عرض مشاركة واحدة
الصورة الرمزية nahid.fs
nahid.fs
خبير فلكي
علوم الفلك والتنجيم
°°°
افتراضي
ونتابع الاقتباسات من شروحات جالينوس عن ابقراط الحكيم , مع تعليق للعبد الضعيف :
- لا يقدر الانسان على كف الشهوانية في غير وقتها ويوقفها على الاعتدال , ما لم يكن في نفسه الغضبية التي هي الحيوانية قوة وجلد , وجوهر هذه القوة التي يقوى بها الانسان على الصبر والثبات في الاعمال فيما ارى هو القوة الغريزية , لان حركة الحرارة الغريزية كلما كانت اقوى كان الانسان احرك

- واعلم ان الجسد انما قرن بك ليكون لك الة للافعال , وان النفس الشهوانية انما جعلت منك من اجل الجسد , والغضبية لتستنجد بها على الشهوانية .
وكما ان الانسان لو قطعت يداه او رجلاه وباقي اعضاؤه التي يمكن ان يبقى بعد عدمها حيا باقيا على انسانيته لبقاء فكره وعقله لكان انسانا , كذلك اذا امكن ان يبقى حيا عاقلا بعد عدم جميع اعضاء جسده , وقد تعرى مع تعريه من جسده من النفس دون الشهوانية والغضبية , حيا عاقلا , ولو خلت منهما لما كان يعرض لها سوء السيرة فينبغي ان يستخف بافعالها وعوارضها

- يؤكد جالينوس على الاساس اللاعقلاني للاخلاق فهو يعرفها : انها ميل فطري لا عقلي , وهي سمة للجزء اللاعقلي من النفس والتي بدورها تتبع العقل
- قياس النفس الغضبية عند الناطقة قياس الكلب عند القناص , وقياس الفرس عند الفارس
- كل مرض نفساني هو مرض جسماني في آن واحد ويعتمد في ذلك على النتائج التي توصل اليها جالينوس , بان السهر يعرض لسبب الغم . وبرهان ذلك ان جالينوس قد كان يعلم انه يوجب سبب نفساني للمرض الجسماني
-اي خلق خرج فانما سبب خروجه تغير مزاج الجسد , وتغير المزاج مرض , واحق الناس بالنظر في ذلك الطبيب , اعني ان الاطباء احق بالنظر في الاخلاق من الفلاسفة
انتهى الاقتباس


اذن ,غاية الطب صحة الجسد , ومن صحة الجسد تتولد الاخلاق الفاضلة , والاخلاق الفاضلة مطلب سماوي . وذلك لا يتم الا بالدربة والزمان الطويل , كما قال افلاطون الحكيم .
ولا يستطاع ادراك الطب والعمل به الا بالفلسفة والفلك , ولقد اسميت هذه الثلاثية الفلسفية الطبية الفلكية " بالمثلث الذهبي " , و " بالاقانيم الثلاثة " التي من خلال توحيدها الوصول الى الواحد الاعلى

ان آلة التسجيل تحفظ من المعلومات اكثر ما يحفظه عقل أي انسان , لكنها لا تستطيع التصرف به , وذلك لانها ببساطة فاقدة لآلة الادراك . وكذلك من يحفظ العلوم ولا يملك القدرة على التصرف بها
بل يجب الاحاطة من قبل متعاطي الطب بالجسد كلية , صحة ومرضا , اسبابا وغايات . وليس تمزيق الجسد الى كانتونات تخضع للحكم الذاتي , والادارة المحلية , واقامة كونفدراليات , دون التطلع الى المركز والخضوع له
ففي الجسد ادارة مركزية واحدة تتجسد بالقلب , وكل ادارة فرعية وجزئية فيه , فهي تعمل بسياسة وتوجيهات المركز , ليس الا .

ولما كان علم الاخلاق من شان الطبيب – كما تقدم – فيجب معرفة اصولها ووظائفها وفضائلها ورذائلها . فمن الطرق الى ذلك معرفة النفس التي تضم في ثناياها ارادة وشهوة وغضب و " قد افلح من زكاها "
ومن اراد ان يزكي ارضه ويستصلحها , فعليه بالالات والوسائل اللازمة لنزع ما يعترض زراعتها والاستفادة من غلالها على الوجه الاكمل , وما خلق الله تعالى هذه النفس الا لتزكى لتقوم بالطاعة والعبادة " وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون " . فقد ظهر ان معرفة النفس وتزكيتها واجب وفرض شرعي , لذلك بعث الله تعالى الانبياء معلمين وموجهين كما قال نبي الامة " وما بعثت الا لاتمم مكارم الاخلاق "
ومن قصر عن ذلك , يلحقه التجريم الشرعي , ومن بعده الحساب فاما الى جنة واما الى نار

فحين يستطيع العبد ان يذلل ويزكي نفسه بما فرضته عليه السماء وما تضم من ملائكة وكتب ورسل وانبياء , فيتولد من قوتها الارادية فضيلة الحكمة , ومن قوتها الغضبية فضيلة الشجاعة , ومن قوتها الشهوية فضيلة العفاف .
ومما تضمه السماء الكواكب المفعمة بالفضائل ان سعدت , وبالرذائل ان انتحست . وليس وجودها للزينة بل للدلالة والتاثير فيما دونها في العالم السفلي . فلو لم تنزل الشمس برج الحمل مؤذنة ببداية فصل الربيع وبعث الروح بالنباتات مثلا , مؤثرة فيها بالحياة والنماء , لما تفتح زهر ولا اورق شجر ولا اثمر غصن
فاختصت فضيلة الحكمة بكوكب المشتري , وفضيلة العفاف بالزهرة , وفضيلة الشجاعة بالمريخ . لئلا يحدث الانفصال بين العالمين العلوي والسفلي , فان الانفصال موت , والاتصال حياة
ولقد ارتكز كل جزء نفسي وخلقي على طبع , فكانت الطبائع مختلفة لاختلاف الاصول , ومؤتلفة لاقامة الوحدة