المشاركات الجديدة
علوم الطاقة وعلوم الخوارق : يهتم بطاقة الكون والإنسان وظهور الخوارق وتعليلها

حقيقة الاتصال بالعالم الغيبي وصوره

افتراضي حقيقة الاتصال بالعالم الغيبي وصوره
[align=right:15030178f5]حقيقة الاتصال بالعالم الغيبي وصوره:

بعد ان تبين لنا في النقطة السابقة وجود العالم الغيبي وبعض حقائقه الأولية فإنه يهمنا في هذه النقطة الحديث بصورة إجمالية أيضاً عن حقيقة الاتصال بالعالم الغيبي وموجوداته وصور هذا الاتصال وأشكاله. والحديث عن هذا الأمر حديث له أهمية خاصة لأننا نشعر أن الكثير من الناس يحملون تصورات مشوهة ومغلوطة عن كيفية الاتصال بالعالم الغيبي وقبل ذلك عن حقيقة الارتباط بهذا العالم وإمكانية ذلك وعدمه.
وقبل بيان صور وأشكال اتصال الإنسان بالعالم الغيبي وموجوداته نريد أن نقدم المقدمة التالية وهي: أن كل إنسان موحد يؤمن بالله ورسالاته لابد وأن يعتقد بإمكانية ارتباط الإنسان بالغيب ولو في حالات مخصوصة وعند أفراد مخصوصة من الناس، وعلى هذا الأساس يؤمن هذا الإنسان بدعوات الأنبياء والرسل (ع) لأنها لا تتأتى للأنبياء والرسل (ع) إلا من خلال ارتباطهم بالله سبحانه وتعالى ونزول الوحي عليهم بواسطة الملائكة أو القذف في القلب أو بأي واسطة أخرى، ومن خلال هؤلاء الرسل والأنبياء (ع) يوصل الله عز شأنه أوامره ونواهيه إلى عامة الناس، وليس من الممكن ولا بمقدور أي إنسان ان يكلمه الله بصورة مباشرة ويوحي إليه ما يشاء، لأن الارتباط بالله وتبليغ أحكامه إلى الناس مهمة ثقيلة لا يتوفر على شرائطها إلا القليل من الناس، ولذلك فإن الله سبحانه يقول: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم). (الشورى: 51)
والاتصال بالله سبحانه وتعالى وبعالم الغيب عن طريق النبوة والرسالة هو الطريق الوحيد الذي يطمئن الإنسان من خلاله إلى صحة وواقعية ما يصل إليه من عالم الغيب وما وراء المادة، وذلك لأن الحفظ والصيانة من الخطأ والاشتباه أمران مضمونان في هذا النوع من الارتباط بالعالم الغيبي، وهذا ما نلمحه من خلال تأكيد القرآن الكريم على مقتضيات العصمة والحفظ في مبدء ومنتهى وواسطة هذا الارتباط الغيبي بين الله تعالى وأنبيائه ورسله (ع). فالوحي ينزل من الله جل جلاله والله لا يقول إلا الحق ولا يهدي إلا إلى الصراط المستقيم (قل الله يهدي للحق) (يونس: 35)، (ذلك بأن الله هو الحق) (الحج: 6)، (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل). (الأحزاب: 4)
وواسطة هذا الاتصال هو الملك الذين ينزل على الرسل والأنبياء (ع) بالوحي من السماء، وقد وصف الله تعالى ملائكته بأنهم (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم: 6) ووصف الملك الذي ينزل على خاتم الأنبياء والرسل (ص) بالوحي والقرآن بالأمين فقال: (وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين). (الشعراء: 192 ـ 193)
ومنتهى هذا الاتصال الغيبي هو النبي أو الرسول الذي يتلقى الوحي من الله بواسطة الملائكة، ومن يتلقى الوحي من الله ويبعثه الله بالنبوة والرسالة لا يمكن أن يكذب أو أن يحرف الكلام، وهو ما يثيره القرآن الكريم في العديد من آياته كقوله تعالى: (ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (النجم: 2 ـ 4)، وقوله سبحانه: (إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين) (الحاقة: 40 ـ 47) وكقوله تعالى على لسان نبيه موسى (ع): (إني رسول من رب العالمين حقيق على أن لا اقول على الله إلا الحق). (الأعراف: 104 ـ 105)
وعلى هذا الأساس فإن جميع تنزلات الوحي على الأنبياء والرسل (ع) تكون بالحق، قال تعالى: (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) (الإسراء: 105) وقال سبحانه: (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق ) (البقرة: 176)، وقال عز شأنه في شأن كل الأنبياء الذين أوحى إليهم: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه). (البقرة: 213)
ومن المهم أن نشير في ختام حديثنا عن الوحي إلى أن الوحي في المصطلح القرآني لا يختص بالأنبياء والرسل (ع)، بل هو على أنواع وأشكال ومراتب وما يختص بالأنبياء والرسل (ع) هو المرتبة العالية من الوحي التي تستلزم حمل رسالة إلهية أو دعوة ربانية إلى الناس، وعدم اختصاص الوحي بالأنبياء والرسل (ع) دلت عليه الكثير من آيات القرآن الكريم كقوله تعالى: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون) (النحل68)، وقوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه). (القصص: 7)
هذا ما أردنا بيانه بالنسبة إلى الطريق الأول من طريق الاتصال بالغيب وأما الطرق الأخرى للاتصال بعالم الغيب والارتباط بما وراء الطبيعة فإن الحديث عنها يطول وسنحاول تقديم بعض الحقائق والتصورات عنها ضمن الخلاصة التالية:

