عرض مشاركة واحدة
صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
سنة وطلع إلى الفلك.
وبعده منوشهر وهذه الطبقة الأولى إلى أن غلب الإسكندر دارا بن دارا
ورتب ملوك الطوائف، ثم هلكت الأكاسرة من آل أردشير بن بابك إلى
انقضاء ملكهم وقد نسبهم قوم إلى سام، وبذلك جاءت الآثار.
وكان دينهم دين الصابئة، ثم تمجسوا وبنوا بيوت النيران، ويقال إنه كان
يكسي ملكهم بيوت النيران ويذر فيها كبريتا وزرنيخا فيستوقد من نفسه
لا يستعملون الحطب لتلك النار الا أوقية أوقية بثلاثين فضة.
ويقال إن [من] كان يريد التعبد في تلك البيوت يقعد على كرسي وبين
يديه هاون حجر كبير قد جعل فيه ماء وبيده دستج خشب يضرب به الملك
أبدا ويحركه بعنف شديد وقوة واجتهاد كأنه يعذبه لعبادته النار.
وجميع أهل الممالك يعترفون للفرس ويقرون لهم بالرئاسة وحسن التملك
وتدبير الحروب ودقيق الألوان وتأليف الطعام والطب واللباس وترتيب
الأعمال ووضع الأشياء مواضعها والترتيل والخطابة ووفور العقل وتمام النظافة
والشكل وهيبة الملوك، هذا كله لهم فيه السبق.
ومن كتب سيرتهم استعمال من جاء من بعدهم من رسوم الملك وتدابير
الرئاسة، وأمرهم أشهر من أن يستقصى في هذا المكان.
ذكر مملكة خراسان
فأما ملوك خراسان مثل الصغد وغيرهم من قد غلبه والاشروسنية
والبرجان وهو أهل الديلم والجبل واللد والأكراد والشماس، وما وراء النهر
فقد كانت لهم ملوك عدة بطارقة أكثرهم كان يعبد النار ويتمجس.
ويقال ان اردشير رأى شيطانه فقال له علمني علما انتفع به، فقال له على
(١٠١)
أن تنكح أمك فهي أقرب أهلك، ففعل وصار دين المجوسية.
والفرس تزعم أن نكاح الأخوات من وقت آدم، ثم أطلق لهم بعد ذلك
زنادقتهم نكاح الام، وقالوا لهم هي أحق إليه من الأخت ففعلوا.
وخلف جزيرة الصين أمم عراة ينسق لون شعورهم وأمم لا شعور لهم
وأمم حمر الوجوه شقر الشعور، وأمم إذا طلعت الشمس هربوا إلى مغارات
يأوون إليها من حر الشمس ولا يخرجون منها حتى تدور الشمس إلى الوجه
الغربي، وأكثر ما يغتذون نباتا يشبه الكمأة وسمك وخشاش الأرض، وتحاذيهم
من ناحية الشمال أمم بيض شقر عراة يتناكحون كما تتناكح البهائم، ويجتمع
على الواحدة الجماعة، ولا يمنع أحد من أنثى لينالها.
ذكر سام بن نوح
وأما سام بن نوح عليه السلام فان الله تعالى جعل له الرئاسة والكتب
المنزلة والأنبياء، ووصية نوح في ولده سام خاصة دون أخوته،
فولد سام، أرفخشذ.
وكان عمره أربعمائة سنة وخمسا وستين سنة منه، وولد أرفخشذ شالخ،
وولد شالخ عابر، وعاش عابر أربعمائة سنة وثلاثين سنة.
وولد عابر قحطان، وولد قحطان فالغ، وولد فالغ يعرب، وقيل إنه
أول من تكلم بالعربية، وكانت لغاتهم السريانية، وولد يعرب سبأ وولد سبأ
حمير، وسمى بذلك لأنه كان له تاج، وكان له جوهر أحمر فإذا جلس أضاء
على بعد منه، فكان يقال له الملك الأحمر، ثم غير اللفظ فقيل له حمير.
وكهلان [بعد] حمير بن سبأ ومن كهلان كانت ملوك اليمن من التبايعة
والأذوين، ومنهم كان أبرهة والأحابش، والمغاربة والأنجاد.
