوا لهم وسيله نقل : فقالت الملكة دبورة : ولكن هذا.... وإذ بملوك الاتجاهات تهجم عليها وراحوا يدخلون فيها من كل إتجاه والجميع يتفرجون مذعورين لا يعلمون ما يحل عليهم وأبنائها مستنفرين, والشيخ ينظر إليها بلا حول ولا قوة مع صراخها وصياحها وتلك الأطياف الستة تدخل جسمها من كل إتجاه ثم إختفى الجميع مع الملكة دبورة. بعدها تقدم أفتاب أكبر أبنائها من الشيخ وقال : آذن لنا أيها الشيخ. فقال سموطان : أسرعوا إليها وآتوني بالأخبار ولا تبطؤا. فقال أفتاب وهو يهز رأسه: نعم. ونظر أفتاب إلى اخوته الستة واختفوا جميعا. فتقدم الشيخ من هرمس وهو ينظر إليهم بأسى وهم يرحلون وقال له : لا تبتأس, ستكون بخير. فقالت روث حيث كانت واقفة بجانب هرمس : ماذا حدث للملكة دبورة ؟ فقال الشيخ : إنهم ملوك الاتجاهات الست, وهم الوحيدين القادرين على سجن الجن. فقالت روث : هل الملكة مسجونه ؟ وماذا فعلت؟ فقال هرمس : لقد أرسلهم جدي الكبير, لابد وأنه خطأ ما. ثم نظر إلى الشيخ وتبادلا النظرات فقال له الشيخ : لا بأس أذهب الآن ولا أوصيك في الصبية, لا تدعهم حتى أعود. ثم طار سموطان بعيدا واختفى في الظلام .
تقدم آرميا من هيرود وقد حمل زاده ومتاعة للسفر وقال : إني ذاهب الى مملكة الملك شمشون ياسيدي. فالتفت إليه هيرود وقال له : ولكن كيف تذهب وليس لك شيء تركبه ؟ فقال آرميا : لا بأس سيدي سأتوغل في الغابات لعلي أجد ما أركب عليه هناك. فقال هيرود : حسنا ولكن إحذر لنفسك, وأعلم أننا بحاجة لنجدة أبناء الملك شمشون فلم يبقى معنا من الجند لصد جنود الملك ميشا. فقال آرميا : إطمأن يا سيدي النجدة ستكون هناك بإنتظاركم وأنا معهم. وتبسم وانصرف في جنح الظلام من الشاطئ إلى داخل الأحراش واختفى .

في مملكة تحت سطح الأرض حيث يجلس الملك غيدول على كرسي عرشه, أحضرت ملوك الاتجاهات الملكة دبورة وأوقفوها بلا حراك أمام الملك. فقال لها غيدول : لقد أتعبتني يابنيتي في عمري هذا, ماذا عساني أفعل معك ؟ فقالت الملكة دبورة له : إنك ملك عادل وأب حنون. فقال الملك : لولا لسانك الجميل هذا. فقالت الملكة: لم أفعل ما يستوجب غضبك مني يا أبي. فقال الملك غيدول وقد على صوته : لم تفعلي شيئا.. كل ما فعلته لا شيء.. تعلمين أنك بوجودك مع سموطان ذاك سوف تصبحين منهم, عندها لن يكون لك مكان هنا.. بجانبي. فقالت الملكة دبورة : الحي حيث يحيا وليس حيث يولد, وأنت سيد الحكلماء. عندها دخل أولادها الستة عليها وعندما رأوها حاولت الحراك أوألالتفات ولكن دونما جدوى, فلم يتحرك جسمها بل ظلت مكانها كأنها خشبة صماء وملوك الإتجاهات حوالي الغرفة ينظرون إليها. فتقدم منها اولادها لنجدتها فأشار الملك غيدول إلى ملوك الإتجاهات بيده على الاولاد. فانقضت تلك الاطياف على أبنائها يدخلون فيهم من كل جهه, كل ملك يدخل على واحد ويخرج منه إلى الاخر وهكذا حتى دخلت جميع ملوك الاتجاهات في جميع الانباء وخرجت منهم واستقرت في الفضاء حوالي عرش الملك غيدول بعد أن تجمدت الملوك أبناء الملكة دبورة حوالي أمهم بلا حراك فقال لهم الملك غيدول : سأبقيكم هكذا لخمسين أو مئه سنة قادمة, حينها يكون سموطان قد مات, وقد تحظون بفرصة أخرى تستحقون بها أن تكونوا ملوكا على قبائل الجن والعفاريت. وقال بصوت عال : خذوهم إلى السجن .

في مملكة زيتا وصل سموطان وهو يطير بإتجاه أبراج القلعة. وإتجه إلى شرفة كبيرة ينبعث منها ضوء المصباح فدخل منها فإذا هي مكتبة القصر. فنظر سموطان إلى يسار الطاولة الضخمة فنهظ أخوه الطويل حيث كان يطالع الكتاب السليماني وبجانبه أخوه الأصغر واقفا فنظرا إليه فرحان. وقال لامون الطويل وهو يتجاوز الطاولة ناحية سموطان : سموطان.. ولكن سموطان أعطاه ظهره وراح ينظر إلى المكتبه و قال : كيف تورطتما في قتل الأبرياء؟ فأمسك الطويل فرحته ورد عليه بجدية : لم نشأ ولم نخطط لما حصل, ولابد وأنك عرفت ما حصل من أمر الملك ميشا. فالتفت إليه سموطان غضبا قائلا : لم يكن لميشا ذلك الضعيف أن يحقق مسعاه لولا مساعدتكما له. فقال شملال القصير من وراء أخيه الطويل : لم نفعل عن خاطرنا ولكنه أجبرنا على ذلك يا أخي. فنظر إليه سموطان بإحتقار قائلا : أخي! وهل هذا هو ما تربينا عليه؟ ونظر الى لامون الطويل قائلا: يا أخي! فقال لامون : عملنا ما علمنا من أجل العلم, لقد أردنا الإستعانة بالكتاب السليماني. وأشار لامون إلى الكتاب على الطاولة قائلا : لكي نتعلم منه ما يفيد في شفاء الناس وتخليصهم من بؤسهم. فقال سموطان وهو يتقدم من الشرفة : نعم بؤسهم, لقد خلصتم الناس من بؤسهم فعل,ا وذلك بقتلهم ورميهم من الشرفات. ونظر سموطان من الشرفة إلى الأسفل وقال لامون الطويل من خلفه : لكل شيء ضريبة وتلك ضريبة نسبية في سبيل العلم. فأدار سموطان رأسه ليجيب على لامون الطويل ولكن قبل أن يفتح فمه ليتكلم إذا بيد قابضة على مسمار من حديد تلكمه في وجهه بقوة وباليد الأخرى تدفعه إلى الشرفة. فأمسك سموطان بقوة على زوايا الشرفة وذلك من خلفه يدفعه إلى خارج الشرفة ولكنه لم يستطع إسقاطه لمقاومة سموطان قوة دفعه له, فسحبه ذلك الرجل إلى الخلف ورمى به على الارض وسموطان من صعق المفاجاة لم يدري ما حل به. فاذا هو على الارض وقد أدمت أسنانه وخرج من فمه الدم على لحيته البيضاء وهو ينظر إلى من فعل ذلك به فقال متعجبا: ميشا! فقال ميشا وهو يتقدم ناحية سموطان: نعم أنا هل تذكرني؟ ذلك الذي كان الامس تحت قبضتك. وأشار الى سموطان بيده قائلا بإحتقار : واليوم أنت في قبضتي. وقبل أن يتنفس سموطان عاجله ميشا وقبض عليه من خناقه وارتفع به عاليا حتى ضرب برأسه السقف وأثبته هناك مرتفعا به. فبدت على سموطان آثار التوجع والإندهاش معا. فنظر إليه ميشا وهو ما يزال يمسك في كل قبضة من يديه بأزميل من حديد قائلا : هل تريد أن نلعب تلك اللعبة التي أريتينيها في فراشي؟ لنرى من منا سيسقط هذه المرة. فلم يجبه سموطان بل المباغته سلبته كل قواه وبان هزيلا تحت رحمة ميشا فهوى به ميشا إلى الأرض وهو فوقه يدفعه إلى تحت. فسقط على ظهره فوق الطاولة الكبيرة فأوجعه. وقام سموطان يسعل من الألم الذي بصدره وميشا ما يزال يمسك بخناقة لم يفلته وقد خرجت عينا ميشا وجحظت وهو يتأمل وجه سموطان في العذاب الأليم. فقال ميشا : هل تفأجات من قواي الخارقة؟ نعم إنه الكتاب السليماني. ونظر ميشا إلى الكتاب فوق الطاولة نفسها من طرف عينه قائلا : لقد إتضح أن فيه أكثر مما كنت أتصور, لم أرد إلا الإنتقام من أجمنون ومنك أنت خاصة . ونظر ميشا إلى الكتاب مرة أخرى قائلا : ولكن هذا الكتاب يساوي الكثير. وأخذ ميشا يلعق شفيته بلسانه وهو يتشفى بالنظر إلى سموطان وهو يجلس فوق صدره على الطاولة. فقال سموطان بصوت مخنوق : هل تعتقد أن الحمار الذي يحمل الكتب على ظهره يعرف قيمة ما يحمل؟ عندها غضب ميشا وعض على أسنانه من الغيض وزمجر وأفلت يده اليمنى من خناق الشيخ وأمسك بساعد سموطان الأيسرومده على الطاولة معتدلا ثم وضع ركبته على ساعده وأنزل كل جسمه على يد الشيخ يثبتها على الطاولة مما آلمه فتأنن الشيخ ونظر إليه ميشا قائلا : هل آلمتك ؟ أنا آسف ليس هذا ما قصدت. وأمسك ميشا بساعد سموطان الأيمن ومده على الطاولة ورفع يده التي تمسك بذلك الأزميل وهوى بها على رسغ سموطان بقوة فخرقها وانتصب في الطاولة مارا من خلال رسغه فصرخ سموطان من ألألم. واراد إستعمال يده اليسرى لدفع ميشا فلم يستطع إزاحتها من تحت ركبه ميشا وسالت دماء سموطان من رسخة حتى تسللت إلى تحت الطاولة وناحية الكتاب السليماني ففزع شملال القصير وأسرع بإنقاذ الكتاب ورفعه عن الطاولة. فقفز ميشا عن صدر الشيخ إلى ناحية يده اليسرى وثبتها وفعل مثل اليد اليمنى فصرخ الشيخ بعلو صوته متألما وصرخ معه يسايره الملك ميشا متلذذا من تألم الشيخ وهو ينظر إلى الشيخ حيث صلبه فوق الطاولة. ونظر ميشا إلى أخوي سموطان ينظران إلى أخيهم بحزن وأسى ونظر سموطان إلى أخويه متحسفا عليهما أن يرضيا هذ له . ورجع ميشا يمشي إلى الخلف حيث وراءه فأسا مسنوده على الزاوية تحت أرفف الكتب فمد ميشا يده خلفه فالتقطها ولم تغب عينيه عن مراقبة الشيخ الممدد على الطاولة فتناول الفأس وأخذ يقلبها في كفه وهو يتقدم يتفحص الشيخ حتى وصل عند يده اليمنى ونظر إلى الشيخ ورفع فأسه عاليا وأوقفها هناك وهو ينظر إلى سموطان قائلا : ألن تطلب العفو والصفح وما إلى ذلك؟ ألن تسترحمني في نفسك يا رجل؟ فنظر إليه سموطان بنظره من عينه شزرا وقال : قد أطلب الرحمة من الملوك ولكن ليس من صعلوك. فغضب ميشا وحنق ورفع فأسه أعلى من المرة الأولى وهوى بها بقوة على الشيخ فأغمض سموطان عينيه مستسلما لنهاية محتومة. وهوت الفأس على الإزميل الذي في رسغ سموطان. فقد بدل ميشا إتجاه الفأس وهي تهوي إلى الناحية العريضة الخلفية فاستخدمها كمطرقة وضرب برأسها الإزميل فدخل إلى آخره وخرج من تحت الطاولة فصرخ الشيخ متألما. ودار ميشا إلى الناحية الأخرى, وهوى بفأسه بقوة على الأزميل الأخر فدخل عن آخره خلال رسغ الشيخ وظهر من تحت الطاولة الخشبية. و نظر إليه ميشا وهو يتنفس بسرعة وقال : ليس الآن, دعني أتشفى منك أولا. وتوجه ميشا إلى الباب ثم إلتفت إلى الشيخ وأشار إليه بشفرة الفأس قائلا : وليس قبل أن أجعل أجمنون يرى بطله الشجاع الذي يحارب به كيف صار. ثم خرج ميشا من باب المكتبة .