يعتقد جل الفلاسفة والعرفاء من الإسلاميين وغيرهم بوجود عوالم غيبية يمكن للإنسان الارتقاء إليها والتوصل إلى اكتشاف حقائقها بطريق أو آخر، وأهم تلك العوالم هو عالم المثال، وهو عالم بين عالم الأجسام وعالم الأرواح المجردة "فهو من حيث أنه غير مادي شبيه بعالم الأرواح، ومن حيث أنه ذو صورة وشكل ومقدار شبيه بعالم الأجسام". (رسائل قيصري، رسالة التوحيد والنبوة والولاية 17). وهذا العالم توجد فيه حقائق الأشياء والموجودات وصورها المثالية ويمكن للإنسان من خلال تجريد نفسه أن يتصل بهذا العالم وأن يتعرف على ما فيه من حقائق وصور، "وجميع أرباب المكاشفة أكثر ما يكاشفون الأمور الغيبية يكون في هذا العالم وفيه يتجسد الأعمال والافعال الإنسانية الحسنة والقبيحة كل بما يناسبها. ولكل إنسان فيه نصيب وهو القوة الخيالية التي فيها يرى المنامات". رسائل قيصري، رسالة التوحيد والنبوة والولاية 18.
وسنتحدث بعد قليل عن حقيقة المكاشفة التي يدعي أهل العرفان أنها طريق من طرق تحصيل المعارف الغيبية والإلهية. وما يلزم التنبيه عليه إن الإنسان حينما يتجرد وتسمو نفسه إلى الاتصال بالعالم العلوي فإن أول ما يتعرف عليه من عوالم الغيب هو هذا العالم المثالي، وفي ذلك يقول القيصري أحد أبرز علماء العرفان: "وأول ما ينفتح للإنسان عند غيبته من هذا العالم الجسماني هذا العالم المثالي، وفيه يشاهد أحوال العباد بحسن صفاء الباطن، وقوة الاستعداد. فإن من يشاهد أمراً يقع بعد سنة أقوى استعداداً ممن يشاهد ما يقع دون تلك المدة. وكل ما يشاهد في الخيال المقيد قد لا يكون محتاجاً إلى التعبير وهو القليل والأكثر ما يحتاج إليه، وذلك لأن المعاني إذا ظهرت بالصور إنما يظهر فيها بحكم المناسبة بينها وبين ما يظهر فيها من الصور، فلابد أن يعبر الرائي أو من يعبر له من تلك الصور إلى المعنى الظاهر فيها. وقد يكون أضغاث أحلام لا يلتفت إليه لسوء مزاج الدماغ، لذلك يصيب بعض المنامات ويخطأ بعضها".رسائل قيصري، رسالة التوحيد والنبوة والولاية 18.
وبعد أن أدركنا وجود هذا العالم وحقيقته فإنه سيتضح لنا ان اتصال الإنسان بعالم الغيب يعني قدرته على الاطلاع على ما في العوالم الغيبية وبالأخص عالم الثال من صور ومعلومات، ولا ينبغي الاعتقاد بأن اطلاع الإنسان على ما في عالم المثال من صور وحقائق ينحصر في طريقة واحدة وأسلوب معين، بل من المقرر بين علماء العرفان ـ وهم أكثر من اهتم وعنى بمثل هذه المسائل ـ ان تحصيل القدرة على الاطلاع على عالم الغيب يمكن من خلال عدة طرق، والبعض من هذه الطرق ربما لا يكون مكتسباً أصلاً، وإنما تتدخل بعض العوامل الوراثية والبيئية في وجوده وحصوله عند البعض من الناس، وعلى هذا الأساس فقد قسم العرفاء الكشف والذي يعني اطلاع الإنسان على ما وراء هذا العالم المادي من حقائق ومعلومات وصور إلى قسمين:
الأول: الكشف الحقيقي المعنوي، وهو يعني ظهور المعاني العينية والحقائق الغيبية، وهو يحصل بسبب تزكية النفس ومجاهدتها بالمجاهدات الشرعية.