(١٠٢)
والاذواء جماعة غزوا الأمم وتجولوا في البلاد، ومنهم إفريقس الذي بلغ
آخر المغرب.
ذكر إبراهيم عليه السلام
وأما إبراهيم عليه السلام فولد له سيدنا إسماعيل عليه السلام، وأمه [هاجر]
القبطية واسحق وأمه سارة بنت هارون، وهو من بني حران وكانت حياة
إبراهيم عليه السلام مائة وخمسا وسبعين سنة، وكان ملك بابل في وقته النمروذ
من ولد كوش بن حام، فلما ان حاجه إبراهيم عليه السلام وكسر الأصنام أضرم
الملك له نارا عظيمة وألقاه فيها فجعلها الله تعالى عليه بردا وسلاما، وأتت
ريح فنسفت النار في وجوه الواقفين مع الملك كذلك.
وخرج إلى حران فآمن به ابن أخته لوط وسارة بنت عمه. وكان خروجه
وهو ابن سبع وثلاثين سنة وتزوج سارة بوحي أتاه، وخرج معه ثلاث صحف
بالعبرانية وكانت لغته سريانية، وكان في الصحف أمثال وتسبيح وتهليل
وتحميد، وأمر بالمسير فعبر الفرات وسار إلى مصر وسنذكر قصته في
أخبار مصر.
ذكر إسماعيل عليه السلام
وأما إسماعيل عليه السلام فقطن الحرم ونبع له زمزم بأمر الله تعالى،
ونبأه الله وأرسله إلى العماليق وجرهم وقبائل اليمن، فنهاهم عن عبادة
الأوثان، فآمنت به طائفة منهم وكفر أكثرهم، وغلب على الحرم وتزوج
في خيرهم.
(١٠٣)
وولد له اثنا عشر ولدا ومات وهو ابن مائة سنة وسبع وستين سنة،
وأوصى إلى ابنه عدنان بأمر البيت، فدبر امر البيت.
فمن عدنان ولد محمد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وجميع العرب العاربة من
ولده.
وذكر آخرون أنه من ولد قيدار بن إسماعيل، واختلفوا في ولد إسماعيل
اختلافا كبيرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ بالنسب إلى معد بن
عدنان،
قال عدنان بن أعراق الثري. ومن إسماعيل وعدنان أمم كثيرة.
حدث البلبلة
كان الناس بعد الطوفان مجتمعين بمكان واحد بأرض بابل ولغتهم السريانية
ثم تفرقوا فسلك قحطان وعاد وثمود وعملاق، وطسم وجديس طريقا،
وألهمهم الله تعالى هذا اللسان العربي فساقتهم الاقدار إلى اليمن فسارت عاد
إلى الأحقاف ونزل ثمود ناحية الحجر ونزل جديس اليمامة، ثم شخص طسم
فنزل اليمامة مع جديس، ثم شخص عملاق فنزل أرض الحرم، وسار ضخم
أرم فنزل الطائف، وسار جرهم فنزل مكة، فهؤلاء ولدهم ونسلهم يسمون
العرب العاربة.
وولد إسماعيل يسمون العرب المستعربة لأنهم تعلموا منهم وتكلموا بلغتهم.
ذكر عاد
وأرسل الله هودا إلى عاد وهم بأحقاف الرمل وملكهم الخلجان ( ١) بن
الوهم، وكانوا يعبدون ثلاثة أصنام وكذبوه، فدعا عليهم فأمسك الله عنهم
--------------------
١) في ب: الخلنجان. )
(١٠٤)
المطر ثلاث سنين فأجهدهم ذلك فوجهوا إلى مكة رجالا يستسقون لهم
في الحرم.
