عرض مشاركة واحدة
صورة رمزية إفتراضية للعضو علي العذاري
علي العذاري
انتقل لرحمة الله
°°°
افتراضي
٥) ت: كأنها. )
(٣٠)
وقالوا إن ضياء القمر مأخوذ من ضوء الشمس، لأنهما إذا اجتمعا لم يكن
للقمر نور.
وقال قوم منهم العالم محدث إلا أنه لا يبيد لأنه حكمة وصنعة حكيم،
والحكيم لا يفسد صنعته.
ذكر عمر الدنيا
فأما ما ذكروه من توقيت الزمان ومدته إلى انقضائه، فإنهم قالوا فيه
أقوالا لا تسلم لهم، إنما تسمع وتذكر على ما يتعجب منه لاعلى جهة التصديق
به، نعوذ بالله. ففي كتاب السند هند الذي عمل منه المجسطي وغيره من
الزيجات أن دوران الشمس من أول سيرها من الحمل انما سيرها ينقضي على ما
حسبوه من الآلاف ألف ألف وأربعمائة ألف ألف وعشرون ألف دورة لكل
دورة سنة، والسنة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم.
وقالوا إن أصل الدور أربعة آلاف ألف ألف وثلاثمائة ألف ألف
وعشرون ألف ألف عند كل بدء ألف سنة.
وأما أهل الأثر، فزعم قوم أن عمر الزمان إلى آدم عليه السلام سبعة
آلاف منه، ورواية محمد بن جرير الطبري على ما قدمناه ذكره أن من آدم
إلى انقضاء الخلق سبعة آلاف
وذكر طلوع الشمس من مغربها قبل انقضاء العالم.
وقال قوم: إذا بلغ القلب خمس عشرة درجة ( ١) من الأسد كان طوفان
نار يحرق العالم بأسره فلا يبقى على وجه الأرض حيوان ولا في البحار،
--------------------
١) في ب وت: خمسة عشر. )
(٣١)
وتبقى الأرض خرابا من العالم، ثم يستأنف الله عز وجل ما أراد في الخلق.
وكان أرسطا طاليس يرى أن الزمان لا يبيد، ولا ينفد. وأن الطبيعة
قديمة، وأنه لا أول لها ولا آخر، تعالى الله جل جلاله.
ذكر الأمم المخلوقات قبل آدم عليه السلام
يقال إنه كانت الجملة ثمانيا وعشرين أمة بإزاء المنازل العالية التي يحلها
لقمر، لأنه المستولي عندهم لتدبير العالم الأرضي بإذن الله تعالى جل ذكره
خلقت من أمزجة مختلفة أصلها الماء والهواء والنار والأرض، فهي متباينة
الخلق
ومنها أمة طوال خفاف زرق ذات أجنحة كلامهم فرقعة، ومنها أمة
أبدانهم كأبدان الأسد ورؤسهم رؤس الطير لها شعور وأذناب طوال
كلامهم دوي، ومنها أمة لها وجهان قدامها وخلفها و أرجل كثيرة وكلامهم
كلام الطير. ومنها الجن. ومنها صفة الجن، وهي أمة في صور الكلاب لها
أذناب وكلامها همهمة لا يفهم. ومنها أمة تشبه بني آدم أفواههم في صدورهم
يصفرون تصفيرا. ومنها أمة في خلق الحيات الطوال لها أجنحة وأرجل
وأذناب. ومنها أمة يشبهون نصف شق الانسان لهم عين واحدة ويد واحدة
ورجل واحدة يقفزون تقفيزا، وكلامهم مثل كلام الغرانيق. ومنها أمة لها
وجوه كوجوه الناس وأصلاب كأصلاب السلاحف، وفي أيديهم مخالب
وفي رؤوسهم قرون طوال، كلامهم كعوي الذئاب. ومنها أمة لكل
واحد منهم رأسان ووجهان كوجوه الأسد طوال لا يفهم كلامهم، ومنها
أمة مدورة الوجوه لها شعور بيض وأذناب كأذناب البقر يزرقون الناس من
أفواههم. ومنها أمة في خلق النساء لهم شعور وثدي ليس فيهم ذكر،
(٣٢)
تلقح من الريح وتلد أمثالها، ولها أصوات مطربة يجتمع إليها كثير من هذه
الأمم لحسن أصواتها. ومنها أمة في خلق الهوام والحشرات إلا أنها عظيمة
الأجسام تأكل وتشرب مثل الانعام. ومنها أمة تشبه دواب البحر لها
أنياب كالخنازير بارزة وآذان طوال.