الثاني: الكشف الصوري غير الحقيقي، وهو يعني اطلاع الإنسان على المغيبات المختصة بالخلق، بالإضافة إلى اطلاعه على ما في عالم المثال عن طريق الحواس الخمس.

وهذا النوع من الكشف يحصل بعوامل ثلاثة:
الأول: المجاهدات الشرعية والتي تعني تهذيب الإنسان نفسه وتطهيرها من أوساخ التعلق بالمادة وانقطاعه إلى الحق جل وعلا.

الثاني: المجاهدات غير الشرعية كما يفعله بعض أصحاب الرياضات النفسية والبدنية من أتباع الأديان والمذاهب الباطلة من كثرة الجوع وقلة النوم، فإن لهذه المجاهدات تأثيراً على نفسية الإنسان ولو كانت من غير طريق شرعي. وفي ذلك يقول بعض العرفاء: "وأما فراسة أهل الرياضة بالجوع والخلوة وتصفية البواطن من غير وصلة إلى جانب الحق، فلهم فراسة كشف الصور والأخبار بالمغيبات المختصة بالخلق، فهم لا يخبرون الا عن الخلق، لأنهم محجوبون عن الحق". (حيدر الآملي: جامع الأسرار ومنبع الأنوار 468).
الثالث: ما يحصل بسبب خاصية معينة تكون في النفس ترجع إما لعامل وراثي أو لوقت الولادة ومكانها أو لوضع البلد والبيئة الجغرافية. وقد اهتم علم "الباراسيكولوجيا" في عصرنا الحديث باكتشاف هذه الخاصية التي تتمتع بها بعض النفوس البشرية ودراسة الظواهر الخارقة للعادة التي تتولد من وجود هذه الخاصية عند البعض من الناس.

