تحدثنا في الدروس السابقة عن دائرة البروج وكيف أنها تقسم الى 12 جزء متساوي من 30 درجة، وهذه تسمى بالبروج وتبدأ بالحمل وتنتهي بالحوت.
كل
الكواكب ترأس وتملك بيتين ما عدا النيرين، أي الشمس والقمر، حيث أن كل واحد منهما يمتلك برج واحد. الكوكب الذي يملك البيت او البرج يسمى برب البيت.
توزيع
الكواكب على البيوت، أو البيوت على الكواكب، لم يأتي اعتباطياً أو عشوائياً. الدائرة البروجية قسمت الى نصفين: القسم الأول من الأسد الى الجدي، والقسم الثاني من الدلو الى السرطان. القسم الأول سمي بالنصف الأعظم وهو تابع للشمس، والقسم الثاني سمي بالنصف الأصغر وهو تابع للقمر. الشمس أصبح (سأتحدث عن
الكواكب حسب جنسهم المعروف تنجيمياً) رب الأسد، وبما أن القمر هي النيرة الثانية أصبحت رب السرطان، البرج الأقرب للأسد من النصف الأصغر.
اعتمادا على هذه القاعدة أعطي كل كوكب برجاً من كل نصف، الأعظم والأصغر، ابتداءا من الكوكب الأقرب الى الأرض. فعطارد أعطي العذراء (التي تلي الأسد في النصف الأعظم) والجوزاء (الواقعة بقرب السرطان من النصف الأصغر)، والزهرة أعطيت الميزان والثور، ثم المريخ أعطي العقرب والحمل، ثم المشتري أعطي القوس والحوت، وأخيراً زحل كونه الأبعد أعطي آخر برجين الجدي والدلو.
قد تتساءل عن السبب وراء اعطاء الشمس برج الأسد والقمر السرطان من النصفين الأعظم والأصغر. تحدثنا في
الدرس السابق عن البروج وطبائعها وأجناسها وصفاتها المختلفة. الأسد بكونه برج ناري (حار يابس) ونهاري ومذكر يصبح الأكثر قرباً وملائمة لطبيعة الشمس، والسرطان بكونه برج مائي (بارد رطب) وليلي ومؤنث يصبح الأكثر قرباً وملائمة لطبيعة القمر.
في
الدرس السابق حللنا البروج وصفاتها من خلال الطبيعة، والجنس، وطاقتها المنقلبة أو الثابتة أو المجسدة. هنا أود أن أضيف أن البروج تحلل أيضاً من خلال طبيعة أربابها من الكواكب. أي اننا مثلاً اذا أردنا أن نحلل الثور نحلله كبرج ترابي مؤنث ليلي ثابت ترأسه الزهرة، كوكب الجمال والرفاهية والفنون. لاحظ أن
الكواكب الأخرى أعطيت برجين، واحد مؤنث وآخر مذكر. نعرف مثلاً أن المريخ هو كوكب حار يابس (ناري) وبأنه رب برج الحمل المذكر وبرج العقرب المؤنث. الحمل هو برج مذكر منقلب ناري وبالتالي تظهر آثار المريخ من خلاله بقوة، الى الخارج، بوضوح، بثقة، بتحدي، بثورة، بطريقة هجومية. أما العقرب فهو برج مؤنث ثابت مائي، وبالتالي يعبر المريخ عن نفسه من خلاله بطريقة دفاعية، عاطفية، بثورة داخلية مركزة. هكذا قس على بقية
الكواكب والبروج.
من الأعلى نستنتج أن رمزية ودلالات
الكواكب تحدد من خلال البروج. أي أننا يمكن أن نتخيل البروج وكأنها filter أو اطار يحدد الكيفية والطريقة التي يعبر بها الكوكب عن نفسه. رأينا في الدروس السابقة دلالات
الكواكب المختلفة والمتنوعة. ميزة البروج هو تحديد الميزة المعينة للكوكب.
عندما يقع الكوكب في بيته، أي البرج الذي رأسه أو هو ربه، يكون مرتاحاً جداً وكأنه شخص في بيته وبيئته. النتيجة الطبيعية لمثل هذا الوضع هو مقدرة الكوكب أن يحقق ما يرمز له. فلنقل مثلاً أن الزهرة تقع في الميزان الذي هو بيتها. في هذه الحالة مثلاً (عموماً) ممكن للزهرة أن تنتج شخص فناناً أو متذوقاً للفنون أو تعطي الشخص الكثير من رفاهيات الحياة أو الحب أو الزواج. طبعاً يمكننا أن نحدد الشيء الذي سوف تعطيه الزهرة من خلال البيوت والذي سنتحدث عنها في درس قادم. الكوكب عندما يكون في بيته يكون في مكان مطابق لطبيعته وبالتالي لا يوجد ما يشوه أو يعرقل طاقته.