ولم تزل العرب تعظم موضع البيت، وكان موضعه بعد الطوفان ربوة
حمراء، وأهله العماليق وسيدهم معاوية بن بكر، فقدم عليه وفد عاد للاستسقاء
وفيهم قيل ( ١) بن عمرو ويزيد بن ربيعة، ونعيم بن هذال، ولقمان بن عاد،
فقدموا ونزلوا على معاوية بن بكر وأقاموا عنده شهرا يأكلون ويشربون
وتغنيهم الجرداتان وهما قينتان كانتا لمعاوية بن بكر، فلما طال أمرهم أشفق
عليهم معاوية بن بكر لأنهم أخواله وخاف عليهم، فصنع شعرا ينبههم به
:( ويحثهم على ما قدموا له، وأمر الجاريتين فغنتاه ( ٢
ألا يا قيل ويحك قم فهينم * لعل الله يمطرنا غماما
فيسقي أرض عاد إن عادا * قد أمسوا لا يبينون الكلاما
وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم * نهاركم وليلكم التماما
( فقبح وفدكم من وفد قوم * ولا لقوا التحية والسلاما ( ٣
فانتبه القوم لما سمعوا الشعر ونهضوا يستسقون، فلما استسقوا نشأت لهم
ثلاث سحائب بيضاء وسوداء وحمراء، ونودي قيل منها اختر لقومك قال
البيضاء جهام قد فرغت ماءها، والحمراء ريح والسوداء غيث فاختارها فقيل
قد اخترت رمادا رمددا لا يبقي من عاد أحدا، لا والدا ولا ولدا. فدخلت
الريح على عاد من واديهم، فأقامت سبع ليال وثمانية أيام حسوما، والحسوم
الدائمة حتى هلكوا عن آخرهم، وتهدمت ديارهم ولم يمنعهم جدار ولا جبل
حتى هلكوا عن آخرهم، ولم يبق إلا رسمهم.
--------------------
١) في ب: قنبل. )
٢) في ب: فغنيتاه. )
٣) الأبيات في مروج الذهب بأطول من هذا. )
(١٠٥)
و [روي أنه] لما استسقى وفدهم بمكة، ساروا في طريقهم فنودوا في
طريقهم: إن عادا قد هلكوا عن آخرهم، فاختاروا لأنفسكم، فاختار قيل
أن يلحق بقومه، فسار نحوهم فلقيته الريح فأهلكته، واختار مزيد برا
وصدقا وكان مؤمنا بهود عليه السلام، فأعطي ما سأل.
واختار نعيم حياة ألف سنة لا يمرض ولا يهرم، ولا تصيبه حاجة فأعطي
ما اختار، واختار لقمان عمر سبعة أنسر فأعطي ما أختار، وكان يأخذ
النسر فرخا يربيه حتى يهلك، ثم يأخذ عند هلاك ذلك فرخا آخر، فيفعل
به كذلك، حتى بلغ سبعة أنسر، وكان آخرها لبد، وقد ضربت العرب
به الأمثال في أشعارهم قال الأعشى:
ألم تر لقمان أهلكه * ما مر من سنة ومن شهر
وبقي نسر كلما انقرضت * أيامه عادت إلى نسر
ما مر من أمد على لبد * وعلى جميع نسوره السمر
قد أبلت الأيام نضرته * وأودعت لقمان في القبر
وقال النابغة الذبياني:
أمست خلاء وأمسى أهلها انقرضوا * أخنى عليها الذي أخنى على لبد
ولما قسم نوح عليه السلام الأرض بين بنيه جعل لسام وسط الأرض،
والحرم وما حوله واليمن إلى حضرموت إلى عمان والبحرين إلى عالج إلى طرف
بلاد الهند، وكان هذا كله مدنا وقرى وحصونا وقصورا ومصانع وبساتين
يتصل بعضها ببعض، إلى أن سخط الله على قوم هود فأفسد كثيرا منها.
وجعل الله في ولد سام النبوة والبركة، وجعل لحام بعض الشام ومصر إلى
أعالي النيل وبلاد النوبة والبجة، وأصناف السودان مع البحر الأحمر ( ١) إلى
--------------------
١) في ب: الأخضر، وهو خطأ. )
(١٠٦)
بلد الحبشة والهند والقوط والسند.
وقسم ليافث بلاد الترك والصين، ويأجوج ومأجوج، والصقالبة والروم
وإفرنجة والاعبورة والأندلس إلى البحر المظلم، وسواحله.
وجعل ليحطون صين الصين إلى بلاد الشحر إلى ناحية اليمن، فكثروا من
كل جانب وانبسطوا إلى جهة بابل، وبورك فيهم فصاروا نيفا من سبعين ألف
بيت على خلق عظيم إلى أن ضرب بينهم إبليس، وكانت البلبلة فافترقوا.