في الأدغال كان آرميا يمشي عبر الغابات المظلمة وفجأة توقف ونظر إلى كل إتجاه فلم يرى أحدا فرمى بكيس زاده على الأرض ثم تحول جسده إلى جسد من رمل على هيئة ذلك العملاق الرملي مرقس ابن سايروس. وتنأثرت حبات ذلك الجسد الرملي في الهواء إلى أعالي الأشجار وطارت بعيدا .

هاداساه كانت تمشي على الشاطيء وفجأة وجدت على الأرض غصن يابس تتفاذفه الأمواج فالتقطتة ثم وضعته أرضا أمامها, وتقرفصت وعامدت العصى القصيرة ومدت يديها بقوة إلى العصى وحركتهما فوقها وهي تنظر إلى الخاتم الذي تلبسه في إصبعها الإبهام. وأخذت تحرك يديها وتحبس أنفاسها على ذلك الغصن حتى تعبت فأرجعت يديها إلى ركبتيها ونظرت إلى العصى, ثم مدت يديها فوقه قائلة : تحرك... تحرك.. إذهب هيا. ولم يحصل للعصى شيء وفجأة نظرت أمامها محاولة إختراق حلكة الظلام عندما أحست بأن أحدهم يقترب منها من أمامها بمحاذات الشاطيء. فنهضت خائفة. فاذا هو أوريا قد وقف أمامها, ولم يبن من شدة الظلام حتى وهو على بعد خطوتين منها فقال لها: هل مازلت تحاولين معرفة إستخدامات الخاتم السليماني ؟ فقالت هاداساه : لا ولكن هي تجارب وقت الفراغ وأنت.. ماذا تفعل هنا؟ فقال أوريا : لم أستطع النوم. ثم نظر إلى هاداساه وقال : كيف لم ألحظك سابقا في المملكة؟ فقالت هاداساه : هذا لأني لم أكن أقيم بالمدينة.

إقترب الشيخ لامون الطويل من الطاولة حيث صلب سموطان وقال له : ماذا فعلت بالملك ميشا لكي يحقد عليك كل هذا الحقد ؟ فقال سموطان : وماذا فعل المعلم لكي يحقد عليه الجاهل, الحكيم من وضع الشيء في موضعه الصحيح, ما حكمتكما في وضع العلم بيد جاهل مثله؟ الملوك تحتاج إلى العلماء وليست العلماء من تحتاج الملوك. عندها دخل عليهم ميشا وصاح في لامون قائلا : إذا ما أفلتماه وضعتكما مكانه. وتوجه ميشا إلى سموطان قائلا : أين أصبح الملك أجمنون الان؟ فلم يجب عليه سموطان فقال ميشا : أطلق سراحك وتداوي الحكماء جراحك, مع غرفة مليئة بكل وسائل الراحة والملذات, فقط بعض المعلومات, ثم إني قد أحتاج مثلك, إنه الملك أجمنون من أريد. ونظر ميشا إلى الشيخ وقال : كم عددهم ؟ في أي البلاد أصبحوا ؟ عندها أفزعهم دخول رجل عليهم طائرا من الشرفة ففزع الملك ورجع إلى الوراء فإذا هو مرقس وقد رجع شكله على صورة آرميا فقال : لا تخف أيها الملك إني صديق. ونظر آرميا إلى سموطان على الطاولة وقال: وأجيبك عن ما سألته لسموطان. ففرح بذلك ميشا ثم بدا متشككا وقال:من أنت؟ وكيف دخلت هنا؟ فنظر اليه سموطان من طرف عينه فقد علم ذلك الصوت, إنه صاحب التابع فاطمأنت نفسه بعض الشيء لعلها حيلة من آرميا لإخراجه فقال آرميا : أنا مرقس ابن سايروس ملك مملكة (ثيتا) التي قضى عليها الملك أجمنون. عندها قال ميشا: وأين هو الملك أجمنون الآن ؟ فقال آرميا : لقد مات. فقال ميشا مندهشا غير مصدق : مات ! وكيف مات ؟ فقال آرميا : لقد قتله وزيره, وجنوده الآن في طريقهم إلى هنا. فقال ميشا : وكم يبلغ هذا الجند من العدد ؟ وما هي عددهم ؟ وما هي أسلحتهم ؟ وما خطتهم ؟ قل لي قل لي, أريد أن عرف كل شيء, متى سيصلون إلينا ؟ فقال آرميا : لقد أرسلوني لطلب النجدة من مملكة (جاما) مملكة الملك شمشون بعد أن علم إبن أجمنون هيرود.. وأشار آرميا إلى سموطان وهو يتقدم نحوه حتى أمسك سموطان من شعره قائلا: بصنيعك بمملكتهم. والتفت آرميا إلى ميشا قائلا : ولكن لاتخف إنهم لا يعلمون من أكون بل يظنوني شخصا أخر, وعوضا عن الذهاب إلى مملكة شمشون أتيتك منذرا, ولكن لا داعي للقلق إن عددهم قليل جدا, لا يبلغ الفيلقين. فقال ميشا وهو يشير بإصبعه السبابة والوسطى: إثنين فقط.. وضحك ضحكة أرجعته للوراء وقال: لابد وانهم إستغنوا عن الجند بالجن إذا ؟ فقال آرميا : ولا هذا أيضا, فللجن مشاكلهم الخاصة, لم يبقى معهم إلا واحدا, وذلك لا خوف منه, وخاصة وأن لديك زعيمهم وأخطرهم.. وأشار آرميا إلى سموطان فنظر ميشا إلى حيث يشير آرميا وابتسم ثم التفت بجدية إلى آرميا وقال له : وما الذي يدفعني إلى تصديقك والوثوق بك؟ فتبسم آرميا ومضى إلى زاوية الغرفة حتى وقف عندها والتفت إلى ميشا وقال : إنه عدوي كما هو عدوك, ولو شأت أن أخلصه.. ولك الحق في الظن بذلك, لاستطعت تخليصه منك دونما مشقة, ولما جأت إليك. ثم تحول آرميا إلى مرقس الرملي ففزع منه الملك ميشا ولامون الطويل وخرعهما منظره. ثم تناول مرقس الفأس من خلفه بيده وشق بها بطنه فتخللت الفأس من جسمه إلى الجهه الأخرى دونما أثر وكأنه لم يفعل شيء. فنظر إليه ميشا متعجبا فقال مرقس : يظنون أنهم تخلصوا مني ولكن ليس بتلك السهولة. وتحول مرقس مرة أخرى إلى شكل آرميا وتقدم من الملك ميشا وقال: إطمأن نحن في نفس الجانب, ولو أردت تخليص الآن لخلصته من قبضتك وحملته بعيدا ولما إستطاع أحد إيقا في, سوف يصلون بعد عشرة أيام إلى هنا ويتوقعون مددا من مملكة الملك شمشون وهذا لن يحصلوا عليه, فنطبق عليهم ونتخلص منهم, ولكي تطمأن سأبقى هنا معك تحت عينيك إلى أن يحضروا, هل ذلك العرض الذي قدمته للشيخ إذا ما أخبرك عن الملك أجمنون قائما؟ فنظر إليه ميشا بإبتسامة خبيثة ووضع يده على كتف آرميا قائلا : طبعا طبعا كل ما تتمناه. وأمسكه ميشا من كتفه وأداره ناحية الباب ومضى به وميشا يقول له : لدينا الكثير لنتحدث به .