البرج السابع من بيت الكوكب يسمى بوباله. اذا كان الأسد بيتا الشمس فالدلو يصبح وباله. الوبال هو بيت عدو للكوكب وعكس طبيعته. الدلو مثلاً يقع تحت تأثير زحل، الكوكب البارد اليابس، وبالتالي هو عكس طبيعة الشمس. الشمس في الدلو تصبح وكأنها أسيرة لدى العدو وفي غاية الانزعاج وبالتالي لا يمكن لها اعطاء ما ترمز له من قوة ونفوذ وشهرة وحيوية وطاقة. مرة أخرى أكرر بأن هذه الأمور تحدد بالبيت الذي تحتله الشمس وبرج الدلو. مثل آخر، الزهرة في العقرب قد تسبب مشاكل زوجية أو مشاكل بسبب الحب أو تأخير في الزواج.
للكواكب نقاط معينة في بروج معينة تسمى بالشرف. الشمس شرفها الحمل وذلك لأنها بدخولها الحمل تبدأ الاتحاه نحو الشمال وتقترب أكثر فأكثر من نقطة السمت أو وسط السماء ويطول النهار وتزداد حرارة الشمس. عندما تدخل الشمس الميزان تبدأ بالحركة باتجاه الجنوب وتبعد أكثر فأكثر عن السمت ويقصر النهار وتبرد حرارة الشمس. لذلك يعتبر الميزان هبوط الشمس. الهبوط هو عكس الشرف ويقع مقابل (180 درجة) الشرف.
شرف القمر هو الثور وذلك لأنه عندما تكون الشمس في شرفها في الحمل، يبدأ القمر في الظهور كهلال أو قمر جديد في برج الثور. أيضاً لأن الثور هو البرج الذي يلي الحمل، وبما أن علاقة القمر وثيقة بالشمس، أصبح الثور شرف القمر. بطبيعة الحال، يصبح العقرب هبوطا القمر.
الميزان أصبح شرفا زحل والحمل هبوطه لأن زحل بطبيعته مخالف ومعاد للشمس، وبالتالي أصبح شرف الشمس هبوطا لزحل وهبوط الشمس شرف زحل.
جعل السرطان شرفا للمشتري لأن المشتري يرمز بطبيعته لرياح الشمال، وعندما يحتل المشتري برج السرطان تهب هذه الرياح والتي تزيد من المحاصيل الزراعية وبالتالي توافق طبيعة المشتري المعطاءة. بما أن الجدي يقع مقابل السرطان أصبح هبوطاً للمشتري.
جعل الجدي شرفا للمريخ لأنه برج جنوبي والمريخ كوكب جنوبي ونتيجة لهذا أصبح السرطان هبوطا المريخ. جعل الحوت شرفاً للزهرة لأنه بطبيعته الرطبة موافقاً لطبيعة الزهرة الرطبة ولهذا أصبحت العذراء هبوطا للزهرة. جعلت العذراء شرفاً لعطارد لأنها طبيعتها الجافة موافقة لطبيعة عطارد المائلة الى الجفاف وبالتالي يصبح الحوت هبوطاً لعطارد.
عندما يكون الكوكب في شرفه يصبح قوياً أكثر من العادة، وأكثر من اذا كان في بيته. هذا لأن الكوكب في بيته كالشخص في بيته حيث يحس بالراحة والأمان. أما الكوكب في شرفه فهو كالشخص في حفلته المفضلة حيث يحس بالطاقة والانتعاش والحيوية والنشاط. هذا يعني أن الكوكب في شرفه يعطي بقوة أكثر من الكوكب في بيته. أما اذا كان الكوكب في هبوطه فهو كالشخص الذي يكون في حفلة أو محيط لا يرتاح له ولا يخبه. أي أنه يكون مقيداً مكبلاً لا يستطيع التغبير عن نفسه. الهبوط أو الوبال لا يعني بالضرورة شيء سيء. فاذا كان مثلاً رب البيت الثامن (بيت الأعداء والشقاء والهموم والموت) في وباله أو هبوطه فهو أمر مرغوب لأنه بذلك يكون ضعيفا لا يمكنه الحاق الكثير من الضرر بك.
هذه النقاط (البيت والشرف والوبال والهبوط) معروفة لكافة المدارس التنجيمية. في التنجيم الهندي هناك نقطة اضافية وهي المسماة بال mooltrikona sign. لكل كوكب برج مولتريكونا وهو اما بيته أو شرفه: الشمس في الأسد – القمر في الثور – المريخ في الحمل – عطارد في العذراء – المشتري في القوس – الزهرة في الميزان – زحل في الدلو. عندما يكون الكوكب في برج المولتريكونا فانه يصبح كالشخص في مكتبه، والشخص في مكتبه يكون أكثر فعالية من الشخص في بيته أو في حفلته المفضلة. فالشخص في مكتبه ووظيفته له واجبات يجب أن يقوم بها، فبالتالي الكوكب يعطي ما يعد به بانتظام وفعالية وكواجب يجب عليه فعله.
الدائرة الداخلية من الرسم الأعلى تحتوي على البروج ورموزها. الدائرة الوسطى تحتوي على أرباب البروج (البيوت). الدائرة الخارجية تدل على شرف الكواكب.