وبقية الثمان والعشرين ( ١) أمة على خلق لا يشبه بعضها بعضا الا إنها وحشية
المنظر، ويقال ان هذه الأمم تناتجت فصارت مائة وعشرين أمة
ذكر الجن وأجناسهم وقبائلهم
وسئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، هل كان في
الأرض خلق من خلق الله تعالى قبل آدم يعبدون الله تعالى؟ فقال: نعم
خلق الله تعالى الأرض، وخلق فيها أمما من الجن يسبحونه ويقدسونه لا
يفترون، وكانوا يطيرون إلى السماء، ويلقون الملائكة، ويسلمون عليهم
ويتعلمون منهم الخير، ويعلمون منهم بخبر ما يجري في السماء، ثم إن طائفة
من الجن تمردوا وعتوا عن أمر الله عز وجل، وبغوا في الأرض بغير الحق،
وعلا بعضهم على بعض، حتى سفكوا الدماء، وأظهروا الفساد، وجحدوا
الربوبية. وأقام الآخرون المطيعون على دينهم وعبادتهم وباينوا الذين عتوا
عن أمر الله، وكان يصعد إلى السماوات عنها للطاعة، وخلق الملائكة كما
قدمناه ذكره روحانيين ذوي ( ٢) أجنحة يطيرون بها حيث صيرهم الله تعالى،
وأسكنهم ما بين أطباق السماوات يسبحونه ويقدسونه لا يفترون، حتى
اصطفى الله تعالى منهم الملائكة فكان أقربهم منه إسرافيل، ثم ميكائيل ثم
جبرائيل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين
--------------------
١) في ب، وت: الثمانية وعشرين. )
٢) فيهما ذو. )
(٣٣)
فصل
وأما الجن فذكرت الهند والفرس واليونان ولادات الجن وقبائلهم وأسماء
ملوكهم، وزعموا أنهم مفترقون على إحدى ( ١) وعشرين قبيلة، وبعد خمسة
آلاف سنة ملكوا عليهم ملكا منهم، يقال له الملك شمائيل بن أرس جن،
ثم افترقوا، فملكوا عليهم خمسة ( ٢) ملوك فأقاموا بذلك دهرا طويلا، ثم
أغار بعض الجن على بعض، وكانت بينهم وقائع كثيرة وحروب شديدة،
وكان إبليس منهم، وله أسماء كثيرة باختلاف اللغات غير أن اسمه بالعربية
الحارث. ويكنى أبا مرة. عظيم الخلق مطيقا ( ٣) وكان يصعد إلى السماء
ويقف في صفوف الملائكة، ويجتهد في العبادة، فلما بغي بعض على بعض،
وكانت تلك الحروب بينهم اهبط إلى الأرض في جند من الملائكة فهزمهم
وقتلهم، وجعل ملكا على الأرض فتجبر وطغا، وكان امتناعه من السجود
لآدم عليه السلام. كما أنبأنا الله عز وجل في كتابه، فاهبط في أقبح صورة
وأشدها ( ٤) تشويها فأنكره جميع قبائل الجن واستوحشوا منه. فلما رأى ذلك سكن
البحر، وجعل له عرشا على الماء. ثم جعل له ولادة كما جعلت
لآدم عليه السلام. فألقيت عليه شهوة السفاد ( ٥) وجعل لقاحة كلقاح الطير
وبيضه كبيضه.
وذكر بعض العلماء صنوف الجن فزعم * أن الشياطين خمس ( ٦) وثلاثون قبيلة
وأن الذين يطيرون في الجو خمس عشرة قبيلة ( ٧) وان الذين مع لهب النار عشر
--------------------
١) في الأصلين أحد. )
٢) فيهما: خمس ملوك. )
* - ما بين هاتين العلامتين في هذه الصفحة والتي تليها
٣) في ت: مطيعا. مبتور في ت. )
٤) فيهما: وأشرها. )
٥) ت: الفساد. )
٦) فيهما: خمسة وثلاثون. )
٧) في ب: خمسة عشر، وهو خطأ عربية. )
(٣٤)
قبائل وأن مسترقي السمع ثلاثون قبيلة، ولهذا القبائل كلها ملوك من كل قبيلة
لدفع شرهم.