كانت أشعة الشمس وقت الضحى تتخلل أشجارالغابة حيث يسير هيرود ورجاله من خلفه وقد بدى عليهم الإرهاق والتعب. فتقدم كبير الجند من هيرود حيث كانت قدما هيرود تمشيان لوحدهما من فرط الإرهاق وقد تبيست شفتاه فقال له : سيدي إن حالة الجند مزرية. فقال هيرود : وماذا ترى من حالتنا نحن ؟ هل نحن أفضل حالا منهم ؟ فقال كبيرالجند وهو يشير برأسه إلى مصدر أشعة الشمس: هذه شمسنا الثانية هذا الصباح ونحن نسير بين هذه الأشجار العالية ولم نقابل في طريقنا أحدا ولم نرى أثرا لخيل أو أي شيء نستعين به لحملنا أو حمل متاعنا, بل قام الجند بالتخلص من معظم ما يحملون, كما أن المياه في هذه الطريق شحيحة والزاد أقل منه لم نصطد ولا حيوانا واحدا منذ شمس البارحة, لقد تعب الجميع. فالتفت إليه هيرود وتوقف عن السير وقال : ليسترح الجميع هنا لبعض الوقت. وجلس هيرود تحت شجرة قائلا : ريثما نستعيد بعض قوتنا. فانطلق كبير الجند بأمر الجند بالراحة. وهيرود ينظر إليه وهو يرجع خلفهم. فوضع الجميع رحالهم تحت الأشجار وأتى الجند بجثة الملك يحملوها على ناقلة يدويه, وكبير الجند معهم حتى وضعوها أمام هيرود وهم متلثمين. فقال كبير الجند لهيرود : مولاي, مع إحتراماتي لكم وللملك العظيم أجمنون الذي خدمته بإخلاص لسنين عديدة. وأشار كبير الجند بيده إلى الجثة قائلا : ولكن يجب أن يدفن. فغضب هيرود وكشر بوجهه في وجه كبير الجند قائلا بصوت عالي مؤكدا : الملك يدفن في مملكته. ثم هدأ وأسند رأسه خلفه على جذع الشجرة وقال : لم يبقى إلا القليل ونصل إلى هناك. عندها تقدم منه الحكيم يوقاس تلميذ الشيخ سموطان وقال لهيرود : هذا صحيح يا مولاي لم يبقى من الطريق الإ القليل, ولعلكم تشمون هذه الرائحة. فصد هيرود بوجهه إلى الجهه الأخرى ولم يعترض فأكمل الحكيم قائلا : هذا ليس بالوقت الملائم لتطبيق القوانين, أنظر إلى حال جندك, أنظر إلى حالنا. عندها تكلم من خلفه أوريا وهو يسير إليهم وقال لهيرود : الحكيم ينطق بالصواب, وأنت كذلك يا سيدي. عندها نظر إليه هيرود من مكانه فقال أوريا : أرى أن ندفنه هنا ونعلم قبره بعلامة بارزة فإذا ما وصلنا إلى المملكة نبعث الجند إلى هنا فيأتون به ليدفن هناك, محملا بموكب يحمله يليق به, كيف سندخل عمي الملك إلى مملكته بهذه الطريقة؟ على ناقلة خشبية يحملها جند متهالكون يكاد أن يغشى عليهم من تعب حمل أنفسهم, هذه الصورة لا تليق بملك عظيم مثله. حينها وقف هيرود وهز رأسه ونظر إلى كبير الجند وأشار إليه بيده ناحية الجثة قائلا : إحرص على أن تكون علامة مميزة, فأنت من سيحضر إلى هنا ليأتي به ليدفن هناك, فأطرق رأسه كبير الجند بالإيجاب وأشار إلى الجند بحمل الناقلة .
أخذ الجند يحفرون القبروهيرود يشاهدهم من حيث جلس تحت تلك الشجرة. فحضر إليه هرمس وقال له : مضى أكثر من يومين ولم يرجع الشيخ, اني قلق عليه, لابد وأن شيء ما منعه. فقال هيرود وهو ينظر إلى هرمس الذي وقف فوق رأسه : وماذا تقترح مني أن أفعل ؟ فقال هرمس : لست أنت من سيفعل بل سأذهب للأطمئنان عليه وقبل ذلك سأعرج على ذوي فهم كذلك قد طالت غيبتهم. فقال هيرود : ألم تقل بأنك لا تستطيع ترك ديفي لوحده عندما طلبت منك أخذ أبي إلى المملكة ؟ أم هل هذا وضع مختلف لإنه يخصك؟ فقطب هرمس حاجبيه وقال : نعم هذا وضع مختلف, فإن من أمرني بذلك هو من أسعى لمعرفة ما حل به, ثم إني لا أخذ إذنك بل أخبرك بما سأفعله. وتوجه هرمس بعيدا عنه حتى وصل إلى هاداساه حيث كانت قريبه من جثة الملك حيث تحفر الحفرة فقال لها : أنا ذاهب للإطمئنان على إخوتي سوف لن أغيب طويلا. عندها حضرت من خلفه روث وبيدها ديفي وقد سمعت ذلك فالتفت هرمس إليهما وقال لروث : يجب أن أذهب أشعر, أن الشيخ قد أصابه مكروه. عندها هدأت روث واقتنعت لخوفها هي أيضا وقلقها على سموطان الذي رباها. ثم إستدار هرمس وراءه إلى هاداساه وقال لها : أريدك أن تعتني بهما ريثما أعود فاندهشت روث من طلب الحماية لهما, ومن من ؟ من هاداساه ! فقالت هاداساه لهرمس : ولكني بالكاد أستطيع حماية نفسي وقد يصبيهما أي شيء, فأكون أنا المسؤولة أمامك. فقال هرمس : لا بأس عليك فقط أبذلي ما في وسعك وأنا واثق كل الثقة بك. عندها تبسمت هاداساه بينما إغتاضت روث فقال هرمس لها : سوف لن أغيب طويلا. والتفت إلى وراءه وطار بعيدا واختفى .
تقدمت هاداساه وبيدها شيء نحو هيرود إلى أن وصلت إليه حيث يجلس ومدت يدها إليه لتعطيه قائله : خذ.. أعتقد أنك يجب أن تحمل هذه الآن. فنظر هيرود إلى فوقه ومد يده إلى يد هاداساه فوضعت في يده ثلاثة خواتم, أحدها وقد عرفه خاتم المملكة وإثنين يشبهان بعضهما كل واحد منهما بحجر معصفر. فأخذ يقلبهما بيده بحزن. فقالت هاداساه: انهما الخاتمان اللذان أهداهما إليه الملك شمشون. فقبض هيرود عليها جميعا في راحة يده بقوة .

الملك غيدول أبو الملك كان يمشي في ممرات مظلمة ذات حجيرات ممسكا بصولجانه الكبير ومحدثا صوتا إثر ضربه على الأرض أثناء سيره, وقد بدا جادا بلحيته الطويلة, حتى توقف عند إحدى الحجيرات فدخل إليها حيث الملكة دبورة واقفة كمثل عود الشجرة وأولادها متسمرين يحيطون بها موضوعين كلهم في حجرة واحدة, كأنهم التماثيل الخشبية. وعند دخوله عليهم قال غيدول : لم أكن أتخيل أن أفعل مثل هذا الفعل بأبنائي في يوم من الأيام. وتنفس بعمق وراح يتجول خلالهم وهم بلا حراك. ثم التفت إلى الملكة دبورة قائلا بصوت عالي : ولكن القانون هو القانون, ونحن من نحمى القوانين ونطبقها على الآخرين أجدر بنا أن نطبقها على أنفسنا. ثم إستدار إلى الأخوة قائلا : وإلا أصبحنا بلا ضابط وانفلتت الامور من بين أيدي حكمنا. فقال أكبر أبناء الملكة الملك أفتاب : نعم يا جدي نحن نحمي ونطبق القوانين هذا صحيح ولكن.. ألسنا أيضا نحن من نضعها ؟ فلماذا نضعها في طريقنا بدل أن نضعها لطريقنا ؟ فالتفت إليه غيدول قائلاً : قوانينا هي لنا, وقوانينهم لهم . لماذا نفتح على أنفسنا هذه الهوة. وأشار بصولجانة الطويل إلى صدره هو قائلاً : منا . ثم أشارإلى الأعلى ونظر إلى فوق قائلاً : إليهم . ثم إستدار غيدول فجأة يراقب آخرزاوية عند الممر المظلم حيث سمع حركة هناك. وكان هناك هرمس يراقبهم وقد إستمع إلى مادار عليهم . فنبهه ذلك الرسول الاسود الذي شكله كمثل الغوريلات من خلفة . لذلك أصدر ذلك الصوت الذي نبه الملك غيدول إليه. فأشار إليه القبيح باصبعه على فمه علامة على أن أصمت . ثم أشار إلية بيده الذهاب . فتحرك هرمس خارجاً بعد أن كان خائفاً وتولى بعيداً . وخرج من الممرذلك القبيح بإتجاه الملك غيدول سائراً إلية . فلما رآه الملك هدأ وقال : أهذا أنت يا سهلون ؟ فقال القبيح وهو يسير بإتجاه الملك : نعم يا مولاي, لدي ما أخبرك به .

كان الملك ميشا يأكل من الفواكة وقد تعالت صيحات الضحك بينه وبين من ينادمه آرميا فقال له الملك ميشا : إذا هذا ما حصل معك والملك آجمنون ؟ إذا لماذا مازالت تحقد عليه وقدمات ؟ فقال آرميا : ليس هو من أريد الانتقام منه إنه أوريا. فقال له الملك ميشا : ومن يكون هذا ؟ فقال آرميا : إنه تابع من أتباع أبي المخلصين وأنا كنت أستخدم طريقة سحرية لأتصور بصورة رجل ما على أنه تابع لي فأختلط بتابع أبي حتى أعرف خططه وكل شيء يفعله. ولكي لا يشك بي تابعه وأكسب ثقته علمته شيء من الأسرار في طريقة التصور بصور الأخرين, ولكنها كانت طريقة ساذجة أوهمته أنها طريقة عظيمة ليس لها مثيل وأنها سر من الأسرار المتوارثه وهي ليست ذي شأن عندي, فوثق بي بعدها وأصبح يخبرني هو الأخر بكل أسراره وأسرار أبي معه, ولم يعلم طوال الوقت أن آرميا ما هو إلا أنا. فقال الملك ميشا : إذا كيف تقول أنه قتلك بينما أنت هنا ؟ فقال آرميا : لقد قتل ذلك المتصور في ذلك الرمل وليس ذلك أنا على الحقيقة, عندها تصورت بصورة الذي إعتاد أن يثق به وهو صاحبه تابع إبن سايروس وذلك حتى أجد طريقة للإنتقام منهم جميعا لولا أولائك الجان الذين معهم. فقال الملك ميشا : إذا لما لم تفعل وترسل عليهم ذلك العملاق الرملي عندما رحل عنهم الجن ؟ فقال آرميا وقد نهض من مكانه وسار وهو يحاور الملك : إني أستمد في طريقتي حجمي وطاقتي من رمال الصحراء الناعمة, وبدونها لا أتزود بشيء في حجمي الطبيعي هذا على ما تراني الان. فقال الملك ميشا : هل هذا صحيح ؟ أم أنك أنت أيضا طمعت بالمفاتيح وتنتظر الفرصة لآخذها عندما يجمعوها كلها لك ؟ فقال آرميا وقد تلعثم وأرتبك : لا.. لا طبعا إن هذه المفاتيح لاتهمني مطلقا فأنا أكبر من ذلك بكثير, كما أنها ليست إلا أسطورة.. نعم أسطورة وكذبة كبيرة بحجم التاريخ كله .

في نفس الوقت وفي مكتبة القصر دخل هرمس من الشرفة وعندما نظر إلى الشيخ في تلك الحالة رق قلبه له . كما فرح به الشيخ وقال له : هرمس هذا أنت ؟ وتنفس سموطان وردت الروح إليه وقال : أخرجني من هنا يا هرمس . فقال هرمس : أرجو أن لا تكون غاضبا مني لمخالفتي أمرك بحراسة ديفي يا سيدي . فقال الشيخ : لا بأس يا هرمس أسرع وأخرجني من هنا هيا بسرعة قبل أن يشعروا بنا .