****************
المصدر: الجزء الثاني من بحث مطول بعنوان"حقائق مهمة للشباب عن عالم الغيب وقضايا الروح " , نشر بمنتديات شيعة مصر
[/align:15030178f5]

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: علوم الطاقة وعلوم الخوارق


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو hakeem
hakeem
عضو
°°°
افتراضي
[align=right:fdcb2cf44c]ويهمنا قبل الدخول في بيان صور الكشفين الصوري والمعنوي ان ننبه شبابنا المسلم على أمر مهم للغاية وهو ان حصول الكشف لإنسان ما لا يعني في تمام الأحوال استقامة هذا الإنسان واتباعه للشرع، لأننا قد بينا أن الكشف الصوري والذي يعني في بعض جوانبه اطلاع الإنسان على أسرار الناس وقضاياهم الخاصة قد يحصل في بعض الأحيان من خلال طرق غير شرعية، والمشكلة الكبرى هاهنا أن المخادعين وقطاع الطريق إلى الله ممن تحصل لهم هذه المكاشفات الصورية، يستغلون هذه المكاشفات لأغراضهم الدنيوية الخبيثة ويخدعون عامة الناس بأنهم أصحاب مقامات وقرب من الله، والناس لجهلها بهذه الأمور والحقائق تحسن الظن بهم وتعتقد أنهم في الواقع كذلك، وربما أعرضوا عن أصحاب الكشف المعنوي من العلماء والعرفاء الذين لا يرجون إلا الله ولا يخشون أحداً سواه لأنهم لا يخبرونهم عن مغيباتهم واسرارهم الخاصة، ولم يعلموا أن العرفاء الحقيقيين الذين لا يبتغون من وراء سعيهم ومجاهدتهم لأنفسهم على الوصول إلى الحق جل جلاله يعتبرون التفات الإنسان إلى الكشف الصوري واشتغاله بالاطلاع على أسرار الخلق من الحجب التي تحجب الإنسان عن الوصول إلى الحق. وهذا ما يذكرنا به بعض العرفاء حينما يقول: "ولما كان العالم ـ أي عامة الناس ـ أكثرهم أهل انقطاع عن الله واشتغال بالدنيا، مالت قلوبهم إلى أهل الكشف الصوري والأخبار عما غاب من أحوال المخلوقات فعظموهم واعتقدوا أنهم هم أهل الله وخاصته، وأعرضوا عن أهل الكشف الحقيقي، واتهموهم فيما يخبرون به عن الله، وقالوا: لو كان هؤلاء أهل الحق، كما يزعمون، لاخبرونا عن أحوالنا وأحوال المخلوقات، وإذا كانوا لا يقدرون على كشف أحوال المخلوقات، فكيف يقدرون على كشف أمور أعلى من هذه، فكذبوهم بهذا القياس الفاسد، وعميت عليهم الأنباء الصحيحة. ولم يعلموا أن الله تعالى قد حمي هؤلاء عن ملاحظة أهل الخلق وخصهم به، وشغلهم عما سواه، حماية لهم وغيرة عليهم. ولو كانوا ممن يتعرضون إلى أحوال الخلق، لما صلحوا للحق، فأهل الحق لا يصلحون للخلق، كما أن أهل الخلق لا يصلحون للحق". (حيدر الآملي: جامع الأسرار ومنبع الأنوار 469).
وأما بالنسبة إلى صور الكشفين الصوري والمعنوي فإنها كالتالي:
أولاً: صور الكشف الصوري: يذكر العارف الكبير السيد حيدر الآملي في كتابه "جامع الأسرار ومنبع الأنوار" صور الكشف الصوري فيقول بعد تقسيمه الكشف إلى معنوي وصوري: "وأعني بالصوري ما يحصل في عالم المثال من طريق الحواس الخمس، وذلك أما أن يكون على طريق المشاهدة، كرؤية المكاشفة صور الأرواح المتجسدة والأرواح الروحانية وأما أن يكون على طريق السماع، كسماع النبي الوحي النازل منظوماً أو مثل صلصلة الجرس أو دوي النحل كما جاء في الحديث الشريف. فإنه (ع) كان يسمع ذلك ويفهم المراد منه. أو يكون الكشف على سبيل الاستنشاق وهو التنسم بالنفحات الالهية والتنشق بفوحات الربوبية. قال (ع): إن لله تعالى في أيام دهركم نفحات: ألا فتعرضوا لها. وقال: إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن.
أو يكون الكشف عن سبيل الملامسة، وهي الاتصال بين النورين أو بين الجسدين المثاليين". (حيدر الآملي: جامع الأسرار ومنبع الأنوار 462).
وبعد أن يستعرض الآملي صور الكشف الصوري هذه يوجه أنظارنا إلى أنواع الكشف الصوري من حيث تعلقها أو عدم تعلقها بالحوادث الدنيوية وكيف تصير هذه المكاشفات حجاباً لبعض الناس يحجبهم عن رؤية جمال الحق والاخلاص في الارتباط بالله سبحانه وتعالى، فيقول: "وأنواع الكشف الصوري إما أن تتعلق بالحوادث الدنيوية أولاً. فإن كانت متعلقة بها سميت رهبانية لاطلاعهم ـ أي أصحابها ـ على المغيبات الدنيوية بحسب رياضتهم. وأهل السلوك، لعدم توقف همهم العالية في الأمور الدنيوية، لا يلتفتون إلى هذا القسم من الكشف لصرفها عن الأمور الأخورية وأحوالها، ويعدونه من قبيل الاستدراج والمكر بالعبد، بل كثير منهم لا يلتفتون إلى القسم الأخروي أيضاً، وهم الذين جعلوا مقاصدهم الفناء في الله والبقاء به. والعارف المحقق لعلمه بالله ومراتبه وظهوره في مظاهر الدنيا والآخرة، واقف معه أبداً ولا يرى غيره، ويرى جميع ذلك تجليات إلهية، فينزل كلاً منها منزلته، فلا يكون ذلك النوع أيضاً من الكشف استدراجاً في حقه، لأنه حال المبعدين الذين يقنعون من الحق بذلك، ويجعلون ذلك سبب حصول الجاه والمنصب في الدنيا. وهو تعالى منزه في الحقيقة من القرب والبعد المثبتين للغيرية مطلقاً. وإن لم تكن أنواع الكشف الصوري متعلقة بها ـ أي بالحوادث الدنيوية ـ، بأن كانت المكاشفات في الأمور الحقيقية الأخروية والحقايق الروحانية من الأرواح العالية والملائكة السماوية والأرضية، فهي مطلوبة معتبرة". (حيدر الآملي: جامع الأسرار ومنبع الأنوار 465 ـ 466).
ثانياً: صور الكشف المعنوي: بعد أن يعرف الآملي الكشف المعنوي بأنه "ظهور المعاني العينية والحقايق الغيبية" (حيدر الآملي: جامع الأسرار ومنبع الأنوار 469). يشرع في بيان صوره ومراتبه فيقول: "وله أيضاً مراتب. أولها ظهور المعاني في القوة المفكرة من غير استعمال المقدمات وترتيب القياسات، بل بأن ينتقل الذهن من المطالب إلى مباديها، ويسمى بالحدس.
ثم ظهور المعاني في القوة العاقلة المستعملة للمفكرة، وهي قوة روحانية غير حالة في الجسم، ويسمى بالنور القدس، والحدس من لوامع أنوارها، وذلك لأن القوة المفكرة جسمانية، فتصير حجاباً للنور الكاشف عن المعاني الغيبية، فهي أدنى مراتب الكشف، ولذلك قيل: الفتح على قسمين فتح في النفس، وهي يعطي العلم التام نقلاً وعقلاً. وفتح في الروح، وهو يعطي المعرفة وجوداً، لا عقلاً ولا نقلاً.