وكان أول ملك منهم النمرود الأول بن كوش بن حام، وكان أسود أحمر
العينين مشوها في جبهته كالقرن، وكان أول أسود يرى بعد الطوفان، فكان
من ولده لدعاء نوح عليه السلام على ابنه حام، وذلك أن نوحا عليه السلام
نام فانكشفت عورته، فرآها حام فضحك ولم يغطه، وسكت يافث، ولم
ينكر عليه فصاح سام عليهما، وعلم ذلك نوح فدعا على حام أن يكون ولده
سودا مشوهين عبيدا لولد سام، ودعا على يافث أن يكون ولده عبيدا لبني
سام، وأن يكونوا أشرار الناس.
وكان حام من أجمل البرية وأتمهم كمالا وأطيبهم ريحا، فاجتنب امرأته أن
يطأها خوفا من دعوة أبيه، فلما مات أبوه غلبه ذلك على اعتقاده، فقرب منها
فحملت بكوش بن حام وأخته، فلما رآهما حام فزع منهما، وأتى اخوته
فأخبرهما وقال لهما قلت لامرأتي هل شيطان أو أحد غيري أتاك؟ فقال اخوته
هذه دعوة أبيك فاغتم لذلك وترك امرأته دهرا، ثم غشيها فولدت قوطا
وتوأمته، فلما رأى ذلك هرب في البلاد وغاب فلم يدر أين يذهب، ولم
يكن أشد تجبرا وتكبرا وعتوا من النمرود الأسود.
وكان له بعض كهان فأتاه إبليس فقال له أنا كاهن من الكهان، ولم أر
أحدا يعادلك في الكهانة وأنا معينك ومتمم أمرك، وجاعلك ملك الملوك،
(١٠٧)
على أن تذبح لي ولدك قربانا، وتصلي لي ثلاث صلوات فأقلدك وأكون معك،
وأجعلك كاهنا كاملا تاما وأقيمك مقامي ففعل ما أمر به فأمر إبليس
الشياطين بطاعته، وليكون معه، ثم أتوه بولد سام فحاربهم وعاونه إبليس
فقهرهم واستعبدهم، فانقادوا له وأطاعوه فبنى له إبليس قصرا وصفحه
بالذهب ( ١) المكللة بالجوهر تضئ ما حوله ودفع إليه سيفا يتألق نورا في رأسه
ثعبان يمتد إلى من يومئ إليه فيقتله، فلما رأى ( ٢) الناس ذلك أذعنوا له
بالطاعة، ثم دعاهم إلى عبادته فأمر أن يبنى له صرح ( ٣) من الحجارة ومن
الكلس فلم يبق أحد إلا عمل فيه وقال يكون حصنا لكم.
وعاونته الأبالسة فبنى صرحا عظيما فبلغ ارتفاعه في الجو تسعمائة ذراع،
ثم هندم أعلاه بأغرب بنيان وبنى فيه مجالس على أساطين غريبة، وكان
عرض كل حائط من حيطانه الأربع ألف ذراع وما بين ذلك من الطبقات
جعلها كلها مخازن وملا جميعها من المال والطعام والشراب وجميع الآلات وكل
ما يخاف أن يحتاج إليه يوما من الدهر بما يقوم به هو وأهله مدة من الدهر
طويلة، وجعل مجلسه أعلاه وأمر الناس أن يعبدوه.
واتخذ صاحب خبره جنيا ( ٤) بينه وبين الناس، فإذا رفع إليه أن أحدا
امتنع عن عبادته أمر به فطرح من أعلى الصرح إلى أسفله.
وزعم قوم أنه يكون على السحاب ويصعد إلى الفلك، وكان يركب
عجلة منصوبة على ظهور الشياطين وينحدر منها إلى الأرض ففرق الناس منه
وافتتنوا به وعبده كثير منهم، وعظم أمره. واتصل بسام أنه يريد قتله،
وقد عزم عليه فأخرج سام الأسماء التي علمه نوح عليه السلام إياها، وقال له
--------------------
١) لعل الصواب بالمذاهب. )
٢) ب: رأوا. )
٣) ب: صرحا. )
٤) في ب: حبشيا. )
(١٠٨)
لا تدع بها إلا في مهم عظيم ففيها ( ١) اسم الله الأعظم، وقال: اللهم أنت
الداعي لعبادك وبعينك ما هم فيه وما خرجوا من الفتنة إليه بغلبة هذا
الجبار الذي قد استهوته الشياطين وانقيادهم له، وإن لم تغثهم ضلوا وهلكوا،
وأنت أعلم بما يصلحهم، فاحقن دماءهم وامنع هذا الجبار منهم، وخذه
بجريرته واكفنا أمره.