في مرتفع ما في الغابة حيث تظهر مملكة (زيتا) تحتها في السهل المكشوف حط هرمس بالشيخ على العشب وراح يتأمل رسغيه وقال : لقد نزفت الكثير من الدم يا سيدي. فقال الشيخ : لا عليك أخبرني هل من أخبار عن إخوتك ؟ فقال هرمس وهو ينظر إلى الشيخ بإبتسامة خفيفة : لقد إحتجزتهم ملوك الإتجاهات بأمر من جدي الكبير الملك غيدول, لابد أن تفعل شيئا لإنقاذهم. فقال الشيخ وهو متأثر من جراحه ممسكا بيده حيث جرحه : وماذا أستطيع أن أفعل لهم إذا لم تسطع أنت شيئا معهم, ثم أني لا أستطيع الولوج إلى عالمكم كما تعلم. . فقال هرمس: بلى يا سيدي هناك طريقة للولوج الى عالمنا السفلي. فقال الشيخ : وما هي ؟ فقال هرمس : ذلك عن طريق حاجب الجان, مالا تعلمه عنه أن في طربوشه سرا, فإن أخذته عنه ولبسته إستطعت الذهاب إلى ما تحت الأرض, ما عليك إلا أن تناديه وتخطفه منه. فأراد الشيخ النهوض فأسنده هرمس من ظهره حتى جلس معتدلا وأراد سموطان أن ينادي ولكنه إلتفت إلى هرمس وقال : وماذا عن ديفي وروث ؟ فقال هرمس : لا تقلق إنهما بخير عندما تركتهم,ا وقد أوصيت عليهما هاداساه وهيرود. فالتفت الشيخ أمامه بهمة وعزم وقال : برهتيه كرير تتليه طوران مزجل بزجل ترقب برهش غلمش خوطير قلنهود برشان كظهير نموشلخ برهيولا بشكيلخ قزمز أنغلليط قبرات غياها كيدهولا شمخاهر شمخاهير شمهاهير بكهطهونيه بشارش طونش شمخاباروخ اللهم بحق العهد القديم كهكهيج يغطشي بلطشغشغويل أمويل جلد مهجما هلمج وروديه مهفياج بعزتك ألا ما أخذت سمعهم وأبصارهم سبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فغمت الارض وأصبح كل شيء يحيط بالشيخ أسود, وتقدم أمامه حاجب الجن ذلك الاسود ذو الطربوش الأحمر والبنطال القصير والعباءة الذهبية المخططة بالأحمر وقال : ماذا تأمر يا سيدي ؟ فقال سموطان : إقترب. فتعجب حاجب الجن من الطلب وأوسع عيناه فتقدم حذرا قليلا حذرا بخطوة واحدة وتلاها برجله الأخرى ووقف فقال له الشيخ : إقترب أكثر. فخطى قليلا فعاجله الشيخ بقوله : أكثر أكثر إقترب. وراح يمشي هكذا كلما قال له إقترب حتى وصل عند الشيخ فمد الشيخ يده بسرعة إلى طربوشهه وقبل أن يلمسه أدبر حاجب الجن يركض إلى الخلف مسرعا وكأنه البطريق لطول أقدامه وبخطواته الصغيرة والشيخ يزحف وراءه بسرعة حتى إذا ما أدركه بيده اليسرى أمسكه من بشته الذهبي وهو مايزال يهرول فمد سموطان يده اليمنى إلى طربوشه وخلعه بسرعة ووضعه على رأسه وإختفيا هما الإثنين .



...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو anwar66
anwar66
موقوف
°°°
افتراضي
الفصل الثاني عشر

ظهر الشيخ تحت الأرض في تلك الممرات يمشي حتى وصل إلى حجرة إحتجاز الملكة دبورة وأبنائها الستة. ولكن سموطان لم ينتبه إلى الحارسان اللذان وضعا على بوابة الغرفة فرجع إلى الوراء ظانا أنهما قد شاهداه ولكنهما لم يتحركا فوقف سموطان مكانه واستدار إلى الخلف ونظر إليهما فلم يتحركا, فتقدم منهما ببطأ حتى وصل أمامهما ولم يتحركا, فمد يده على عينيهما فلم يرياه عندها علم أنه غير مرئي لهم فتقدم حتى دخل إلى حيث الملكة وأبنائها وقوف, فدخل عليهم فلم يروه فمر يتفحص الملكة دبورة فقالت الملكة بصوت خفيف : سموطان. ولكن الشيخ لم يرد عليها فحاولت التحرك والإلتفات فلم تستطع وهو ينظر إليها وإلى أبنائها .

كان هرمس ينتظر في ذلك المكان الذي إختفى فيه سموطان وإذا بالشيخ يظهر عليه عندما خلع طربوشه الاحمر الصغير في يده. فقال الشيخ لهرمس : لقد شاهدتهم ولكن ماالذي يمكنني عمله؟ هل من طريقة ما لتحريرهم؟ عندها شيء ما من خلف الشيخ يشد ثوبه إلى تحت فالتفت الشيخ إلى الوراء ونظر تحته فإذا هو حاجب الجن. فمد حاجب الجن يده إلى الشيخ قائلا : هات الطربوش. فقال الشيخ : ليس بعد إني بحاجه إليه. فقال حاجب الجن : أنا أعلم ما تحتاج إليه وهو ليس طربوشي . فقال الشيخ : وكيف ذلك ؟ فقال حاجب الجن : أخبرك مقابل أن ترجع طربوشي إلي . فقال الشيخ : هذا إتفاق بيننا ولعنه الله على الكاذبين. فقال حاجب الجن هؤلاء فتية قد آمنوا بالله الواحد القهار. وكانوا في مملكة أفسوس, وأهل هذه المملكة يعبدون مليكهم دقيانوس, فلما علم بأمرهم دقيانوس ورفضهم عبادته أرسل ورائهم الجند والعساكر فهربوا إلى الجبال, فتبعتهم الجند حتى لقيوا في طريقهم راعيا للغنم وكان هو الأخر رجلا تقيا مؤمنا بالواحد القهار فأخذهم ودلهم على مغارة في الجبل وخلفهم كلبه الصغير, فلما طال حصار الجند للجبل كان ينبغي لهم الأكل والشرب وإلا ماتوا جوعا, فدعوا الله أن يخلصهم من الحصار, فناموا ولم يستيقظوا, فلم تتصور الجنود المحاصرين بعد فترة طويلة أن يكون هناك في الجبل من يتحمل كل تلك الفترة بلا ماء ولا أكل فتيقنوا أن حصارهم للجبل بلا جدوى فذهبوا, ولكن الفتية مع كلبهم ظلوا أحياء ولم يستيقظوا لمئات السنين حتى اليوم, وهم الوحيدين الذين إستطاعوا بقدرة الله فعل ذلك . وهم الوحيدين الذين يستطيعون تحدي ملوك الاتجاهات وفك الجن من أسرهم, فهؤلاء لم يؤثر فيهم الزمن بإتجاهاته الستة بشيء, بل إنتصروا عليه. فقال الشيخ : وكيف هي الوسيلة لذلك ؟ فقال الحاجب : حسنا أنا أعلمك, تأخذون من بقرة صفراء كاملة الصفرة خالية من الشوائب تأخذون منها أذانيها الإثنتان وذيلها, و تربط الكلب بذيل البقرة ثم تضرب بالأذن اليمنى على أذن الكلب اليمنى ثلاث ضربات وعند كل ضربة تذكر إسم من أسماء أصحاب اليمين وهم تمليخا مكسلمينا ساونوس ثم بالإذن اليسرى تضرب الكلب في أذنه اليسرى ثلاث ضربات وعند كل ضربة تذكر إسم من إسماء إصحاب الشمال وهم مرطيلوس بينوس دوانوس ثم تجمع أذني البقرة مع بعضها وتضرب على رأس الكلب مرة واحدة وتذكر إسم الراعي كشطوس ثم تضرب رأسه مرة أخرى وتذكر إسم الكلب وتقول : يا قنطوريا فيقوم الكلب من نومه وينبح سبع نبحات فيقومون كلهم من نومهم فيتبعون كلبهم يرشدهم الطريق. فقال سموطان : وأين هذا الكهف ؟ فقال حاجب الجن : في مدينة أفسوس مغارة في جبل ناجلوس وأشار حاجب الجن بكوعه الأيسر إلى هرمس قائلا : هذا يعلمه. فنظر سموطان إلى هرمس الذي هز رأسه بالإيجاب وحاجب الجن ملتفت إلى هرمس ليرى رده بعينيه الواسعتين كالفنجان. فتوجه الحاجب بنظره إلى سموطان قائلا : تجدون كلبهم هناك باسط ذراعية أمام مدخل الغار. عندها ناوله الشيخ الطربوش قائلا : لعنه الله على الكاذبين. فقفز حاجب الجن ونط إلى الطربوش برأسه فلبسه وأفلته من يده الشيخ فصار في الأرض وطربوشه على رأسه وأخذ يعدو به قائلا لمن خلفه : لا تناديني مرة أخرى هل تسمع؟ لا تناديني. حتى إختفى حاجب الجن .
التفت الشيخ إلى هرمس قائلا : هرمس تعال نطير في الجوار نبحث عن تلك البقرة. فطارا معا بعيدا .