ثم ظهور المعاني في مرتبة القلب، وقد يسمى ظهورها بالالهام في هذا المقام، إن كان الظاهر معنى من المعاني الغيبية، لا حقيقة من الحقايق، أو روحاً من الأوراح المجردة، أو عيناً من الأعيان الثابتة لأن تجلي هذه الأشياء في هذا الموطن يسمى مشاهدة قلبية.
ثم ظهور المعاني في مرتبة الروح، وينعت ظهورها بالشهود الروحي، وهو بمثابة الشمس المنورة لسماوات مراتب الروح وأراضي مراتب الجسد. فهو ـ أي المكاشف في مرتبة الروح ـ بذاته آخذ من الله العليم المعاني الغيبية من غير واسطة على قدر استعداده الأصلي، ويفيض على ما تحته من القلب وقواه الروحانية والجسمانية، إن كان من الكمل والأقطاب، وإن لم يكن منهم، فهو آخذ من الله بواسطة القطب على قدر استعداده وقربه منه، أو بواسطة الأرواح التي هي تحت حكمه من عالمي الجبروت والملكوت.
ثم ظهور المعاني في مرتبة السر، ثم ظهورها في مرتبة الخفى بحسب مقاميهما، وظهور المعاني في هذه المرتبة لا يمكن إليه الإشارة ولا تقدر على إعرابه العبارة، كما قيل: الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة، وإذا صار هذا لمعنى مقاماً أو ملكة للسالك، أتصل علمه بعلم الحق اتصال الفرع بالأصل، فحصل له أعلى المقامات من الكشف". (حيدر الآملي: جامع الأسرار ومنبع الأنوار 469 ـ 471).
وهذه المعاني التي يذكرها العرفاء في بيان وإيضاح حقيقة الكشف ذكر ما يماثلها ويشابهها في الكثير من التفاصيل والجزئيات بعض من اهتموا بدراسة وتتبع الظواهر الروحية والغيبية، ولاسيما تلك الحالات التي حدثت لبعض من أصيبوا بالغيبوبة والموت المؤقت ثم عادوا إلى الحياة ليقصوا على الناس ما شاهدوه في أثناء غيبوبتهم أو موتهم المؤقت، ومن العجيب أن تتفق تلك المشاهدات التي شاهدها هؤلاء البعض مع تصورات العرفاء عن عالم الغيب وما يتمتع به من خصائص ومميزات، ويحكي الدكتور ريمون مودي في كتابه: "أضواء حول الحياة بعد الحياة" بعض هذه التجارب فيقول: "لقد أكد لي العديد من الأشخاص أنهم في لحظة معينة من تجربتهم، كانوا يشعرون بأن لديهم نظراً بعيد المدى يرون به واقعاً مختلفاً تماماً، حيث فيه كل المعارف ـ المتعلقة بالماضي والحاضر والمستقبل ـ تجتمع كلها في حالة لا زمنية (حالة انعدام الزمن). فبالنسبة لبعض الأشخاص، كان يتجلى ذلك في لحظة ضياء، كانوا يبلغون خلالها، كما يبدو لهم، المعرفة الشاملة، وإذا ما حاولوا وصف هذا الجانب من حادثتهم، كانوا يجتمعون على وصفه بأنه لا يمكن التعبير عنه. وقد اعترف الجميع، كذلك، بأن هذه المعرفة المطلقة كانت تتلاشى في لحظة عودتهم إلى الحياة الدنيوية، ولا يبقى لديهم من هذا العلم بكل شيء، أي شعور". (ريمون مودي: أضواء حول الحياة بعد الحياة 29).
وحينما يسأل الدكتور مودي أمرأة أصيبت بحالة موت مؤقت عن مشاهداتها في هذه الحالة عبر السؤال التالي: بأي شكل تمثلت لك تلك المعرفة؟ هل بشكلها العملي أو بالصور؟