وحكي أن صنفا من السعالي يتصورون ( ١) في صور النساء الحسان ويتزوجن
برجال الانس كما حكي عن رجل يقال سعد بن جبير، أنه تزوج امرأة منهن
وهو لا يعلم ما هي: فأقامت عنده وولدت عنده أولادا وكانت معه ليلة على
سطح يشرف على الجبانة، إذا بصوت في أقصى الجبانة نساء يتألمن فطربت
وقالت لبعلها أما ترى نيران السعالي شأنك وببنيك استوص بهم خيرا فطارت
فلم تعد إليه
ومنهم من تظفر ( ٢) بالرجال الخالي في الصحراء أو الخراب، فتأخذه بيده
فترقصه حتى يتحير ويسقط فتمص دمه
ومنهم صنف لا تفارق صور الحياة وربما قتلها الرجل فهلك يحكى ان
فتى من الأنصار قريب عهد بعرس استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقدمه
يوم
الخندق وأن يلم بأهله فأذن له فلما انتهى إلى منزله وجد امرأته قائمة بالباب
فأدركته غيرة وأهوى إليها برمحه، فقالت له لا تعجل وادخل حتى تنظر
ما على فراشك فدخل فرأى على فراشه حية عظيمة، فطعنها برمحه فقتلها،
فمات هو من ساعته.
وتذكر العرب عن عبيد بن ( ٣) الأبرص الأسدي أنه خرج في سفر له يريد
الشام مع نفر، فلما صار ببعض الطريق إذ هو بشجاع يلهث عطشا وخلفه
حية سوداء تطرده، فنزل ( ٤) * فقتل الحية السوداء وحل إدواته ونضح على
--------------------
١) ب: يتصورون )
٢) ب: يظفر. )
٣) ب، ت: عبيد الأبرص. )
٤) ت: ثم نزل. )
(٣٥)
الشجاع من الماء فشرب وأنساب حتى دخل جحره، ومضى عبيد حتى
قضى حوائجه بالشام.
فلما انصرف أغفى وهو في مفازة فلما انتبه وجد قلوصه قد ضل، وهو
على غير الطريق فأقام مكانه فلما جنه الليل إذا بهاتف يقول:
يا صاحب البكر البعيد مذهبه * * ما عنده من ذي رشاد يصحبه
دونك هذا البكر منا تركبه * * حتى إذا الليل تولى غيهبه
( واقبل الصبح ولاح كوكبه * * فبعد حط رحله تستلبه ( ١
فلما سمع عبيد ذلك من الهاتف التفت، فإذا عنده بكر كأحسن ما يكون
فركبه فسار به بقية ليلته فأصبح في منزله، وكان بينه وبين منزله إحدى
وعشرون مرحلة فنزل عنها وأنشأ يقول:
يا صاحب البكر قد أنجيت من عطب * * ومن حمام يضل المدلج الهادي
ارجع حميدا فقد أوليتنا مننا * * جوزيت من رائح بالخير أو غادي
فأجابه البكر:
( أنا الشجاع الذي ألفيتني رمضا ( ٢
( في مهمه نازح عن أهله صادي ( ٣
( فجدت بالماء لما ضن حامله ( ٤) * * رويت منه ولم تلمم بأنكاد ( ٥
الخير يبقى وإن طال الزمان به * * والشر أخبث ما أوعيت من زاد
ثم قال إن الأسود الذي رأيته يطردني عبد من عبيدي أراد قتلي فكفيتني
شره، وأرويتني من ظمئي ولن يضيع الخير واستخلف الله عليك.
وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: أكثر الحيوان الداجن صفة الجن،
وان الكلاب من الجن، فإذا رأوكم تأكلون فألقوا إليهم من طعامكم، فان
--------------------
١) ت: فحط عنه رحله وسيبه )
٢) ب: ومضا. )
٣) ب: ماد. )
٤) ب: ظن جاهله. )
٥) ب: أرويت هامي ولم تهمم بانكاد. وفي ب أوتيت منه. )
(٣٦)
لهم أنفسا - يعني يأخذون بالعين.