تقدم أوريا من هيرود حيث كان يجلس تحت تلك الشجرة وحتى وصل إليه وقف قبالته وقال له : لقد علمت قبر الملك بعلامة وجعلت التراب عليه عاليا وكتبت أسماء الجند الذين ساعدونا في الدفن حتى نستدل بهم عن المكان إذا ما رجعنا, ولسوف نرجع أعدك بذلك. رفع رأسه هيرود إلى أوريا ونظر إليه وقال : هل تثق بصاحبك الذي أرسلناه ليجلب لنا النجدة ؟ فقال أوريا : بالطبع, دونما شك ليست هناك أسرار بيننا إنه صديقي الوحيد لا تخف, كما أنه يملك من حس التصرف وحجة الاقناع ما يجعله الانسب لهذه المهمة, لا تقلق سيقنعهم بالانضمام إلينا وسترى عندما نصل إلى هناك سيكون هو وجند الملك شمشون بإنتظارنا. فأطرق هيرود رأسه مستغرقا في الأرض بينما تأمله أوريا وانصرف عنه. فنظر هيرود إلى جهته اليمنى من الأرض فإذا مجموعة من النمل الأحمر نمل الغابات الكبير كلها تصارع نملة واحدة سوداء تدافع عن نفسها وسط مجموعة تريد إيذائها وقد أحاطت بها. فتدخل هيرود وسحب خنجره وأبعد النملات الأخريات عن تلك النملة بعضها قطعها بخنجره والأخر هشه بالخنجر فابتعد ولاذ بالفرار حتى بقيت النملة السوداء وحدها ساكنة هناك تراقب زوال الخطر عنها. فشعر هيرود بمدى فرحتها لازالة كربتها وكأنه هو في مأزق ويتمنى أن يفعل أحد ما معه مثلما فعل هو مع تلك النملة. وراح يتأملها وتبسم وهو يدير وجهه ينظر إلى لا مكان إلا للقدر الذي وضعة في تلك الظروف. فإذا فجأة شهق هيرود وتحارق ونظر إلى يده التي كانت تمسك بالنخنجر والتي يضعها على الأرض بجانبه وتألم فإذا تلك النملة التي أنقذها قد لسعته فرفع خنجره ليضربها بغضب ولكن فجأة توقف لدى شعوره بشيء غريب يحصل له. فإذا جسمه يتضائل ويصغر حتى صار صغيرا بحجم تلك النملة. فوقف على حيله ونظر إلى تلك النملة مندهشا فإذا تلك النملة السوداء تنقلب إلى إمرأة عجوز بملابس ملكية من الجواهر واللآلي التي في صدرها والتاج الذي على رأسها بحجم النملة فقال لها هيرود متعجبا : من أنت ؟ فقالت العجوز له بترفع وأدب وإحترام وبأسلوب راقي لا يناسب إلا الملوك : أنا ملكة الغابة أيها الشاب الوسيم, أرجو أن لا أكون قد آلمتك بلسعتي تلك؟ فأراد هيرود الكلام ولكنه لم يعرف ما يقول فعاجلته الملكة قائلة : أشكرك على إنقاذي من أولائك الوحوش الحمقى, وعلى العموم فأنت لست إلا جنديا يقوم بواجبه تجاه ملكته. فقال هيرود متعجبا : أنا جندي ! وقال بعزة نفس : أنا هيرود إبن الملك العظيم أجمنون ملك مملكة (زيتا). فقالت العجوز بكل برود وبغطرسه: آه إذا نحن من صنف الملوك, وما الذي أتا بك أيها الملك من مملكتك إلى مملكتي؟ فأراد هيرود الكلام ولم يستطع إذ لم يعرف بماذا يجيبها فتقدمت منه بسرعة وأخذت بيده وشدته وهي تذهب به قائله : تعال معي أنت يجب أن تقابل زوجي الملك, لابد وأنه سيكافئك مكافأة عظيمة على إنقاذك لي. وراح هيرود معها وهي تجره من يده بلا حول ولا قوة وهي تكثر من الثرثرة بلا توقف مرفوعة الرأس غير مبالية بهيرود ورائها غير أنها أمسكته جيدا من خلفها تجره في الغابة التي قد تضاعف حجمها مرات كثيرة من فوقه .
دخلت العجوز في ممرات الجحور في خلية النمل تحت الأرض حتى وقفت على سلم تنظر إلى تحته. فإذا هو رجل ضخم ذو ظهر عريض ورأس كبير لايلبس سوى البنطال, وقد إرتفع بنطاله إلى معظم بطنه الضخم حتى صدره, أصلع متين جدا, وهو يعطي الأوامر للنمل الأسود هنا وهناك وهو يشير إليهم بيده ويصيح بهم : هيا هيا.. أسرع من ذلك.. أريد أن تكون المخازن جاهزة مجهزة بالطعام.. أسرع.. لم يبقى لدينا الكثير من الوقت. والتفت الضخم إلى خلفه عندما سمع الملكة تقول من وراءه : زوجي الحبيب. وانطلقت إليه تاركه خلفها على السلم هيرود ينزل منه رويدا رويدا مقلبا بصره في تلك الجحور من حوله ويراقب الملكة وهي تنزل وتمشي على الأرض المنبسطة حتى ذلك الضخم الذي بدى غير مبالي بها. حتى وصلت إليه وهي مادة ذراعيها نحوه مبتسمة فقال لها : ظننتك قد إختطفتي, ما الذي أتى بك مرة أخرى؟ عندها غضبت ووجمت الملكة وأنزلت يديها وقالت له وهي تلكزه بعصاها الذهبية على بطنه: كم مرة أقول لك يجب أن تلبس شيئا, هل أنت فرح بهذا ؟ وقد عنت بطنه الذي لكزته فتألم ممسكا بطنه ثم إبتسمت في وجهه وقالت : ألست سعيدا بعودتي سالمة؟ فقال الملك على مضض : بلى.. بلى. ونظر إلى هيرود خلفها وقال: ومن الذي منحني هذه السعادة البالغة بعودتك سالمة. وتقدم الضخم نحو هيرود تاركا الملكة خلفه فقالت الملكة من خلفه : هذا هيرود إبن المك أجمنون من أي مملكة قلت ؟ فقال هيرود: من مملكة(زيتا) يا سيدي. فنظر إليه الملك عن قرب وقال : من مملكة (زيتا), نعم, وما الذي رماك عليها ؟ فتدارك الملك نفسه وقال : أقصد ما سبب وجودك في غابتنا ؟ هل أنت عابر سبيل ؟ فقاطعته الملكة من خلفه وهي تتقدم إليهما قائلة : لقد أنقذني من الحشرات التي إختطفتني إنه يستحق وسام النمل الأول, أو تكريما ما لقاء بسالته وشجاعته في القتال, فلقد غامر بحياته لينقذني. فاستدار الملك إلى الخلف ومشى وهو يقول بتردد: نعم نعم بالتأكيد أي شيء مقابل رجوعك لنا. ثم استدار الملك ناحية هيرود وقال له : بماذا تتمنى أن نكافئك؟ وقال الملك وهو يشير بيده إلى الملكة : لا تقل لي أنك تطلب من أنقذتها مكافاة لتأخذها معك لقاء إنقاذك إياها. فإبتسمت الملكة واحمرت خجلا وهي تنظرإلى هيرود. فتقدم منه هيرود إلى نهاية تلك الارضية المرتفعة حيث يطالع النمل تحتها يعملون ثم قال : من أنتم ؟ وكيف تعيشون بهذا الحجم ؟ فقال له الملك وقد إنضم إليه حيث يطالعان النمل يعمل : نحن ما تسمونهم الجن أيها الشاب, من الجن, ونسكن الغابات ونتصور بجميع أنواع الحشرات التي تسكن الغابات, فمنا ما يتصور بالجراد والضفادع والزنابير والنمل وحتى الديدان, من كل شيء من كل شيء كل ما هو من حشرات الغابة, فهي وسيلتنا للحصول على الغذاء كما ترى. وأشار الملك بيده إلى النمل وهي تجمع الطعام من تحتهم فوضع الملك يده عى ظهر هيرود وقال له : آه ماذا تريد ؟ هل تأخذ بعض هذا الطعام ؟ فقال هيرود : لقد إحتل ألأعداء مملكتي, وإني ماضي إليهم ببعض الجند ولكن ليس لدينا وسيلة للركوب, هل تعرف من يمكن أن نشتري منه الخيول ؟ فقال الملك : كم تحتاج من الخيول ؟ فقال هيرود حوالي المايتان. فقال الملك بكل ثقة ووساعة صدر : بل خذ ثلاث ماية. ففرح هيرود وقال له : هل هذا ممكن ؟ فقال الملك : بكل تأكيد, ولكنها ليست كخيولكم. فتعجب منه هيرود فقال له الملك : بل إنها أسرع من خيلكم, سأعطيك ثلاث ماية من جندي الذين على صور الجراد, وهم هناك في الأعلى الآن, أقصد في أعالي الأشجار, يحملونكم إلى مكان ما تريدون. فقال هيرود : هل من الممكن أن نركب الجراد ؟ فقالت الملكة من خلفه: وهل من الممكن لبني البشر أن يدخلوا بيوت النمل ؟ فتوجه الملك إلى هيرود مشيرا إلى الملكة من خلفه وقال له : هل سمعت ؟ زوجتي لا تنقصها الحكمة لذلك فهي لا تريد التخلي عني.

أصبح الملك المتين والملكة العجوز وهيرود وخلفهم بعض النمل الاسود من حراس الملك فوق فم مملكة النمل على سطح الأرض. فنظرالملك إلى الآعلى وأطلق صفارة عجيبة غريبة طويلة دوت في أركان الغابة, فإذا تسمع أصوات فحفحات في الغابة وإذا هي مجموعة من الجراد تهوي من أعالي الاشجار إلى حيث الملك. وتجمعت كلها أمامهم فأشار إليها الملك بكفه قائلا لهيرود : جنودك أيها البطل, إنهم تحت تصرفك. فقال هيرود : ولكنها صغيرة. ونظر هيرود يتأمل تلك المجموعة الكبيرة من الجراد .

وصل الشيخ وهرمس إلى كهف في الجبل فحطى على فسيحة في مدخله. وتقدم سموطان حذرا من الغار ليدخل وخلفه هرمس. فلما دخلا الغار إنتقز سموطان لدى رؤيته كلبا كبيرا ذو شعر كثيف باسط ذراعية نائما في مدخل الكهف وقد طالت أظافر يديه حتى غطت على يداه فلا يظهر منهما شيء. ثم تقدم في الكهف إلى الداخل وهرمس وراءه حتى شاهدا سبعة من الرجال نيام, وقد كسى الشعر أجسادهم وتقطعت ملابسهم وصار ذلك الشعر يكسو جسمهم ويغطي عورتهم, وطالت أظافرهم وهم نيام في سبات عميق. وتتطلع سموطان في جوانب الكهف الذي قد ملأته الأغبرة والتراب في كل مكان. ثم رجعا إلى الكلب فربط سموطان الكلب من عنقه على حذر بذيل بقرة قد سلخه. وناول طرف الذيل لهرمس الذي يقف بجانبه. ثم أخذ سموطان أذن من آذان البقر وضرب بها على أذن الكلب اليمنى ثلاث مرات وفي كل مرة كان يقول أحد هذه الاسماء .
تلميخا مكسلمينا ساونوس. ثم وضع الأذن أرضا وأخذ من هرمس أذن بقر أخرى فناوله إياها وضرب بها أذن الكلب اليسرى ثلاثا وفي كل مره كان يقول أحد هذه ألأسماء, مرطليوس بينوس دوانوس. ثم أخذ سموطان ألأذن التي وضعها أرضا وأرضفها في ألأذن ألأخرى وضرب بهما رأس الكلب وقال : كشطوس وضربه ضربة أخرى على رأسه وقال : يا قنطوريا فلم يكمل سموطان كلمته حتى قفز سموطان جافلا وارتمى بعيدا على الأرض عندما نهض فجأة الكلب على رجليه واقفا. ثم أن الكلب أخذ يهز نفسه نافضا الغبار عن شعره وأخذ يتثاوب وهو واقفا في نفس الاتجاه الذي كان به نائما دونما أن يلتفت إلى الشيخ أو هرمس بجانبه. والشيخ شاخص إليه بصره يرى ما يفعل الكلب. ثم نبح الكلب سبع نبحات بالتمام وفي كل نبحة كان أحد أولائك السبعة يقوم من نومه متثاوبا مادا يديه ورجليه متمغطا حتى قام آخرهم فمد جسمه فنبح الكلب نبحات متتالية وهو ينظر إلى المخرج. وكان سموطان وهرمس ينظران إلى فعل أولائك الرجال السبعة الذين تجاهلوا وجودهما تماما. فجذب الكلب هرمس الذي يمسك بلجامه على غفلة راكضا إلى خارج المغارة وهو ينبح فتراكض وراءه هرمس بينما الشيخ ينظر اليهما يعدوان. فنظر أولائك السبعة إلى كلبهم وهو يعدو وطار كل واحد منهم من مكان رقدته بإتجاه الخارج, وعندما كان سموطان واقفا في طريقهم مذهولا كانوا يمرون من جانبه ودفعهم للهواء يطير بلحيه سموطان ويرفرف ملابسه وهو يراهم يخرجون يتبعون كلبهم حتى آخرهم فاستجمع سموطان وطار خلفهم, فأصبحوا يطيرون كلهم في الفضاء وراء الكلب الذي يثب في السماء وهو ينبح .

وكذلك هيرود كان هناك في الفضاء يطير راكبا على جرادة عملاقة وحوله الجند راكبين على مجموعة من الجراد التي طارت بهم بإتجاه مملكة (زيتا) فصرخ هيرود على هاداساه التي كانت راكبة على جرادة تطير بجانبه قائلا : لا يمكن لهم أن يهزمونا, لم نحصل على وسيلة ركوب فقط بل جيش لا يقهر. وفرح هيرود مبادلا الفرحة هاداساه التي راحت تبتسم له منشرحة الصدر من موقفه الذي أصبح قويا .