فأمر الله عز وجل الرياح الأربع فأقبلت على ذلك الصرح من جوانبه
فجعلته دكا واتبع ذلك ظلمة شديدة ورجفة عظيمة تزعزعت لها الجبال.
فنهض العالم على وجوههم لا يرى بعضهم بعضا، ولا يدرون أين يتوجهون
وضعفت ألسنتهم عن الكلام.
وهلك اللعين عدو الله النمروذ، وهلك من كان يعبده، ومشى الناس في
الظلمة هاربين ثلاثة أيام ثم لاحت لهم شعوب فيها نور يسير، فتشعب كل
شعب فرقة هربت نحوه طلبا للنجاة، وتبع كل فرقة قوم يحثونهم، وهذا
بلغة غير لغة الفرقة الأخرى، حتى خرجت كل فرقة إلى ناحية من الأرض
وقد تبلبلت ألسنتهم وكثرت لغاتهم، فإذا وصلت فرقة منهم إلى موضع
ناداهم مناد " هذا موضعكم الذي تكونون فيه فاعتمروا فيه وأثمروا ".
فخرج بنو سام لناحية اليمن إلى الشحر وحضرموت إلى آخر خط
الاستواء، فمنهم العرب العاربة.
وخرج بنو حام إلى السند والهند وبلاد أسوان ( ٢). وخرج بنو يافث إلى
الشمال،. فمنهم الروم والخزر والترك والصقالبة والإفرنج، ويأجوج ومأجوج.
وخرج بنو يحطون إلى الصين الأقصى وأقاصي الشرق، فنزل ( ٣) كل قوم
في موضعهم وعمروه وتوالدوا فيه إلى اليوم.
--------------------
١) في ب: منها. )
٢) هكذا في الأصول. )
٣) في ب: ترك. )
(١٠٩)
ونذكر من أخبار آدم عليه السلام ما وقع إلينا في نقله بعض الخلاف،
وفي ذكره فائدة.
آدم خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته على ما
تقدم ذكره، وأسكنه جنته بفضله، وأهبطه بذنبه إلى الأرض، وتاب
عليه، وعلمه جميع العلوم، وملكه على الأرض، وكثر في جميع العالم منه
أفاضلهم وأشرارهم وهو أول من صام وصلى وقرأ وكتب.
وكان من أحسن المخلوقين وجها، وكان أمرد أجرد، وأنزل الله تعالى
عليه إحدى وعشرين صحيفة، وتوفاه الله وهو ابن سبعمائة سنة وخمسون سنة،
وكان عمره الف سنة، فوهب لداود منها خمسين سنة لما عرضت عليه أعمارهم
وصورهم فرأى عمر داود قصيرا.
وأوصى بعده إلى ابنه شيث، وكان فيه وفي بنيه النبوة والدين والعبادة
والقيام بحقوق الله تعالى وشرائعه.
وأنزل الله تعالى على شيث تسعا وعشرين صحيفة، وكان مسكنه فوق
الجبل وسكن ولد قابيل أسفل الوادي، وكان عمره تسعمائة سنة واثنتي
عشرة سنة واستخلف ابنه أنوشا وكان عمره تسعمائة وخمسين سنة، واستخلف
ابنه قينان وهو الذي كانت الوصية إليه وقسم الأرض بين بني أبيه، فطاف
وهو ابن تسعمائة وعشرين سنة، ودفع الوصية إلى ابنه هطيل ( ١) وفي وقته
بنيت الكعبة، وكان عمره ثمانمائة سنة وخمسا وتسعين سنة، وأوصى إلى ابنه
يرد وعلمه وضع العلوم، وأخبره بما يجري في العالم، ويحدث بنظره في
النجوم، وفي كتاب سر الملوك الذي أنزل على آدم عليه السلام.
وولد ليرد خنوخ وهو إدريس عليه السلام، وقد تقدم خبره مع يمحويل
--------------------
١) في مروج الذهب: مهلائيل. )
(١١٠

....