والعرب تذكر راكبا على جمل ( ١) في قدر الشاة وفد عليهم بسوق عكاظ
[نادى] ألا من يهبني ثمانين بكرة هجانا وأدما، فلم يجبه أحد. فلما رأى
ذلك ضرب جمله ( ٢) وطار به بين السماء والأرض كالبرق، فعجبوا منه
فحدثهم رجل قال: لقيت رجلا في بعض المفاوز راكبا على نعامة وعيناه
مشقوقتان بطول وجهه، فأخذتني منه روعة ثم استوقفته فقلت له: أتروي
شيئا من الشعر؟ قال: نعم وأقرضه، وأنشدني:
أتاركة تحيتها ( ٣) قطام وضنا ( ٤) بالتحية والسلام
حتى أتى على آخرها فقلت له: هيهات سبقك إليها أخو بني ذبيان،
فقال: أنا والله يا أخي، نطقت بها على لسانه بسوق عكاظ، وكنت قلتها
قبل ذلك بأربعمائة عام.
( ويقال إن الله تعالى خلق ألفا وعشرين أمة حذاء الكواكب الثابتة ( ٥
منها في البحر ستمائة أمة، ومنها في البر أربعمائة أمة وعشرين أمة أحسنها
الانسان وأتمها وأحبها إلى الباري سبحانه وتعالى وأفضلها، فإنه خلق على
صورة إسرافيل عليه السلام وهو أقرب الملائكة إلى الله تعالى.
وفي التوراة خلق الله تعالى آدم على صورته، تعالى الله عن ذلك علوا
كبيرا، وفي الحديث " لا تضربوا الوجوه فإنها على صورة إسرافيل عليه السلام "
وفي الحديث " تلجوا بالنظر إلى وجوه المرد فان فيها لمحات من الحور العين ".
ويقال أن في الانسان من كل الخلق، فلذلك سخر له جميع الحيوان
وسلط عليها فاقتنصها وذللها وسخر أكثرها، وجمع له المأكول من النبات
--------------------
١) ب: حمل )
٢) في ب وت: جمله. )
٣) في ت: تدللها. )
٤) ت: وظنا )
٥) ت: اليابانية. )
(٣٧)
والحيوان [البهيمي والوحشي وغيره] ( ١)، وله خلقت اللذات جميعا، وعمل
بهذه جميع الأعمال.
وله المنطق والضحك، والفكر الفطنة، واختراعات الأشياء، وله
خاطب الباري عز وجل، وعليه وقع الأمر والنهي
والانسان هو الذي استنبط الأشياء وجمع العلوم، وعمل الآلات، وأثار
المعادن، وأخرج ما في قعور البحار، وسخر له كل شئ.
ومن العجائب خلق النسناس وهو كمثل نصف الانسان بيد واحدة
ورجل واحدة، ويثب وثبا ويعدو عدوا شديدا، وكان ببلاد اليمن، وربما
كان ببلاد العجم، والعرب تصيده وتأكله. وفي بعض أخبارهم أن سيارة
وقعوا في أرض كثيرة النسانس، فصادوا واحدا وذبحوه وطبخوه وكان
سمينا، فلما جلسوا يأكلونه قال أحدهم: لقد كان هذا النسناس سمينا،
فقال نسناس آخر، قد اختفى في شجرة بالقرب منهم: إنه كان يأكل
السرو فلذلك سمن، فنبههم على نفسه فأخذوه وذبحوه. فقال آخر من شجرة
أخرى، قد اختفى فيها عنهم: لو كان عاقلا صمت ولم ينطق، فأخذوه
وذبحوه. فناداهم نسناس آخر تخبأ في بعض خروق الأرض: اني قد
أحسنت فلم أتكلم فأخذوه وذبحوه، وكان لهم فيها قوت. وقيل إنه يغتذي
بالثمار والنبات، ويصبر على العطش.
وقيل إن في شرقي القلزم مما يلي في البحر أمة متولدة من صنف من السباع
وبني آدم، وجوهها عراض كثيرة الشعر مثل وجوه السباع، وعيونها مدورة
بصاصة، وأنيابها بارزة طوال، وآذانها طوال، وأبدانها كأبدان الناس إلا
--------------------
١) عن ت. )
(٣٨)
أن لهم أظفارا كبارا، معقفة محدودة، وليس وراءهم غيرهم. وطعامهم
دواب البحر.