في مملكة (زيتا) كان الملك ميشا يدهن بعض الرماح والسيوف بسائل ما. والجند من حوله يفعلون فعله ومن ورائهم رجال أشداء ذوي أجسام عظيمة بدروعهم وملابسهم الحربية ولكنهم برؤوس الخنازير والقردة. ويتقدمون لإستلام أسلحتهم من جند ميشا الواحد تلو الأخر. فسمع الملك ميشا وهو يدهن الرماح بوق الاسوار فترك ما بيديه بسرعة وهرول إلى الخارج وما يزال البوق يصيح حتى وصل ميشا إلى فوق الاسوار حيث الجند. فقال له صاحب البوق وهو يشير بيده إلى الفضاء: انها سحابة سوداء تقترب منا بطريقة غريبة ياسيدي. فنظر إليها ميشا وهي تبدو من بعيد كالغيم الكثيف فقال للجندي صاحب البوق : صف الجنود على الأسوار وكل يأخذ من تلك الرماح والسيوف الخاصة زيادة على ماعنده من عدة. واستدار ميشا عنه ومشى وهو يقول له : أحكموا الحراسة وليستعد جميع الجند وتوقف لما رآى آرميا أتي إليه يتبعه مسرعا بإتجاهه فقال له ميشا بغضب : قلت سيكونون هنا بعد عشرة أيام. وعض ميشا على أسنانه ومضى يتجاوزه وأرميا واقف هناك مفكرا فخرج إلى الأسوار لينظر تلك السحابة تقترب بينما أخذ الجميع بالتراكض والاصطفاف في كل مكان استعدادا للمعركة. وكلا من الجنود الذين إصطفوا على السور يحمل عددا مضاعفا من الرماح والسيوف .
فلما وصل هيرود وجماعته وبان للملك ميشا وبجانبه آرميا تلك الجموع تقترب من الفضاء أشار ميشا إلى الجند بيده فأطلق البوق ورفع كل جندي رمحه بإتجاه تلك السحابة فانطلقت الرماح لوحدها تخترق الهواء بإتجاه الجراد. ففزعت جنود هيرود من ذلك الوابل القادم عليهم ومنهم من إحتمى بدرعه وأصابت الرماح بعض الجراد فهوى أرضا بالجنود الذين يركبونها ومن الجراد من إنخفض أرضا ولم تصبه تلك الرماح. فأشار ميشا إلى جنده بيده فأطلقوا البوق فحمل الجند سيوفهم وأطلقوها في الفضاء فانطلقت في اتجاه ذلك الجراد الذي بعضه إتجه إلى جانب من الأبراج وبعضه واجه السيوف التي قامت تقاتل بنفسها الجند على ظهور الجراد . وبعض الجراد يختطف الجند الذين على أسوار (زيتا). وبعض من حمل حجارة كبيرة وقام يطير فوق القلعة وتلقيها من علوشاهق فتسقط على الجند بالأسوار وداخل القلعة. وكثر الضجيج واحتدم القتال ونزلت بعض الجرادات إلى أمام القلعة وأنزلت من عليها من الجند ثم طارت للقتال وهي تحوم حول القلعة تخطف الجند وهم يرمونها بالسهام. فكثر القتل في كلا الطرفين وقام الجند بقذف الكرات النارية على من حاول فتح باب المدينة فقتلوا منهم حتى فتح الجند البوابة من الداخل وخرج منها تلك الخنازير والقردة المتوحشة فأخذت تطارد جند هيرود الذين فزعوا من مناظر أولائك الوحوش وهربوا إلى الوراء وتلك المخلوقات تلاحقهم . وأخذ الجراد يتخطف بتلك الخنازير والقردة ومن الجراد من نزل إلى الأرض وتحول إلى ضفدع عملاق أخذ يضرب القردة والخنازير بلسانه الطويل ومن الجراد من تحول إلى نمل أسود كبير أخذ يقص تلك الجنود المتحولة بمقاصه القوية التي في فمه . وقويت شوكة جند هيرود فرجعوا إلى قتال الخنازير عندما تكأفات الكفتان فكثرت الدماء بالمكان. وميشا يراقب من فوق وانزعج وزمجر وهو ينظر إلى تلك الحشرات العملاقة تفتك بجنده وبجانبه آرميا والشيخان أخوي سموطان. فغضب آرميا وتحول إلى مرقس الرملي وأخذ سيفين كل سيف بيد وقفز من أمام ميشا من فوق القلعة إلى خارج المدينة وأخذ يعمل القتل في الجنود فتهجم عليه الجراد بأيديها الشوكية فتخترقه ولا تؤثر فيه . فيقص أرجلها ويكبيها بسيفه وهكذا على النمل وقص ألسن بعض الضفادع ولم يقدر عليه أحد وهو يشق طريقه قتل يمينا ويسارا وميشا يشاهده وقد سرت سرائره وفرح به. وتقدمت من مرقس جرادة وقصمته بفمها من بطنه ولم تؤثر به فضربها بسيفه بين عينيها فترنحت وسارت إلى جهه اليمين قليلا فسقط أوريا من على ظهرها فوقعت عليه ببطنها وأخمدته أرضا تحتها. وهيرود هناك يقاتل في كل جهه يضرب بيمينه ويساره ويسقطهم . وهاداساه تتبعها روث وقد وضعتا ديفي بينهما وكلما حاول أحد الأقتراب منهم مدت هاداساه بيدها التي بها الخاتم السليماني فتخرج أنصال على شكل دائرة واسعة تشمل ثلاثتهم من كل إتجاه فتضرب من بطريقها وتدفعه بعيدا مقتولا وهكذا كانت تتقدم مع روث وديفي تحت تلك المظلة الحديدية وكل من أراد ضربهم بسهم إنطلقت تلك الدائرة وقطعت أي شيء يحاول دخول تلك الدائرة التي هم فيها ومهما تقدموا تتقدم معهم.

وصل أصحاب الكهف إلى بقعة مكشوفة من الغابة فنزل الكلب بإتجاهها يعدو وهرمس وراءه ومن خلفه أصحاب الكلب والشيخ خلفهم . حتى دخل الكلب وغاص في الأرض بهرمس وتبعهما أصحابه بينما حط سموطان على الأرض واقفا هناك حيث إختفوا. ثم ظهروا من داخل تلك الممرات يطيرون فيها حتى دخل الكلب تلك الغرفة حيث الملكة وأبنائها الستة واقفين كالخشب بلا حراك. فوقف الكلب بجانب زاوية الغرفة يلهث ينظر إلى الجان بينما هرمس واقف بجانبه ممكسا بلجامه فدخل أصحاب الكهف الغرفة طيرانا ومباشرة توجهوا إلى الجان وأخذوا يدخلون أجساد الجان ويخرجون حتى دخل جميعهم في جميع الجان. فتحرروا وطار الكلب بهرمس راجعا من الممرات بينما طارت الجن وراء هرمس ومن خلفهم أصحاب الكهف يطيرون في تلك الممرات الضيقة المظلمة. وكان هناك الملك غيدول فشاهدهم يطيرون ويهربون فصاح بهم قائلا : دبورة... ولكن الملكة لم تجب بل زادت سرعتها بينما الملك غيدول يصيح من ورائهم قائلا : دبورة... لا تعودي إلينا ثانية... هذه طريق اللاعودة .
وعندما ظهر هرمس وكلبه لسموطان فوق سطح الأرض ومن وراءه الملكة دبورة قفز الكلب من يد هرمس وطار في الفضاء يعدو. فخرج أصحاب الكهف من تحت السطح يلحقون بكلبهم الذي ينبح في السماء حتى إختفوا معه. ففرح بهم سموطان وهو ينظر إلى الملكة التي سرت برؤيته وقبل أن ينطق سموطان قاطعته الملكة دبورة قائلة : يجب أن نسرع لقد فاتني الكثير من المغامرة. وتبسمت وأولادها من حولها فتبسم الشيخ لها وطاروا جميعا .

مرقس وإذ يقاتل الجند مشى حتى وصل إلى هيرود فرأى كلا منهما الأخر. فتقدم إليه هيرود وراحا يتقاتلان فاصطكت السيوف وتعالت الصيحات. ثم أن هيرود عاجل مرقس بضربه من سيفه على عنقه ولكن السيف إخترق تلك الرقبة الرملية دونما أثر فضحك مرقس ووقف هيرود عاجزا. فضربه مرقس على فخذه بسيفه فجرحه, واقترب منه ليجهز عليه ولكن هاداساه كانت هناك فاقتربت من مرقس وأعملت فيه خاتمها فشطفته الدائرة النصلية إلى رمال متناثرة في الأرض. ولكن حبيبات الرمل تلك عادة مرة أخرى إلى جسد مرقس. ولم يستطع الإقتراب من هيرود الذي كان مجروحا خلف هاداساه التي تحميه بدائرتها النصلية. وهناك قد بقي من الجراد واحدة, فاجتمع عليها جند القردة والخنازير فقتلوها عندها تقدم جند وخنازير وقردة كثيرة من داخل المدينة وتصايحوا ونخروا بمناخيرهم وحملوا عليهم وإذ ذاك إنتبهوا إلى مجموعة من الجند تهجم عليهم بخيلهم ولم تكن هناك في ساحة المعركة من الخيول. فإذا هوجيش من مملكة الملك شمشون قد وصلوا واشتبكوا معهم ودار القتال بينهم وصارت المعمة فالتفت مرقس إليهم وراح يقتل فيهم. ولكن الجيش كان ضخما وبانت القردة والخنازير ومن جند ميشا قلة في وجه هذا الجيش الجرار الذي لم يبن له آخر بعد. عندها نظر ميشا إلى تلك الجموع الغفيرة وتيقن الهزيمة فأعطى الإشارة إلى جنده فوق الاسوارفنفخوا في الأبواق فسمعه الجند وبدؤا اينسحبون من أرض المعركة بإتجاه بوابة المدينة. والملك ميشا لما رأى جيشه ينسحب دخل إلى داخل الغرفة التي كان يطالع منها المعركة ووضع الأقمشة ذات الألوان السبعة, وكوم كل لون لوحده ثم وقف قبالتها وعزم قائلا : يا تاي يا ظطع يا فحت يا غذحي يا ثاي ياقطص يا شدع . فما أتم عزيمته حتى كان كلما ذكر إسم قام صاحبه من تحت ثوب لونه رجلا يلبس ذلك القماش حتى صاروا سبعة رجال بسبعة ألوان يقفون في هواء الغرفة مصطفين أمام ميشا بالسمع والطاعة .
في ساحة المعركة ومرقس يقاتل إنتبه إلى جند ميشا وقردته وخنازيره وهم ينسحبون ويهمون بإغلاق بوابة المدينة فصرخ بهم قائلا : لا...ونظر إلى الأعلى حيث كان هو و ميشاهناك على الشرفة وقال : أيها الغبي. ثم راح يضرب في الجند يمنه ويسره. وإذ من جند الملك شمشون من يحاولون في بوابة المدينة حينها خرجت ملوك الالوان السبعة من المدينة وطارت إلى الجيش الذي بالخارج واستقروا في الفضاء في صف واحد واقفين أعلى الجيش وخرجت من أعينهم أنوار وإضاءات كل ملك بلونه الذي عليه يخرج نوره بإتجاه الجموع تحتهم, ثم إنطفأت الانوار واختفت ملوك الألوان عندها بدأت الالوان تختفي من نظر الجيش وكل ما ينظروه يصبح باهتا أكثر فأكثر حتى أظلمت عليهم الدنيا في وضح النهار. وأصاب جميع من كانوا هناك العمى فلا يبصرون شيئا ومن ضمنهم مرقس وهيرود وديفي وروث وهاداساه. وراح من الجند يمد سيفه متحفزا لأي صوت أمامه يضرب دفاعا عن نفسه فيقتلون بعضهم البعض . وكثرت الضجة فيهم وهم لا يعلمون ماذا أصاب الدنيا من ظلام. وراح مرقس يضرب بسيفه ضرب عشواء في كل مكان وهو يقول : لماذا حل الظلام بالمكان ؟ ماذا حدث ؟ أي قوة هذه ؟ عندها فتح الجند بوابة المدينة وخرجت جموع القردة والخنازير وهي تصيح بوحشية ومن ورائهم جند ميشا يتراكضون إلى جيش العميان وكانت تلك غنيمة سهله فأثخنوا فيهم القنل وهم غافلون .
أوريا كان يحاول جاهدا الزحف من تحت بطن الجرادة التي وقعت عليه حتى خرج منها فشاهد ما يحصل وكان هو الوحيد الذي لم يلحق بصره شيء لإنه لم يكن معهم بل كان تحت تلك الجرادة العملاقة فلم يعمى بصره. فشاهد هناك روث ممسكة بديفي وقد إلتصق ديفي بهاداساه أمامه التي كانت تطلق دائرتها النصلية طوال الوقت بلا توقف مادة بيدها وثلاثتهم لا يرون شيئا أمامهم. ثم أن أوريا شاهد مرقس يتخبط بسيفه في الساحة من غير هدى . فالتقط أوريا سيفا واتجه إليه يخاتله حتى إذا ما وصل إليه من خلفه واراد ضربه إستدار مرقس فجأة ملوحا بسيفه خلفه بقوة فإذا ضربته تقع في سيف أوريا فارتد للخلف ووقع أوريا أرضا مصدرا صوتا. فتقدم إليه مرقس يتحسس ذلك الصوت في الظلام وأوريا حيث سقط يزحف للخلف ومرقس يتبعه رافعا سيفه حتى إصطدم أوريا في عربة خلفه ولم تطل يده من فوقه غير قربة ماء معلقة بالعربة فرماها عليه ليشتت إنتباهه فأصاب الماء يد مرقس الرملية فوقعت يده رملا متكوما على الأرض مع السيف ولم تنهض رمال اليد إلى مكانها مرة أخرى في جسده. فخاف مرقس إثر ذلك فتنبه أوريا إلى ضعفه فنهض من تحت العربة ورأى قربة ماء أخرى معلقة على العربة فأخذها ورماها على مرقس فأصابت أجزاء منه. فأصبح جسم مرقس الرملي فيه فجوات فارغة من بطنه وصدره ووجهه وأرجله مكان ما أصابه الماء فسقطت الرمال على الأرض ولم تعد فخر مرقس أرضا يتلمس رماله بينما كان أوريا ينظر إليه كيف أصبح ذلك الجبروت عاجزا ضعيفا خائفا. ونظر أوريا في تلك العربة بحثا عن الماء فلم يجده. عندها وجد أوريا الحل فتقدم من مرقس وهو على الأرض يبحث عن رماله المفقودة من جسده فأخذ أوريا يبول في مرقس وكلما بال عليه ذبل وتساقطت رماله حتى أفرغ أوريا كل ما عنده فبال على وجه مرقس فأصبح كومة من الرمل المتثاقلة بالماء.