فإنها كانت تجيب قائلة: "بكل الاشكال الممكنة: من صور، واصوات، وأفكار. لقد كانت أي شيء، وكل شيء، كما أنه لم يبق شيء غير معروف. كل المعرفة كانت هناك، ليست فقط في هذه أوجهها، بل كلها". (ريمون مودي: أضواء حول الحياة بعد الحياة 31).
ويحكي عن رجل شاب ما رآه في ذلك العالم الغيبي فيقول: "والمرء في ذلك العالم يتنسم المعرفة... (مثلما يشم النسمات لتدخل إلى جسمه) فيعرف بها على حين غرة (فجأة) كل الأجوبة... وهذا يحدث كما لو أن المرء يركز انتباهه على ناحية ما من هذا العلم، وفي لمحة، تتدفق المعرفة من تلك الناحية بصورة ذاتية، وكأنه يستمع إلى عشرة دروس معاً ذات قراءة سريعة". (ريمون مودي: أضواء حول الحياة بعد الحياة 33).
ويحدثه رجل في الأربعين من عمره أصيب بتوقف في القلب قائلاً: "ثم رأيت نفسي وسط منظر ريفي تمر به الجداول، وفيه الأشجار والجال العالة. ولكن عند ما نظرت حولي ـ إن صح القول ـ لم تكن أشجاراً حقاً، حتى ولا شيء مما أعرفه بل إن الذي بدا لي كان أكثر غرابة كان يوجدا أناس، ليسوا بمظهرهم المادي والجسدي: الناس كانوا موجودين، وهذا كل ما هنالك". (ريمون مودي: أضواء حول الحياة بعد الحياة 34).
وفي ختام هذه النقطة لابد من الإشارة إلى أنه توجد طرق أخرى عروفة للاتصال بالعالم الغيبي والاطلاع على بعض المغيبات كاستحضار الأرواح والجان والكهانة وغيرها، وللإسلام موقف صريح تجاه التعامل معه هذه الطرق لا يمكننا التغافل عنه في علاقتنا مع الغيب والمغيبات، وهذا الموقف يهدينا إلى أن الاتصال بالغيب والاطلاع على الأسرار والمغيبات لا ينبغي أن يجعل غاية يتجاوز من خلالها على حدود الشريعة ومقررات الدين، ويشعر الفرد من خلالها بالتعالي والامتياز على الآخرين، بالإضافة إلى كون هذه الطرق كطريق الكشف قد تخطأ في بعض مطياتها ونتائجها مما لا يبرر الاعتماد المطلق علهيا في التوصل إلى الحقيقة التي ينبغي للإنسان أن ينشدها في علاقته وارتباطه بعالم الغيب.[/align:fdcb2cf44c]

صورة رمزية إفتراضية للعضو yosfali
yosfali
عضو
°°°
افتراضي
احسنت اخي حكيم ... جزاك الله خيرا فعلا بحث مفيد وعلمي

صورة رمزية إفتراضية للعضو baidoon
baidoon
شيخ
°°°
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم

ربنا يكرمك ياأستاذنا الفاضل حكيم ويزيدك علم ونور وشكرا لجهودكم المباركه

صورة رمزية إفتراضية للعضو الشريف ابن سينا
الشريف ابن سينا
عضو
°°°
افتراضي مشكووووووووووووور
مشكووووووووووووور يا اخى
بارك الله فيك
وجعله فى ميزان حسناتك
وننتظر منك المزيد
تقبل تحياتى


مواقع النشر (المفضلة)
حقيقة الاتصال بالعالم الغيبي وصوره

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
التعريف بالعالم والساحر والكيميائي ابن وحشية النبطي
مخاطر الاتصال بالعالم الغيبي
المعجزات,الكرامات, خوارق العادات: ما هي حدود الاتصال ؟
ما هي الماسونية ؟؟؟ - وما علاقتها بالعالم
ما هي الماسونية ؟؟؟ - وما علاقتها بالعالم

الساعة الآن 03:39 AM.