ومما يشبه خلق الانسان أمة يقال لها الواق واق، وهي حمل شجر
عظام لشعورها، ولها أيدي وفروج مثل فروج النساء وألوان، ولا يزلن
يصحن واق واق، فان قطعت إحداهن سقطت ميتة لا تنطق.
وفي كتاب الخزانة انه من جاوز أولئك وقع إلى ما هو أعظم منهن
وأحسن أعجازا وفروجا ووجوها، فإن قطعت أقامت يوما وبعض آخر،
وربما جامعها من يقطعها، وهي تشبه النساء، وأطيب رائحة، وألذ مباضعة،
وهذه الأرض أطيب رائحة من الكافور وليس بها إنس.
وإنما يحكي ذلك عنها أهل المراكب إذا سقطوا إليها، ومنها خلق بحرية
على شبه النساء يقال لها بنات الماء، في صورة النساء الحسان، ذوات الشعور
السبط، لها فروج عظام وثدي، كلامهم لا يكاد يفهم، ولهم قهقهة.
وحكى بعض البحريين ان الريح ألقتهم إلى جزيرة فيها شجر، وأنهار
عذبة، وانهم كانوا يسمعون ضوضاة وضحكا، فكمنوا لهن وأخذوا منهن
امرأتين فأوثقوهما.
وأقامتا مع اللذين أخذاهما يقعان عليهما في كل وقت ويجدان لهما لذة عجيبة،
وأن إحداهما وثق بصاحبته فأرسلها من وثاقها فهربت إلى البحر ولم يرها بعد
ذلك، وبقيت الأخرى، فلما حصلت في المركب رحمها صاحبها فحل وثاقها
فحملت منه وولدت له ولدا ذكرا وانهم ركبوا في البحر فلما حصلت في
المركب وقد انها لا تزول عن ابنها فتغفلته ووثبت في البحر، فلما كان بعد
ذلك بيوم، ظهرت له وألقت إليه صدفا فيها در نفيس.
قال المسعودي رحمة الله: وقد ذكرنا طرفا من أخبار الروحانية، على ما
(٣٩)
نقل إلينا والله أعلم بخلقه ومن أشياء كثيرة على طريق التعجب لا من طريق
التصديق، فمن قرأ كتابنا هذا فليعلم العذر فيما أوردناه، وبالله التوفيق
والتسديد والمعونة والتأييد.
ذكر
الأرض وما فيها
روى ابن عبد الحكم قال: خلقت الأرض على صورة الطائر رأسه وصدره
وجناحاه رجلاه وذنبه.
فالرأس مكة والمدينة واليمن، والصدر الشأم ومصر، والجناح الأيمن
والعراق إلى الواق والوقواق وأمم السند والهند، والجناح الأيسر ناسك ومنسك
ويأجوج ومأجوج، وأمم كثيرة والذنب من ذات الحمام ( ١) إلى مغرب الشمس
والبحر الأسود.
وفي الحديث " ان الله عز وجل خلق مدينتين واحدة في المشرق واسمها
جابلقا، وأخرى في المغرب واسمها جابرضا، طول كل مدينة عشرة آلاف
فرسخ، لكل مدينة منها عشرة آلاف باب، بين كل بابين فرسخ، للباب كل ليلة
عشرة آلاف رجل لا تلحقهم النوبة إلى يوم القيامة، وانهم يعمرون سبعة
آلاف سنة الا ما دونها ويأكلون ويشربون ويتناكحون، وفيهم حكم كثيرة،
ولهم خلق عظام تامة، وان هاتين المدينتين خارجتين من هذا العالم لا يرون
شمسا ولا قمرا، ولا يعرفون آدم ولا إبليس، يعبدون الله تعالى ويوحدونه
وان لهم نورا يسعون ( ٢) فيه من نور العرش من غير شمس ولا قمر ".
--------------------
١) هكذا في ب وت، غير أن الرسم يحتمل في ب ان تكون ذلك الحرام. )
٢) في الأصلين نور. )
(٤٠