أما جند الملك شمشمون فقد كانوا يقاتلون ويدافعون عن أنفسهم بما إستطاعوا وهناك منهم من يقاتل بعضهم البعض فحضر الشيخ سموطان مع ملوك الجان من الفضاء وشاهدوا تلك المعمعة فأخذ كل منهم شيئا من الأسلحة وراحوا يساعدون في قتال تلك الخنازير والقردة المتوحشة ويبعدونهم عن العميان قدر المستطاع. وأخذ الشيخ يشق طريقه بقتل من يعترضة باحثا عن ديفي وروث وهرمس معه يساعده. والملكة دبورة وأولادها تجمع حولهم جند ميشا ووحوشه يقاتلونهم. حتى شاهد الشيخ ديفي وروث وشاهد هاداساه وهي تحميهم فصرخ بهم قائلا : روث ديفي. فانتبهوا لمن يناديهم فقالت روث : سموطان أهذا أنت ؟ فقال سموطان : نعم, هاداساه أحسنت صنعا يمكنك التوقف قليلا الآن. وحيث لم يكن يهجم عليهم أحد حينها فتوقفت هاداساه عن إدارة دائرتها النصلية فركض سموطان إلى روث وديفي اللذان إحتضناه بقوة وكادت روث أن تبكي مما لاقياه من معاناه وأخطار في غيابه. فنظر الشيخ وراءه حيث يقف هرمس يحميهم فنظر هرمس إليهم بإبتسام. فأخذ الشيخ ديفي وقال لهرمس : عليك بروث هذا المكان غير آمن هنا. ثم توجه سموطان بالكلام إلى هاداساه قبل أن يطير بديفي قائلا : هاداساه, أنت لوحدك الآن. وطار الشيخ بديفي كما طار هرمس بروث فشاهدهم الجن من تحتهم وهم يطيرون بإتجاه المدينة فلحقوا بهم مع أمهم وتركوا ساحة المعركة والجند يناظلون بدون أبصارهم. وكان أوريا مشغولا يجمع رمال مرقس المبلولة في جونية .

هبط الشيخ ومن معه إلى برج القلعة ودخلوا في ممرات المدينة الداخلية وسموطان يقود ديفي كما هرمس خلفه يقود روث والجن من أمامهم مع أمهم يشقون لهم الطريق ممن يعترضهم في وجهتهم من الجند, حتى وصلوا إلى سرداب فدخلوا فيه إلى غرفة كبيرة خالية إلا من قفل أسود كبير في وسطها, وهذه على قاعدة مبنية صغيرة إنه القفل السابع. فتقدم إليه سموطان وبيده ديفي ولكن فجأة ظهر أمامهم ميشا فترك الشيخ ديفي وقال لهرمس : أخرجوا المفتاح وهو ينظر إلى ميشا فتقدم منه سموطان فتعاركا وطارا في أرجاء الغرفة ولكن الشيخ كان ضعيفا بسبب الجروح في معصميه فأخذا يكيلان لبعضهما الركلات واللكمات بينما تقدم هرمس بديفي وروث إلى القفل وخلفه الجان فأخذ هرمس بيد ديفي ووضعها على المفتاح وقال له : افتحه هيا يا ديفي إفتحه. فأدار ديفي المفتاح فانطلق صوت إنفتاح القفل وخرجت تلك الومضة من ثقبة فأخرجه في يده
[COLOR=black][SIZE=5]العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط.. رابط مباشر للصورة[/URL]

فقالت الملكة دبورة لهم : لابد من وضع المفاتيح في قلائدكم بترتيب الاسبوع. وأخذت الملكة بيد روث ووضعتها على قلادة ديفي وهي حذره ألا تلمس المفاتيح وقالت لها :أخرجي المفاتيح من القلادة. فأخذت روث تفك قلادة ديفي بينما الملكة تقول لها : أسرعي.. أسرعي. وهي تنظرإلى الشيخ يعاني الصراع مع ميشا.
ففكتها روث ونثرتها على الأرض فتراجع الاخوة الجان للخلف لكي لا تصيبهم المفاتيح. ثم أخذت الملكة بيد روث ووضعتها على المفتاح الخاص بيوم الأحد فالتقطته روث وتقدم أفتاب منها مادا قلادته على حذر فقالت لها الملكة وهي تسند يد روث نحو قلادة أفتاب : ضعيه هنا. وبصعوبة وبشيء من الحظ وضعته روث داخل قلادة أفتاب فأصدر ضوء قويا وتمغنط المفتاح في حفرته التي حفرت على شكله وطابعه داخل قلادة أفتاب .

في ساحة المعركة هاداساه كانت تتحرك ببطأ وهي في حماية تلك الدائرة النصلية التي لا تتوقف عن الدوران ورغبت هاداساه بقوة أن تحلق بالبقية عند إختفائهم عنها وهي لوحدها. فحاولت جاهده أن تبصر الطريق أمامها, فاستجاب الخاتم السليماني في إبهامها لرغبتها الشديدة فإذا الصورة أمامها تتضح شيئا فشيئا حتى إستطاعت أن ترى بوضوح ففرحت وأسرعت الخطى إلى داخل القلعة ودائرتها النصليه تدفع بكل من يتقدم منها بعيدا مصروعا حتى دخلت تسير في ممرات القلعه.

