الموضوع: المندل.
عرض مشاركة واحدة
صورة رمزية إفتراضية للعضو adel67
adel67
عضو
°°°
افتراضي
بارك الله فيكم جميعا و شكرا لكم على الإهتمام.

و أذكّر أنّ القصد هو ذكر الملاحظات و تحليل ما يُمكنُ تحليله من هذه الشهادة.

و سأرفع العدد من المجلّة لتمام الفائدة و تجدون الموضوع بالصفحة 103 ب د ف، 205 من المجلة.

هذا الطقس يترواح بين التنويم و إلقاء الأفكار من الروحاني إلى الوسيط و من نفس الوسيط أو الأرواح إلى الروحاني، و بين التحضير الفعلي للجن. و لكلٍّ من علم النّفس و الروحانيت تفسير لهذه الظاهرة، و قد يكون الحقّ في التفسيرين معاً، و المؤكد أنّ هذه الظاهرة لا يُمكن أن تحدث إلاّ بتوافر الشّرط النفسي و الروحاني معاً.

نبدأ بالملاحظات.

1. نلاحظ هنا أنّ أوربيّا غير مسلم ينجحُ معه مندل من الروحانيات العربية بعزيمة عربية و خاتم عربي روحاني و بآية من القرآن الكريم.

2. نلاحظ أنّ الأشخاص الذين لهم الأهلية كناظور و وسيط روحاني (الطفل الغير البالغ، العذراء، المرأة الحامل و المملوك العبد). هؤلاء الأشخاص يتقاسمون بينهم عامل العقدة و النّقص و الضّعف و الإضطراب النفسي. الطفل ناقص العقل حتى يرشد، و المملوك ضعيف الحالة الإجتماعية حتّى يتحرّر، و العذراء مضطربة النّفس من ناحية الجنس حتّى تفتضّ ثمّ المرأة الحامل تحمل عقدة الحمل حتى تكتمل عدّتها بالولادة.

الطّفل له وضع خاص، فهو يعيش على بساطة الحلم الطفولي، لا تزال مخيّلته لم تتعقّد بعدُ، إنّه لوح أبيض يسهل للمنوّم أن يرقُم فيه بسهولة و يُلقي إليه الفكرة، فقلبه أبيض صافي و عقله بسيط بساطة العقل البشري البدائي الحالم، ذلك العقل البشري الذي كان يرى الأشياء على طبيعتها قبل أن تلوّثه دواعي الحداثة و مبادئ العمران، و يقول العلم اليوم أنّ الجهة الدّماغية المسؤولة عن الأحلام هي جهة الصّور، و لغة الصّور هي اللّغة البدائية التي كان يتواصل بها الإنسان و يرى بها الأشياء، فيقولون أنّ الأحلام لا زالت تعتمد على هذه اللّغة الصّورية و أنّ المفسّر إن استطاع استرجاع عقله الصّوري الطّفولي إستطاع فهم الأحلام و تفسيرها. و نعتقد أنّ الروحانيين يطلبون الرياضة في الفلوات و الخلوات من كهوف لينسلخ الطّالب من تعقيد اللّغة الإنسانية العمرانية الحديثة و يسترجع اللّغة الصّورية القديمة التّي ترى الأشياء على طبيعتها.

فوجد الروحاني في الطّفل الصّورة العقلية التي تنقل منه و إليه الأشياء في براءتها البدائية الغير المنحرفة بالعقل الإنساني الجديد.
العذراء و المملوك و الحامل كلّهم يعيشون في عقدة و ينتظرون الفتح، و لا شكّ أنّ من كان حاله كهذه فهو في اضطرار و اضطراب و حاجة ينتظرها، فتسهل الأحلام إليه و يكثر الخيال عنده، فتربته خصبة يُمكن زرعها بيُسرٍ.

نذكرُ هنا أنّ لنا في الدّين نماذج من شخصياتٍ كانوا تحت نفس العقدة فتسارع الفتح إليهم، مريم عليها السّلام كانت عذراء فألقي إليها الرّوح، و كانت حامل ففتح الله عليها الرزق (هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيّ)، و يوسف عليه السّلام كان مملوكا و سجينا و فتح الله عليه، و يونس كان سجين الحوت ففتح الله عليه، فالفتح قريب من المضطر و لعلّه أشدّ تعلقاًّ بالفتح من غيره (أمّن يجيب المضطر إدا دعاه)، فالله تبارك و تعالى يجيب الجميع عموما، لكنه خصّ المضطر بالآية السابقة.

3. نلاحظ أيضا استخدام المواد اللامعة ذات الإنعكاس كالمرآة و الزيت و الحبر. و قديما كان يُعتقد أنّ الظلّ المنعكس في الماء هو الروح بعينها. فالمرآة لها الخاصّية السحرية لعكس الروح و نفس الإنسان و عكس الطبيعة و الأشياء، و حتّى الصوفية يعبّرون عن القلب بالمرآة و يقولون أنّه متى ما تمّ صقلها عكست الأشياء على ما هي عليه و تجلّت فيها (القلب) الكشوفات.

4. أيضا نلاحظ مراسيم النّزول و الجلوس و طقوس المُلْك، فالملِك لا يحضر إلا بعد كنس المكان و لا نعلم لماذا، و بعد الذّبح و الأكل للجنود (الإكرام) و لا نعلم لماذا، ثم تقديم القهوة أو الدّخان للسلطان و لا نعلم لماذا و ما الحاجة لذلك، و طبعا السلطان ينسجم مع عصره، ففي الحضارة المصرية القديمة كان يقدَّم لأنوبيس في الإستنزال الخمر و الخبز، و في الإستنزال الذي بين أيدينا يقدَّم القهوة، و لسنا ندري ماذا يقدَّم اليوم لهم. عموما كنس المكان في الإستنزال يقابله كنس المكان قبل الإستنزال (تطهير المكان و صرف العمار).

5. ملاحظة أخرى و هي قد تُحرج بعض الروحانيين، فالكثير منهم يذكر لك أنّ أعماله الروحانية هي من الأسرار التي لا يُمكن البوح بها، ثمّ تجده يبيعها بثمن كبير كما في الموضوع أعلاه و كما نرى و نشاهد في المنتديات. فإن كانت من الأسرار، فلا يُمكن البوح بها إلا بثمن، و يخلط النّاس بين السر عند الصوفية و السر عند الروحانيين، السر عند الصوفية قالوا عنه (لو كان بالمال لجاز للسّلطان و لو كان بالوراثة لجاز لإبني)، فهم لا يجوز عندهم البوح بالسر إلا لمن أمروا له بذلك.

6. لا ندري لماذا لا يتمّ الإستنزال إلاّ بوقت صافي خال من المطر و الغيم و الرّيح، مع أنّ البعض يحضّر بالبيت و يحضّر عمار المكان الذين موجودين أصلا بالمكان، فهل الأمر روحاني أو نفسي.

نتوقف هنا و نتمنّى مشاركة الإخوة قبل أن نناقش العملية من وجهة نظر نفسية محضة، و نذكّر الإخوة أنني لست مشرفا عليكم بل عضو منكم، و الإشراف تكليف لم أؤدي حقه لعدم التفاعل و النشاط، فبالمنتدى من هو أحق به، فاعتبروا الأمر تنظيما و تهذيبا لقسم ما، هذا التهذيب و التنظيم نشارك فيه جميعا من أجلنا جميعا.

و في الأخير أقول أنّ الملاحظات أفكار ليس إلا و هي أقرب للخطأ منها إلى الصواب.

....