الاخوة الجان خمسة منهم قد وضعت لهم مفاتيحهم في قلائدهم ولم يبقى غير مفتاحي الجمعة والسبت لأناهيد وكيوان فأخذت الملكة دبورة بيد روث ووضعتها على مفتاح وقالت : وهذا مفتاح يوم الجمعة أناهيد. فتقدم أناهيد منها يرفع قلادته والملكة تسند يد روث وتوجهها كما فعلت مع إخوته الخمسة ولكن وقبل أن تضعه روث في قلادته وقع أناهيد أرضا متألما يمسك بطنه فجأة فقالت روث فزعة : أناهيد ما بك ؟ عندها استدار الجان ناحية الباب فشاهدوا الشيخان لامون وشملال يقفان على مدخل الغرفة وقد سدى المدخل وهما ينظران إلى أناهيد بتركيز. وقد أمسك لامون الطويل بكتاب ضخم بيده اليمنى على صدره. فتقدم الأخوة مع أمهم إليهما ولكن ما هي الإخطوة واحدة تقدموها حتى تمرغوا جميعهم على الأرض يتلون تتقطع أمعائهم من ألألم والشيخان يركزان أنظارهما عليهم وسموطان هناك في قتال الشديد مع ميشا وقد أنهكه التعب وخارت قواه. وبينما الجان يعتصرون في الأرض إذا بهاداساه تدخل الغرفة بعد أن ركلت شملال القصير إلى الداخل فوقع أرضا متألما فالتفت إليها لامون الطويل غاضبا وركز عينيه عليها ولكن هاداساه إندفعت إليه ووجهت خاتمها عليه فخرجت الدائرة النصليه وضربته بقوة فوقع إلى الخلف, وتناثرت قراطيس الكتاب السليماني الذي كان يحمله. حيث كانت ضربة الدائرة النصلية فيه لحسن حظ لامون. وقد تمنى أن تكون الضربة فيه بدل من تمزق الكتاب فجزع هو وأخوه على الكتاب وراحا يلمان ويلتقطان قراطيسه وأجزائه وكل واحد منهما أخذ جزءا منه ووليا هاربين إلى الخارج. عندها نهظ أناهيد وإخوته وتوجهوا إلى روث ليكملوا ما كانوا عليه فنظرت هاداساه إلى ميشا وقد إرتفع بالشيخ إلى سقف الغرفة وأسنده على الجدارهناك, قابض عليه من رقبته يخنقه والشيخ قد نال منه ألارهاق فاستسلم له. فأشارت روث بخاتمها إلى رمح يزين جدار الغرفة توجهه إلى ظهر ميشا وتفأجات هاداساه عندما خرج الرمح وتحرك بل ليس وحده هناك خمسة رماح أخرى تزين جدران الغرفة تحركت كلها بإتجاه واحد إلى ميشا فكانت فرحتها لإستجابة الرماح لآمرها لا توصف فخرقت الرماح جسم ميشا الذي تفاجأ بها من خلفه تطعنه فشهق تاركا خناق الشيخ فوقعا معا من فوق. ولكن الملكة دبورة كانت قريبة من حيث يقعا فمدت عقوصها والتقفت الشيخ قبل أن يقع على الأرض وهو كالخلقة البالية بينما إرتطم ميشا بجانبهم على الأرض مخزقا بالرماح. فوضعت الملكة الشيخ على الأرض ورأسه على حجرها وهو متألما مدميا لا يكاد يفتح عينيه وكان ديفي هناك بجانبهم ففتح سموطان عينه قليلا فرآه فقال بصوت تعب : ديفي. ثم إبتسم الشيخ فخطى ديفي خطوة بإتجاه الصوت وهو يمد إلى الشيخ يده بالمفتاح الأخير الذي فتحة من قفل (زيتا) فنظر إليه سموطان بإبتسام وأخذه من يده وهو ينظر إلى براءة ديفي وهو يناوله المفتاح وكأنه لا يريده ولا يعني له شيئا, وكأنه يقول هاكم خذوا ما تقتتلون من أجله. فاقترب كيوان من الشيخ وركع لتصل قلادته إلى مستوى يد الشيخ على الأرض فوضع الشيخ المفتاح في قلادة كيوان بيده التي تقطر دما فخرجت تلك الإضاءة وتمغنط المفتاح في قلادة كيوان. ثم توجه كيوان إلى إخوته وتجمعوا وتحلقوا في دائرة وارتفعت أجسادهم عن الأرض بمقدار نصف المتر. ثم خرجت أنوار عجيبة من قلاداتهم على شكل دائري الى مركز الدائرة التي شكلوها وبدأت أجسادهم تدور حول تلك الدائرة. وإذ هم يدورون بتلك الدائرة ظهرت في وسط الدائرة قدمان كبيرتان لشخص أسمر ينتعل حذاء من ذهب يلمع تمتد من الحذاء أحزمة ذهبية إلى سمانة ساقه. ثم بدأ بالظهور أكثر إلى الأعلى فإذا هو يلبس غطاء على عورته من ذهب. مكشوف الصدر. وعندما توقف ظهوره واكتمل شكله إذا برأسه يكاد أن يلمس سقف الغرفة العالي, رجل أسمر اللون عريض أصلع ليس إلا عقص أسود طويل من خلف رأسه, يلبس الأساور الذهبية على معصميه, وأسوارين كبيرين كل أسورة من ذهب على عضدية. ويحمل بوقا من ذهب عظيم طويل ينظر أمامه بهيبة وجلال والأخوة الجان يدورون في الفضاء من تحته حول قدميه حتى توقفوا عن الدوران لما إكتمل ظهوره وذلك النور من قلائدهم قد إنتشر في الدائرة من حول قدمية فرفع الرجل الأسمر العملاق بوقه ونفخ فيه نفخة أسمعت الأدغال والغابات والسهول والوديان والجبال والجند الذين يتعاركون في الخارج والذين فجأة رجعت الأنوار إلى أبصارهم وشاهدوا من يقاتلون أمامهم ولكنهم لم يتحركوا بل وقف الطرفان مصطمين يستمعون إلى ذلك الصوت القوي العجيب الذي لا يعرف مصدره. وفجأة بدأ جنود الملك ميشا تتيبس أجسادهم شيئا فشيئا حتى صاروا تماثيل من الحجارة على وضعياتهم القتالية. والجنود الخنازير رجعت خنازير عادية تخنزر من حول جند الملك شمشون وتنخر وتطلب الوحل والقاذورات وجند شمشون يحاولون القبض عليها لأكلها. والجند القرود رجعوا قرودا يقفزون في المكان كالبهلوانيات ويطلبون الأشجار فهللت الجموع وعمت الفرحة وتراقص الجند. أما الشيخان لامون وشملال فكانا يهمان بالهرب بالكتاب وهما ينزلان من سلم مدخل القصر عندما صاح ذلك البوق فتحجرا هناك وهما يخطوان نزولا من السلم وتحت إبط كل واحد منهما قراطيس من الكتاب السليماني وقد تحجرت معهما .

في صبيحة يوم مشمس جميل بانت مدينة (زيتا) وقد رفرفت ألأعلام فوق أسوارها وظهرت مباهج الفرحة في كل مكان وأخذت الناس وهي تتوافد إلى المدينة تتأمل ذلك الصف الطويل من الجنود المتحجرة على طول بوابة القلعة بأشكالهم وملابسهم وعددهم القتالية متعجبين من طريقة نحتهم بتلك الصورة المتقنة البديعة, وفي ساحة القصر تجمع الناس ليشاهدوا على بوابة القصر هيرود وهاداساه وهي تلبس الأبيض في أحلى حلة وأم هيرود بجانبه وبجانبها على السلم أم روث وروث وقد لبست هي أيضا لباسا أبيضا جميلا وبجانبها ديفي وأمه وكذلك شهلون والحكيم يوقاس تلميذ الشيخ وزوجة أخو هيرود الراحل سامويل ووصيفتها الحسناء وأخوانها الملوك, ويصطف من حولهم الجن السبعة والطباخة والطباخ والخضرواتي والخادم وكبير الجند والجميع في أجمل حللهم وهيئاتهم. فإذا أوريا يتقدم من بهوات القصر إلى ناحيتهم يحمل تلك الجونية التي وضع فيها رمال مرقس حتى وصل إلى عندهم من ناحية درج بوابة ومدخل القصر حيث مزهرية كبيرة زجاجية شفافة وقد ملأ نصفها بالماء فحضر إلى عندها وأسكب بداخلها ذلك الرمل من الجونية وتقدم من روث وأمسك بيدها وهو في أجمل حلة مبتسم .
ونظر هيرود إلى هاداساه التي أمسكت بيده وخلعت الخاتم السليماني من إبهامها ورفعت يده لتلبسه اياه ولكنه كان يلبس خاتم المملكة الذي أخذه عن أبيه الملك أجمنون وفي الأصابع الأخرى الخاتمين المعصفرين اللذان أهداهما الملك شمشون للملك أجمنون فارتبكت ولم تدري أين تضعه فأمسك هيرود بخاتم المملكة وخلعه من إصبعه وأخذ يدها وألبسها اياه وهو يبتسم فألبسته هاداساه الخاتم السليماني مكان ما خلع ذلك من إصبعة وهي خجلة. حينها نظر هيرود إلى يساره فتقدم منه الخادم وهو يحمل على صينية تاجا مرصعا بلآلي والألماس فأخذه هيرود ووضعه على رأسها ونظروا إلى الجمهور الذين راحوا يصفقون لهم ويهللون. وبجانب الدرج من كلا الجهتين خلفهم الشيخان لامون الطويل عن يمين الدرج وقد تجمد ونصف الكتاب السليماني تحت إبطه وشملال القصير عن يسار الدرج وقد تجمد ونصف الكتاب السليماني تحت إبطه. وديفي إذ سمع التهاليل أطلق ضحكة حادة وهو يمسك بسلسلة المفاتيح السبعة التي يلبسها حول عنقه .

أما الشيخ سموطان فقد كان أمام كوخة عندما إلتفت لينظر إلى آخر الطريق الآتي من القرية حيث سمع صوت أحدهم يشجب وينعق فإذا به ذلك التاجر نفسه الذي رش عليه مسحوق الضراط من قبل كدواء لمعدته يهرول ناحيته وهو يرفع يديه بالسب وينزلهما وهو يلعن سموطان, وسموطان ينظر إليه حتى وصل إلى عنده فقال التاجر بحنق : إنك لست من أهل الطب في شيء, ما أنت إلا دجال, نعم دجال يا سموطان وسوف أشكوك. وتقدم منه التاجر وأمسك بساعده تحت إبطه وجره ليأخذه معه ليشكوه فمشى التاجر به قليلا ويد سموطان تحت إبطه ثم توقف التاجر فجأة لما أحس أن اليد خفيفة, فنظر إليها فإذا هي يد وساعد سموطان ولوحدها, فنظر خلفه فشاهد سموطان هناك واليد في يده فإذا سموطان قد خلعت يده فصرخ التاجر وارتجف من الخوف وألقى باليد وولى هاربا جزعا فأخذ سموطان يضحك عليه وهو يراه مدبرا يصيح الويل حتى إختفى التاجر في آخر الطريق فتقدم سموطان إلى تلك اليد التي رماها التاجر ومد يده أرضا فإذا هي عود يابس فسمع سموطان وهو منحني ليلتقطها صوت من يضحك من باب كوخه فالتفت وهو منحني إلى الباب وهو يأخذ عصاه فإذا هي الملكة دبورة, وقد شاهدت وسمعت ما حدث. فأخذ سموطان العصى وتوجه إليها وهي مازالت تضحك وقد وضعت يديها على خاصرتيها فلما إقترب منها سموطان لدى الباب مدت عقوصها فجأة حوله وسحبته إلى الداخل قائلة : تعال إلى هنا أيها الشيخ الهرم. ويسمع صوت سموطان من الخارج وهو يقول لها داخل الكوخ : أنا الشيخ الهرم ! إن أصغر أبنائك كيوان عمره يزيد عن السبع مايه سنة, كل من يطرد من بيته يأتي إلى كوخي. فقالت له دبورة : إخرس .

النهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــايـــ ـه

ونلتقي إن شاء الله في الجزأ الثاني




صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
شيخنا انور المشايخي
لا ازيد عن قول زادك الله وانار دربك
ويهب لكم من النعم دنيا واخره

صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
شيخنا الكريم المشايخي
ان تخت الرمل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
لابد من وضع المفاتيح في قلائدكم بترتيب الاسبوع
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

صورة رمزية إفتراضية للعضو مسلمين
مسلمين
عضو
°°°
افتراضي
سبحان الله , بارك الله فيك , حقا الشامل صرح عال , ومنار شامخ , غنى برجالاته 0

صورة رمزية إفتراضية للعضو ابو فرات
ابو فرات
عضو
°°°
افتراضي
قصة غاية في الروعة . اكملها يا اخي
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

صورة رمزية إفتراضية للعضو anwar66
anwar66
موقوف
°°°
افتراضي
شيوخي الأفاضل
علي العذاري ,
مسلمين ،
أبو الفرات
أشكر لكم حسن تذوقكم
وكرم أخلاقكم
ونبل أصلكم
تقبلوا خالص محبتي

صورة رمزية إفتراضية للعضو الحسام2
الحسام2
بإنتظار تفعيل البريد
°°°
افتراضي
مشكور اخى انور والله روايه جميله جدا وخيال خصب مطعم بمعلومات صحيحه روحانيا اتمنى ان تضعها فى ملف لانى للاسف لم استطيع اكمالها لان الصفقحه ثقيله جدا ...تحياتى وتقديرى الشديد لكم

الصورة الرمزية يناير
يناير
عضو
°°°
افتراضي
عندك خيال خصب فهى قصة غاية في الروعة تستحق وسام الروائي الناجح من الدرجه الاولى


شكرا لكم اخي الكريم الشيخ العالم انور المشايخي بارك الله فيكم


مواقع النشر (المفضلة)
رواية المفاتيح السبعة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
لا ترفعوا المخطوطات علو موقع http://d.turboupload.com

الساعة الآن 03:48 PM.